|
شاهد لم يقل كل االحقائق يا قناة الجزيرة .. الحلقة السادسة والأخيرة
طعمة السعدي عرفت في سفرتي الى لندن أن السيد حامد علوان أصبح على صلة بالدكتور أياد علاوي والسيد هاني الفكيكي ومشعان الجبوري الذي نقلت عنه السيدة زوجة السفير (أم يعرب) أنه قال لهم أثناء زيارته لهم في لندن أن ثروته تبلغ مائتي مليون دولار (كان ذلك في شهر تشرين الأول عام 1993). ولا أحد يعلم كيف جمع مشعان هذه الثروة وهو الذي كان يتيما" فقيرا" (وليس في هذا عيبا" بالطبع) بسبب مقتل والده ركاض كما أذكر على يد البيش مرﮔه لأنه كان يقاتل ضد اخوتنا الكرد مع نفر من جماعته في قوات ما سمي وقتئذ الفرسان. وكان السيد مشعان الجبوري قد قال في مقابلة مع مجلة الوسط عام 1995 أنه كان قد قابل الرئيس أحمد حسن البكر وهو طفل في الثانية عشر من عمره، وذكر له بأنهم في فاقة بعد مقتل والدهم دفاعا" عن الحكومة العراقية، فأعطاه البكر ثلاثة آلاف دينار عراقي ( قال مشعان خطأ" ) أنها كانت تساوي 12 ألف دولار أمريكي. سمع السيد مشعان الجبوري بموضوع شحنة الأمتعة الشخصية العائدة للسفير وعائلته ، وكان وقتئذ يتاجر مع العراق شمالا" ووسطا" وجنوبا" بحرية تامة وبأسمه الشخصي من عمان وغيرها مستخدما" شركته (شركة الصقر الدولي ) التي كان مقرها في شارع اﻠﮔﺍردنز في عمان قرب دوار الواحة. فقال للسفير حامد أنه سيخرجها من عمان ويوصلها الى بغداد بشرط تنازلي عنها بأسم أخيه الذي يعمل في شركته في عمان ليتمكن من اخراجها من مطار الملكة علياء الدولي وشحنها الى بغداد. قمت بأجراء اللازم وحضر أخو مشعان الى بيتي في تلاع العلي لأستلام تخويلي له بأستلام الشحنة . وسألني كيف يمكن التعرف على الصناديق ، وهل هنالك علامة دالة لكي لا نقع في خطأ؟ فأجبته : نعم أخبرني أبو يعرب أنهم كتبوا عبارة (السفير حامد علوان الجبوري) على كل صندوق من الصناديق أل 38 . فتبدلت ألوان الرجل وترك الأوراق والتوكيل مسرعا" خائفا" مرعوبا" لا يلوي على شيء. اشتدت ضغوط السفارة العراقية في عمان عليﱠ لتسليم الأمتعة ورفضت ذلك رفضا" قاطعا". وكان السيد محمد العاني (على الأرجح ) مستشار السفارة الذي أصبح سفيرا" في دمشق فيما بعد يتصل بي بأسم السفير نوري الويس ، أبو عمر (وهو تكريتي متزوج من بنت المرحوم حماد شهاب وزير الدفاع ألأسبق الذي قتل في لعبة صدامية في حزيران1972) وكان يطلب مقابلتي لبحث الموضوع محاولا" استدراجي للسفارة وكأني لا أعرف أساليبهم . ثم قلت له مرة في ضحى يوم جمعة حين اتصل بي : اذا تحب تفضل عندي للبيت ، بشرط أن تأتي وحدك ، وأعلمك بأنني مسلح ، ولدي سلاح مجاز. فقال الرجل سأأتي الآن، فقلت له (انني أرتدي جينز وأنوي الذهاب الى جرش ، فأرجو تأجيل الموضوع الى وقت آخر). في الحقيقة كنت أرتدي (دشداشة) وأرتشف قهوة الصباح في البالكون القريب من المطبخ، وربما كانت المخابرات العراقية تراني بواسطة عملائها من احدى الشقق الموجودة في المنطقة. ولم يتصل بي الرجل بعد ذلك . وأشهد بأنه كان مؤدبا" محترما" وابن (حموله) ، ولكنه في النهاية كان موظفا" حكوميا" يؤدي واجبه. جاءني الى عمان في يوم 20 آذار 1994 عم زوجتي (السيد محمود عبود ، وهو حي ، أطال الله في عمره) برسالة من المخابرات العراقية تم ايصالها الى أخي المرحوم جعفر ، ومفاد تلك الرسالة حرفيا" ( سيتصل بك أخوك أبو رغد من دائرة المخابرات العراقية بناء" على طلبها، حيث سيستقدمونه الى الدائرة لهذا الغرض بناء على اتفاق مسبق معه (وهل يستطيع أن يرفض رحمه الله)، ويقومون بالأتصال بك ويكون المتكلمان أبا رغد وأحد ضباط المخابرات ، ومن جملة ما يريدونه عنوان السيد حامد علوان الجبوري ورقم هاتفه، فاذا أعطيتهم عنوان السفير سيتم اطلاق سراح أبي رغد وبعكسه تعرف ماذا سيحصل). امتحان صعب للغاية دون أدنى شك. ضحكت حين أخبرني السيد محمود فحوى هذه الرسالة ، فسألني : هل في هذا الأمر الجاد ما يضحك؟ فقلت له : يا أبو شكريه (كنيته ،رغم أنه أعزب لحد الآن ، وهو أكبر مني سنا" بالطبع) اذا كانت المخابرات العراقية وكل أجهزة صدام من أستخبارات عسكرية ومخابرات مرتبطة بصدام شخصيا" والأمن العام والجهاز الحزبي ومرتزقة النظام من العرب وغير العرب ، حكاما" ومحكومين لا يعرفون عنوان السيد حامد علوان الجبوري ورقم هاتفه ، فكيف لي أن أعرف عنوانه وأنا فرد ذو امكانيات محدودة جدا"؟ وأضفت بأن علاقتي به انقطعت مذ سمعت من الأذاعات ووسائل الأعلام الأخرى ، شأني شأن أي عراقي آخر، بأنه انشق عن الحكومة وعقد مؤتمرا" صحفيا" مع السفير هشام الشاوي في لندن. وللحقيقة والتأريخ ، لم أكن أذكر لأخي المرحوم جعفر أي شيء عن نشاطي ضد صدام حسين، لأنني أعلم بأنه كان مرصودا" من قبل أجهزة صدام القمعية والمخابراتية منذ هروبي من العراق عام 1980. وكان يقيني أنه سيكون الحلقة التي قد تقود أصحابنا في العمل المعارض الى سجون صدام الرهيبة ثم تصفيتهم. وهذا لا يعني أنني لم أكن أحصل منه عن معلومات مجفرة عن النظام والوضع العام وصدام والمقربين منه وخصوصا" المقبورين عدي وقصي، بأسلوب متقن للغاية وعلى سبيل المثال كان اسم صدام حجي جاسم ، وتم تغيير هذا الأسم عدة مرات منذ ثمانينات القرن الماضي حتى سقوط نظام صدام غير مأسوف عليه. كنت (قبل مجيء السيد محمود، وسكنه في داري بالطبع) جاهزا" للسفر الى لندن بعد حصولي على سمة الدخول الى المملكة المتحدة لمتابعة الخطوات الأخرى التي سنتخذها بالتباحث مع السيد حامد علوان والأستاذ الفاضل الشيخ بكر محمود رسول والأتصال بالأخ الكريم الأستاذ هشام الشاوي الذي كان في المملكة العربية السعودية وقتئذ. ولغرض التمويه عن وجهة سفري أخبرت من قابلتهم من أصدقائي أنني سأسافر الى اليمن وقلت لزوجتي أخبري جميع من يسأل عني أنني سافرت الى اليمن . وكانت لدي حجة واقعية لهذا الأختيار وهي أنني قمت ببيع مكائن صناعية عائدة لي لأنتاج أكياس البلاستك كانت (منصوبة) في ماركا الشمالية في عمان الى اخوة في اليمن. ولم أقل لعم زوجتي محمود متى سأسافر، بحيث أنني طلبت منه مصاحبتي في دعوة غذاء (مشويات– باربكيو) في منطقة اﻠﻧﮔيرة شرق عمان مع ألأخ العزيز قيس علي حبيب الأمير* ومع الأصدقاء وقتئذ مالك العرس وأخاه مظهر، أبو سعد، وألأخ الصديق الصيدلي عباس البغدادي . ثم فوجيء السيد محمود بسفري المزعوم الى اليمن في اليوم التالي المصادف 24 آذار 1994. وفي الحقيقة كانت وجهة سفري لندن. ومن الصدف المضحكة أن الحرب بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي بدأت بعد سفري مباشرة . فكان الأصدقاء والمعارف يسألون زوجتي": لماذا يبقى في اليمن والحرب على أشدها بين اليمنين الشمالي والجنوبي؟ فقلت مهاذرا": قولي لهم أنه وسيط يعمل على انهاء القتال بينهما. جن جنون أجهزة صدام عندما علمت بسفري الذي كان مخططا" له قبل وصول السيد محمود عبود الى عمان. اذ كيف لعراقي أن يسافر بعد استلام رسالة من المخابرات العراقية كما ورد أعلاه؟ وتطور الأمر الى قرار تصفيتي جسديا" حين عودتي الى عمان أو حيثما أكون، كما علمت وأنا في لندن. سكنت في فندق وي فيرر(الذي تغير اسمه الى فندق انطوانيت بعد بيعه) ** في ويمبلدون لأكون قريبا" من السيد حامد علوان، وكنا نلتقي يوميا" فلاحظت هبوط همته حتى أننا تناقشنا نقاشا" حادا" حول ضرورة ذهابنا الى كردستان وتنفيذ خطتنا فلم أجد منه استجابة مما دعاني الى القول له من حق العراقيين اتهام بعض المعارضين بأنهم يسكنون في فنادق خمس نجوم. وللعلم كان سعر الفندق الذي نزلت فيه 35 باون يوميا" وكان من فئة 3 نجوم أو اقل علما" بأنني كنت مكتفيا" ماليا دائما" والحمدلله. حاولت العودة الى عمان بعد اسبوعين كما كان مقررا" ، فطلب مني السيد ﭽﺍرلي عدم العودة الى عمان وذلك لورود معلومات مؤكدة لهم وللمخابرات الأردنية أن قرار تصفيتي جسديا" قد تم اتخاذه على أعلى المستويات. وأغلب الظن أن المخابرات الأردنية هي التي كشفت الخطة حيث تم رصد أحد ضباط المخابرات العراقية وتحديدا" في فندق ﭙلازا قرب دوار الداخلية يقول لجلسائه من أعضاء السفارة أو المخابرات : هل يظن طعمة السعدي أنه سيفلت منا بسفره الى اليمن؟ سنلاحقه وسنقتله في أي بلد يذهب اليه. لاحظت المخابرات الأردنيه حركات غير طبيعية من قبل عملاء المخابرات العراقية حول بيتي ، فقامت مشكورة بتأمين حماية لعائلتي بالأيعاز الى احدى دوريات الشرطة بالوقوف قرب داري دائما". فخافت عائلتي من هذا الوضع الغريب وأتصل أخي السيد وميض علوان الخليل ، وهو عراقي وكان زميلي في الجامعة أيضا"، بالأخ سعدي الزعتري باشا في دائرة المخابرات الأردنية لأستطلاع الأمر بناء على طلبي حيث كان الوقت ليلا"، وكان الباشا خارج دائرته، فتمت طمأنة وميض على أن هذه الدورية واقفة هناك من اجل حماية عائلتي. ويبدو أن المخابرات العراقية كانت تهدف الى اختطاف ولدي الوحيد حيدر، أو اي من بنتيﱠ أو زوجتي لأتخاذهم رهائن لضمان عودتي الى عمان. وبالفعل قام أحد رجال المخابرات العراقية بتقليد صوت أخي المرحوم جعفر وطلب أن يقوم حيدر بالذهاب الى مكان معين في جبل الحسين، في عمان، لأستلام مبلغ نصف مليون دولار عائدة الى أحد أصدقائه والأحتفاظ بالمبلغ كأمانة لدينا لأننا أمناء. وﺸﻜﱠﺖ زوجتي بالأمر، وطلبت من المتصل أن يتصل فيما بعد. وفي هذه الأثناء اتصلت بي في لندن ، فقلت لها: انه كمين دون أدنى شك. واتصل الرجل ثانية" فقالت له ان حيدر لا زال صغيرا" على مثل هذه الأمور، فكيف يمكن تسليمه مبلغا" كهذا؟ ثم سألت المتكلم عن بعض أقربائنا فأرتبك لأنه فوجيء بهذا السؤال فتيقنت زوجتي أنه ليس أخي. ثم أخبرتني بما حدث تلفونيا فقلت لها لا بد ان شخصا" آخر سيتصل فتظاهري بالموافقة على ارسال حيدر الى حيث يطلبون ، وأسألي المتصل عن عنوانه ورقم تلفونه. ولم يطل الأنتظار، فأتصل رجل في اليوم التالي ليقول أنه صديق المرحوم أخي جعفر ويريد وضع أمانة مقدارها نصف مليون دولار لدينا هي قيمة بضاعة صدروها الى الأردن من العراق. فقالت له زوجتي : سأرسل حيدر بعد أن تزودني بعنوان اللقاء ومن هم الأشخاص الذين سيسلمون المبلغ . وبالفعل ذكر المتكلم اسم شخصين كانا يقيمان في أحد فنادق عمان، وقمنا بأخبار المخابرات الأردنية وتم توقيفهما وطردهما من عمان لعدم وقوع جريمة. كان صديقي المرحوم الشيخ طالب السهيل من ضمن قائمة تصفيات أمر بها صدام شملتني والسفير حامد علون الجبوري وسفيرين آخرين منشقين كان احدهما في أسبانيا ولجأ الى السعودية ولا أذكر اسمه ، وآخر ربما يكون السفير صفاء الفلكي الذي انشق عن النظام بعد تحرير الكويت. وفي الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم 12 نيسان 1994 اتصل بي الأخ الصديق وميض علوان (وهو صديق مشترك بيني وبين الشيخ طالب السهيل وقتئذ) ليخبرني بأستشهاد الشيخ طالب في بيروت رغم تأكيداتي عليه عدة مرات على عدم الذهاب اليها لوجود فرقة اغتيالات واختطاف فيها تابعة للمخابرات العراقية . ولكنه سافر الى بيروت من السعودية حيث كان مقيما" رغم تحذيراتي له لعقد قران احدى بناته الستة وكنت أنا من جملة المدعويين بالطبع. وغدر به الخياط الأرمني العراقي الذي كان يعرفه منذ سنين طويله حيث حضر مع القتلة لتسليم قمصان قام بخياطتها للشهيد ، فأغتيل الشيخ بمسدس كاتم للصوت من قبل مخابرات صدام، حتى أن زوجته السيدة أم ورود (وهي من عائلة عسيران اللبنانية) قالت لنا في بيتي في لندن بأنها لم تسمع أي صوت عند وقوع الجريمة، وكانت في المطبخ وقتذاك. وأكتشفت جثة الشهيد المرحوم بعد أن ذهبت لمعرفة سبب تأخره عند الباب، دون أن تسمع حديثا" أو اي شيء آخر. وأستمرت مضايقات المخابرات العراقية لعائلتي حتى أن احدى سيارات (الجمسي)*** التي تستخدم كثيرا" من قبل سواق النقليات بين بغداد وعمان (وأستخدمت في عملية اغتيال المرحوم العالم الجنابي الذي أغتيل في جبل الحسين قبل ذلك بسنة تقريبا") كادت أن تقتل زوجتي بمضايقة سيارة الأجرة التي كانت تقلها هي والحارس المصري الذي كان يعمل في بيتي ، وهو من أطيب وأشرف الناس والله يشهد، بعد عودتها من تعزية عائلة المرحوم الشيخ طالب السهيل ليلا"، وذلك بمحاولة جعل السيارة التي كانت تقلهم تنقلب و تصطدم بالبنايات المجاورة. كما حاولوا دهس زوجتي بسيارة حمراء اللون عند عبورها الشارع قرب دارنا، بعد وقت قصير من تلك المحاولة . ونجاها الله حيث قال لها من كان موجودا" من عمال البناء الذين كانوا يعملون في تشييد بناء هناك: نجاك الله من هذا السائق الطائش. ثم أبلغتنا المخابرات الأردنية أن (الجماعة) ويقصدون المخابرات العراقية بالطبع مصرون على اختطاف أحد أفراد عائلتي وأنهم (المخابرات الأردنية) لا يستطيعون حمايتهم في كل الأوقات وفي كل الأماكن . ولا بد لي أن اذكر بالعرفان والشكر الجزيل مواقفهم اتجاهنا وحمايتنا. وحاولت سيدة عراقية كانت تسكن مع زوجها المرتبط بالنظام (وأسمها أم يعرب أيضا") قرب الدورا الخامس أستدراج زوجتي الى حفلة شاي تحضرها السيدات فقط كضيفة شرف وبالحاح شديد تكرر عدة مرات علما" بأن لا علاقة لنا بهذه السيدة وانما قامت بدعوة سيدات عراقيات كنا نعرفهن بالطبع لغرض التمويه وجعل الأمر يبدو طبيعيا". ولا أشك أن زوجتي كانت ستختطف من قبل عصابات صدام ، لو لم نكن شديدي الحذر وحماية الباري عز وجل. اضطررت الى تدبير سمات دخول لعائلتي الى بريطانيا بمساعدة السفارة الأمريكية في عمان. وتم سفرهم الى لندن بصورة سرية للغاية، حتى أن أقرب أصدقائنا لم يعرف بذلك. والشخص الوحيد الذي عرف بذلك كانت المغفور لها الأميرة نافعة ، شقيقة الملكة زين والدة الملك حسين رحمهم الله جميعا" ، حيث أخبرتها زوجتي أثناء زيارتها لها لتوديعها أننا مضطرون لمغادرة الأردن. وبناء" على توجيهاتي طلبت من زوجتي أن تخبر الحارس المصري أنهم ذاهبون الى العقبة وسيرجعون بعد أربعة أيام. وصلت عائلتي الى مطار هيثرو في يوم 12 مايس 1994 ، بعد سبعة أسابيع من قدومي الى لندن كانت كأنها سبع سنين للأنني كنت في غاية القلق عليهم من شرور الأوغاد الصداميين. ووفرت السلطات الأردنية حراسة لعائلتي حتى وصولها لندن .بل وتأكدوا من قيامي بأستقبالهم أنا شخصيا" وكان معي السيد يعرب ابن السفير حامد علوان، قبل أن يغادروا مشكورين. استأجرت بيتا" في ويبرج في مقاطعة سري **** وسكنت فيه مع عائلتي وزارني فيه السيد أياد علاوي واعضاء مكتبه السياسي كل من المرحوم تحسين معلة وصلاح الشيخلي وتوفيق الياسري، وحضر معهم السيد حامد علوان والسيد ﭽﺍرلي من السفارة الأمريكية وهنؤونا بالسلامة. ومما قاله السيد أياد علاوي: كنت جالسا" في اجتماع في دمشق حضره حوالي 50 شخص وقال عدد منهم ان بيت طعمة السعدي هو مقر وحيد للمعارضة العراقية في عمان. وبالفعل كان كذلك فكان يزورني فيه معارضون من الداخل والخارج وكان يزورني السيد محمد الزبيدي (كانت كنيته أبو حيدر الكرادي، وهو من عائلة السمرمد) مندوبا" عن الأخ احمد اﻠﭽﻠبي وممن جاؤا برفقته مرة السيد عزت الشابندر مندوبا" عن جند الأمام الذين تركهم عندما وجد أن الصلاة خلف الدكتور أياد علاوي أثوب وأنفع كثيرا"، وصار بوقا" له، وحسنا" فعل.
انتهت خطتنا بعد أن انضم السيد حامد علوان الى الوفاق الوطني وسفر الأستاذ الفاضل هشام الشاوي الى السعودية وبقاءه فيها، وكان من المفروض أن يقوم السيد حامد علوان باستنهاض الضباط الجبور وجعلهم يلتحقون بمقرنا في كردستان وخامرتني شكوك كثيرة بأن سبب انضمام السيد حامد علوان الى الوفاق هو عدم قدرته على التأثير على ضباط جبور ذوي شأن كما وعدنا سابقا" ، لأنهم لن يصغوا اليه، ولا يفهمون شعر ثورة العشرين الذي كان يحفظه عن ظهر قلب، ويردده في كل لقاء سياسي، لأن لهجتهم تختلف عن لهجة الفرات الأوسط. يضاف الى ذلك فتور الأمريكان في موضوع اقامة قاعدة لنا هناك حيث كان من الواجب التنسيق مع قادة الحزبين الرئيسيين في كردستان ، الحزب الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني الكردستاني اضافة الى وجود المؤتمر الوطني العراقي في أربيل بقيادة الأخ الدكتور أحمد اﻠﭽﻠبي الذي كنا نتابع نشاطاته، و يشهد له الجميع بالشجاعة الفائقة وقدرات سياسية وادارية كبيرة، وفرع الوفاق الوطني في كردستان. وتولد لدي يقين بأن الأمريكان لم يكونوا جادين بأزاحة صدام عن الحكم من خلال تجارب اضافية حيث كنت أعمل مع قنوات أخرى من الداخل تشمل ضباطا" كبارا" في الدائرة المحيطة بصدام ، من حرس جمهوري وأمن خاص وغيرهم، كانوا على استعداد للقيام بحركة انقلابية، لأن صدام كان مستعدا" لقتل حتى أولاده وأحفاده بعد تعذيب همجي في سبيل البقاء في كرسي الحكم .وطلب هؤلاء الضباط دعما" جويا أمريكيا" في اجتماع بين ممثلهم والأمريكان بحضوري بالطبع ، وتم في داري في عمان في شهر شباط 1993 (بعد استلام كلنتون ادارته الأولى بشهر واحد). فطلب منا الأمريكان امهالهم اسبوعا" واحدا" ليزودوننا بجواب الأدارة الأمريكية الجديدة . وبعد أقل من أسبوع جاء الجواب ونصه : ناسف لأننا لن نوفر لكم غطاء" جويا" ولن نتدخل، ولكن لا مانع لدينا اذا قمتم بحركتكم ضد صدام. فقلت لهم ستحصد طائرات صدام الدبابات والمدرعات والمدافع التي سيقودها الضباط وجنودهم الأبطال وتفشل الحركة الأنقلابية. ثم بدأت محاولات للتنسيق بين المجلس الاسلامي الأعلى كطرف شيعي كان من المفترض أنه سيسيطر على الشارع في المناطق الشيعية بقيادة الشهيد محمد باقر الحكيم وبين مجموعة الضباط الذين ذكرتهم وبدأت صيف سنة 1995 في جنيف حيث اجتمعت ثلاث مرات مع السيد عبدالعزيز الحكيم بحضور الشهيد المرحوم الدكتور علي العضاض. ثم دامت المفاوضات سجالا" فيما بعد في لندن بحضور المرحوم الدكتور علي العضاض أولا" عام 1996، ثم الدكتور طالب (حامد) البياتي لاحقا" (بسبب اصراري على اقصاء الشهيد علي العضاض عن الأجتماعات، لأساءته لي بادعاءات باطلة مصدرها شخص موتور) . وأستمرت تلك المحاولات حتى قبيل سقوط نظام عصابة صدام في التاسع من نيسان 2003. وجدير بالذكر أنني قمت بشراء شاحنة حوضية (تنكر) لنقل النفط الخام من العراق الى مصفاة الزرقاء في الأردن بأسم شخص من عشيرة كبيرة شمالي بغداد (المنطقة المحيطة بتكريت)، وتم تسليم ثمن الشاحنة في بغداد الى شخص في منطقة الوزيرية من قبل المرحوم أخي جعفر ، بحجة أن لهذا الشخص دين بذمتي. وكان يتم نقل رسائل داخل علب السجائر بين عمان والعراق وبالعكس بواسطة سواق تلك الشاحنة الأثنين بسبب طول المسافة، اذ لا يكفي سائق واحد . ونفخر أننا لم نضحي بشهيد واحد بسبب كتماننا الشديد . ولم نكن كما فعل البعض الذين قاموا بأرسال أجهزة اتصالات مع سائق مصري يعمل في السفارة المصرية في بغداد. فتم توزيع الأجهزة بأمر المخابرات العراقية للمرسل اليهم، لأن الناقل مدسوس في منظمة معارضة معروفة تسببت في اعدام الكثيرين ممن كانوا على اتصال معها، و كانت تراقبهم المخابرات أصلا" بسبب اختراقها لتنظيمات المعارضة وبضمنها تلك التي كانت في طهران ، وقصة بطل العبور الذي كان بأمكانه ايصال المعارضين الذين كانوا يرومون تنفيذ عمليات ضد نظام صدام الى بغداد أو اي مكان بطريقة سفرة واحدة ***** ولكن ذلك يكون آخر يوم في حياتهم ، لأن أسماءهم كانت تسبقهم الى أجهزة صدام القمعية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |