الخروج من تنور الطــــين
سهيل أحمد بهجت sohel_writer72@yahoo.com
من المؤسف حقا أن نجد الإعلام العراقي لا يزال يروج للثقافة القديمة، تلك العقلية التي هيمنت ولا تزال على كل مستويات المجتمع والطبقة الفقيرة هي التي تدفع ثمن هذه العقلية الكارثية، فقد طلعت علينا قناة العراقية بتقرير عن "خبز التنور الطيني"!! وأنه ألذ من التنور الحديث وراح المراسل يزوق خبز التنور القديم وأن خبز التنور الحديث ليس بذلك المذاق!! ولواقتصر الأمر على الخبز لما كان هناك من مشكلة، لكن مجتمعنا يفعل ذلك في كل المجالات.
فربما تكون عربة يجرها حمار أكثر متعة من سياقة سيارة مرسيدس وبيت القصب أفضل من الشقق السكنية المكيفة واللعب بالأحجار أكثر متعة من كل الألعاب الإلكترونية وهلم جرا..!! وكأنه مكتوب على العراقيين أن يبقوا في عصر الرقم الطينية بدلا من عصر الرقميات "الديجيتال"، ولا أستبعد أن هناك جهات متنفذة توجه الثقافة والعقلية العراقية بهذا المنحى والاتجاه عن عمد وقصد بهدف إبقاء الإنسان العراقي مقيدا بالماضي والبالي والمتخلف ليسهل تدجينه واحتواء روحه المتمردة "وهذا التمرد لواستثمر في الجانب الإيجابي الديمقراطي فسيكون مفيدا جدا للمواطن والدولة".
إن غالبية النظام العربي والإسلامي ـ والعراق كان جزءا من هذه المنظومة حتى 2003 ـ تتبنى هذا النوع من الثقافة ونمط التفكير القائم على تقديس القديم وأفضليته والحنين إلى الماضي، والنتيجة الطبيعية لهذه الثقافة هي جمود عقلي وركود اقتصادي ومستقبل مجهول، إن شعوبنا لا تستسيغ التغيير، رغم أن هذا التغيير هوسمة ضرورية لأي مجتمع بشري، ولا ننسى هنا كلمات علي بن أبي طالب الذي قال: لا تربوا أولادكم على ما رُبيتم عليه فقد خلقوا لزمان غير زمانكم.."!!.
من هنا كان التغيير هوضرورة عقلية منطقية ودينية قبل أي اعتبار آخر، ففي دولة غنية بالنفط والثروات وكل أسباب الغنى الأخرى في بلد كالعراق نجد أن من الضروري أن ننمّي روح الفرد ـ والفردية لا تعني الأنانية كما يُصوّرها البعثيون والإسلاميون والشيوعيون ـ بقدر ما تعني تنمية روح الحرية ومساهمة كل مواطن في بناء الدولة الحديثة عبر ممارسته حريته وتعبيره عن رأيه ودفاعه عن حقوقه الشخصية "المواطن هنا هوالمرأة والرجل على حد سواء"، عبر هذا الطريق يمكننا تجاوز مأساة العقل الحالي "الإيمان السلبي بالقناعة" وجعل الحكومة مجرد أداة بيد الشعب.
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب