العراق... الديمقراطية والمستبدون الأقزام
سهيل أحمد بهجت sohel_writer72@yahoo.com
العراق... الديمقراطية والمستبدون الأقزام سهيل أحمد بهجت باعتقادي أن العراقيين الآن هم على السكة الصحيحة باتجاه إيجاد فعل ديمقراطي حقيقي على أرض الواقع، وذلك أن من أهم أُسس العملية الديمقراطية هواختبارها كممارسة على أرض الواقع، وإذا كانت هناك استثناءات على أرض الواقع من أحزاب طائفية وقومية عنصرية، وإذا كانت هناك مجاميع تقف بالضد من الممارسة الحرة لعملية الاختيار المنطقي التي تتم عبر آليات الديمقراطية! فإن الممارسة بحد ذاتها كفيلة بالقضاء عليها.
ومن جملة هذه الظواهر ـ الديمقراطية ونقيضها ـ ما تشهده الساحة العراقية من قضيتي "انتخابات مجالس المحافظات" و"استخدام الرموز الدينية في الانتخابات"، فالبعض استثنى مناطقه ـ ذات النمط الواحد ـ من الانتخابات لا لأن ذلك يتعلق بمسألة قانونية بل فقط كراهية للديمقراطية وخوفا من أن يستيقظ المواطن المنوم مغناطيسيا على جبل المشاكل التي يعاني منها والكم الهائل من حقوقه المسلوبة، وهذا الطرف الذي يعتبر كلمة ديمقراطية عدوا فكريا وسياسيا يروج منذ الآن ورغم أنه مستثنى من عملية الانتخاب، يروج للقوائم المغلقة وبشتى الحجج والتبريرات وذلك تحضرا للمستقبل الأسود الذي ينتظر الأحزاب القومية بعد أن فقدت مبررات وجودها بعد نهاية الدكتاتورية وقيام نظام قانوني مبدأه المساواة بين كل المواطنين.
وطرف آخر يتعامل مع مسألة استغلال الرموز الدينية بطريقة تثير فعلا استهجان وسخط المواطن الذي بدأ يتعرف على آليات الديمقراطية وكيفية بناء نظام قانوني حقيقي عبر الممارسة، فهناك حزب وحيد الآن يرفض وبعناد ذلك الإجماع الوطني وحتى موقف المرجعية التي صرحت بما لا يقبل الشكّ أنها محايدة وتقف على المسافة نفسها تجاه كل العراقيين وترفض استغلال اسم المرجعية ـ ممثلة بالسيد السيستاني ـ من قبل أي حزب كان، لكن هذا الحزب والتنظيم السياسي "ذوالقيادة الوراثية ـ وستثبت الأيام ذلك من خلال قرب تغير الوجوه في هذا التنظيم" يحاول الدخول في العملية الانتخابية عبر اللعب بالعواطف الدينية واستغلال الشعور الإيماني وكأن الحكومة والبرلمان هومكان لإفساح الطريق أمام الناس نحوالآخرة، بينما المواطن يريد أن ينتخب مرشحين يحملون لهم وعودا وبرامج ينتظر تنفيذها على أرض الواقع، فالمواطن لم يعد بحاجة إلى الحسينيات والصلوات والشعارات الدينية التي أصبحت بديهية بحكم الحرية المتاحة.
من العيب والمشين على هذه الأحزاب الطائفية والقومية أن تستمر في الاستهزاء بالمواطن واحتقاره وكأن هذا المواطن ليس إنسانا ذكيا يعيش في عصر العولمة والتطور وبالتالي يمكن لهذا المواطن الاطلاع على خفايا الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تعمل بالضد من مصلحة المواطن ولا تهتم إلا بالغنائم التي تجنيها بعد كل عملية انتخابية.
أنا متفائل جدا بالعملية الديمقراطية رغم كل محاولات المستبدين الأقزام الذين يحاولون وضع الإشكالات والألغام الطائفية والقومية لإيقاف عجلة التطور الديمقراطي في العراق، إلا أن الممارسة الديمقراطية وآلياتها المعقدة التي تفوت على المستبد كل فرصة لاحتوائها وتحييدها على الأقل بما يمنع من انتزاع الحقوق من أيدي المستبدين، فقوة الديمقراطية تكمن في تعقيدها وتعددها والذي يكفل رغم كل نواقصها كتجربة بشرية من أن تتوقف حسب رغبة فئة ومستبد من المستبدين.
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب