bad sector البرلمان

 

 

محمود المفرجي

almafraji71@gmail.com 

من الطبيعي ان يتم تهميش دور المرأة السياسية العراقية ومشاركتها في بلد مثل العراق الذي بنيت سياسته حسب ثقافة المحاصصة، ولكن ليس من الطبيعي ان تهمش المرأة السياسية نفسها، لاجل ماذا؟ لكي لا تحرج نفسها امام كتلتلها او رئيس كتلتلها ولكي لا ينقطع رزقها الوافر الذي تحاول الحفاظ عليه اطول مدة ممكنة.

فالمرأة العراقية اليوم لا تعيش حالة سياسية انما تعيش حالة خدمية، وهذا ما شاهدناه ولمسناه من خلال عملنا الصحفي واحتكاكنا لما يسمى بالسياسيات العراقيات، فمن المؤسف ان تعتذر السياسية العراقية من ابداء أي تصريح سياسي وان تمتنع بقوة وخوف بالاجابة الى اسئلة الصحفيين، وتطلب من الصحفي ان يسألها اسئلة في مجال اختصاص اللجنة البرلمانية التي تنتمي لها.

ان هذه الحالة المزرية لا تكشف عن واقع المرأة السياسية العراقية فحسب بل تكشف عن الواقع المؤلم للمرأة العراقية عامة التي فيما يبدو تأبى الا وان تعيش كأنثى في مجتمع ذكوري متسلط، مهما وصلت الى مرحلة من مراحل الرقي التدرج السياسي، وهذا الامر لا ينطبق على المجال البرلماني فقط، انما ينطبق على المجال الوزاري ايضا، فلحد هذه اللحظة لم نشهد نشاطا وقرارا تتبناه المرأة المستوزرة لوزارة ما .

وهذه الصورة المعتمة، لم تمنع نور الامل المتمثل بشجاعة سياسيات اخريات يمثلن طموح المرأة العراقية الحقيقي وفرض دورها في المشهد السياسي العراقي، وهذا ما لاحظناه جليا بشخصيات بعض السياسيات من امثال المستقلة صفية السهيل المعروف عنها بالشجاعة والاستقلالية والتمرد على القرارات التي لا تنسجم مع توجهاتها وطموحها السياسي، فلا يمكن ان نقفز على مواقف هذه المرأة التي التزمت بثوابتها على حساب مكاسبها السياسية التي تخلت عنها في سبيل هذه الثوابت المستقلة. واخريات ايضا مثل شذى الموسوي او عامرة البلداوي او القلة القليلة منهن.

اعتصرني الاحباط حين سمعت احدى البرلمانيات تقول لي اننا من نواب /الصف الثاني/ في البرلمان وانها وغيرها لا يسمح لها بالتصريح الا من خلال لجنتها، وان التصريحات مقتصرة على عدد من النواب الذكور المستأثرين والمتصدين لهذه المسألة.

وهذه الحالة المؤسفة تدعونا الى جملة من الاسئلة، اولها ما فائدة وجود هذه (المرأة) التي من المفروض ان تلزم بيتها وتعتني باولادها وتأخذ هذا الجانب من دورها، ولماذا يصرف لها هذا الاجر الكبير الذي لو قارنته بعملها فانها لا تستحقه لعدم فاعليتها، ما عدى انها تشكل رقما حقيقيا في مسألة التصويت ارضاءا ودعما لكتلتها، ولماذا تحسب هذه المرأة على نسبة استحقاق المرأة البرلمانية البالغة (25%) ولا تفتح المجال امام اترابها من النساء المثقفات الشجاعات، وبالتالي ماذا اضافت للمرأة العراقية ودورها في العراق الجديد الذي لاول مرة في تاريخه يزج النساء بهذه الكمية التي تعتبر كبيرة اذا ما قورنت في العصور التي سبقتها.

المسألة لا تحتاج الى تفكير او عناء في عملية البحث عن اجابة، فكل الطرق تؤدي الى اجابة واحدة هي بان العملية ليست عملية استحقاق انما عملية صراع ومكاسب وفوائد واصوات، وهي نتيجة منطقية وبديهية لمبدأ المحاصصة والاصطفاف الذي يريد اعلاء صوت الحزب او الحيان الفلاني ليعلوا على الحزب والكيان المنافس له، فكلما كانت الكتلة محتضنة لاكثر عدد من النساء، هي اقوى ائتلافا من الكتلة التي تملك اقل عددا منها من النساء، لان اصوات النساء مضمونة مئة بالمئة بدون نقاش او جدال.

وما يؤكد ما ذهبت اليه من جزم، هو عدم ايمان عدد من السياسيات  بالكتلة او الكيان المنتمية لها، من خلال التذمر الذي تبديه بين الفينة والفينة، فضلا عن عدم معرفتها بالامتداد التاريخي للكيان السياسي الذي تنتمي له، وهذه كارثة بحد ذاتها تكشف عن ان هذه السياسية لم تأتي لاجل ان تتعاطى السياسة بل اتت لاجل فرصة ذهبية تسنت لها لا يمكن ان تفرط بها.

كان حديثا ونقاشا سياسيا بيني وبين احدى النائبات حول الدستور ومواده، لم استطع خلال النقاش من كبد استغرابي وانا اسمع (المواطنة وليست السياسية) تتكلم عن الدستور بدون دراية او خلفية، فهي لا تعرف متى صوت على الدستور، والاكثر انها تلوم الشعب العراقي لاختياره للدستور مع ان كتلتها صوتت على الدستور بالاجماع وهي كانت من ضمن الكتلة التي صوتت.

ان هذه المسالة تشكل فراغا برلمانيا كبيرا، لان نسبة الـ(25%) ليست بالنسبة السهلة، فهي تشكل ربع البرلمان، مما يعني ان هذه النسبة هي معطلة بالـ(bad sector) وهي غير صالحة بالمرة.

لذا اقترح، جعل موضوع مشاركة المرأة في البرلمان العراقي موضوعا استثنائيا بان يتم انتخابها بصورة فردية ومباشرة من قبل الشعب، وهذا يتلائم مع نظام القائمة المفتوحة. ففترة خمس سنوات من العمل السياسي كشف للشعب العراقي من التي تصلح ومن هي التي لا تصلح.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com