|
محمود المفرجي/ كاتب واعلامي عراقي بعد خمس سنوات من العمل السياسي العراقي الجديد بدأت معالم الدولة العراقية تتضح شيئا فشيئا ، من خلال ظهور رجالات وارادات جديدة اتجهت نحو بناء الدولة العراقية الحقيقية ، بعكس الانطباع السابق السائد الذي كان يتجه الى بناء الطائفة . وهذا الانطباع القديم لم يكن موجودا بالضرورة ، انما ابتني وفق تدخلات خارجية وصراعات سياسية وتبادلات اعلامية نابعة من عدم الثقة بين متعاطي السياسية. اما اليوم ... الوضع تغير بشكل كبير فبالرغم من عدم وصوله الى مستوى الطموح الا انه يبشر بخير من خلال الايجابيات التي ظهرت والنية والاتجاه الى التخلص من السلبيات. نعم هناك كثير من السلبيات ما زالت لا تتلائم وتتجانس مع طموح العراقيين من خلال وجود النبرة الاستئثارية المترسخة عند عدد كبير من السياسيين الذين يسوقون لانفسهم على انهم معصومين سياسيا وان لا رأي يقف عند رأيهم ، بل ان الرأي المخالف لهم يعتبر من المحذورات ويسعون بكل ما يملكون من قوة ونفوذ الى مصادرته وتهميشه ومحاربته وتسقيط من يتبناه. ان هؤلاء المستأثرين وجدوا ارضية خصبة لهم ابان الزمن العصيب في بداية التغيير، وكانوا يستقطبون مريديهم بكل سهولة لاسباب انتخابية وتحشيدية وقد نجحوا بهذا نجاحا ساحقا، وشاهدنا ذلك من خلال الجولات الانتخابية التي مرت سابقا ابتداءا من الدستور وانتهاءا بتشكيل الدولة الدستورية الحالية برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، التي مضت في مسيرتها بشكل في غاية الصعوبة بوسط هذه الاجواء من الصراعات والاحتقانات السياسية والطائفية التي دفع ضريبتها ابناء الشعب العراقي. ففي هذه الاثناء ترسخ الانطباع السائد عند اكبر المتفائلين بان العراق سيستقر كلبنان ثانية في المنطقة وستكون مناطق العراق وخاصة بغداد مناطق مغلقة على طوائفها ومحرمة الا على ابناء طائفة واحدة ، الا انه بعد سنتين من حكومة المالكي شعر الطرفين بحجم الثمن الباهض الذي دفعاه ، وان هذه المعركة ليس فيها منتصرا الا من يريد للعراق الشر. وبهذا الوقت التفتت الوجوه نحو الدولة العراقية التي يجب ان تؤسس ، وبدأت العيون بتشخيص اعداء العراق ، لتتشابك الايدي العراقية من جديد لبناء ليس العراق فحسب ، بل بناء المجتمع العراقي المتأخي المتحاب. اليوم اصبحت الحكومة اكثر قوة من ذي قبل وبدأت تسيطر شيئا فشيئا على البلد ، واصبحت اكثر جرأة في اقتحام المناطق التي كانت تسمى سابقا بالـ/ساخنة/ وان تسيطر عليها وتنشر قواتها فيها ، وهذا كله تعبيرا حقيقيا لبناء الدولة العراقية الجديدة ، في مقابل تهديم المفهوم السائد بان العراق هو لبنانا ثانية. وهذا الامر ما كان له ان يحدث لولا توظيف مجموعة من العوامل ، اولها التقارب السياسي النسبي بين القوى السياسية العراقية التي بدأت بوادر نضوجها واضحة من خلال ابتعادها عن التخندقات الطائفية واتجاهها نحو الائتلافات السياسية صاحبة الطموح. فاي وقت هذا الذي نرى فيه التيار الصدري والكتلة العربية للحوار الوطني وحزب الفضيلة والقائمة العراقية يتفقون على رسم خارطة طريق ائتلاف بينهم ، واي وقت هذا الذي نرى فيه اعلان عدد كبير من النواب استقلالهم عن قوائمهم لعدم تلبية هذه القوائم لطموحهم. واي وقت هذا الذي تتحشد فيه الاراء بعيدا عن الطائفة والعراق وان تقول كلمتها في مسألة كانت سابقا تصور على انها مسالة متعلقة بطائفة او قومية معينة. هذه الامور كلها بوادر خير فتحت بصيص امل لمستقبل سياسي عراقي واعد ومشرق. ولا ننسى الدور الكبير الذي قام به نائب الرئيس طارق الهاشمي في دعم الدولة ودوره في بناءها من خلال تحركاته الاخيرة التي اثبت انه احد صانعيها ، واحد المساهمين في تقدمها وتطورها. فلو تابعنا نشاطاته لرأينا بان هذا الرجل يقوم بامور هي اساسا من واجبات غيره ، وانه لا يسائل ولا يعاتب اذا لم يقم بها ، فهو يقوم باعمال تكشف عن نيته الصادقة بملئ وقته بكل ما يستطيع فعله ، فنراه يذهب الى المحافظة الفلانية ليساهم في تطور أمنها ورفع مستوى معيشة أبنائها ومنحها امتيازات معينة ، ونراه ايضا سباقا في استقطاب الشركات والمستثمرين الاجانب وحريصا على تحطيم قيود محذورات وتخوفات هذه الشركات بالقدوم للعراق ، ونراه مدافعا شرسا على تطبيق القانون على كل العراقيين واستحصال الحقوق لهم، وبهذا كأننا نرى ان للعراق ليس رئيسا واحدا للوزراء بل رئيسين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |