"الوزير الوطني"... غير مرغوب به!!
 

 

سهيل أحمد بهجت
sohel_writer72@yahoo.com

ما الّذي نحتاجه نحن العراقيون الآن للعبور بالشعب والمواطن بالدرجة الأولى من حالة الركود والفوضى والديمقراطية الهشة إلى حالة الاستقرار والتطور والديمقراطية القوية؟ الأكيد أن العراق الآن سفينة بلا مجاديف حقيقية وسفينة ذات أشرعة قديمة وممزقة، فالأحزاب الحالية في غالبيتها تميل إلى ثقافة "إما أن ألعب وأخرب الملعب" بمعنى أنها أحزاب وكتل ذات بُعد طائفي وقومي عنصري يؤمن بأن العراق هو"مناطق متنازع عليها"!! وأن السلطة والمال العام هوغنيمة للطبقة والعائلة الحاكمة التي ستتوارث الحزب والدولة والشعب إلى يوم يبعثون وأن الشعب هم مجموعة من العبيد الذين يخدمون "سيادته" إلى الأبد.

وما شاهدناه مؤخرا من مطالبة البعض من الرؤوس الكبيرة باستقالة الوزير علي بابان حتى تستطيع كتلة التوافق العودة إلى "حصتها"!! من الحكومة، كان مطلبا غير واقعي ويتناقض مع مبدأ الوطنية والإيمان بالعراق، فالسيد بابان مشهود له بالحس والموقف الوطني، فحينما كان العراقيون يعانون من ضعف الدولة ومجاميع الإرهاب الطائفي والقومي ومؤامرات أيتام البعث ضد النظام الجديد، وقف السيد علي بابان مع الحكومة التي هي رغم عيوبها كانت ضرورة لهذه المرحلة الصعبة.

بالمقابل كان أعضاء التوافق يخرجون من الحكومة تاركين الوزارات فارغة في وقت كان المواطن العراقي يعاني من كل شيء بعد سقوط الدولة والنظام البعثي (حيث أن البعث اختصر الدولة في القائد المهزوم)، وإذا كانت كتلة التوافق تسعى إلى معاقبة الوزير بابان لأنه لم يوافقها الرأي ـ وهوما لا أعلم أنهم يسعون إليه ـ فإن ذلك سيشكل كارثة وعارا وطنيا أن نتعامل مع أبناء العراق الوطنيين والمخلصين بأسلوب العقاب، كما أن على التوافق أن تدفع ثمن أخطاءها لأن هذه الأخطاء تسببت بمشاكل جمة للعراقيين وعلى هذه الكتلة وكل الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية أن لا تتعامل مع بعضها البعض بمنطق الهيمنة والمواجهة والتنازع ـ مناطق متنازع عليها مرة أخرى ـ لأن في ذلك خيانة للمواطن العراقي الذي حمّل هؤلاء المسئولية عبر انتخابه لهم.

لا ننسى مرة أخرى أن نؤكد أن الإنسان الوطني ليس له انتماء حقيقي إلا إلى شعبه، وكنت أجهل الكتلة التي ينتمي إليها وزير التخطيط ـ علي بابان ـ إلى حين حصول أزمة انسحاب التوافق من الحكومة ورفض الوزير الانسحاب، فالإنسان الوطني حينما يُغلب مصلحة بلده وشعبه على كل الولاءات الحزبية والقومية وحتى الدينية فهوإنما يغلب حسه الإنساني (إذ كلمة عراق ترادف ذهنيا معنى إنسان لأنها ليست ذات بُعد ديني وقومي عنصري) على كل الانتماءات الجانبية المزيفة التي تتعارض في النهاية مع سعادة المواطن ومصلحته، قد يكون السيد بابان مخطئا في بعض الأمور التي لا نعرفها لكن موقفه الوطني ـ إذ لم يعتمد على أي كتلة للحفاظ على منصبه ـ يبرر أفضليته كوزير.

والمصيبة أن الوزراء الفاشلين من أمثال وزير الكهرباء ووزير العمل والشؤون الاجتماعية ـ المختل عقليا للأسف ـ لم يحاسبهم أحد على إهمالهم وفسادهم المالي وتهاونهم، بينما يطلبون من وزير تكنوقراط وطني أن ينسحب!! أنه حقا موقف جدير بالتأمل.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com