شاهد لم يقل كل االحقائق يا قناة الجزيرة .. الحلقة الخامسة

 

 

 طعمة السعدي / لندن

talsaadi815@yahoo.co.uk

غادرت المركز الحدودي الأمريكي- الكندي  مساء يوم 22 حزيران متأثرا" نفسيا" بسبب تأخيري (توقيفي بصراحة). وحرمني هذا التأخير من متعة زيارة بوفالو بسبب وضعي النفسي ومشاهدة المناظر الخلابة في طريق العودة الى واشنطن (المناظر تختلف في الأياب عنها في الذهاب بالطبع)  مارا" بولاية نيويورك التي وهبها الله أجمل طبيعة لا يراها من يزور مدينة نيويورك عاصمة الولاية، حيث ناطحات السحاب ومراكز المال والأعمال والأمم المتحدة.

اجتمعت بموظفي وزارة الخارجية وأبلغتهم بخطة السيدين السفيرين على اتخاذ لندن مقرا" مؤقتا" لهما لحين ذهابنا المفترض الى كردستان العراق. كما سلمتهم نسخة من الميزانية المتواضعة التي طلبناها لبدء نشاطاتنا مكتوبة بخط يدي، وكنت قد اقترحت راتبا" شهريا قدره عشرة آلاف دولار شهريا للقيادة العليا المكونة من أربعة قياديين بينهم السيدان السفيران بالطبع ، وأستثنيت نفسي كعضو في القيادة،  لأني رجل أعمال، ولست من الموظفين الذين لا يستطيعون العيش بدون الراتب الشهري، وأستطيع تدبير معيشتي ومصاريف عائلتي عن طريق التجارة ومعمل البلاستك الذي كنت أملكه في بيادر وادي السير في عمان بمشاركة شريكين عراقيين من الموصل، أم الربيعين ،وكانا نعم الشريكين والله يشهد. أيدت وزارة الخارجية الأمريكية الخطة، وقالوا أنهم سيدرسون الميزانية التي لم تتحقق أبدا" كما سيأتي ذكره، وتم الأتفاق على أن يغادر السيد حامد علوان الجبوري تونس الى لندن بعد يوم 31 تموز، وهو آخر يوم له في الوظيفة، ويقوم الأخ الأستاذ هشام الشاوي بمغادرة أوتاوا الى لندن في نفس الوقت تقريبا". 

وبعد أن قضيت بضعة أيام في ويلكس بري غادرت من مطار جون أف كندي الى أمستردام في هولنده على متن الخطوط الأردنية التي كنت زبونا" لها. وبعد انتظار دام حوالي 8 ساعات في مطار أمستردام غادرته  الى جنيف ، ومنها الى تونس قرطاج ، لعدم وجود طائرة مباشرة من أمستردام الى تونس في ذلك اليوم. 

اجتمعنا مع الأمريكان في تونس ، أنا والسيد حامد علوان (الذي قال ناسيا" ، أنه لا ولم يجتمع حتى بكبار المسؤولين الأمريكان )  وتم الأتفاق على الخطة بعد تردد من قبل السيد حامد علوان الجبوري  كاد أن يفشلها برمتها ورغم كل تلك الجهود . حتى ظننت أنني سأبلغ الأمريكان بأنه  غير رأيه حيث غادر الفندق الذي كنت أسكن فيه عند منتصف الليل في آخر ليلة كعادته قائلا" ( هاي الشغلة صعبة) ثم نمت ليلتي مصمما" على ابلاغ الأمريكان أن السفير قد تراجع عن قراره بعد كل هذه المدة والأجتماعات ، حيث كان كثير التقلب ولا يستقر على رأي محدد ، لأن لديه شخص آخر يوجهه. وفاجأني في اليوم التالي وهو يوم عودتي الى عمان، أنه قرر الأنشقاق عن النظام بشكل قاطع ، وأظن أن ذلك جاء بتأثير عائلته عليه. فودعته بعد أن أوصلني الى المطار كعادته كل مرة ، رغم رجائي له بعدم فعل ذلك كما أسلفت. وأتفقنا على عودتي الى تونس في شهر تموز لوضع اللمسات ألأخيرة وتنفيذ الخطة.

 عدت الى تونس  بعد أقل من اسبوعين ، في الحادي عشر من تموز تقريبا". وبدأنا بتنفيذ الخطة وتهيأة عائلته للسفر الى بريطانيا (بحجة زيارة بنته الصغرى رشأ كما اذكر المتزوجة من طيار وكانت تعيش في بريطانيا) فتم ترتيب سمات الدخول لأبنتيه ألأخريين ((نادية وهند ) وولديه يعرب وعلي وزوجة يعرب * الذين سيسافرون أولا"،  وتبقى أم يعرب وولده الأصغر أحمد معه. وقامت السفارة الأمريكية في تونس بتأمين سمات دخولهم جميعا"  الى  بريطانيا وبأشراف السيد ويتلي وموظف آخر لا أذكر اسمه.

 

 كان من عادة سفارات النظام المقبور اقامة حفلات سنوية في عيد ميلاد صدام المزعوم في 28 نيسان ، الذي عرفه صدام بواسطة (فتاح فال) بعد أن أصبح رئيسا" للجمهورية  وليس قبل ذلك ، حيث لم يعد من اللائق لرئيس دولة ولد في المستشفى الأمبراطوري في العوجة** أن يبقى مجهول تأريخ الميلاد من ناحية اليوم والسنة على وجه الدقة، بسبب عدم وجود سجلات رسمية في القرى كما هو معلوم.  وكذلك تحتفل السفارات العراقية بمناسبة انقلاب 17 تموز المشؤوم ، ويتم أستغلال  المناسبات للسرقات وتضخيم المصاريف والرشاوي التي ربما يكون بعضها صحيحا" ، وجلها الى مرتزقة النظام في السفارة. ولا أدري أي المناسبتين أكثر شؤما" على العراقيين، ميلاد القائد الضرورة،  أم هذا الأنقلاب الذي أتى بالكوارث ، وعلى رأس تلك الكوارث صدام نفسه ، دون أدنى شك. وهو الذي أهلك البلاد والعباد.

 هيأت عائلة السفير حقائبها التي ستأخذها الى لندن،  و38 صندوقا" خشبيا أو من الورق المقوى (كارتون) سترسل الى عمان بأسمي وعلى عنواني  للأحتفاظ بها في بيتي ، وارسالها الى العراق بالتدريج بواسطة الزوار الذين كانوا يأتون لزيارتي في عمان. وكانوا كثرا" والحمد لله، من معارضين سريين،  واقرباء وأصدقاء ، بل وحتى أصدقاء الأصدقاء. فبيتنا الكبير كان مفتوحا" ومضيفا" لكل عراقي شريف. وأصررنا على تهيئة جميع الحقائب التي سترسل الى لندن قبل يوم 17 تموز.

 

كانت حفلات السفارات تزخر بما لذ وطاب من المآكل والمشروبات بكل أنواعها . وينتظرها موظفوا السفارة وبعض العراقيين المنافقين (اللكامه ) الذين لا مبدأ لهم الا حشو بطونهم بما هوحرام  يقطع من مال الشعب المظلوم،  وجواسيس النظام الحقراء بمختلف درجاتهم وأصولهم العربية والأجنبية . فيقضي الجميع ليلة سكر وملذات الى ساعة متأخرة من الليل. فهل هنالك فرصة أحسن من هذه لتهريب حقائب عائلة السفير؟ 

كان موظفوا السفارة ،وجهاز المخابرات،  والحزبيون مشغولين بالأعداد لحفلة 17 تموز قبل غروب شمس  ذلك اليوم . فأستغليت الفرصة وقمت بأخراج 25 حقيبة سفر من بيت السفير على خمسة دفعات،  لأن السيارة لم تكن تستوعب أكثر من خمسة حقائب في كل مرة . ولم نشأ جلب شاحنة لأنها ستلفت الأنظار بالطبع.  وتولى يعرب ، ألأبن الأكبر للسفير،  قيادة السيارة التابعة للسفارة . وتم تسليم الحقائب الى الأمريكان (الى السيد وتلي شخصيا" وموظف آخر في السفارة) في أماكن مختلفة  من المدينة. ولم يتم تسليم دفعتين في مكان واحد من العاصمة التونسية. ثم تم نقل هذه الحقائب الى لندن بواسطة السفارة الأمريكية في تونس. ولم تكتشف مخابرات النظام هذه العملية، رغم كونها أحسن مخابرات في العالم كما ادعى السيد حامد علوان الجبوري في شهادته على العصر من قناة الجزيرة.

 وغادرت العاصمة التونسية (في الحادي والعشرين من تموز 93 على الأرجح) الى عمان بعد استكمال الخطة التي شملت سفر عائلة السفير الى لندن في حدود الخامس والعشرين من تموز ، ليستقبلها موظفوا السفارة الأمريكية في لندن ، وينقلونهم الى مكان سكناهم واقامتهم في المملكة المتحدة وعلى نفقة السفارة بالطبع.

 ومما أدهشني أثناء عودتي الى عمان،  وجود مسؤول محطة المخابرات العراقية في تونس  وعائلته معي في نفس الطائرة المتجهة الى عمان (وكنت قد رأيته مرة" واحدة"  بالصدفة في  الفندق واقفا"  قرب الأستقبال، وكان حامد علوان موجودا" معي في البهو، فأخبرني عنه وعرفه بأنه  مسؤول محطة المخابرات في تونس)  . وكانت مقاعد مسؤول المخابرات وعائلته في الطائرة  أمام مقعدي بأربعة صفوف.  فساءلت نفسي : هل أكتشفت المخابرات العراقية الخطة، وجاء هذا الصدامي ليرتب عملية اختطافي من عمان حين يستقبله جلاوزة السفارة العراقية في عمان؟ كل شيء كان ممكنا" بالطبع . ولكني أقول ، والله يشهد ،  لم يرف لي جفن، أو أشعر بأي قلق. فالخوف ليس من طبيعتي أبدا"، والحمد لله. ومرت الأمور بسلام. وعندما سألت أبا يعرب (حامد) عن سبب سفر مسؤول المخابرات معي في نفس الطائرة بكلمات مجفرة كعادتنا،  تبين أنه كان منقولا" هو الآخر الى بغداد.

 وأختفى السفير ، ولم تعثر عليه اجهزة صدام بكل جبروتها:

 في الحادي والثلاثين من تموز  1993، وهو اليوم الأخير في حياة السيد حامد علوان كسفير  ، وآخر يوم في حياته الوظيفية، بسبب احالته على التقاعد، قال لموظفي السفارة أنه يريد الذهاب الى سوسة، جنوب شرق تونس العاصمة (وهي تبعد مسافة ساعة ونصف تقريبا" بالسيارة) لغرض ألراحة والأستجمام قبل سفره الى بغداد. فذهب اليها مع زوجته وولده الأصغر أحمد الذي كان في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة وقتئذ . ونزلوا في أحد فنادق سوسة المطلة على البحر الأبيض المتوسط. ثم طلب السفير من السائق أخذ السيارة والرجوع بها الى تونس بحجة أنه لا يحتاج السيارة ، وسيبقى ثلاثة أو أربعة  أيام في الفندق فقط ليرتاح هو وعائلته.  ثم سيتصل بالسائق عندما يريد العودة الى تونس العاصمة. وكان السبب الحقيقي هو تخلص السفير من السائق لكي لا يراه مع الأمريكيين،  وينقل ما رأى الى محطة المخابرات . لأن السواق ، كالخدم ، يتم تعيينهم في وظائفهم من قبل المخابرات العراقية . ولم يكن يحق للسفير طرد أي منهم . والسفراء يعرفون ذلك بالطبع. والدليل على ذلك، أن السيد حامد علوان طرد سائق سيارته في تونس مرة خطأ"  (لأن السائق يستطيع طرد بعض السفراء ، وليس العكس) . طرد السائق بحجة أنه لا يحتاج اليه لأنه (السفير) سائق ماهر، وهذه حقيقة، ولكن لا يليق بالسفير قيادة السيارة في حله وترحاله بالطبع . ثم عاد اليه السائق من بغداد بعد فترة وجيزه بكتاب رسمي ينص على بقائه سائقا" للسفير.  فقبله رغما" عنه كما أخبرني هو شخصيا".

وحسب الخطة الموضوعة،  استقل السيد حامد علوان وعائلته قاربا" بحريا" صغيرا" ***(بوت) مع حقائبهم القليلة التي أبقوها مما خف حمله وزادت حاجته، ونقلهم القارب  الى عرض البحر ، حيث كانت تنتظرهم باخرة فاخرة لنقلهم الى ايطاليا حيث أستقبلوا بمظاهر استقبال رؤساء الدول . و بالغ الأمريكان في اظهار اهتمامهم بهذا الحدث . ثم تم نقلهم بطائرة عسكرية أمريكية الى لندن.

وجن جنون الأجهزة الصدامية ، فسفير العراق في تونس المحال على التقاعد ، والمستدعى للعودة الى بغداد ، لم يغادر الجمهورية التونسية ، لا برا" ولاجوا" ولا بحرا" حسب كل سجلات المسافرين التي حصلوا عليها من الحكومة التونسية. فأين ذهب يا ترى؟

 لم يكن يعرف ذلك أحد” غيري (من العراقيين بالطبع) ، لأنني كتوم” للغاية.

وصل الأستاذ هشام الشاوي الى لندن أيضا" في أوائل آب 1993. وكان الأمريكيون والبريطانييون ينسقون فيما بينهما كحليفين لعقد مؤتمر صحفي للسفيرين يعلنان فيه انشقاقهما عن نظام صدام ، وانضمامهما الى معارضته . وتم ذلك في العشرين من شهر آب كما هو معلوم . وكنت على اتصال دائم بالسيدين السفيرين تلفونيا" من عمان . وكانت كنية ألسيد حامد علوان في اتصالاتنا التلفونية أبو أحمد (وليس أبو يعرب ،ابنه الكبير) وكنية الأستاذ هشام الشاوي أبو ابراهيم، وليس أبو الحكم أو أبو مناة  وهما الكنيتان الحقيقيتان .

 

بدأت متاعبي مع السفارة العراقية في عمان بعد متابعة المخابرات العراقية لشحنة الأمتعة الشخصية للسيد حامد علوان وعائلته ، حيث ارتكب السفير غلطة كبرى بارسال الشحنة بأسم السفارة العراقية في تونس (وكأنها هي التي شحنتها)  لكي تدفع السفارة أجور النقل الجوي الى عمان ، وهذا ما حصل . وتم كل ذلك قبل سفره الى سوسة بالطبع.

 اعتبرت السفارة العراقية في تونس الشحنة عائدة لها بعد اختفاء السفير، لأنها هي الشاحنة وبأمكانها تغيير اسم المرسل اليه في أي وقت حسب قوانين الشحن الجوي . وبناء على ذلك طلبت مني السفارة العراقية في عمان تسليم الشحنة لها على هذا الأساس. فرفضت رفضا" تاما" قاطعا" رغم محاولات السفارة العراقية والخطوط الجوية الأردنية التي تصرف موظفوها وكأنهم جواسيس لصدام،  ومدير الكمارك العام في عمان الذي طلب مني الأجتماع به لتسوية المسألة. ولما ذهبت اليه في دائرته القريبة من مجمع نقليات العبدلي كما أذكر،  وجدت مسؤول محطة المخابرات جاسم الخالدي ، والملحق التجاري هادي في غرفة سكرتيرة المدير العام لأرهابي بالطبع. ولم تفلح محاولات مدير الكمارك العام ألأردني  الصدامي بأقناعي بتسليم الصناديق الى السفارة العراقية. فوقعت وثيقة رسمية تبين رفضي التام لتسليم الشحنة للسفارة العراقية ، لأنها مقتنيات شخصية لعائلة صديقي وأخي وقتئذ،  حامد علوان وليست موادا"  أو أدوات تابعة للسفارة العراقية في تونس. وأخبرت السفارة الأمريكية في عمان عن وجود مسؤول محطة المخابرات العراقية والملحق التجاري في مكتب مدير عام الكمارك الأردني قصد أرهابي وايصال رسالة تهديد مبطنة لي، فطردت ألحكومة ألأردنية مشكورة  ذلك  المدير العام من وظيفته على الفور وأحالته على التقاعد، وكان اسم عائلته الجمالي اذا لم تخنني الذاكرة.

