|
دولة كردستان وإقليم العراق
د. حامد العطية أتحاشى التردد على دكانه، إلاعند الضرورة، الرجل فضولي، معلوماته السياسية قليلة، مثل كل الناس ماعدانا نحن العراقيين، وعرب ما قبل دندنا وروتانا، في آخر لقاء بيننا سألني عن أحوال العراق، قلت له الأمريكان احتلوا العراق ليسيطروا على العالم، ظنها أحجية، ابتسم حتى توارت عيناه، فالرجل صيني، ثم شرحت له وجهة نظري، في العراق ثاني أكبر مخزون نفطي، أو لعله الأكبر، لكنهم يخفون عنا هذه الحقيقة، لئلا نطالبهم بكسرتي خبز بدلاً من كسرة واحدة، ويريد الأمريكان جعل أرض الرافدين قاعدة لقواتهم ووكراً لاستخباراتهم مما سيمكنهم من السيطرة على دول ونفط وثروات الشرق الأوسط برمتها، ولا تظنن يا صديقي الصيني بأن بلادكم بمأمن من المكر الأمريكي، فعندما يحكم الأمريكان قبضتهم على المنطقة سيتحكمون بشريان النفط الحيوي للصناعات الصينية والهندية والأوروبية، ستكون الماكنة عندكم لكن وقودها بأيدي الأمريكان، فهل ستكون الصين مستقلة تماماُ بعد ذلك؟ أزعجه تحليلي واستنتاجاتي لكنه وافقني الرأي. اليوم وبعد أحداث كركوك المفجعة، ومن قبلها التصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات وموقف الأحزاب الكردية والشيعية منه تساءلت مع نفسي: هل العراق الدولة وكردستان الإقليم أم العكس هو الواقع والحقيقة؟ وتخيلت حواراً مع الصيني الفضولي حول هذا الموضوع، وأجزم بأنه لا يعرف إن كانت كردستان إقليماً في العراق أم جهازاً لتسمير البشرة، ولكنه ذكي بما فيه الكفاية لحسم الموضوع. بادرته بالسؤال: العراق وكردستان، أيهما الدولة وأيهما الإقليم؟ أجابني بابتسامة صفراء ثم قال: أحجية آخرى؟ انتم العرب تحبون الأحاجي. الحياة بسيطة، والحقائق ناصعة، فلم تعقدونها بالأحجيات؟ أجبته: لعلنا نخاف مما ستكشفه الحقائق من خفايا نفوسنا. قال: زودني بالحقائق وانا أبين لك الدولة من الإقليم. قلت: لكل من العراق وكردستان رئيس وحكومة وبرلمان وعلاقات خارجية وقوات مسلحة. قال: هذا يرجح أن العراق وكردستان دولتان مستقلتان. قلت: كلا، إحداهما دولة والآخرى إقليم، وأزيدك علماً بأن رئيس الدولة كردي وكذلك رئيس الإقليم. قال متعجباً: إنها أحجية بالفعل! وكنت أظنك مازحاً. قلت: إنها أحجية محيرة ومزحة سمجاء وكارثة عظمى أودت بحياة المئات من الآلاف. قال: وماهي هوية هؤلاء الضحايا؟ لعلني أهتدي منها لحل الإحجية. أجبته: الغالبية العظمى منهم عرب شيعة، والقليل من العرب السنة وأقل القليل من الأكراد. قال: هذا يرجح أن تكون كردستان الدولة والعراق الإقليم، لأن الأكراد نجحوا في حماية أنفسهم فيما فشل العرب الشيعة سكان العراق لأنهم أقلية. قلت: لكن الواقع هو أن الشيعة هم الأكثرية. قال: أكثرية ويقتلون! ماذا عن الأوضاع الإقتصادية؟ قلت: تنتشر البطالة والفقر والأمراض بين العرب الشيعة، بينما يعيش الأكراد وضعاً إقتصادياً ومعيشياً أحسن بكثير. قال: ومن يمتلك السلطة والقوة؟ قلت: البرلمان لكن لرئيس الجمهورية الكردي حق النقض. قال: هذا يؤكد استنتاجي الأولي بأن كردستان هي الدولة، وماذا فعل الرئيس الكردي في الآونة الأخيرة؟ أجبته: نقض قانون انتخاب المجالس المحلية وصافح عدواً تاريخياً للعرب. قال: كفى! لاتضيع وقتي ووقتك بهذا الموضوع السخيف! سيان أيهما الدولة وأيهما الإقليم، بريطانيا جزيرة صغيرة وكانت شبه القارة الهندية خاضعة لها، من الواضح أن الأكراد هم أصحاب الكلمة الأخيرة، والعرب الشيعة وإن كانوا أكثرية كغثاء السيل. والآن دورك لتجيب على السؤال؟ ما كلمة سيد في كردستان؟ قلت: كاكه. ضحك، ثم قال: أنصحك بأن تسمي نفسك من الآن فصاعداً كاكه عطية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |