في مولد فرانس كافكا Frans Kafka 
 

 

محسن ظافرغريب
algharib@kabelfoon.nl

في عام جعل"بابل" عاصمة الثقافة العراقية 2008م، نتذكر قول للديكتاتور صدام المعدوم، بأن العملة الإسرائيلية(الشيقل)، بابلية عراقية الأصل ويجب أن يعود الفرع الى الأصل بابل وإن طال السفر!، وكأنه تذكر أن جميع اليهود المشردين عن الأرض المقدسة Diaspora مشتتون بعد السبي البابلي 685ق.م مثلهم مثل عراقيي الشتات على شتى مشاربهم اليوم، نحو 5 مليون عراقي أجداث أجدادهم في مقابر مدن الحزن العراقي المقدسة وفي أكبر مقابر الدنيا وادي السلام، هم أيضا Diaspora. أما حليف صدام العربي الإشتراكي بالأمس، خلفه اليوم العراقي الإشتراكي نائب رئيس الإشتراكية الدولية(الدكتور طالباني)، فأبى بلفتة رئاسية(إجتماعية حضارية) كريمة، إلا أن يحيي رفيق الإشتراكية الدولية زعيم حزب العمل الإسرائيلي وزير الدفاع الإسرائيلي"إيهود باراك"، مباركا(عام بابل) في العراق الحضاري الثقافي. أما «سنهدرين» فهو المجمع الديني الأعلى لدى اليهود، وقد كان بعض اليهود بروليتاريين PROLTARIAN وهناك حركات يهودية وقفت تحت يافطة إشتراكية.

ولد Frans Kafka فرانس كافكا(3881-4291) في العاصمة التشيكية"براغ"، في مثل هذه الأيام/ 3 تموز، يكتب بالألمانية، يهودي الديانة، يرى"المسخ The Metamorphoses"(عنوان رائعته روايته/ 384 صفحة)، يباب وعقم الحياة، وتتمثل بالموظف"غريغور سامسا" حين يستيقظ فيجد نفسهُ(خنفساء ضخمة Metaphoric)، فيصر بلازمة مونولوجه:"لم يكن حلماً!.."، قطعاً لم يكن حلماً! . أيضا لماحية موحية تذكرنا بوحي"سورة يوسف" و إخوته الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر(لي) ساجدان!.
عضو المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي لأربعين سنة الفيلسوف المسلم(رجاء غارودي)، جاء في كتابه«واقعية بلا ضفاف»:"إن عالم كافكا الداخلي شكلته العقيدة اليهودية وقراءاته المستمرة لباسكال و ليون بلوم و دوستويفسكي و كيركغارد وخاصة التوراة ودراسته للغة العبرية والتلمود وشغفه بالمسرح الديني اليهودي!". كان"كافكا" نمساوياً متعصباً ليهوديته وصهيونيته معاً!.

فإن إتفق وكان الكيميائي الروسي الأصل«حاييم وايزمان» قد بذل جهوداً للحصول على«وعد بلفور» سنة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى 1917م وتأسيس دولة إسرائيل قبل 6 عقود، سنة 1948م. ورفض عالم النظرية النسبية اليهودي الكبير«ألبيرت آينشتاين» أن يكون أول رئيس لدولة إسرائيل، رغم تعاطفه مع اليهود!!. فإن الكاتب"كافكا" اليهودي- الصهيوني، قد وظف كثيراً من أعماله الأدبية الهامة لخدمة الصهيونية المسيطرة على جزء كبير من أعلام وإعلام العالم.

بمناسبة مئوية ميلاد"كافكا" قبل ربع قرن(صيف 1983م)، أقيمت إحتفالات في عدة عواصم عالمية منها: لندن، باريس، فيينا، إضافة لوطننا العربي. الواعي الأول المولود في الجنوب العراقي في عام مولد الحزب الشيوعي العراقي 1934م، الشاعر سعدي يوسف، نشر في العدد 7 من مجلة«الأقلام»العراقية عام 1972م، دراسة بعنوان«فرانز كافكا صهيونياً- نصوص من يانوش»، و"غوستاف يانوش" هذا، كان زميل وصديق كافكا في شركة التأمينات التي كان الإثنان يعملان فيها، وبعد وفاة كافكا، نشر يانوش كتاباً عنوانه«أحاديث مع كافكا» ترجم لعدة لغات، جاء فيه:"أرى أن كافكا كان مؤمناً بآراء الحاخام(هيرش كاليتشر) الذي ترسم هرتزل أثره والقائلة: إن خلاص اليهود لن يكون على يدي المسيح الموعود المنتظر(ع)"!. ويسالم ويصافق غارودي في«واقعية بلا ضفاف»/ الفصل المكرس لكافكا بكلام على لسان كافكا ذاته:"لقد أصبحت مواطناً في عالم آخر غير عالم أبي لابد أن يكون أرض كنعان، أرض الأمل الموعود، الوحيدة بالنسبة إلي، لأنه لاتوجد أرض ثالثة للبشر، ويؤكد هذه الفكرة النص الذي يورده الواعي الأول شاعر نبض الشارع فوق السبعيني(سعدي يوسف) على لسان كافكا في حديث مع"يانوش" ويقول فيه بجلاء:«لم يعد اليهود اليوم راضين بالتاريخ إنهم يتطلعون الى وطن متواضع إعتيادي في هذا الكون. إن عدداً من اليهود الشبان يعودون الى فلسطين إنها عودة المرء لذاته، لجذوره لإنتمائه للوطن القومي في فلسطين، هو بالنسبة لليهود الهدف الضرورة»، خرافة الشعب المختار!. ويوضح(سعدي يوسف) إن كافكا كان مقتنعاً حتى بخرافة الشعب المختار مؤمناً أن اليهود أسمى من غيرهم، فقد سأل"يانوش" كافكا عن Diaspora ومعناها المباشر فقال:«إنها تعني تشتت الشعب اليهودي، إن الشعب اليهودي مشتت كالبذور!. وكما تمتص بذرة القمح الأشياء من حولها وتكتنزها، وتحقق نماءً أكثر فكذلك كتب على اليهود:أن يمتصوا كفاءات البشر ويطهروها!». عام 1964م ظهرت في سلسلة كتب«بنغوين» مذكرات"كافكا" أعدها الكاتب الصهيوني الذي كان مقيماً في إسرائيل"ماكس برود". يتحدث"كافكا" في هذه المذكرات عن فرقة تمثيل يهودية قامت في تشيكوسلوفاكيا وقد ساعد"كافكا" في تنظيم رحلات سياحية لهذه الفرقة الى معظم القرى في إقليم بوهيميا وهو يقول عن هذه الفرقة في الصفحة 371 ما يلي:«.. وأخيراً فقد أمضيت فترة طويلة مع الممثلين اليهود الذين تولدت لديهم القناعة بالجمعية الصهيونية بعد إلحاح شديد. كنت أكتب لهم الرسائل التي يطلبون فيها من الجمعيات الأخرى، إن كانوا يرغبون بمشاهدة العروض المسرحية لأولئك الممثلين. ويدرس اللغة العبرية ويذكر غارودي: إن كافكا، كان يواظب على دراسة اللغة العبرية، حتى آخر أيامه بكل جدية. وقد بدأ هذه الدراسة عام 1917م، حين قابل على بحر البلطيق اليهودية البولونية«دوراديامنت». وفي تحليله علاقة "كافكا" بالديانة اليهودية: يقول غارودي:«كان كافكا يبحث بشوق عارم عن التأصل في الحياة، وعن الإرتباط بجماعة إجتماعية وحضرية روحية. كان ينتمي بوصفه يهودياً إلى شعب مختار!»، واليهودية تمثل في آن واحد، جماعة إجتماعية ودينية. فاليهودية ليست مسألة إيمان بعقيدة، لكن تجربة حيوية عاشتها جماعة تكيفت وفقاً لهذه العقيدة!». ويقول غارودي أيضاً:«كان كافكا يشعر أنه أجنبي في براغ مسقط رأسه. كان معزولاً عن الأهالي الناطقين بالألمانية، كونه يهودياً، كما كان منفصلاً عن الشعب بوصفه ابناً لأحد كبار التجار.». غموض أدب كافكا: مهما يكن من أمر، فلدى انتقالنا للحديث عن أعمال كافكا الأدبية، فلاشك أن ضباب الغموض والترميز فيها، قد ساعد النقاد، سيما اليهود منهم ذوو النزعة الصهيونية على تقليب وجهات النظر وتقديم التفسيرات المختلفة لأعماله الأدبية ونوازعه النفسية. من هو«يوسف.ك» في رواية كافكا«المحاكمة»(تترجم: القضية)، في دار الحاخامية وفي العودة الى«المحاكمة». يرى"تشارلز أوزبورن" في كتابه«كافكا»(1967م)/ ترجمه مجاهد عبدالمنعم مجاهد، أن هذه الرواية تسعى إلى كشف حال الفساد في دار الحاخامية سليلة«سنهدرين» لدى اليهود. إنه هو المعزول في GHETTO - كمناطق قطري خارطة طريق الإنتداب البريطاني الأنجلوساكسوني؛ العراق وفلسطين- الحي اليهودي المغلق/ وليس هو إنسان عصر الرأسمالية المسحوق في أوربا الصناعية البورجوازية. وقد إستعاد"كافكا" وضع ذاك المجمع للنظر في قضية شخص يهودي في GHETTO يدعى"يوسف.ك". ولم تكن المحكمة مدنية بل دينية. يقول غارودي:إن هذه المحاكمة التي هي عبارة عن شبح ظهر في الليل، ليست سوى إدراك للإنتصار المحقق ضد الشبح. فهي تأكيد للإنتصار على شبح السلطة الحاخامية. رموز"كافكا": يرى"كاظم سعدالدين" في دراسة له نشرت في مجلة"الأقلام" العراقية/ عدد 9 عام 1979م؛ أن معظم قصص كافكا تدور حول رموز يهودية صهيونية. وأنموذجا قصة"القلعة" التي ترمز إلى الحياة الدنيا لليهود لإيجاد نوع من العلاقة الجيدة بينها و بين السلطة اليهودية. و تتضمن(المسخ) نقدا حادا لحياة اليهودي في(المنفى) ويصف كاظم سعدالدين قصة كافكا«بنات آوى و عرب» بأنها واضحة جدا في هدفها، فالجمل فيها رمز لفلسطين و بنات آوى هم اليهود. والمسافر الأوروبي هو الإنتداب البريطاني قبل وعد وزير الخارجية البريطاني(بلفور) وبعده، وشيخ العرب والعرب الآخرون: الأنظمة العربية الفاسدة التي تتعاون من أجل جعل الجمل ينفق ثم يسهلون الأمر لبنات آوى. أن عرب الثورة العربية الكبرى بيادق/ بنادق مأجورة للإيجار لا يستعملون بنادق لأن الأوروبي يمسك يد الشيخ رمز شتات اليهود. أما قصة«أحد عشر ابنا» فهي واضحة الدلالة، يدل عليها عنوانها، ما انتبه إليه«أوزبورن» القائل: إنها ترمز إلى لم شتات اليهود المتفرقين في العالم. وأنها مقتبسة من قصة الأسباط أبناء يعقوب(ع) الذي هو إسرائيل نفسه!. و تذكرنا أيضا بسورة يوسف و إخوته الأحد عشر: اجتمعوا يا أبناء الأسرة الواحدة!. وفي قصة«تجنيد القوات» دعوة صريحة لليهود لتجنيد أنفسهم رغم أن الأحداث تدور في الصين كما يقول"أوزبورن" أيضا. والقول: أن أغلب أعم نهج كتابات كافكا على هذا النحو أو ذلك مكرسة لشرح القضايا اليهودية؛ "الدعوة" الصهيونية لحزب «العودة» من «الشتات» بالحرب والسلام!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com