سافرت الى لندن في العشرين من شهر تشرين الأول 1993 للأجتماع بالسيدين السفيرين والأخ ألأستاذ الشيخ بكر محمود رسول، وسكنت في فندق كروفنر هاوس في شارع ﭙارك لين**** في لندن ليلة واحدة،  حيث زارني ألأستاذ هشام الشاوي في باحة (لوبي) الفندق ليلا" .  وتبين ان متاعب قد بدأت بسبب موقف الحكومة البريطانية منه ، وعدم تهيأة السكن اللائق بشخصية كبيرة مثله. و تبين أن ألأمريكيين والبريطانيين اتفقوا على أن يتم  تسديد مصاريف وسكن الأستاذ هشام وعائلته من قبل الأنكليز، ومصاريف السيد حامد علوان وعائلته من قبل الأمريكان.  فشح ألأنكليز وبذخ ألأمريكان. ولم أكن على علم بهذا الأتفاق أبدا". ولم يذكره احد قبل وصول السيدين السفيرين الى لندن.

انتقلت بعد ذلك الى فندق كاني زارو في ويمبلدون كومون *****، حيث كان الأستاذ بكر محمود رسول ساكنا" في زيارة لغرض اجتماعاتنا . وكان المنزل الذي استأجره الأمريكان لحامد علوان على بعد مائة متر فقط من الفندق الواقع في المنطقة ذاتها.

 

حضر اجتماعاتنا  مسؤول في السفارة الأمريكية اسمه ﭽارلي،  ويعرفه الدكتور أياد علاوي جيدا"، والسيدة أليزابيث هيس. وكانت الأجتماعات عبارة عن غذاء عمل في الفندق الذي نسكن فيه (كاني زارو) وكانت تتركز على تأسيس مقر قيادة لنا في كردستان كما ذكرنا. وأقترح الأميركيون أن يقوم السيدان السفيران بزيارة أربيل أولا". وتمت هذه الزيارة فيما بعد بصحبة الدكتور أياد علاوي  وتم أجتماعات مع الأخ أحمد اﻠﭽﻠبي.  ثم تم توقيف السيد حامد علوان الجبوري والسيد توفيق الياسري (كما أذكر ، لأنه كان عضوا" في المكتب السياسي لوفاق علاوي) في تركيا أثناء عودتهما مع الدكتور أياد من أربيل .وهددهما الأتراك بتسليمهما الى المخابرات العراقية . وسرق موظفوا ألحدود الأتراك الدولارات الموجودة في حقيبة السيد حامد علوان، وجواز سفر عراقي أصدره لي مكتب المؤتمر الوطني العراقي بزعامة الأخ أحمد أﻠﭽﻠبي مشكورا".ثم تم اطلاق سراحهما بمساعدة الأمريكان . ولم يتعرض الأتراك لأياد علاوي لأنه كان يحمل جواز سفر بريطاني. وحصلت على جواز سفري بعد بضعة أشهر بفضل الأمريكيين، وأستفدت منه حتى حصولي على وثيقة سفر بريطانية فيما بعد.  

بدأت المتاعب بعد هذه الزيارة ، حيث أستمال الدكتور أياد علاوي السيد حامد علوان لوفاقه الوطني . وأصبح حامد  عضوا" في المكتب السياسي للوفاق،  مما كان سببا" للقلى ثم انقطاع علاقتي به،   لأنه ترك جماعته وأصحابه الجدد بسرعة فائقه، وليس  كما ترك النظام متأخرا" جدا". وانشق عنا بسرعة أكبر بسبب دوافع لا تخفى على أحد فراتبين أحسن من راتب واحد مهما كبر من الأمريكان . وكان أياد علاوي مدللا" ويحصل على مبالغ طائلة من الأمريكان لأنه يعدهم بأنه الوحيد القادر على اسقاط النظام (وهذا لم يحدث، وما كان ليحدث أبدا" لأن تنظيمه كان مخترقا" من قبل المخابرات العراقية ، وخصوصا" بعد تحرير الكويت)،  ولديه كم هائل من الأسماء والعناوين في حاسوبه (الكومبيوتر) لضباط كبار ومدنيين وشيوخ يدفع رواتبهم داخل كافة أرجاء العراق ، وعلى الأمريكان أن يدفعوا تلك الرواتب الموهومة والمصاريف الأخرى.  وكيف لأمريكي لا يعرف جغرافية الولايات المتحدة نفسها،  أن يتحقق من عنوان شخص في الجبيلة في البصرة، أو ناحية الكحلاء في العمارة ، أو في باب الطوب ووادي حجر في الموصل، أو في ناحية العلم في تكريت، أو الخالدية وألبو علوان في الرمادي ، أو ألبو عيسى في الفلوجه،  أو الذيابة أو دلي عباس أو قزانية (على الحدود الأيرانية) في ديالى،  أو ﺳﻧﮔاو وكرﭙﭽنه في السليمانية أو قره هنجير قرب كركوك على سبيل الأمثلة فقط؟ ونقل لي هذه المعلومة أحد أعضاء مكتب الوفاق الوطني السابقين الذين كانوا يتغيرون كما كان صدام يغير بدلاته قبل زيارة كاسترو للعراق الذي قال عنه في الجزائر : رأيت عارض أزياء وليس رئيسا".  

* زوجة يعرب من أب عراقي اسمه طارق الربيعي وام فلسطينية كادت أن تسبب لي كارثة عائلية بسبب تنسيقها مع المخابرات الصدامية، مما أدى الى توقيف أخي المرحوم جعفر من قبل المخابرات العراقية، وليس من المناسب ذكر تفاصيل ذلك الآن ، لأنها تحتاج مقالة كاملة.

 ** ذكر لي السيد حامد علوان أنه رأى البيت الذي ولد فيه صدام عام 1968 ، وذلك أثناء حضوره مجلس فاتحة في العوجه بعد انقلاب 17 تموز المشؤوم بفترة قصيرة. ووصف البيت بأن زرائب الحيوانات في الفرات الأوسط كانت أفضل منه. وربما كان هذا سبب عقدة صدام في بناء القصور العديدة في كل مكان في العراق.

  *** Boat

**** Grosevenor House, Park Lane London.

***** Wimbledon Common, Cannizaro House Hotel.

 ****** وجدير بالذكر أننا قمنا،  أنا والسيد حامد علوان بزيارة المرحوم محمد فاضل الجمالي (أبو عباس) وزير الخارجية،  ورئيس الوزراء المتنور في العهد الملكي ، الذي شارك في تأسيس الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة، كلتيهما في عام 1945 . وتمت الزيارتان في بيته في تونس ، وكدت أن أبكي حين رأيت البيت أول مرة . لأنه البيت  كان متواضعا" جدا" هيأته له الحكومة التونسية لأنه كان متفضلا" على المرحوم الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي السابق،  والمروم محمد الخامس ملك المغرب حين كانا مناضلين من أجل استقلال بلديهما من الأستعمار الفرنسي، وذلك بمنحهما جوازات سفر دبلوماسية عراقية كما سمعت. ولا يليق هذا البيت بشخصية كشخصية هذا الرجل العظيم. وكان يعيش فيه مع زوجته الأمريكية. وبدا هو أنشط منها رغم تجاوزه التسعين وقتئذ وكان يقدم لنا الشاي والبسكت بنفسه رحمه الله وأذكر قولا له في تصنيف عمر الأنسان حيث قال:

اذا قدر الله لأنسان أن يعيش مائة عام فهو يمر بأربعة أدوار هي : أول خمسة وعشرين سنة طفوله. والخمسة والعشرين التي تليها (حتى الخمسين) شباب. والتي تليها حتى الخامسة والسبعين نضوج وعقل, وما بعد ذلك حكمة. ويبدو أن الحكمة لا يهبها الله للجميع،  وخصوصا" لمن يطالب الله  سبحانه عز وجل بغفران  ذنوب وجرائم صدام التي فاقت جرائم البشرية بأكملها في عدة قرون من الزمان، وهو ( أي القائل وطالب الغفران) في الثامنة والسبعين من عمره، أي في دور الحكمة المفترض.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com