يوم الشهيد العراقي .. الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم (رض)

 

 

د. علي رمضان الأوسي

alawsie@hotmail.com

من اقواله (رحمه الله)  في الاحتلال:

*لابد من أنهاء الاحتلال من أجل ان يحكم العراقيون أنفسهم

*ان قضية الأمن في العراق لا تحلّ الا من خلال اعطاء السيادة الكاملة للعراقيين في تشكيل حكومة عراقية ذات سيادة كاملة. وان تحوّل القضية الأمنية الى العراقيين أنفسهم لأنّهم أعرف بما يجري في بلدهم.

*اذا كان المراد من هذا الهاجس استمرار نهج الابتزاز وسياسة الاستئثار بنهب ثروات العراق من قبل امريكا والاتحاد الاوربي والدول المجاورة فهو مرفوض مطلقاً ولا يمكن ان يقبل به الشعب العراقي، نحن نتطلع الى علاقات في اطار المودة والمحبة والعلاقات الحميمة.

* وفي موضوع تحديد أعداء العراق يصنف الشهيد صداما وأزلامه وجلاوزته والنواصب وسياسات بعض دول الخليج الى جانب المحتلين الذين يحاولون اضعافنا

  موقفه من الاحتلال

من خلال

الخطب الاربع عشرة الاخيرة

  دخل الشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم الى العراق بعد سقوط صنم بغداد لحاجة الأمة إليه وكان قد وضع أمامه مصلحة الشعب العراقي أولاً من غير ان يدير ظهره للقيم الدينية التي عاش من أجلها كل عمره الشريف فأخذ يؤكد على الأمة ضرورة الارتفاع الى مستوى هذه المسؤولية الكبيرة في بناء المجتمع المسلم والاختيار الطبيعي للاسلام حاكماً في حياة الناس بلحاظ كل الواقعيات الموجودة على الارض العراقية فنظّم سلّم أولوياته وواجه أموراً كثيرة كان في طليعتها الاحتلال وانعدام الأمن ووحدة ابناء العراق والخراب البنيوي لعراق انهكته حماقات وطيش النظام البائد.

وقد تحدثنا في السنوات الماضية في ذكرى استشهاد شهيد المحراب (رضوان الله عليه) حول معالم فكره السياسي، وموضوع وحدة الشعب العراقي، واليوم خصصت حديثي حول رؤية شهيد المحراب للاحتلال واين يقف منه وكيف تعامل معه؟

وقد قمت بعرض هذه الرؤية التي التقطتها من الخطب الاربع عشرة وجعلتها عشرة ملاحق لهذه المقالة.

 لقد انتهت حياته الشريفة باستشهاده في الجمعة الدامية في الاول من شهر رجب الاصب عام 2003 بعد خروجه من صلاة الجمعة و بعد انتهائه من القاء الخطبة الأخيرة في النجف الاشرف في مرقد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث دفع حياته ثمناً غالياً لتلك المواقف الجريئة والبطولية التي تدعونا للتأسي بها وحملها شعاراً والسير عليها منهجاً دونما محاباة او نكوص وهكذا هو طريق الاحرار الذين نذروا أرواحهم لله جل وعلا. ومن خلال الخطب الأربع عشرة يمكن تحديد معالم موقف شهيد المحراب من الاحتلال:

1- ان سقوط النظام البائد كان نعمة واستبشر بها العراقيون بعد ان تخلصوا من ظلمه واستبداده وسميت بعمليات حرية العراق ولكن وضع العمليات العسكرية من الناحية القانونية أصبح عمليات احتلال.

ودعا سماحته الى ان يدرس هذا الموضوع قانونياً من قبل رجال القانون والمختصين ويبحث سياسياً من قبل القوى السياسية لتحديد الموقف من قوى الاحتلال والاثار القانونية المترتبة على الاحتلال في المجتمع الدولي والقانون الدولي، حيث نصّ القرار الاخير لمجلس الامن على ان هذه السلطة هي سلطة احتلال ولابد ان نعرّف الأمة والشعب على مدلول سلطة الاحتلال ومعناها.

هذه الرؤية تنتهي بشهيد المحراب ليؤكد ان هؤلاء سلطة احتلال وليس كما يدعي البعض انهم قوات متعددة الجنسية او يغرّد البعض بعيداً عن الحقيقة ليصفهم بالمحررين.

الخطبة (1)

 2- ثبت شهيد المحراب حقيقة سياسية في التعامل مع المحتل بضرورة عدم اخفاء أي أمر عن الشعب العراقي في الحوار مع المحتل حين قال: (ونحن نتحدث مع ابناء الشعب العراقي بصورة واضحة وغير خفية ولا نكتم عليهم شيئاً وهذا واجبنا في العمل الذي نباشره من موقع المسؤولية الشرعية قبل كل مسؤولية أخرى مع سلطات الاحتلال).

الخطبة (3)

3- رفض شهيد المحراب سياسة الفرض الامريكي على أرادة العراقيين وأضاف ان ذلك أمر غير مقبول ولا يمكن ان تقبل به القوى السياسية وابناء الشعب العراقي فضلاً عن المرجعية الدينية التي هي فوق كل شيء.

ونذكر لذلك مثلين أوردهما شهيد المحراب:

أ- أدعت سلطات الاحتلال انهم يعينون المجلس السياسي والمجلس الدستوري من خلال مشاورات يجرونها مع القوى السياسية والمحافل الشعبية وجميع أوساط الشعب العراقي مدعين ان العراقيين بذلك يمارسون دورهم الطبيعي في التعيين.

ب- الانتخابات: هي الأخرى أمر غير ممكن في الوقت الحاضر – اي في اعقاب سقوط النظام البائد –  كما يدعي  الاحتلال بدعوى ان الشعب العراقي غير مهيأ لاجراء انتخابات في هذه المرحلة.

وكان شهيد المحراب واضحاً صريحاً أمام سلطة الاحتلال حين قال: (نحن في حوارنا معهم – اي مع الاحتلال – قلنا لهم بصورة واضحة ان كلا المبررين – طبعاً في المثالين السابقين – غير مقبول ولا يمكن ان تقبلهما القوى السياسية وابناء الشعب العراقي فضلاً عن المرجعية الدينية التي هي فوق كل شيء.

(الخطبة 3).

 4- لابد من أنهاء الاحتلال من أجل ان يحكم العراقيون أنفسهم هذا هو مبنى خطابه السياسي تجاه الاحتلال في العراق وذكر سماحته: (ولابد للشعب العراقي ان يقاوم بطريقة سياسية سلطات الاحتلال من اجل ان يحكم العراقيون أنفسهم كما ينص على ذلك بصورة واضحة وبيّنة لا لبس فيها قرار مجلس الأمن، والقانون الدولي بني هذا القرار على أساسه ونصّ عليه هذا القرار.

(الخطبة 4)

 5- في موقفه من المقاومة المسلحة ضد الاحتلال وعد سماحته ان يبين ويجيب على الاسئلة الثلاثة التالية:

1- هل نشجع على هذه المقاومة

2- هل نهديء هذه المقاومة

3- ما هو الموقف الصحيح تجاه هذه المقاومة

وفي نص خطبته التي وعد فيها للاجابة على ذلك قال سماحته: (وأحاول أن أعالجه ان شاء في الله في الأسبوع الآتي اذا اعطاني الله سبحانه وتعالى الصحة والفرصة والتوفيق للقاء بكم في هذا الاجتماع).

الخطبة (4)

وقال في خطبته أيضاً: (المقاومة المسلحة بدأت في العراق وأخذت منهجاً جديداً وشكلاً جديداً وسوف أفصل فيها بعض التفصيل في الأسبوع الآتي اذا وفقني الله سبحانه وتعالى).

لكني لم أجد في الخطب التالية حديثاً لسماحته حول هذا الموضوع والشهيد الحكيم من خلال مختلف طروحاته الفكرية والسياسية والجهادية يحاول ان يفيد من كل الوسائل المتاحة والأخرى التي يمكن السعي اليها كل ذلك بشرط الانسجام مع قيم الشريعة الاسلامية ومصلحة الشعب العراقي وقد سمحت الشريعة في موارد كثيرة الدفاع عن النفس ولو باستخدام القوة.

 5-خلفيات تبرير المقاومة ضد سلبيات المحتل وهيمنته: لم يترك شهيد المحراب الأمر للمحتل يعبث كما يريد بل وقف الى جانب شعبه الذي وقف الى جانبه وبايعه قائداً شجاعاً قبل وبعد سقوط النظام البائد لكن المؤامرة الدولية الخبيثة التي أودت بحياته الشريفة كانت أكبر من حسابات الجماهير وقدراتها.

لقد طعن شهيد المحراب بالمحتل الذي لم يأبه لغضب الجماهير العراقية (اوساط ابناء الشع العراقي) وأنا أوكد على اظهار ذلك لأنّه بدأ حياته السياسية من وسط الأمة وجماهيرها وتاريخه حافل وشاهد وناطق.

(راجع سلبيات الهيمنة) الخطبة5

 6- حرص شهيد المحراب على حضور الأمم المتحدة كطرف ثالث بين الشعب العراقي وسلطات الاحتلال على ان يكون دور الأمم المتحدة في هذا الحوار منصباً على مستقبل العراق ومصيره وانهاء الاحتلال واقامة الادارة العراقية وتشكيل الحكومة العراقية المعترف بها دولياً في المستقبل وتحدث (رحمه الله) في الخطبة نفسها: ان دخول الامم المتحدة في هذا الحوار يعني ان قضية العراق تصبح قضية ليست بيد قوات الاحتلال فحسب. بل تتحول الى قضية تحت الرقابة الدولية وتحت نظر المجتمع الدولي، ومن ثم يمكن للشعب العراقي ان يجد في القوى السياسية الأخرى الموجودة في عالمنا ومجتمعنا نصيراً له في ما يريده ولا سيما ان قرار مجلس الأمن يؤكد بصورة واضحة قضية سيادة العراق والسرعة في إنهاء الاحتلال وتشكيل الادارة العراقية التي يشكلها العراقيون وتشكيل الحكومة العراقية المستقبلية التي تحقق الأمن والاستقرار للعراق.

(الخطبة 6)

 7- وعن التحديات التي كان يواجهها مجلس الحكم وخاصة على صعيد استقلال العراق يحمّل شهيد المحراب العراقيين والمجتمع الدولي والاقليمي مسؤولية التصدي للعمل على استقلالية مجلس الحكم بحيث يكون معبراً بصورة حقيقية عن إرادة العراقيين ولا يعبر عن إرادة المحتلين.(الخطبة 8)

 8- وفي موضوع تحديد أعداء العراق يصنف الشهيد صداما وأزلامه وجلاوزته والنواصب وسياسات بعض دول الخليج الى جانب المحتلين الذين يحاولون اضعافنا فيقول الشهيد: المحتلون الذي يحاولون إضعافنا، نراهم يقومون كل يوم بعدوان على جماعة أهل البيت بأساليب مختلفة، كالعدوان المقرون بالسرقة والاستهانة بالحرمات والأعراض على مقرات المجلس الأعلى(8) وعلى مقرات الأحزاب الإسلامية والعراقية وليس هناك أي تبرير لهذا العدوان ويحاولون الحديث عن إنها غفلة وأخطاء ولكنهم يكررونها، هذا العدوان على المؤمنين يراد به إضعاف وتفتيت هذه الجماعة وإيجاد الخلافات والصراعات فيما بينها بوسائل مختلفة. وقوات التحالف ليست هي القوات العسكرية فقط بل هناك الأجهزة السرية التي تعمل باستمرار على إضعاف وتفتيت قدرة الشعب العراقي لإيجاد مبرر من اجل بقائهم في العراق. يقولون العراقيون مختلفون ومتنازعون فإذا انسحبنا من العراق سوف تحدث حرب أهلية وحتى إذا خرجوا يريدون إبقاء هيمنتهم السياسية والاقتصادية داخل العراق إذا كان الشعب العراقي ضعيفاً ومفككاً. نحن مع هذه القضايا نتعامل بدقة وبحكمة ودراية ولا نرى الآن من المصلحة أن نكون في مواجهات عسكرية ولكن لدينا لسان ومنطق وإرادة وصبر هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فأن الشعب العراقي يجب أن يعبرَّ عن رأيه من اجل أن يظهر هذا الشعب بمظهر الوحدة والقوة في مواجهة هذه الأساليب.(الخطبة 9).

 9- يرى الشهيد ان هناك اهدافاً مغتصبة كالحرية والعدالة والاستقلال، ودعا الشعب العراقي الى ان نكون مستقلين في أرادتنا ولا نقبل بالتبعية ولا نخضع لارادة الآخرين بل نريد ان نقرر أمورنا بأنفسنا ونقبل بقرار الشرع ولا يمكن ان يأتي شخص آخر يفرض رأيه على الناس فيعبد من دون الله (الخطبة 10)

 10- أشار الشهيد الى بعض الهواجس التي يعيشها الاصدقاء والجيران حول العراق ومستقبله ومن هذه الهواجس:

1- الخوف على هوية  الشعب العراقي ومستقبلها، وقد شاهدنا بعض الدول الاجنبية ومنها الولايات المتحدة الامريكية تعمل من اجل ان لا يكون الحكم القائم في العراق له هوية إسلامية ويرتبط بالحالة الاسلامية.

2- وحدة العراق فهناك بعض الاصوات تطالب بتقسيم العراق وان دول المنطقة ترى في تمزق العراق داخلياً آثاراً سيئة واسعة على أوضاعها وعلى العراق نفسه.

3- الاستقلال:  فهل ان مجلس الحكم يكون مستقلاً في قراراته وإرادته وفي التعبير عن رأي الشعب العراقي وحركته ومصالحه واستقلاله؟

4- الحرية والعدالة الاجتماعية والسياسية حيث يتساءل البعض هل ان  نتائج الاوضاع السياسية تصب في حرية الشعب العراقي بحيث يتمكن ان ينتخب ما يريد ويعبر عن أرادته.

5- تمثيل الشعب العراقي، يعيش البعض خارج العراق هاجس ان الشعب سوف لا يمثل.

6- المصالح: اذا كان المراد من هذا الهاجس استمرار نهج الابتزاز وسياسة الاستئثار بنهب ثروات العراق من قبل امريكا والاتحاد الاوربي والدول المجاورة فهو مرفوض مطلقاً ولا يمكن ان يقبل به الشعب العراقي، نحن نتطلع الى علاقات في اطار المودة والمحبة والعلاقات الحميمة.

(الخطبة 12)

 11- المسألة الأمنية:

المسؤولية الأمنية يجب ان تعطى لأبناء العراق ويضيف الشهيد الحكيم (رض): ان قوات التحالف تحملت مسؤولية الأمن وفرضت هذه المسؤولية على الشعب العراقي واستخدمت القوة والعنف من أجل فرضه على العراقيين بعد ان استصدرت القرار 1483 الذي يعطها مسؤولية تحمل الأمن. فلماذا تقصر وتتهرب من هذه المسؤولية؟

لابد لنا ان ندين هذا العمل التخريبي حين تقع مثل هذه الجرائم الواسعة الكبيرة.

واننا نعتقد ان قوات التحالف تتهاون مع أزلام النظام البائد، ولا تهتم بالدفاع عن مصالح الشعب العراقي وتهتم بمصالحها فقط. وان الشعب العراقي غير مستعد للتعاون مع قوات التحالف فلتبدل هذه القوات  سلوكها وسياستها تجاه الشعب العراقي وتعبر عن موقف واضح يبعث على الثقة والاطمئنان بأنها لا تريد ان تكون قوات احتلال عندئذ يمكن للشعب العراقي ان يتعاون في قضية الأمن.

واما ان تفرض قوات الاحتلال نفسها وتريد الهيمنة على كل الاوضاع فالشعب العراقي لا يمكنه التعاون مع مثل هذه القوات.

(الخطبة 13)

 12- وحول مقام المرجعية الدينية ومحاولات الاعتداء عليها يحمل الشهيد المسؤولية على قوات الاحتلال حيث انها لم تقم بواجباتها القانونية والواقعية تجاه حماية المرجعية والاماكن المقدسة وهذا أمر مدان بالنسبة لنا. وندين هذا الموقف من قوات الاحتلال.

كذلك يدين الشهيد قوات الاحتلال حين لم تقم بواجباتها تجاه المؤسسات الدولية كمقر الأمم المتحدة في بغداد والمؤسسات الدبلوماسية كالسفارات الاجنبية في بغداد.

وان قضية الأمن في العراق لا تحلّ الا من خلال اعطاء ِالسيادة الكاملة للعراقيين في تشكيل حكومة عراقية ذات سيادة كاملة. وان تحوّل القضية الأمنية الى العراقيين أنفسهم لأنّهم أعرف بما يجري في بلدهم.

(الخطبة 14).

 ان قيمة هذا الخطاب الصريح والمباشر في مقاومة الاحتلال الاجنبي للعراق تكمن في كونه يصدر من قائد عراقي وطني بعد الاحتلال الامريكي للعراق مباشرة وقد دفع شهيد المحراب حياته المفعمة بمباديء الاسلام وقيم العراق قربانا ودفاعا عن حرية واستقلال العراق وسيادته

وان ملابسات الجريمة النكراء وظروفها كلها تشير الى الجهة  المحتلة المدبرة والمخططة التي تامرت على حياته ليختاره الله شهيدا وشاهدا على كل تلك الجرائم زمني البعث البائد والاحتلال الغاشم وليكون دمه الشريف حاكما وفاضحا لمن يتربص بخطه الشريف او يعبث به .

فسلام عليه يوم ولد ويوم ناضل وجاهد في جنب الله محتسبا ويوم جسد اروع صور الشهادة على ارض الرافدين وبين يدي جده مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)

والخزي الدائم لقتلته .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com