|
إبادة الصابئة وإبادة أقليات دارفور- ياأسود ياأبيض!
مثنى حميد مجيد كصابئي مندائي تتعرض أقليته العراقية العريقة والقديمة إلى جريمة الإبادة التامة، إذ لم يتبق من الصابئة غير بضعة الاف أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، أشعر أن ثمة جريمة صمت أخرى، جريمة سكوت على هذه الجريمة البشعة من الإبادة الجماعية التي توصل حتمآ مرتكبيها والمسؤولين عنها إلى المحكمة الجنائية الدولية .ولذلك أطرح التساؤلات التالية أمام أنظار هيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق وخاصة رئيسها الدكتور كاظم حبيب لعلها تكون مفيدة في تبديد الصمت وتوضيح الصورة وبالتالي صياغة الموقف الصحيح والعملي للإعلان عن الجريمة، جريمة إبادة الصابئة، وتشخيص المجرمين والمحرضين عليها والساكتين، تحت أي شعار وذريعة، ليس عن إدانتها فحسب بل حث وتوجية ضحاياها إلى الأساليب والطرق القانونية لتبليغ السلطات القانونية العراقية منها والمحكمة الجنائية الدولية كي تضع المجرم عند حده وردعه ومعاقبتة وإحقاق العدالة بحقه. هذه التساؤلات أطرحها أمام الدكتور كاظم حبيب وكل من يعتبر إن الصمت على الجريمة وعدم تشخيص مرتكبيها وفاعليها هومشاركة غير مباشرة فيها. وأقول أولآ لماذا تنال مجموعات الفور، والمساليت والزغاوة، في دارفور كل هذا الإهتمام من الرأي العام العالمي والعراقي بما في ذلك إهتمام الدكتور كاظم حبيب والذي تكلل بتوجيه تهمة الإبادة الجماعية للدكتاتور البشير من المحكمة الدولية وهي، أي تلك الأقليات، تستحق ذلك الإهتمام بالطبع في حين لا ينال الصابئة الذين يتعرضون إلى الإبادة الجماعية الكاملة والشاملة نفس هذا الإهتمام ؟ ويلاحظ هنا إني لم أشر إلى الإبادة الجماعية التي تتعرض لها الأقليات الأخرى المسيحية والأيزيدية لا تهوينآ لما تتعرض له من جريمة إبادة وإهمالآ مني بل لأن إبادة الصابئة هي جريمة تكاد تكون متكاملة وتامة بحق شعب كامل يتم إجتثاثه فعليآ وبشكل تام من أرض ابائه وأجداده .هذا الشعب الصابئي لا يرتبط بأي جهة ومنظمة دينية وقومية ودولة تدافع عنه وترفع شكواه باستثناء تنظيمات الخيرين والوطنيين ومنهم الدكتور كاظم حبيب وهيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق.وهنا أستشهد بما إستشهد به الدكتور كاظم ساخرآ من الأنظمة العربية التي تنادت وأجتمعت لنجدة الدكتاتور البشير. ـ علينا ,نحن في الدول العربية , أن نتذكر أبيات الشعر التي تسخر ممن يحاسب قاتل واحد , رغم صواب المحاسبة , ولكنه لا يحاسب من يقتل شعباً كاملاً كشعب دار فور: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر ـ ترى هل هناك وجهة ـ نظرـ أخرى إزاء جريمة الإبادة الجماعية الكاملة بحق الصابئة هي السبب وراء هذا الصمت بحقهم ؟ إذا عرف السبب بطل العجب كما يقال.هل هناك فرق وتباين بين جريمة جماعية وأخرى بحق هذا الشعب وذاك ؟ لا شك إننا نتفق أن هناك جريمة إبادة جماعية كاملة بحق الصابئة وهذا أمر لا يمكن نكرانه إلا من قبل من يعتبر الصابئة غير نظيفين دينيآ أي ـ نجسين ـ لوجود إشكالات وإجتهادات كونهم من أهل الكتاب أم لا ولذلك فهم يستحقون الإبادة وفي أحسن الأحوال ليس مهمآ ومقلقآ للعالم والسماء أن يبادوا ولا يبادوا .لكن مع ذلك نتفق أن هناك جريمة إبادة، إبادة شاملة، إجتثاث فئة إجتماعية، شعب صغير قديم وهذا يكفي لطرح الموضوع والإعلان عنه عراقيآ وعالميآ فإذا كانت هناك جريمة فهناك أيضآ مجرم.لا بد من وجود مجرم لكل جريمة، مجرم ومجموعة من المجرمين. إذن لماذا كل هذا الصمت المطبق بحق جريمة إبادة هؤلاء الناس ؟ لماذا نرفع عقيرتنا وندبج المقالات ضد الديكتاتور البشير وإبادة قبائل الفور، والمساليت والزغاوة ولا نفعل ذلك بحق من يمارسون نفس هذا العمل الإجرامي مع الصابئة بل أكثر قسوة منه فتلك القبائل مازالت رغم كل الماسي التي مرت بها تعيش في وطنها دارفور وتحافظ على وجودها أما الصابئة فيتعرضون إلى خطر الإبادة التامة والشاملة من وطنهم الذي عاشوا فيه منذ عصر فجر السلالات. فأين علماء الأنثروبولوجيا ودعاة حقوق الحيوان قبل الإنسان الذين يؤرقهم إنقراض صنف معين من الحيوانات من هذه الجريمة البشعة التي يجري السكوت عنها والمتعلقة بإنقراض أقدم مجموعة بشرية عاشت على ضفاف وادي الرافدين منذ الاف السنين. هل لأن تبعات الإعلان عن هذه الجريمة، والتحقيق فيها، وتشخيص المسؤوين عنها، مهما كان صنفهم ولونهم وسلطانهم يقع في باب إلحاق الضرر بالعملية السياسية المزعومة.سلام ياسلام على العملية السياسية إذن.سلام ياسلام على مجرمي العراق إذن، سلام ياسلام إذا كانوا حقآ يمتلكون كل هذا التأثير والنفوذ ليس فقط على خزائن العراق بل على خزائن السماء والطبيعة والعدالة والحق والقانون بحيث أن إبادة شعب وإجتثاثه بشكل كامل هي مسألة ثانوية ومؤجلة في أحسن الأحوال مراعاة لهم وإنحناء للعملية السياسية التي تتضرر بمجرد الإشارة إليهم وتشخيصهم. من المؤكد أن البعض سيتهمني بالوقوف ضد العملية السياسية والإنحياز للإرهاب فأغلبية الكتاب والساسة العراقيين يفكرون بطريقة عادل إمام في مسرحية، شاهد ماشافشي حاجة، ياأسود ياأبيض!.فأنت واحد من إثنين أما مع العملية السياسية وضدها، مع أمريكا المحررة وضدها، مع قادة الطوائف وذيول الأنظمة العربية وإيران وضدهم ياأسود ياأبيض!.ولذلك عليك أن تسكت ضد جريمة كاملة وإبادة شاملة بحق طائفة صغيرة لا حول لها ولاقوة.ولهؤلاء أقول ياسادة أنا مع العملية السياسية، مع الديمقرطية، لكن لكل جريمة مجرم ومسؤول عنها.مثلآ جريمة جسر الأئمة الجماعية البشعة من يتحمل مسؤوليتها وإمكانية منع وقوعها ؟حين أقول أن الجعفري ونوري المالكي وموفق الربيعي يتحملون هذه المسؤولية.حين أسأل عن مصير اللجنة التحقيقية التي شكلت لإستقصاء أسبابها وما توصلت له أكون قد مارست الفعل الديمقراطي ولا يعني قولي هذا إني ضد العملية السياسية فالعملية السياسية ليست من بنات عدنان الدليمي وهادي العامري وعمار ومثنى الضاري وهذا وذاك من الأفراد بل هي ملك للشعب والقانون والعدالة. حتى بعض قادة اليسار سيتهمك بالتطرف وعدم الموضوعية وسيرددون في أسماعك مقولاتهم بضرورة العمل على تطوير العملية السياسية وتحقيق الديمقراطية لكافة الشعب العراقي كسبيل وحيد لإقرار حقوق الأقليات أي أن تنتظر وتتحلى بالصبر حتى يأتيك الربيع وإلا فأنت ياأسود ياأبيض.وحتى بعض المحسوبين على قيادة الصابئة من الذيليين والمنتفعين بالام الطائفة الصابئية وأصحاب الرواتب المجزية سينتدبون أنفسهم لكيل التهم الرخيصة ضدك لإخراسك وتشويهك.ياأسود ياأبيض!. إذن فالصمت الذي يمارس لإخفاء جريمة إبادة وإجتثاث الصابئة لا يشمل فقط قوة الإحتلال وقادة الطوائف الحاكمة والتنظيمات الإسلامية المتطرفة والإرهابية المرتبطة بهم بل يشمل أيضآ حتى بعض قادة اليسار الذين يفكرون بطريقة يأسود يأبيض أحادية بيروقراطية ترفض المبادرة ولا تستمع إلا للذيلي والتابع والنفعي أما الرأي الذي يمس الضمير الإنساني والقيم العليا للعدالة فهورأي مؤجل وعلى صاحبه أن ينتظر حتى يأتيه الربيع. بعض قادة اليسار لا يختلفون في نظرتهم لأبناء الأقليات عن نظرة الإسلامي الإصولي فهم أبناء ذمة وشريحة ثانوية من الشعب وفق ذلك المنظار الستاليني البيروقراطي المتعالي ولذلك مازالت أساليبهم في التعامل مع شؤون الأقليات الصغيرة التي تعاني من إضطهاد مزدوج متخلفة وتفقدهم نفوذهم تدريجيآ في أوساط هذه الأقليات لأنها أساليب تعتمد على شل مبادرة القوى المؤثرة في تلك الأقليات وإطلاق طاقتها في كسب الرأي العام العالمي والحقوقي ليس فقط لقضيتها بل لصالح كل الشعب العراقي والعملية السياسية وبدلآ من ذلك تنتقي الذيلي والتابع والمستعد للتسيير الالي والبيروقراطي من قبل هؤلاء القادة ومثل ما يتعامل هؤلاء مع الأقليات يتعاملون مع قضية المرأة على مستوى المبادرة تجاه الرأي العام العالمي.إن إدارة شؤون الأقليات والتعامل معها من قبل هؤلاء القادة وقضية حقوق المرأة هي من الأسباب العميقة لأزمة قوى اليسار في العراق والتي يتحدث بشأنها الجميع لأنها أصلآ ترتبط في جذورها بالنمط المنحرف والإستبدادي للتفكير الستاليني. وما المشاحنات والجدالات غير المجدية الجارية في أوساط أبناء الأقليات العراقية إلا إنعكاس للمشاحنات الجارية في الوسط اليساري وصدى لهيمنة هذا النمط من التفكير الستاليني التكفيري لدى بعض قادة ـ اليسار ـ في العراق والذي يؤثر التشرذم إلى درجة الإنحطاط على أن يستمع إلى لغة العصر المنحازة إلى الإنسان كقيمة عليا .أما أن تتم إبادة طائفة مسالمة كالصابئة أغلب أبنائها وبناتها ينحازون وينتمون إلى اليسار إبادة كاملة على مرأى ومسمع الجميع بإسم الديمقراطية والعملية السياسية وحقوق الإنسان وبإتفاق التكفيريين جميعآ من اليمين وـ اليسار ـ فهذا ليس فقط من مهازل عصرنا المؤلمة فحسب ولا يمكن فقط نسبته وعده ضمن جرائم التطرف الديني والإرهاب الذي نعلق على مشجبه كافة خطايانا بشكل بيزنطي بل هوجريمة ذات بعد ستاليني أيضآ. قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظرـ. نعم هذا النظر المنحرف بالضبط، هذا النظر الإجرامي، هوما يتفق عليه التكفيريون ويجتمعون عليه من اليمين وـ اليسار ـ في الصمت والتستر على جريمة شاملة وبشعة كجريمة إبادة طائفة الصابئة المندائيين . ------------------ عن جريمة إبادة الصابئة المندائيين يمكن الإطلاع على مقالة الاستاذ فائز الحيدر على هذا الرابط.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |