دور النفط والغاز في تعزيز الثِقل النوعي الإقليمي والدولي للعراق
د . عبد علي عوض
abidali@hotmail.com
بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991 ومعه منظومة دول حلف وارشو، إنتهت الحرب الباردة بين العالمَين الإشتراكي والرإسمالي، وأصبحَت جميع البلدان الأوربية تنظر إلى طبيعة العلاقات القائمة فيما بينها وتعيد تقييم تلك العلاقات من منظور المصالح الإقتصادية المرجوة منها .
أسست دول المعسكر الإشتراكي في حينها وقبل تفككها مجلس التعاضد الإقتصادي ( منظمة سيف ) لتنظيم العلاقات الإقتصادية مع بعضها، ومن خلال تلك المنظمة قام الإتحاد السوفيتي بمَد ثلاث خطوط لأنابيب النفط والغاز، تمتد من حقول سيبيريا الى تلك الدول، وقد اُطلِق عليها إسم ( خطوط الصداقة )، وهي كالتالي : -
الخط الأول يمتد من روسيا – هنغاريا – بولونيا – المانيا الديمقراطية – ثم أخيراً تمَّ مدّه الى النمسا .
الخط الثاني من روسيا – بيلوروسيا – بولونيا – المانيا .
الخط الثالث من روسيا – أوكرانيا – جيكوسلوفاكيا – المانيا .
كانت تلك الدول لاتدفع عملةً صعبة للإتحاد السوفيتي، وإنما كانت تجري عملية مقايضة بمنتوجاتها الصناعية والزراعية . أما الآن فهي تدفع مقابل ما تحتاجه من الطاقة لروسيا بالدولار واليورو، خاصةً بعد أن أصبحَ قسم منها عضواً في الإتحاد الأوربي وحلف الناتو .
لقد أدركت روسيا، أنها تستطيع فرض نفسها على الساحة الدولية عامةً واوربا خاصةً ليس عن طريق ترسانتها النووية فقط وإنما من خلال قدرتها الإقتصادية المتمثلة بإمتلاكها لمصادر الطاقة التقليدية ( النفط والغاز )، مما حفزها على الشروع بمَد خط رابع للغاز وهو قيد الإنشاء الآن، يبدأ من روسيا تحت مياه البحر الأسود الى بلغاريا ثم الى اليونان وإلى صربيا عن طريق مقدونيا.
ما ذكرته أعلاه يجعلنا نتفاءل، بعد أن أعلنت الحكومة العراقية وخلال زيارة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي لمقر الإتحاد الأوربي في بروكسل عن مشروع إنبوبي النفط والغاز إلى أوربا الغربية عن طريق تركيا . أنّ هذا المشروع سيغيّر طبيعة العلاقات العراقية التركية، وسيجعل تركيا تتخلى عن سياسة الإبتزازوإستخدام منابع نهر الفرات كورقة ضغط على العراق، ويجب أن لا ننسى تصريحات رئيس وزراء تركيا الراحل ( أوزال ) حينذاك عندما قال
( يبيعون لنا النفط وسنبيع لهم المياه ! ) . أصبحت تركيا تدرك أنّ تلك السياسة النابعة من ذهنيات حفنة من الجنرالات الكمالية ستضرها إقتصادياً وتعزلها دولياً، وللسببين التاليين : -
1 – تحاول تركيا جاهدةً ولسنوات طويلة الإنضمام الى الإتحاد الأوربي، لكنها تجابَه بالرفض ولأسباب عدة منها مسألة حقوق الإنسان . فإذا ما قامت تركيا وكعادتها بحجز مياه الفرات، فإنّ أوربا الغربية سوف لن تلتزم الصمت تجاه هذا الفعل، إذ أنها تنظر للعراق كشريك إقتصادي إستراتيجي ( يؤمن لها الطاقة ) وبالتالي لن تسمح بتلك الممارسات ضد العراق وستغلق باب الإنضمام للإتحاد الأوربي بوجهها .
2 – إنّ مرور أنابيب النفط والغاز عبر الأراضي التركية، يؤمن لتركيا ما تحتاجه من نفط وغاز ( حصتها ) نتيجة ضريبة المرور .
وما دام العراق يخطط لزيادة إنتاجه النفطي كي يحتل الصدارة في التصدير، يتوجب عليه زيادة طرق التصدير وأعني مد خط مزدوج جديد عبر الأراضي السورية، وهذا المشروع سيطور العلاقات مع سوريا ويجعلها تغيّر موقفها إيجابياً نحو العراق الجديد .
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب