أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب - 8 -

 

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

محور علم عليّ المدني

_______________________

 هذا هو المحور الاخير من محاور حديث الرسول الاعظم محمد ص :(( أنا مدينة العلم وعلي بابها ....)) وهو المحور الذي يتناول الوجه الاخر من المعادلة الرسالية التي اثارت الكثير من النقمة على هذا الحديث الشريف بالذات !.

اعني : ان منشأ الاخذ والرد الذي اثير على سند ومتن وصحة ... هذا الحديث لم تأتي من الشق الاول والمقدمة الاولية لهذا الحديث الشريف التي تقول :(( انا مدينة العلم ...)) باعتبار ان ليس هناك في المسلمين من علماء وعامة مّن يجرئ على الاعتراض ان يكون العظيم محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو (( مدينة العلم )) ولكن الاعتراض والنقمة نشأت عندما عطفت المسألة برمتها على عليّ بن ابي طالب عليه السلام، لتكون من ثم كفة الميزان الاخرى للحديث الشريف هي :(( وعليٌّ بابها ..)) عندئذ ظهرت اللوحة بشكل مختلف لتصطدم بالامزجة التي لاترحب بأن يكون او يختص عليّ بن ابي طالب بهذه المنزلة العلمية الرفيعة لعلم الرسالة المحمدي، فكان ما كان من علماء السوء وتوجهات السلاطين وغوغائية العامة .. لدفع هذا الحديث برمته من ساحة الصحة والواقعية ... ليس بغضا بأن يكون الرسول محمد ص العظيم صاحب مدينة العلم الرسالية، ولكن لعدم الترحيب بأن يكون عليّ بن ابي طالب ع بابها من منطلق : لماذا عليّ بن ابي طالب بالذات ووحده يكون باب مدينة العلم الرسالية الواسعة ؟.

نعم صحيح دعونا نأخذ بالراي الذي ينقم من عليّ بن ابي طالب عليه السلام على اساس انه هو وحده ولاغير يصلح لأن يكون باب مدينة العلم ونضيف لهذه الاشكالية اسألة اخرى تنفع البحث في هذا المحور الاصيل من حديث الرسول الشريف ونقول :

تمامٌ : لماذا يختص علي بن ابي طالب بأن يكون باب مدينة علم الرسالة ؟.

وهل يعقل ان تغلق جميع ابواب الصحابة الموصلة لمدينة العلم الرسالي وليبقى باب علي بن أبي طالب  فحسب هو المدخل كما حصل بالضبط في التاريخ الرسالي عندما اغلقت جميع الابواب الموصلة لمسجد الرسول في المدينة وليبقى باب علي ع ومحمد الرسول ص مفتوحة  فقط في السيرة النبوية المطهرة  ؟.

ان هذه الاسألة هي ما اثارها الناقمون على قيمومة علي ّ بن ابي طالب عليه السلام على العلم الرسالي فحسب، أمّا ما نريد نحن بحثه في هذه الجزئية من محاور الحديث الشريف هو الاتي :

هل كان علي بن ابي طالب في الحديث الشريف (( انا مدينة العلم وعلي بابها ..)) يمثل وجوده الشخصي فحسب ؟.

أم انه وحسب التقاليد والاعراف العربية عنوان لتمثيل اهل البيت عليهم السلام ليكون مصداق الحديث الشريف :(( وعلي بابها ..)) باعتبار ان اهل البيت باب مدينة العلم الرسالي، لتكتمل الدائرة مع الحديث الشريف الاخر للرسول الاعظم محمد ص :(( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ...)) وليكون من ثم مصداق الحديث :(( انا مدينة العلم واهل البيت الممثلين بعلي بابها )) ؟.

وهل الحديث الشريف يشير الى اختصاص علي بن ابي طالب بعلم الرسالة فحسب ؟.

أم ان الحديث الشريف لايخص عليّ بالعلم بقدر اختصاصه بالشؤون العامة لادارة المدينة العلمية ؟.

بمعنى آخر : لماذا عاد الضمير في قول المصطفى محمد ص :(( وعلي بابها ..)) الى المدينة وليس الى العلم ؟.

اقصد : كان المفروض اذا اردنا فهم الحديث على اساس ان يكون العلم يختص بعلي ع  فحسب من دون الناس اجمعين، لكان الحديث الشريف بهذه الصيغة :(( انا مدينة العلم وعلي بابه ...)) ولم يكن بصيغة :(( وعليّ بابها )) ليعود الضمير للمدينة وليس للعلم ؟.

وهل هناك فرق بين ان يكون عليّ عليه السلام باب مدينة العلم، وبين ان يكون عليّ ع باب العلم الرسالي مباشرة ؟.

ان ادراك ومعرفة الفصل في السؤال الاخير الانف الذكر هو الذي يشرح لنا جميع الاسألة السابقة بما فيها لماذا لايصلح غير علي بن ابي طالب ان يكون ((حارسا)) لباب مدينة علم الرسالة هذه، وعليه ينبغي البدء من هذه الخطوة : ماهو العلم الرسالي ؟.

وما اختلافه او وما هو الفرق الذي تحدثه المدينة عندما تضاف اليه ؟.

لماذا اضيفت المدينة الى هذا العلم الرسالي الالهي العظيم ؟.

وما الذي تريد هذه الاضافة ان تخبرنا به عن علم الرسالة ؟.

 الكثير منا ومع الاسف مسلمين وغير مسلمين ينظرون الى العلم الرسالي وخصوصا منه العلم الرسالي الاسلامي الخاتم لجميع الرسالات على اساس انه علم واحد وموحد في جهة واحدة، او وبصيغة اخرى من الوعي هناك الكثير  ممن ينظر الى العلم الديني بصورة خاصة على اساس انه علم واحد فحسب، لذالك نحن والاخر كثيرا ما نحمل تصورا مسبقا عن الدين انه علم العبادة او الارتباط بالله سبحانه فحسب، ولذالك كنّا ولم نزل ننظر للعلم الرسالي الاسلامي او الديني الاسلامي على اساس انه شبيه بعلم الفلك او المنطق او الطب او الهندسة .....، او باقي العلوم التي تختص بهذه الجهة او تلك من الجهات التقنية العلمية الانسانية فحسب، ومن هنا  نظرنا للعلم الرسالي الاسلامي نفس النظرة التي اسقطناها على باقي العلوم الانسانية للنظر له على اساس انه علم موحد مستقل يصل الانسان بخالقه وبصورة وعلى كيفية مخصوصة، وله وظيفة ايضا محددة كباقي العلوم الاخرى عندما تختص بترميم او اعمار جزء محدد من الحياة الانسانية، لهذا جاء في الاثر :(( العلوم اربعة : الفقه للاديان والطب للابدان والنحو للسان والنجوم لمعرفة الزمان / عن علي بن ابي طالب ع )) فهل يستقيم هذا الفهم لعلم الرسالة بالواقع ؟.

الحقيقة ان هذا الفهم ربما يصلح لتعريف الفقه او الاصول او الفلسفة او المنطق داخل الاطار الاسلامي، أمّا ان عزمنا التحدث عن العلم الرسالي فلايمكن اختصاره وقتله في زاوية معينة من حياة البشر، وهذا لالشيئ معقد الا لكون ( علم الرسالة ) هو ليس علما محددا بجانب من جوانب الحياة الاجتماعية الانسانية لنختصره في هذا او ذاك من الجوانب الضيقة !.

كما انه ليس علما يخترع ليكون في خدمة هذا الحيز او ذاك من المنعطفات الانسانية التي هي بحاجة الى مقدمة تهيئ الارضية لعلم من العلوم الانسانية الاخرى، كعلم الفقه الذي وضع لخدمة الحكم الشرعي في  الدين او كعلم الاصول لتهيئة الارضية للوصول الى معرفة كيفية الوصول للحكم الشرعي الديني بصورة صحيحة، او كعلم الطب الذي هو عبارة عن علم نشأ ونما لخدمة البدن الانساني والاحتفاظ به صحيا في هذه الحياة .....الخ، لا ليس العلم الرسالي هو كهذه العلوم الجزئية لننظر اليه على اساس انه علم موحد ومستقل بذاته وبالامكان تعريف ماهيته بصورة علمية، وانما هو علم خاص او هو وحي رباني لادارة الحياة وتنظيم حركتها بصورة شاملة من خلال رسول مبتعث من قبل الله سبحانه، او من خلال وصي رسول او نبي يكون هو المهيئ لادارة الحياة وفق الرؤية العلمية لعلم الرسالة هذا، فهو علم يطرح الفكر باعتباره رؤية عقدية ايدلوجية، ويطرح السياسة والحكم باعتباره فن الادارة وتنظيم المجتمع، ويطرح الاقتصاد باعتباره حقوق وواجبات واعمار وتنمية، ويطرح الاجتماع وكذا الاسرة، وكذا يطرح الرؤية النفسية لمعالجة مشاكل الفرد الروحية والصحية، ويطرح المرأة ويطرح التاريخ ويطرح الكون ويطرح ......الخ، كل هذا يطرحه العلم الرسالي لاباعتباره علم واحد ويتحدث في اتجاه معين وله ضوابط محددة، لابل باعتباره علم شامل وواسع وليس بالامكان قبوله انسانيا الا من خلال العلم الرسالي الذي نؤمن جميعا بانه من المصدر الذي يعلم كل شيئ ولاتخفى عليه خافية لافي الارض ولا في السماء  الله سبحانه وتعالى !.

بمعنى آخر : ان اختلاف العلم الرسالي عن غيره من العلوم الانسانية الاخرى، انه العلم الذي يتلقاه الانسان على اساس انه وحي من الله سبحانه مقدس المرجعية، وليس بالامكان اخذه من خلال الاجتهاد والتجربة البشرية، وانما من خلال نص صريح من نبي او من وصي نبي مسدد بتوفيق الله لحفظ الشريعة، ولهذا كان العلم الرسالي مميزا وشاملا ومقدسا وغير قابل للخطأ، واينما ضرب بعلمه اصاب كبد الحقيقة في هذه الحياة، ففي العقيدة العلم الرسالي ناقل لواقع صحيح من علم العقيدة، وفي السياسة العلم الرسالي صاحب رؤية متوازنة وغير منحازة لاي فئة على اخرى باعتبار انه علم الحقيقة السياسية بين الحاكم والمحكوم، وفي الاقتصاد كذالك، وفي الاجتماع ..... وفي باقي الرؤى والاحكام والتوجيهات والمواعظ والنواهي والواجبات .... الاسلامية  الانسانية التي يطرحها علم الرسالة المحمدي ص، كل هذه الشمولية والسعة تقبل لاي انسان منا اذا اتت من خلال علم الرسالة فحسب، ولاتقبل من اي علم اخر انساني ومهما كان شاملا باعتبار ان الشمول والسعة علم يختص بعلم الرسالة المعصوم فحسب وليس لاي علم اخر ان يدعي الحقيقة المطلقة في كل شيئ، ومن هنا لايؤخذ علم الرسالة الا من نبي معصوم او امام مسدد حسب طريقة القرءان الكريم !.

اذن علم الرسالة ليس علم محدد الاتجاهات، ليقال ان علم الرسالة هو علم ارتباط الانسان بربه فحسب، او انه علم العبادة لاغير، بل هو علم واسع الافق، علم يختص بكل شؤون المدينة الانسانية المدنية  في هذه الحياة، ولهذا جاء الحديث النبوي الشريف دقيقا عندما قال :(( انا مدينة العلم )) من منطلق ان هذه المدنية او هذه المدينة، اذا لم تكن موجودة في الحديث الشريف لايقنا ان العلم الرسالي علم محدود وضيق ولايتسع لافاق المدينة الانسانية كلها، امّا والحال ان اضافة المدينة للعلم اخبرتنا ان لعلم الرسالة سعة وشمولية تغطي جميع افاق الانسان الاجتماعية في هذه الحياة، ادركنا عندئذ جمال ودقة اضافة الرسول الاعظم المدينة لعلم الرسالة ليكون تصورنا واضحا لهذا العلم، وانه ليس علم مختصر بهذه الزاوية او تلك من زواية المدن الانسانية، بل هو علم شامل وواسع بوسع المدينة الانسانية وشؤونها الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والاسرية والفردية ....  تلك !.

ان فهمّنا هذا لخصوصية المدينة، وضرورة وجودها كقرينة لفهم سعة العلم الرسالي ومدى انتشاره الواسع لتغطية جميع شؤون المدن الانسانية في حديث المصطفى محمد ص :(( انا مدينة العلم ))، فهمنا بعد هذا وتلقائيا لماذية عودة  الضمير في الحديث الشريف في قوله ص :(( وعليّ بابها ))  الى المدينة وليس الى العلم الرسالي مباشرة !.

بمعنى مغاير : ان فهمّنا مقدمة ان يكون العلم الرسالي شموليا وواسعا وغير محددا بجانب معين من جوانب الحياة الاسلامية من خلال قرينة اضافة المدينة لهذا العلم الرسالي، هو نفسه الفهم الذي يأخذ بايدينا الى فهم لماذا كان عليّ بن ابي طالب باب مدينة العلم الرسالي وليس باب العلم الرسالي فحسب عندما رجع ضمير (( بابها )) الى المدينة وليس الى العلم الرسالي فقط  !.

ففي كون عليّ بن ابي طالب عليه السلام  المدخل الحقيقي والواقعي لفهم وأدراك كافة زوايا واتجاهات وطرق ... مدينة علم الرسالة المحمدي ص، بطبيعته سيكون مختلفا في النتيجة ان قلنا فقط ان عليّ بن ابي طالب هو باب علم الرسالة فحسب !.

فعلم الرسالة علم مبعثر ان اخذ بلا مدنيته  ومشتت وبالامكان لاي شخص ان يأخذ منه كيفما اتفق، وهذا بخلاف علم مدينة الرسالة الذي اختص به علي ع، والذي هو علم تحيط به اسوار المدينة، وتقنن من مواضيعه، وتأرشف من ناسخه ومنسوخه، وخاصه وعامه، ومحكمه ومتشابهه، ومقيده ومطلقه، وليليه ونهاريه، وجبليه وسهليه ....... الخ !.

ان المنحى الاول - في كون عليّ باب المدينة -  يشير الى سعة ادراك عليّ بن ابي طالب ع، وشمولية فهمه الكامل لكافة جزئيات وكليات علم الرسالة المدني، فعلي ع عالم بعلم العقيدة كعلمه بعلم السياسة، وعالم بعلم الاقتصاد والتجارة، كعلمه بعلم الاجتماع وقوانينه، وعلي ّ بن ابي طالب ع عالم بالانسان وكينونته، كعلمه باحكام القرءان وسننه ....... وهكذا حتى نصل لنتيجة : ان علي ليس فحسب مطلع على علم الرساله في جانب واحد من جوانبها المتعددة، والذي هو مطروح لمجمل الامة المسلمة تأخذ منه كيفما اتفق، بل علي بن ابي طالب عليه السلام باب مدينة علم الرسالة، والمدرك لكل حيثيات علم الرسالة المدني، بقرينة ان علي ع في الحديث الشريف هو باب مدينة العلم، وليس مدخلا موصلا لعلم الرسالة كيفما اتفق ومن اي زاوية من الزواية فحسب ؟!.

ومن هذه اللفتة العميقة في الحديث الشريف نفسه، وادراك عقولنا القاصرة لحكمة وجود الاضافة في (( انا مدينة العلم )) وان هذه الاضافة اخبرتنا بالسعة والشمول لهذا العلم الغير محدد بجهة واحدة من جهات العلوم الانسانية، ومن خلال انقاذ  لمسة (( وعليّ بابها )) ولماذية عودة الضمير على المدينة وليس للعلم مباشرة، ندرك ايضا جواب السؤال : لماذا عليّ بن ابي طالب بالذات هو الصالح لأن يكون باب مدينة العلم الرسالية الاسلامية الواسعة !.

نعم بالامكان القول : ان عبدالله بن مسعود - مثلا - عالم من علماء الصحابة اخذ بشيئ من علم الرسالة المحمدي، الا اننا وبكل صراحة لانستطيع الجزم بانه الاكفأ ليكون باب مدينة علم الرسالة المحمدي الاسلامي، لاسيما ان ابن مسعود رضى الله عنه انتقل الى رحمة الله سبحانه وهو يجزم بان سورتي المعوذتين ليستا من القرءان الكريم !.

وهكذا جميع طبقة العلماء من الصحابة، ابن عباس وسلمان .... الخ،  اخذوا شيئا وفاتتهم اشياء كثيرة من علم الرسالة الواسع، فمنهم من ادرك منسوخا ولم يدرك ناسخه، ومنهم من سمع مطلقا ولم يسمع مقيده، ومنهم من ادرك عاما، ولم يطلع على الخاص، ومنهم من حفظ سورة، ولم يعلم هل هناك اية الشيخ والشيخة ان زنيا ... أم ان تلك  كانت حكما نسخت التلاوة وبقي الحكم وهكذا !.

هذا مانقصده بعدم صلاحية غير علي بن ابي طالب ع لحفظ الشريعة وحراسة باب مدينة العلم الرسالي الاسلامي لتبليغه للناس اجمعين !.

ان علي بن ابي طالب عليه السلام هو الوحيد الذي اعلن صراحة للامة المسلمة القول : (( سلوني قبل ان تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن اية اية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها، لأخبرتكم ...)) ولم يكن ليجرئ احد من صحابة الرسول محمد ص ان يشك بما يقوله علي بن ابي طالب ع في هذا الباب من احاطته بالعلم الرسالي الاسلامي، لأدراك كافة الصحابة الكرام بمنزلة عليّ العلمية وعلو كعبه على جميع الاصحاب من السابقين وحتى اللاحقين من بعدهم باحسان الى يوم الدين !.

وهذه الشمولية والسعة والاحاطة في ادراك وعلم عليّ بن ابي طالب ع هي التي رشحتها لأن يكون (( باب مدينة العلم الرسالية )) بعد العظيم محمد رسول الله ص، لا من منطلق كون عليّ ع ابن عم الرسول او زوج فاطمة الزهراء او بسبب كونه ابا لسيدا شباب اهل الجنة !.

لا ليس لكل تلك الاسباب العظيمة نال علي بن ابي طالب منزلة ان يكون باب مدينة العلم الرسالي !.

وكذا لا لكون عليّ بن ابي طالب ع اول الناس اسلاما، ولا لأنه فقط لم يشرك بالله طرفة عين، ولا لأنه بطل الاسلام الخالد، ولا لأنه قامت الدعوة الاسلامية على اكتافه واكتاف اهل بيت رسول الله محمد العظيم ص فحسب !.

بل لأنه مضافا لكل ما تقدم، اوعى الناس حفظا واغزر البرية خيرا وعلما، واعمق البشرية تأملا وخشية من الله، واعظمهم حلما وأرأفهم رحمة، ..... وباقي المواصفات الاسلامية التي فرضت من وجود عليّ بن ابي طالب ع على ان يكون باب المدينة العلمية بامتياز وبلا منافس !.

صحيح : هل من مرشد يدلنا على غير عليّ بن ابي طالب ع في الصحابة في حياة محمد العظيم ص وبعد انتقاله من هذه الدنيا ليكون الحاوي لعلم الرسالة والملجأ اذا تضاربت الاحكام والسنن، والمدخل اذا اشتبهت الاديان والعقائد الاسلامية وغير الاسلامية !.

وهل هناك من أذن واعية تعي كون الرسول الاعظم محمد ص صاحب الشريعة السمحة والواسعة والعميقة لايمكن ان يخرج من هذه الدنيا بلا خليفة من بعده يحمل شريعته ويقتدي بسنته ويعلم جميع رسالته ليؤدي عنه رسالته بعد حياته ورحيله من هذا الافق الدنيوي الضيق ؟.

لم يكن هناك دافع بطبيعة الحال للعظيم محمد الرسول ص يدفعه للقول بانني مدينة علم الرسالة و (( علي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) الا كون عليّ بن ابي طالب عليه السلام هيئه الرحمن الرحيم سبحانه ليكون للعالمين وللمسلمين بالذات ملجأ ومعينا لفهم الشريعة وتبليغ الرسالة بعد الخاتم محمد العظيم ص !.

ومن اراد ان يبحث عن علم الرسالة من غير المرور بعلي بن ابي طالب ع، ولو على سبيل الاطلاع وزيادة العلم، سيصيب شيئا من العلم الرسالي (( غبشا من علم )) لايدري اهو الناسخ ام المنسوخ، أم هو المطلق الذي ليس له مقيد، أم انه المقيد الذي لم يأتي بعده مطلق .... وهكذا، فهو ليس على (( العلم )) المعهود لرسول الله محمد ص، والمذكور في ذيل حديثه الشريف :(( فمن اراد العلم فليأت الباب )) !.

ومن هذه الصورة التي حملها لنا الحديث الرسالي الشريف :(( انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) كان صراخ عليّ بن ابي طالب وشدّة تألمه على علم رسالي بين جوانحه عظيم لايجد له حمله، او عندما يعلن للامة :(( سلوني قبل ان تفقدوني ..)) لايقوم له ليسأله من سخرية الدنيا واضحوكتها الا ابن الكوا المخلوط بدينه وعقله ليسأله عن شعر رأسه كم شعرة فيه ؟!.

الا يحق لعلي بن ابي طالب ع ان يموت كمدا على هذه الحال التي وصلت لها الامة ؟.

الا يحق لأبي تراب ع ان يدعو باعلى صوته : ان هاهنا لعلما جما !.

ان لهاهنا علم الرسالة ؟!.

ان لهاهنا باب مدينة العلم ؟!.

ولا من مجيب يعي مايشير له عليّ بن ابي طالب ع من رسالة محمد الرسول ص  التي بحاجة هذه الامة لتطلع على مضامينها الخطيرة !.

هناك من يعجب بالكيفية التي اراد الحديث الشريف :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها ..)) حصر العلم الرسالي كله بعلي بن ابي طالب ؟.

والانكى للجروح من ذالك هذا المعتوه يتساءل متحيرا : كيف يضع الرسول العظيم محمد ص رسالته في باب واحد هو علي بن ابي طالب  وكان المفروض على الرسول الاعظم ص ان يبلغ الرسالة لجميع الناس ؟.

وهاهنا الجواب : لم يكن محمد العظيم ص  ليبخل بعلم الرسالة على احد من الناس اجمعين، بل كان مأمورا تبليغ الرسالة للعالمين، ولكن هناك من ادرك الرسالة بفطرته كعلي بن ابي طالب ع، وهناك من دخل الرسالة بعد شيخوخته، وهناك من لم يدرك من الاسلام الا أسمه، فهل يستوي اللذين يعلمون واللذين لايعلمون، مالكم كيف تحكمون ؟!.

الغريب العجيب ان محمدا الرسول ص عندما قرر ان يكون عليّ بن ابي طالب باب مدينة علم الرسالة للناس اجمعين، كان على ثقة مطلقة ان عليّ بن ابي طالب سوف يعلن بعده ص صرخته العلمية التي لم تزل دافئة العبير :(( سلوني قبل ان تفقدوني ..)) فهل استثمرت الامة هذا الباب المفتوح للامة وللناس اجمعين ؟.

أم اندفعت لقتل عليّ بن ابي طالب وعلمه الرسالي المحمدي يوما بعد يوم، ليسأل من ليس له علم برسالة رسول العالمين ابدا ليفضل علمه على علم عليّ بن ابي طالب باب مدينة علم الرسول وفضاء حكمته الى يوم الدين ؟!.

أليست هناك مشكلة ما، عندما يكون الحسد او الموروث او الخرافة او حب الدنيا ....... او اي شيئ ما هو الجدار الذي يعزل الناس عن علم علي بن ابي طالب الذي هو للناس كافة ؟.

وحتى اليوم ربما التاريخ لم ينصف عليا عليه السلام بأن يستمع للامانه التي كان يحملها من الرسول الاعظم محمد ص في علمه وتبليغ حجته، أقول : حتى اللحظة لماذا لم يزل عدم الاستماع لعلم علي الرسالي مقبولا من الاخرين ؟.

وهل يحق لي او لك ان تدعي ان محمدا الرسول ص كان يكون ضيق الافق ان حصر العلم الرسالي بعلي بن ابي طالب فحسب ؟.

وهل كان هناك اكرم واوسع وارأف وأرحم من علي بن ابي طالب بهذه الامة ؟.

وهل عرف احدا عن علي بن ابي طالب انه اغلق باب علمه عن ساءل مهما كان لون هذا السائل وهويته او مهما كان لسانه ودينه او مهما كان توجهه او حتى نقمته على علي بن ابي طالب ع نفسه ؟.

هذا ما اراده محمد الرسول ص عندما وضع علي بن ابي طالب ع في المقدمة ليقود علم الرسالة بعد محمد ص، وليكون باب مدينته الرسالية صلى الله عليه واله ؟!.

فمن الكفاءة هو صاحب الاذن الواعية !.

ومن الحفظ هو الذي لم يسقط منه حرف في ايه او كلمة من سنة !.

ومن التقى فهو امام المتقين والامين على علم الرسالة والدين ؟!.

ومن البطولة فهو الذي لاتأخذه في الله لومة من لائمين !؟.

ومن الكرم فهو لم يبخل بعلم حتى على اعدى اعداء الدين ؟!.

فماذا بعد الحق الا الضلال المبين !.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com