|
آن الأوان لتكريم.. شاعر "الوثبة" والسلام .. علي جليل الوردي!
إن الأمم ترقى بانجازات أبنائها المبدعين المخلصين..وتتهاوى عندما تغفلهم – عمدا أو جهلا - وتحيل حياتهم إلى جحيم يهربون قسرا منها إلى خارج الوطن.. · إلى المقابر قهرا! · أو الى الاغتراب ..ملاذا من الفناء! · أو الانكفاء بالبيوت والمخابئ ..احترازا مما قد يخدش كراماتهم وكبريائهم أو يختطف أرواحهم وعوائلهم! واليوم وقد غُبطت كثيرا لأنباء تكريم الأحياء من روادنا.. العلامة الدكتور حسين علي محفوظ، والعلامة الدكتور حسين أمين.... ولكي لا يقال عنا إننا امة لا تحسن سوى ندب أمواتها والاحتفاء بهم بعد رحيلهم..- اشد على يد أصحاب المبادرات - وأدعو هيئات المجتمع والدولة المنتخبة إلى تكريم الرواد في جميع فروع المعرفة، وميادين العمل الأكاديمي والعلمي والتطبيقي والوطني والاجتماعي والفقهي والفني والمهني والنقابي والحرفي..ممن نعرفهم ونعتز بهم وبانجازاتهم ..وممن لا نعرفهم ونعتز بهم وبتاريخهم ومساهماتهم في تكوين الوطن والإنسان العراقي..فالشعب مرشدنا إليهم! مع تجنب المتاجرة بـ (النجوم - الجوفاء الفاقعة والملوثة في كل زمان) والمعاد إنتاجها اليوم بمعدات بدائية ورديئة في مطبخ (المحاصصات) القذر .. ولهذا .. ومن فضاء الواجب الوطني .. ولأنني عارف ومدرك لقيمة الرجل الذي أتحدث عنه.. الفت انتباهكم إلى: · رائد من رواد الشعر الوطني الذي طالما فجر في روح الجماهير جذوة الاعتراض على الظلم في أربعينات وخمسينات وستينات القرن الماضي.والذي اجتمع على غلاف ديوانه الأول (طلائع الفجر) ثلاثة من رواد الثقافة الوطنية العراقية ، الذين تركوا رحيقهم الخالد في رئة الثقافة العراقية..هم شاعرنا الرائد علي جليل الوردي ، والمرحوم هاشم الخطاط ، والمرحوم الفنان خالد الجادر..هذا الديوان الذي أهداه عام 1960 إلى: الشعل الوهاجة المنورة ظلمات الزمن.. إلى الأحرار المناضلين في سبيل خير الإنسان.. إلى عشاق الحق والخير والسلام!.. هذا الشاعر الذي صدح صوته من إذاعة بغداد بعد ثلاثة أيام (فقط) من انتصار ثورة تموز 1958 مجلجلا ومنورا ومحذرا وواصفا الطغاة واللصوص في كل زمان ومكان: بالأمس كنا، وكان اليأس يعصرنا عصرا فيقضي على الآمال بالرهب سل المعاقل كم أدمى الحديد بها من الشباب ، وكم أدمى من الشيب وكم دماء طهورات بها سفكت بأمر (عميل) غامض النسب بالأمس كنا،وللإرهاب سطوته حتى على كل مستخذ ومحتسب بالأمس كنا،وأموال البلاد ترى يسطو عليها ذوو الألقاب والرتب من كل لص له في النهب فلسفة تبرر النهب عن بعد وعن كثب وهو السجين الوطني (شاعر الشباب ) الذي وقف أمام الحشود في الحضرة الكيلانية في 27 كانون الثاني لتخليد شهداء "الوثبة" عام 1948 الذين اسقطوا معاهدة بورتسموث المذلة.. سلي بغداد من شهر السلاحا بوجه بنيك أي دم أباحا؟ وأي شبيبة قتلوا فداءا لعرضك أن يهان وان يباحا؟ أكانوا يبتغون سوى صلاح لحال بات يطلب الصلاحا؟ ........................ أذنبا كان رفضهم (بنودا) هي الأغلال معنى واصطلاحا؟ وإجراما هتافهم بشعب سعى دأبا وما لاقى ارتياحا؟ أتقتل امة ليعيش رهط على سفك الدماء غدا وراحا؟ .......................... ومغتصب أفاد ولست ادري أجدا كان يعني أم مزاحا: إذا مات العراق ضنى وجوعا كفانا منه شرا واستراحا!! والهاتف في الآلاف من أبناء بغداد المحتشدين في الكاظمية لتخليد شهداء "الوثبة" في 6/آذار/1948 : قف على الجسر تشاهد امة تصنع التاريخ مجدا وعلاءا امة تبني على (حاضرها) (غدها) الآتي جمالا ورواءا زخرت من جانبيه فتية وعذارى،ورجالا،ونساءا هتفت بالشعب مجدا وبقاءا وعدو الشعب هونا وفناءا وغلت أحقادها من معشر عشقوا الحكم فعاشوا (عملاءا) وتلظت شعلة صاعدة من إباء يزدري الذل ازدراءا وشاعرنا الوردي من رواد ودعاة حركة السلام والتسامح ..فهاهو ..في قصيدته (أين السلام) التي نشرتها مجلة الرسالة الفلسطينية عام 1942 وكانت الحرب العالمية الثانية في أوجها.. وكأن صوته الرخيم يمتد إلى يومنا هذا: ,,,,,,,,,,, قالت وقد لاح عليها السقام: الحرب طالت ،أين عهد السلام؟ أين ابتسامات زهور الربيع؟ وناي راع من وراء القطيع وطفلة غنت بلحن بديع اهزاجها، والقلب منها وديع أخرسها قسرا لهيب الخصام فأين أين الأمن ؟أين السلام؟ وهو المطالب بالسلام بفصاحة ودأب منذ مطلع الأربعينات حتى يومنا هذا..(قبل أيام قليلة ..وعند سؤالنا عنه للاطمئنان عليه..وسماع رؤيته للعراق اليوم..العراق الذي أحبه وكرس حياته وأسرته للذود عنه..ترددت بيننا أبياتا له من قصيدته -إنا نطالب بالسلام)التي ألقاها عام 1954: فيما التطاحن والخصام وعلى م يقتتل الأنام؟ وعلى م يزجى بالالو ف من الشباب إلى الحمام؟ وتروح قاذفة القنابـ ل تقذف الحمم الجسام وتبث ممطرة الدما ر الرعب والموت الزؤام و لأجل من؟ ألأجلنا؟ إنّا نطالب بالسلام ومازال شاعرنا الوطني مفعما بالتفاؤل والثقة بالشعب منذ فتوته في النصف الأول من القرن الماضي حتى الساعة..وهو الصادح عام 1946: ليلاي ! مهما طال عهد الظلم إن غدا لآت وبناره الحمراء سوف يبيد غول النائبات لكن دولاب التطور رهن أيدي العاملات والعاملين من الألى عُرفو بخلق المعجزات وهو المخاطب الشهيد جعفر الجواهري أثناء تأبينه في جامع الحيدرخانه 1948 ، وكأنه بنا اليوم يحفز فينا الوعي الوطني لمواجهة إذلال الوطن باتفاقية مريبة تحاك اليوم في (جومة حائك دساس): أ(جعفر) يا قدوة الطيبين وصنو الإباء، وترب الندى أأبكيك؟لا،لست ترضى البكاء ويأبى الدموع من استشهدا ولكن سنمضي، كما قد مضيت أبيا،حميد الثنا،سيدا سنمضي فإما حياة الرفاه لهذي البلاد وإما الردى فما بالنحيب تنال الحقوق ولا بالمدامع دحر العدا ولكنما عن طريق النضال تداس القيود ومن قيدا وتميزت مواقف رائدنا مثل شعره باستقراء العلة لاستئصالها والخلاص من شرورها.. واستشراف فجر الحرية طريقا للخلاص .. ففي قصيدته التي يجيب بها على رسالة قرينة معلم تشكو البؤس والفقر ونشرت في جريدة الأهالي عام 1946 ..يخاطبها شاعرنا الوردي، وكأنه يصرخ اليوم بوجه كل أولئك الفاسدين والمفسدين من الحكام وذيولهم..الذين أذلوا المعرفة..وجوعوا دعاتها من أخواتنا وإخوتنا المعلمات والمدرسات والمعلمين والمدرسين على مدى عقود مديدة ومريرة..: أختاه! لو شعر الولاة لعالجوا الداء الدفين ولما بعثت بآهة حرى تهز المخلصين ولما رأيت الفقر يفتك بالبنات وبالبنين ويذيب آلافا وآلافا بكأس الغاصبين ................ أختاه! لا حل لما نشكوه من عقد المشاكل إلا بتحطيم الرؤوس الجامدات من الهياكل وبعزمة المتوثبين الثائرين على السلاسل وبناء مجتمع جديد فيه صفو العيش شامل ولم تخلو ساحة تصدٍ للظلم ..لم يكن شاعرنا واحدا من روادها على امتداد أكثر من ستين عاما..فعندما انتفض عمال النفط في كاور باغي بكركوك عام 1946..(كركوك التي كانت موحدة قبل ستين عاما بوعي كادحيها ،وتختنق اليوم بدخان التعصب والتنافر العرقي البغيض) ..عمال كاور باغي المضربين ، الذين وقفت معهم حشود العمال وعموم الشعب العراقي..ومعهم صوت شاعرنا المدوي في الاحتفال الذي أقامته نقابة عمال النسيج في الكاظمية آنذاك: أيها العمال هذا دمكم ثمن النصر ، ومهر الظفر لا تخالوه مضاعا، انه خير غرس مسفر عن ثمر فإدأبو في العمل المجدي ولا ترتضوا غير النصيب الأوفر وابعثوها وثبة جامحة تتشظّى شررا في شرر وامحقوا كل أثيم جائر حسب الحكم ارتشاف المسكر واكتبوا بالدم تاريخ الإبا تتملاه عيون الاعصر راية الحرية الحمراء،في الأرض، لولا دمكم لم تنشر وأين كنا اليوم لو إننا أصغينا لندائه عام 1940 الداعي لوحدة الصف الوطني .. وهو ينادي الشباب في قصيدته (العلم والجهل)..: ياقوم هيا لنسعى مافات ذا السعي كسب فحسبكم إن قعدنا وقام من لا نحب لقد ربضتم طويلا والربض يتلوه وثب صفوفكم وحدوها فوحدة القوم غلب من كان ذا اتحاد فهو الأعز الأحب
وعلى امتداد تاريخه الشعري والوطني والاجتماعي كان رائدنا الوردي نصيرا للمرأة.. فهو القائل في الثامن من آذار عام 1953 : ووقفتِ و الرشاشُ يلعبُ (دوره) تستهزئينَ بناره استهزاءا و المدفعُ ( الهدّارُ) أخرسَ نطقه ثغرٌ يفيضُ بلاغةً و إباءا ! وتَخِذْتِ من ظهر (المدرعّ) منبراً عقدوا عليهِ من القلوبِ لواءا و خطبتِ ما شاءَ (الكفاحُ) وقلت ما شاءتْ دماء تستزيد دماءا فاذا عيونُ (الحشد)،نحوكِ ، تسبق الآذانَ، ذي نظراً ، وذي إصغاءا وسمعتُ منكِ خطيبةً موهوبةً تلقي البيانَ فتبهرُ الخطباءا و مذ انتهيتِ من الخطابِ وسرتِ في رأسِ الطليعةِ جذوةً و سناءا ولقيتِ دَمْدَمَةَ (الرصاصِ) بخافقٍ ثَبْتٍ، أشدّ على النضال بلاءا أدركتُ في نفسي (تهاونَ) شاعرٍ وعرفت فيكِ بطولةً شمَّاءا !! ........ عذراءُ ، والتاريخُ صنعةُ ثائرٍ يُملي إرادة شعبة إملاءا بكِ سوف تنبعثُ الحياةُ جديدة ويسير تاريخ الإبا خيلاءا بكِ والشبابِ و ما يقدّم من دمٍ نمحو الطغاةَ و نمحقُ البأساءا واليوم إذ يتغنى الجميع بـ(الديمقراطية المدججة بالسلاح) طريقا للخلاص ..وجلهم متسربلون بأثواب التطرف البالية والتخندق (الطائفي والعرقي والعقائدي) المقيت.. اختار شاعرنا منذ فتوته الشعرية والوطنية (الديمقراطية ذات المضامين الاجتماعية التقدمية التي تخدم وتلبي مصالح الشعب، وتصون استقلاله وسيادته) نهجا سياسيا واجتماعيا طيلة مسيرته التي امتدت لما يزيد عن ستة عقود..لم تهتز فيها مواقفه الوطنية الثابتة ولم ينحرف عن نهجه الاجتماعي المتنور ولم تتوقف دعوته للسلام ، ولم يكف عن المطالبة باليقظة من الأنظمة الدكتاتورية والمشاريع والأطماع الأجنبية التي تحاك ضد بلادنا.. وفي قصيدة ألقاها عام 1954..( وكأنه يتنبأ بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشرتنا به كوندليزارايس!) يقول شاعرنا الوردي: إنا سنحبط كل مشرو ع كمشروع الدفاع وقيادة للشرق تنذ ر بالوبال وبالضياع وتسلح يفضي لتد مير الحواضر والضياع لسواد عين (عصابة) لعبت بمصلحة الجياع وتمالئ المستعمر الطاغي على هذي البقاع فبرغمها وبرغمه وبرغم أفراد لئام إنا نسير إلى الأمام من اجل تحقيق السلام · ومثل كل الوطنيين العراقيين والأسر التنويرية العراقية فان شاعرنا وأسرته تعرضوا منذ خمسينات القرن الماضي إلى مختلف أشكال التعسف والسجون والملاحقات والاغتيالات.. ومنها اختطاف واغتيال ولده الأصغر (سعد) عام 1982.. ففي الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم 7/حزيران عام1981عندما كانت الطائرات الإسرائيلية تدمر مفاعل تموز النووي على الضفاف الشرقية لنهر دجلة..في ذات الساعة واليوم والتاريخ،كانت زمرة من الأجهزة الأمنية الخاصة تختطف ابن العشرين(سعد علي جليل الوردي- الذي لم تمضي على تخرجه من كلية العلوم إلا أشهر قليلة) وتسدد إلى رأسه الفتي اطلاقة قاتلة من مسدس (أهداه صدام حسين شخصيا للقاتل محمد الجبوري حسب إفادة القاتل أمام قاضي التحقيق ) في الكرادة داخل ..بالضفة الغربية لنهر دجلة المقابلة للهدف الإسرائيلي..(ولاشك إن لوعة الأب الشاعر لفقدان ولده الأصغر دونت كمخطوطة شعرية أضيفت إلى مئات المخطوطات الشعرية المتراكمة منذ انقلاب 8 شباط الدموي 1963 ..التي نتمنى أن ترى النور قريبا..وان يرد الوطن لرواده بعض ما قدموه بسخاء من حياتهم وحياة عوائلهم لشعبهم ). اغتيل الفتى سعد الوردي.. بعد إن عجز النظام الدموي على مدى أكثر من عشرين عاما..عن كسر شوكة: · شاعر الحرية والسلام.. · ورجل السلم والتضامن.. · والوطني الصلب.. · ورجل الدولة الديمقراطي .. · ورائد من رواد الحركة الأدبية العراقية واحد مؤسسي اتحادها الأول. · ورائد من رواد حركة السلم والتسامح الاجتماعي في بلادنا . · ورائد من رواد المسرح. · ورائد من رواد (تيار النزاهة المالية والإدارية) في الدولة العراقية. · ورائد في الزهد في زمن ازدهار سوق (بيع الضمائر والعقول والأصوات والأقنعة والأدوار) · ورائد في موقفه الاجتماعي الشاب التقدمي رغم اخترام اكثر من ثمانية عقود لجسده النحيل. · ورائد في فصاحة القول وصدق الفعل في زمن الخوف. · وسليل أسرة قدمت للعراق الشهداء والمفكرين ..من الفقهاء والعلماء والمناضلين والشعراء والأدباء والفنانين.. آن الأوان لتكريم تاريخنا الوطني من خلال تكريم رواد حركة التنوير والحرية والسلام والديمقراطية والدستور والعدل الاجتماعي..وإقامة نصب لهم في الساحات العامة وفي (حديقة الثقافة ) المقترحة في بغداد..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |