شاهد لم يقل كل االحقائق يا قناة الجزيرة .. الحلقة الثالثة

 

طعمة السعدي

abureem12345@hotmail.com 

 تعرفت على صديقي العزيز فرانك رتشاردوني (سفير أمريكا في مصر حاليا")  في فندق الأردن انتركونتيننتال عام 1990 عن طريق صديق مشترك بيننا اسمه الدكتورعلي بن الشريف حسين ابن الشريف ناصر الشقراني الذي توفي قبل شهرين في نيويورك،  رحمه الله وأسكنه فسيح جناته حيث كان اخا" وأستاذا" عزيزا" وانسانا" رائعا" . وكان أبوه قد قدم الى العراق من الحجاز مع المغفور له الملك فيصل الأول مؤسس الدولة العراقية الحديثة، ثم درس الأقتصاد في الولايات المتحدة في خمسينات القرن الماضي ، ولم يعد الى العراق بعد سقوط العهد الملكي الا زائرا" . واصبح شخصية يشار لها بالبنان، وأستاذا" لامعا" من اشهر تلامذته الدكتور هنري كيسنجر ، وخبيرا" اقتصاديا" كبيرا" في الأمم المتحدة. وآثر أن يبقى في نيويورك حتى انتقاله الى رحمة ربه في نيسان الماضي. ورفض جنسية الولايات المتحدة التي عرضت عليه مرارا" قائلا": أنا لا أشعر أن ولائي لأمريكا ، فلماذا أصبح امريكيا"؟ وذلك رغم زواجه من سيدة أمريكية اسمها كلوريا أطال الله في عمرها. وكان الدكتور علي رحمه الله مقربا" جدا" من العائلة المالكة في ألأردن، فهذه العائلة مثال للوفاء لأصحابهم وأصدقائهم وليس كالحكام الجمهوريين الذين يفترس بعضهم بعضا"، ولا ينجو من شرورهم صديق أو قريب أو رفيق. وأذكر حادثة جديرة بالذكر هي التقائنا" في حزيران 1991 وجها" لوجه عن طريق الصدفة مع نزار حمدون ممثل العراق في الأمم المتحدة، في الطابق الأرضي لأحدى ناطحات السحاب في الشارع الخامس في نيويورك، ولاحظت أن الدكتور علي تجاهله بأحتقار ، فسألته ألا تعرف هذا المنافق؟ فقال بالطبع أعرفه وقد وبخته قائلا" : ألا تستحون من البقاء مع صدام بعد هزائمكم المتكررة وتحطيم البلد وخصوصا" بعد عاصفة الصحراء؟ ولم أعد أكلمه منذئذ. 

اتصلت تلفونيا" بالسيد فرانك رتشاردوني  ، السكرتير الأول في السفارة ألأمريكية في عمان،  في ربيع عام 1992 ، وأخبرته بأنني أريد الألتقاء به اما في بيتي أو في السفارة الأمريكية التي كانت قرب الدوار الثالث ، مقابل فندق الأردن انتركونتيننتال،  في شارع زهران على مرآ ى تقريبا" من السفارة العراقية  التي كانت (بعبعا" من ورق لمن هم خائفون أصلا" من العراقيين) و لازالت في نفس الموقع بين الدوارين الأول والثاني (يستخدم اخوتنا الأردنيون كلمة دوار لما نسميه ساحة أو فلكة باللهجة العراقية). فكان رد فرانك : أنا لا أستطيع القدوم هذا اليوم لأرتباطي بحضور عشاء رسمي. فهل بامكانك أن تأتي الى السفارة وسينتظرك أحد الموظفين ويسهل دخولك حالما تذكر اسمك وبأن لديك موعدا" معي ، وهذا ما حصل. فزرته في نفس اليوم وبعد المجاملات المعتادة ذكرت له خطة انشقاق السفيرين وخطة اقامة مركز في كردستان العراق للعمل من أجل الأطاحة بنظام صدام،  فرحب الرجل بها قدر تعلق الأمر به. ولاحظت أنه ضغط على زر معين أثناء ذكر نية السيدين السفيرين الأنشقاق عن صدام وعصابته (وليس الأنشقاق عن العراق بالطبع) وربما ضغط هذا الزر لتسجيل ما كنا نتحدث به ، أو لجعل آخرين في السفارة يسمعونه. ولم يهمني ان كان هذا الأمر او  ذلك بالطبع. 

أخبرني فرانك أنه سينقل الأمر الى وزارة الخارجية  وسيخبرني فيما  اذا كانت الأدارة الأمريكية (ادارة بوش الأب آنئذ) ستدعم تحركنا أم لا. واتفقنا على تكثيف اللقاءات في بوابة صدام الغربية عمان ، حيث كان له عددا" هائلا" من العملاء،  وخصوصا" بين الفلسطينيين الذين كان  شبه اله بالنسبة لهم. وكثير من الأردنيين الذين ينشدون الثراء السريع بأي ثمن ، والحصول على المكارم الصدامية من بيوت وسيارات مرسيدس وغير ذلك من الهبات التي كان  يحرم شعبه منها. حتى لم يترك دولة لم يوزع ثروات العراق فيها من أجل اشباع نرجسيته وجنون العظمة المصاب به.      و شمل ذلك دولا" لم نسمع بها من قبل، وخصوصا" في أفريقيا، وربما لم تكن دولا" على الأطلاق ، تاركا" شعبه يئن تحت أسواط العذاب والحروب والفاقة (وهو الشعب الذي ينام أو يتحرك على كنوز هائلة من الثروات)، وجحيم أجهزته ألأمنية والمخابراتية السادية.  ناهيك عن (المستعرضين العراقيين المتواجدين في الأردن الذين يدعون أنهم من المعارضة، وهم  في واقعهم مربوطون من أعناقهم مع الأجهزة الصدامية).  يضاف الى ذلك المخابرات العراقية النظامية التي كانت مرهوبة الجانب، من قبل ألخائفين  دوما" ، ولا تغيب عن بالهم كلما  عسعس الليل (بدأ يخيم) وتنفس الصبح  وما بينهما، ويخافون في الضحى والليل اذا سجى (سكن). ولم يرحم خوف أمة" أو ينجيها. بل زاد تعاستها ومصائبها وحطمها تحطيما". 

بعد فترة قصيرة زارني فرانك في بيتي وأخبرني أن الأدارة ستدعم تحركنا ضد صدام وترحب بقرار السيدين السفيرين تحدي النظام واقامة تنظيم من أجل اسقاطه علما" بأنهما من الشخصيات المعروفه وينتميان الى عشيرتين كبيرتين معروفتين ، وكلاهما مثقفان يحملان شهادة الجامعة الأمريكية في بيروت اضافة الى شهادة أوكسفورد التي يشار اليها بالبنان بالنسبة للأخ ألأستاذ هشام الشاوي الذي يتكلم الأنكليزية (الأوكسفورديه) بطلاقة رائعة ،ولم يكونا من الجهلة كأفراد عصابة صدام الذين بلغوا أعلى درجات القيادة دون الحصول حتى على الدراسة المتوسطة كعزت الدوري وعلي حسن المجيد وحسين كامل المجيد وأمثالهم ، ولم تكن لديهم مؤهلات تذكر الا دمويتهم وجرائمهم ضد الشعب العراقي بمختلف قومياته وطوائفه وأديانه. 

 وأخبرني فرانك أن من الأفضل لنا أن يقلل من زياراته لي قدر الأمكان من باب الحرص علي، ثم اقترح أن تقوم سيدة من السفارة بالأتصال بي وزيارتي في بيتي لأنها تعمل في الدائرة القنصلية   ومنح سمات الدخول الى الولايات المتحدة، ولا تجلب نظرا" كثيرا" كما هي الحال بالنسبة اليه،  أو في مكتبي في شارع الكاردنز في عمارة  العليان فوق فرع بنك الأسكان في الطابق الثاني. وكانت أليزابث انسانة ممتازه تعرفت عليها عائلتي، ثم تعرف عليها الأخوان السفيران فيما بعد في لندن في  شهر تشرين أول عام 1993 عند زيارتي للملكة المتحدة من أجل الأجتماع بهما وبعض الأمريكان، وكان اسمها الكامل أليزابيث هيس. 

بدأ العمل الفعلي بعد أن استلمنا الضوء الأخضر من الأمريكان ، الذين لولاهم (ولو بعد حين)  لحكمت عصابة العوجة العراق أو ما يتبقى منه لمئات السنين. ولم يكونوا ليتركوا الحكم حتى لو بقيت لهم بغداد وحدها. وما أدهشني أن كثيرا" من المعارضين العراقيين عارضوا اسقاط صدام بعمل عسكري دولي كالذي حصل في ربيع 2003، وكان ذلك حتى قبيل التحرير بشهرين أو ثلاثة ومنهم حزب الدعوة بقيادة ابراهيم الجعفري الذي غير اتجاهه 180 درجة فيما بعد، وصار (الجعفري)  يهتم بكل أمريكي أضعاف اهتمامه بأبناء وطنه بعد أن تم اسقاط صدام وصار عضوا" في مجلس الحكم بفضل قوات التحالف  التي عارض تدخلها لا غيرها. اضافة" الى تنظيمات معارضة أخرى تعود ملكيتها لصدام حسين مبعثرة هنا وهناك،  والحزب الشيوعي العراقي الذي لم يفلح في شيء قبل سقوط صدام قدر فلاحه في تقديم أعضائه الى أعواد المشانق أو القتل والتعذيب ،كما ذكرت في احدى مقالاتي قبل التحرير. ولكنه برع في اقامة الأحتفالات والمظاهرات وجمع الناس في أية مناسبة (وليس ﻠﻟﱠﱠطم والتطبير طبعا"). و للحزب الشيوعي ميزة فريدة ومميزة لم اعرف حزبا" آخر يتمتع بها ، وهي محافظته على صلاته بالرفاق القدامى وعوائلهم ومساعدتهم والأهتمام بشؤونهم حتى وان تركوا الحزب أو اعترفوا او اعتزلوا . فهم لعمري كأنهم عائلة واحدة متحابة متعاضدة ( وليس كالبعثيين الذين قتل احدهم الآخر ) وبخلاف القيادات السياسية من الأحزاب الأخرى التي ظهرت بعد التحرير التي لم تذكر أصحابها وأصدقائها خارج تنظيماتهم الذين ناضلوا وجاهدوا في سبيل الخلاص من صدام وجلاوزته وقارعوا النظام الدكتاتوري دون هوادة . واحتكرت هذه الأحزاب  السلطة والمناصب الهامة لأعضائها فقط سواء تمتعوا بالكفاءة أم لم يكونوا من المؤهلين أو حاملي شهادات سوق مريدي، وكأنهم ملكوا العراق كما فعل البعثيون. 

بدأت زياراتي وسفراتي المكوكية بين عمان وتونس بعد أن حصلنا على الضوء الأخضر من الأمريكان كما أسلفت، وكنت أنقل ما يقوله أبو يعرب (حامد) وما تقوله الأدارة الأمريكية كل” للآخر أولا" بأول . أي أنني كنت وسيلة الأتصال الوحيدة بينهم.  ومن جملة ذلك نظرتنا الى الحكم بعد رحيل صدام، واقامة النظام الديمقراطي التعددي وذكرنا كثيرا" فكرة اقامة حكومة عراقية في المنفى يكون لها مركزا" في كردستان العراق يشارك فيها سياسيون عراقيون من مختلف الأتجاهات والقوميات ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ، اضافة الى قيادات الحزبين الكرديين الرئيسسين، الدكتور محمود عثمان والمرحوم القيادي الشيوعي المخضرم المعروف عامر عبدالله ، رغم عدم استشارتهم لأننا كنا في دور التحضير وليس العمل الفعلي. وكان من المفترض أن يتولى السيد حامد علوان الجبوري رئاسة الجمهورية أو الأخ العزيز هشام الشاوي وكانا صديقين وقتئذ  لا تؤثر فيهما مسألة من يكون الرئيس أو نائب الرئيس. 

ثم أخبرني الأمريكان بعد قناعتهم بخطتنا ( أو هذا ما كان ظاهرا" على الأقل) بضرورة الأجتماع الى سفير العراق في تونس السيد حامد علوان الجبوري. وهذه مسألة منطقية دون أدنى شك، اذ رغم وسائلهم الأخرى التي لا تخفى على أحد، كانوا يشاهدون السيد السفير يستقبلني شخصيا" في مطار قرطاج الدولي في العاصمة التونسية، ويدخل الى المنطقة التي لا يستطيع دخولها الا موظفي المطار المخولين (بعد حاجز ختم الجوازات) أو كبار الشخصيات التونسية، ثم يوصلني الى الفندق الذي كان اما الهلتون أو فندق أبو نؤاس في شارع محمد الخامس في العاصمة التونسية. وشهادة للتأريخ أنني حاولت مرارا" ثنيه عن ذلك، لأسباب أمنية على الأقل بسبب المخابرات العراقية التي وصفها أنها أحسن مخابرات في العالم . وان صح ذلك فهو صحيح قدر تعلق الأمر بالتنكيل بالعراقيين بالداخل.  ولكنه كان يصر على القدوم شخصيا" لأيصالي الى الفندق ثم يدعوني للعشاء  مرة واحدة أو مرتين في بيت السفير المطل على البحر الأبيض المتوسط في قرطاج. وهذا ليس غريبا" عند أبناء العشائر الأصيلين ، وأقول ذلك رغم ما حصل بيننا من فراق ، ورغم غلطته الشنيعة بالترحم على اللعين صدام ودعائه له بغفران ذنوبه التي تعادل ذنوب أجيال من البشرية قاطبة"،  متحديا" مشاعر ملايين الناس في القسم العربي أو كردستان العراق ممن أذاقهم صدام الجحيم في الأرض ومنهم بالطبع أفراد من أقرباء أبي يعرب من اخواننا الجبور أبناء عشيرته سنة كانوا أم شيعة. وكانت تستمر لقاءاتنا يوميا" في الفندق حتى عودتي الى عمان.

 كانت وسيلة الأتصال بالسفارة الأمريكية  الأولى في تونس والتعرف على موظفيها هي قدوم شخص من السفارة  يحمل بيده مجلة وربطة عنق ، وأنا بدوري أحمل مجلة المجلة السعودية.  واتفقنا أن ألتقي به في الساعة الرابعة مساء" كما أذكر في محل بيع الصحف والمجلات وأشياء أخرى في فندق أبو نؤاس الذي أحجز فيه غالبا". وتم ذلك ولا أذكر اسم هذا الشخص ولكني أحتفظ به في مكان آخر مع بعض الوثائق والملاحظات التي تخص هذه العملية. وكان دور هذا الشخص يقتصر على التعرف عليﱠﱠ تمهيدا" للألتقاء بشخص آخر اسمه السيد وتلي . وتبين فيما بعد  أن وتلي كان يعرف الأخ أبا هاشم (أحمد اﻟﭽلبي) ويمتدح ذكاءه وقابلياته. وتم الألتقاء بالسيد وتلي الذي أصر على ضرورة قيام السيد السفير حامد علوان بالألتقاء به، ولم يكن هذا الشخص معروفا" على نطاق دولي. وهذا أفضل من الناحية الأمنية بالطبع لأنه لا يجلب كثيرا" من الأنتباه رغم يقيني أن المخابرات التونسية كانت ترصد تحركاته . ولكن تونس متعاونه مع الغرب أكثر من تعاونها مع العرب كما هو معروف.

 ولتبرير زياراتي المتكررة الى تونس قمت بتأسيس شركة تجارية بأسم شركة الفرات وحصلت على اذن اقامة في تونس وفتحت حسابا" للشركة في البنك العربي فرع تونس.

لم يكن من السهل اقناع الأخ أبي يعرب بالأتصال مباشرة بالأمريكان ، ولكنه وافق فيما بعد على الأجتماع بالسيد وتلي وتم أول لقاء بيننا في أحد الفنادق في مدينة الحمامات التي كنت أعرفها منذ ثمانينات القرن الماضي. وتمت لقاءات أخرى كثيرة في تونس، بحضوري بالطبع كنا نبحث فيها خططنا ومستقبل العراق بعد سقوط صدام واقامة حكم ديمقراطي تعددي فيه بعد فترة انتقالية لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز الخمس سنوات لتهيأة الناس وتثقيفهم على قبول الديمقراطية والتعددية وأحترام الرأي الآخر. لأن هذه القيم لم تكن مما تعود عليه العراقيون الذين لم يعرفوا غير حكم الحزب الواحد الذي صادر حرية الأنتخاب حتى ضمن هذا الحزب الواحد ، حيث كانت تجري التعيينات مسبقا" من قبل صدام. ولم تكن الأنتخابات الا خدعة ووهم،  أو الحكم العسكري مع قليل من الديمقراطية أثناء العهد الملكي الذي أسقط قبل ذلك الوقت بأكثر من 34 عاما" وكان خير العهود مقارنة بما جاء بعده من هذه الناحية.

 وجدير بالذكر أن الأخ العزيز الأستاذ الشيخ بكر محمود رسول أغا كان يواصل لقاءاته معنا في تلك الفترة في تونس أو يزورني متفضلا" في بيتي كلما حضر الى عمان بصفته الأمين العام لمنظمة العمل العربية التابعة لجامعة الدول العربية ومقرها في القاهرة بالطبع.

 ذهبت الى الولايات المتحدة الأمريكية صيف عام 1992 لحضور معرض المسح الجوي والأستشعار النائي (كونكرس كما يطلق عليه عادة)   الذي كان ولا زال يعقد كل أربعة سنوات في مدن مختلفة في شتى أنحاء العالم . وكان قد عقد في بناية المؤتمرات في العاصمة واشنطن في تلك السنة ( ثم في فيينا في النمسا عام 1996) وانتهزت هذه المناسبة للألتقاء بالسيدة أليزابيث هيس التي كانت قد نقلت الى مقر وزارة الخارجية قبيل فترة وجيزه وحل محلها في اجراء اللقاءات معي في عمان شخص آخر أصبح صديقا" لي اسمه جون مكواير.ورتبت اليزابيث لقاء لي فيما بعد مع ثلاثة أشخاص آخرين من وزارة الخارجية بينهم ديفد ويلش في غذاء عمل في أحد الفنادق في واشنطن. وكان الحديث مركزا" حول مستقبل العراق بعد سقوط صدام المفترض واقامة حكم ديمقراطي. ومما ذكره ديفد سؤال لن أنساه وهو: اذا جرت انتخابات ديمقراطية في العراق فمن سيفوز فيها ككتلة كبرى ؟ فأجبته سيفوز ممثلوا الشيعة لأنهم أكثرية تتراوح بين 60 و65% من عدد السكان. فكان جوابه مفاجئا" وحاسما": لا يمكن قبول حكم الشيعة في العراق!!!!!!!!!! فأجبته حالآ": ما نوع الديمقراطية التي تنشدونها اذن؟ فقال لا يمكن للشيعة أن يحكموا. فأجبته انظر ما حدث في لبنان ، حرب أهلية دامت خمسة عشر عاما" لأنعدام العدل في الدستور والخلل في النظام الديمقراطي ، وعليكم أن تفهموا أن شيعة العراق لن يقبلوا استمرار أقلية الأقلية التكريتية أو غيرها  من التحكم بهم الى ما لا نهاية. وتوقعوا حربا" أهلية مدمرة ستقع في العراق عاجلا" أم آجلا" من أجل تحقيق الديمقراطية واعادة حق الشيعة المغتصب، وستتدخل ايران في مثل هذه الحرب التي تتمناها، ولن يكن أمام الشيعة خيار غير الأستناد على الجدار الأيراني مضطرين بعد أن عاداهم جميع العرب والدول الأسلامية على السواء. وانتهى اللقاء بشكل ودي بعد تبادل الآراء والأستماع الى ما ذكرته لهم من معاناة العراقيين تحت حكم صدام واسنادهم له دون مبرر، اذ بأمكانهم تحقيق مصالحهم اذا ساعدوا في اسقاطه. فهنالك مصالح مشتركة عديدة بين العراق كدولة ، والولايات المتحدة كقوة عظمى ذات نفوذ هائل.

