تأجيل الانتخابات وإجهاض العملية السياسية في العراق

 

احمد البديري

ahmedalbudayry@yahoo.com

لا زالت الكتل السياسية المهيمنة على السلطة تعمل على عرقلة إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها الذي تقرر سلفا في( 1/10 /2008 ) كما هو واضح من خلال متابعة جلسات البرلمان العراقي ، وتسعى الأحزاب الحاكمة المسيطرة على إدارة الحكومة المركزية والحكومات المحلية للمحافظات إلى استنفاذ الوقت من أجل إقرار المصادقة على قانون انتخابات مجالس المحافظات بعد استشعارها برفض الشارع العراقي لنفوذها وهيمنتها وإحباطه ويأسه من أدائها الرتيب وإدارتها السلبية وسياساتها العقيمة .

ومن المخجل أن تتظاهر هذه الأحزاب أمام وسائل الإعلام بحرصها الشديد على إجراء الانتخابات في وقتها المحدد بل وتدعي سعيها على تشريع القانون على أساس القائمة المفتوحة وتعلن رفضها لنظام القائمة المغلقة وهذه الدعاية الإعلامية الكاذبة لا تحتاج إلى تفحص لبيان خلافها لواقع حال تلك الأحزاب وسعيها الدءوب وإلحاحها المستمر داخل البرلمان على ان تكون القوائم مغلقة ولعل مجريات الأحداث تؤكد ان الاتفاق الكلي بين الكتل الثلاث التي اعتمدت مبدأ الصفقات السياسية فيما بينها لتنسيق من اجل رفض ما يجانب مصالحها الضيقة ولو كانت على حساب العملية السياسية والعراقيين جميعا بينما ينعكس الأمر وتعمل على تمرير المشاريع والقوانين التي تشتهي إصدارها معتمدة في ذلك على تحالفها وشرائها ذمم البعض من البرلمانين الذي ينتمون للكتل الأخرى .

وكان أول ما فجره المؤتلفون في السلطة على قانون الانتخابات من عبوات ناسفة هو رفضهم القاطع لنظام القائمة الانتخابية المفتوحة كما أسلفنا بحجج وذرائع واهية غير دستورية ثم بعد ان أوجست خيفة مضت إلى المفوضية العليا للانتخابات وقامت باستخدام وسائل الضغط والابتزاز لتعلن الأخيرة موقفها الرافض للنظام القائمة المفتوحة ولتقطع الطريق أمام الطموحات المشروعة والتطلعات الواضحة للكثير من قطاعات الشعب العراقي التي أيدت نظام القوائم المفتوحة والمنفردة ورفضت القوائم المغلقة جملة وتفصيلا وبينت ان ما قد يدفعهم للمشاركة في الانتخابات هو نظام انتخاب المرشحين وليس اختيار القوائم ، ولم يكن هذا الإصرار إلا نتيجة لم زرعته القوائم من إحباط شديد في نفوس الجماهير العراقية .

اغلب أبناء الشعب يعرفون جيدا إن بعض أطراف الصفقات السياسية لم يكونوا راغبين بتاتا في صدور قانون انتخاب مجالس المحافظات في الوقت الحاضر على اقل تقدير إلا أن مقتضيات الصفقات والاتفاقيات الثلاثية فرضت نفسها على هذه أمام رغبة أولئك الظلاميين ، لذلك بادروا إلى إثارة نقط الخلاف الحساسة لقطع دابر القانون ومريديه وأمام أحلام العراقيين بانتخاب العناصر الكفوءة والنزيهة لقيادة شؤون محافظاتهم البائسة المحرومة .

الذي يبدوا هو إن إصرار الكتل الحاكمة على نظام القوائم المغلقة يكمن في ضمان سير الأوضاع في نصابها الخاطئ والتمهيد لمشاركة محدودة ونسبية من الجماهير في الانتخاب بالإضافة إلى عمليات تزوير واسعة النطاق ، كما أن إثارة موضوع كركوك بهذه الضبابية المتعمد لم يكن اعتباطيا البتة وإلا فأن قضية كركوك لم تكن تتحول إلى قنبلة مؤقتة لولا الاتفاقيات والصفقات التي جرت في دهاليز القصور الرئاسية بعيدا عن أي تغطية إعلامية يمكن أن تجلب الفضيحة والعار لكل من يتاجر بشعب العراق ووحدة مجتمعه ولكن التاريخ سيضيف كل من يسير بهذا المنحى السلبي لقائمة المستبيحين لعراق الحضارة والمقدسات ، ولن يكون في صالح كركوك خصوصا والعراق عموما أن تتحول إلى ساحة حرب بين الأخوة لأنها لم تكن يوما ما ورثا خالصا لهذه القومية أو تلك وليس من الأنصاف الالتفاف على معطيات واقعها الديموغرافي والتلاعب بمصير أبنائها من اجل تحقيق بعض المتسلطين لأحلامهم التوسعية وخيالاتهم المريضة .

أن أي تلاعب بموعد الانتخاب أو آلية الانتخابات يعتبر إجهاض حقيقة للعملية السياسية وهو أمر غير مشروع وسيعتبر انقلابا فاضحا على الديمقراطية السياسية وانتهاكا للأعراف والمواثيق التي اقسم السياسيون بحفظها وصونها والعمل على تطبيقها، فعلى كل حريص على بناء العراق أن يفعل ما بوسعه من اجل الحفاظ على المكتسبات ومنع المتصيدين من تنفيذ مأربهم ومشاريعهم التوسعية وبالنتيجة القضاء على أي من أشكال التسلط السياسي ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com