الاعلام والتزام الحكومة اتجاه الراي العام

 

علي حسون

Ali.hason@yahoo.com

يقود الاعلام الحياة في وقتنا الراهن كما لم يفعل في أي وقت مضى لا من حيث قوة وحجم المؤسسات الاعلامية ومن خلال رساميلها الضخمة واللوبيات التي تجرها ورائها ومن خلال شبكة العلاقات العامة الواسعة فحسب بل ايضا بسبب ذلك الهوس الذي يبديه الانسان في هذا العصر من اهتمام بالاعلام الذي اصبح يطارد الانسان في كل مكان وان استراح الاعلام من هذه المطاردة نجد ان الانسان نفسه من حيث يشعر ولا يشعر يطارد وسائل الاعلام، حتي اننا نرى ان الانسان الحديث يبني معظم قناعاته على ما يتلقاه من الاعلام لا في مجال الذوق العام والموضة بل اخذت تتعدى ذلك الحدود قد لا تكون معقولة قبل فترة من الزمان مثل القناعة السياسية والنظرة للحياة والوجود والايمان الى الكثير من القناعات التي كان الانسان وما زال يبني عليها اساسياته الفكرية والعقائدية .

ان متطابات الحياة المتسارعة والتنظيم المُلزم لضروف الحياة والعمل والتي لم تدع كبير مجال لغير الجهد المنتج ذوالمنفعة وهوالجهد المفيد في الاعم الاغلب كل ذلك جعل الانسان الحديث يتلقى قناعاته بجاهزية وسرعة ومقبولية عالية من خلال وسائل الاعلام التي اصبحت تدرك الحاجة المتزايدة لها من قبل الانسان ومستفيدة من ناحية من رغبة الانسان العصري للتعاطي السريع والملح مع مفردات حياته السريعة التي استغلها الاعلام واخذ يقدمها للانسان نسرعة وسلاسة وشغفتلك الرغبات والحاجات بل وحتى النزوات التي اخذت تقدم له ساخنة على طاولة الاعلام وكذلك تلك اللغة الاعلامية العالية والمحترفة التي تقود وسائل الاعلام (ان الاعلامي المحترف لايترك اي فتحة صغيرة وكبيرة الا حاول الولوج من خلالها الى عقل المتلقي) بها حملاتها الاعلامية لغزوفكر وقناعة المتلقي وهي طبعا مدفوعة بزخم كبير من خلال حجم راس المال المتداول كربح في هذا الاعلام الحديث.

ان ظهور المنظومات القيمية الجديدة التي ولدت من رحم التطور المذهل لوسائل الاتصال (فضائي وشبكي وغيرها تلك الموجة الهائلة من المعلومات المنسقة والسلسة) ورغم من انها لعبت دورا كبيرا في ما يمكن ان نسميه وحدة الذوق العالمي وتوحيد المنطلقات الفكرية العالمية وبصورة اخرى العولمة الاعلامية و(وهي احد اوضح صور العولمة ) لعبت دورا مهما في التواصل عن بعد في ظل غياب وضعف وسائل الاتصال القريبة (يعاني الانسان اليوم في ظل ضغوط الحياة والعمل مشاكل للتواصل مع العائلة والصداقات والزمالات والعلاقات الاجتماعية ). من كل تلك العوامل يتضح ان الاعلام من العوامل الرئيسية في التأثير الاجتماعي ولا بد لمن هوبحاجة للتعمل مع الراي العام والتفاعل معه ان يهتم بالاعلام ويعطيه الاولوية في عمله.

اوضاع العراق الاعلامية قبل وبعد 9/4/2003

تاثر الوضع في العراق بعد 9/4/2003 بالاعلام بصورة كبيرة لاسباب غدت واضحة للمتتبع لهذا الوضع حيث الاعلام التعبوي المحدود والموجه الذي كان يسيطر عليه النظام في تلك الفترة بصورة مطلقة والذي كان يتحكم بجميع مفاصله ومعطياته، حيث كان الشعب يعيش على هذا الكم والنوع المحدود من المادة الاعلامية والتي كانت تنتج بصورة رديئة ومملة جعلت من المتلقي العراقي يتامل ذلك الفضاء اللامع من الحرية الاعلامية كحلم صعب المنال وهذا طبعا اثر على تقيمه للاعلام بعد 9/4/2003 لاننا وبساطة ومن خلا مقارنة الكم والنوع الاعلامي الذي كان يتعامل معه المواطن العراقي قبل وبعد هذا التاريخ يجعلنا لا نثق بحكمه القائم على القناعة الاعلامية التي تاصلت به بعد هذا التاريخ اي 9/4/2003 حيث انفتحت الاجواء امام العراقين للتعامل مع وسائل الاعلام كمتاثرين ومُاثرين في الاعلام ولكن للاسف ظهرت هناك مشاكل كبيرة وكثيرة طغت على تلك التجربة الجديدة في الاعلام العراقي لا كمؤسسات والتي نجحت في التوسه بعد هذا التاريخ ولعلها بدأت بوضع قدمها على طريق النجاح الاعلامي ولكن كمشهد اعلامي والتاثير بالراي عام الذي اكتشف فيما اكتثف ان الاخبار على شاشة التلفاز يمكن ان تكون كاذبة ايضا بعد ان تعود وعبر سنين القمع الاعلامي ان ياخذ اوامره ويتخذ قراراته من خلال تلك الشاشة التي كان القائد الضرورة يحاول استثمارها الى ابعد حد.

ان ما يمكن ان نسميه الطفولة الاعلامية والتجربة التي من الممكن ان نقول عنها الصدمة الاعلامية التي نتجت من الانتقال من منافذ اعلامية قليلة ومحدودة ومراقبة الى تلك الاجواء المفتوحة من قنواتة الاستقبال الرقمي الى الانترنت الى الحدود المفتوحة مروراً بحرية النشر والطباعة واصدار المطبوعات بحرية تكاد تكون بدون ضوابط ، كل تلك العوامل وغيرها تركت التاثير الاعلامي يمر بمشاكل خطيرة جعلته يمثل احد اخطر المشاكل التي اثرت على التعامل مع الوضع الامني والسياسي والاقتصادي بل وحتى في جوانب التربية والاجتماع والثقافة والفن ...الخ. ولعل المتابع البسيط للوضع الاعلامي يوضح تلك الهوة التي حصلت في العراق بسبب التاثير الاعلامي والصدمة الاعلامية التي تلقاها الراي العام العراقي عقب 9/4/2003.

لعلي لست وحدي الذي كان يرى العجز االحكومي الذي كانت تعاني منه الحكومة ازاء الدوامة الاعلامية التي كانت حاصلة في العراق خاصة ايام حكومة الدكتوريين اياد علاوي وابراهيم الجعفري حيث كان التخبط في التعامل مع وسائل الاعلام هوالسمة الغالبة على تقييم ادرة الحكومة لملف الاعلام ونتيجة سوء الادارة لهذا الملف يمكن ان نعزولها يد في تصاعد الاعمال الارهابية والعنف الطائفي والسياسي والتي اذا ما كان هناك من دراسات علمية وموضوعية محترفة يمكن ان تصور لنا اعداد الضحيا الذين قضوا نتيجة هذا العنف الذي كان للاعلام دورا بارزا في تاجيجه من خلال استثمار النزاعات المذهبية والسياسية من خلال اشراك حتى العوامل الخارجية في الموضوع ويمكن لنا اليوم البحث في موضوع عولمة الجهاد الديني على ارض العراق الذي ما كان ان يكون لولا الدور المقصود وغير المقصود من الاعلام .

تطور الاداء الحكومي في ادارة ملف الاعلام

ان المتتبع للمشهد الاعلامي العراقي وبالاخص الاداء الحكومي في مجال ادارة الملف الاعلامي والذي اعتقد انني قد تخصصت به قد لاحظت تحسننا واضحا في التعامل مع هذا الملف خلال ادرة المالكي للحكومة العراقية والمتتبع البسيط لوسائل الاعلام يمكن ان يلاحظ هذا الفرق الذي قد يعزوه البعض الى ضروف موضوعية عامة غير اعلاامية مثل التحسن الذي طرئ على الملف الامني بصورة عامة وكذلك بروز ما يعرف بالصحوات ومجالس الاسناد وايضا الانتفاضة الشعبية التي قام بها المواطن العراقي نتيجة العنف المفرط الذي مارسته الجهات المسلحة ضذ ابناء العراق ، كل تلك الامور دفعت الاعلام الى ان يصحح لغته التي يقدمها الى الشعب العراقي . الااني لاحظت ان الاداء الحكومي ايضا قد تطور في ادارة ملف الاعلام ولعل الدور الذي عبه السيد ياسين مجيد المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء قد ساعدت في ادارة العمل الحكومي من خلال الاجراءات التنظيمية والادارية والفنية وكذلك ادارة اموال بث الاعلانات التلفزيونية وغيرها من الخطوات الناجحة كانت قد ساهمت في تخفيف الاثر السيء للاعلام على الراي العام العراقي .

ان النجاح المتحقق في حكومة السيد المالكي لا يعني اننا وصلنا الى الادارة الافضل لادارة الاعلام وانما في الطريق مازال هناك الكثير من الخطوات التي يجب ان تخطوها الحكومة في مجال التعامل مع الاعلام للتعامل الافضل ولكي لا اطيل على القارئ العزيز ساترك الموضوع لدراسة لاحقة .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com