 وفاجأتني أليزابيث باعلامي بوجود شخص يقول أنه يعرفني جيدا"، ويمتدحني اسمه رعد العسكري كان في واشنطن في نفس الوقت صدفة" ، وهو يتكلم عن موضوع انشقاق السفيرين وطلب من وزارة الخارجية الأمريكية ميزانية سنوية قدرها 65 مليون دولار لهذا الغرض . ثم أضافت بالأنكليزية بالطبع هل هذا الرجل ساذج - ناييف؟

 طلبت منها رقم تلفون رعد واتصلت به والتقيت به عدة مرات في واشنطن وفرجينيا وحدثني عن موضوع السيدين السفيرين، وأنه سيتولى منصب وزير الخارجية مدى الحياة ، وأكرر مدى الحياة،  اذا تم اسقاط نظام صدام عن طريقنا، وطلب مني اختيار منصب كذلك ، فتهكمت في قرارة نفسي من هذا الطرح الغريب ، والرؤية الديمقراطية جدا" دون ان أبين له ذلك لعلمي بضحالة آرائه السياسية. ولم أقل له أنني على اطلاع تام بالموضوع. وكان رعد يلتقي بالأخ حامد علوان في تونس . واني لأعجب كيف وثق به وهو الذي هيأ له أول زيارة الى بغداد عندما كان سفيرا" في سويسره، ورتب له فرصة الألتقاء بالمقبورين عدي وحسين كامل اللذان كانا يتنافسان على نهب خيرات العراق. ثم كان رعد على علاقة مستمرة مع المقبور برزان ابراهيم الحسن ، أخ صدام غير الشقيق، عندما كان ممثلا" للعراق في دائرة الأمم المتحدة في جنيف حتى مغادرته سويسره وظل على اتصال به فيما بعد ، وأصبح رعد غنيا" جدا" نتيجة هذه العلاقات.

 وطلب مني رعد في تلك اللقاءات تهيأة ميزانية خاصة بي لتقديمها للأمريكان فرفضت ذلك رفضا" تاما" . وشهادة للتأريخ عرضت عليﱠ أليزابيث مالا" قائلة : هل تحتاج الى نقود ، فأجبتها جوابا" قاطعا": شكرا" جزيلا"، نحن لسنا من المرتزقة بل مناضلون من أجل تحقيق العدالة للعراقيين جميعا" دون تمييز.

 للحديث صلة في الحلقة القادمة.

 ملاحظة: أرجو اعذاري عن التعليقات الجانبية التي لا تخص الموضوع، فأنا أستغل هذه المقالات لبيان رأيي في الأحزاب والشخصيات المذكورة في هذه المقالات. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com