|
استهداف القضاء في العراق...
عبد الخالق ياسين/ بغداد نقلت التقارير الواردة من بغداد أنّ قيادات الميليشيات التي تتغلغل حالياً في جميع مفاصل الحكومة، قررت ومنذ حوالي شهرين مضت، الدخول في معركة مفتوحة مع القضاء، بعد أنْ أسهم العديد من القضاة في إصدار أحكام شديدة ضد قيادات تلك الميليشيات التي تم إلقاء القبض عليها أثناء تنفيذ العمليات الأمنية التي شهدتها العديد من المدن العراقية. لقد مضت سنوات خمس منذ أنْ استحوذت الميليشيات على مقاليد الأمور في المدن العراقية، بحيث أصبحت قياداتها هي الآمر والناهي في الأزقة والحارات والساحات العامة والدوائر الحكومية والمستشفيات والجامعات، ونفذوا فيها أبشع الجرائم، ولم يردعهم عن ذلك لا وزارع ديني أو أخلاقي أو قضائي، بحيث اعتاد عتاة مجرمي الميليشيات على أنْ لا يسمعوا معارضة لممارساتهم الإجرامية من أي جهة كانت...وكأننا أمام مرحلة نهاية التاريخ في العراق تتجسد في الهيمنة على مقاليد الحكم والسلطة..!! وجاء اندلاع العملية الأمنية في البصرة في 25/3/2008 ليشكل منعطفاً تاريخياً ونقطة فارقة في تاريخ المواجهة مع إجرام الميليشيات وفي إبراز دور القضاء العراقي في القضاء على عناصرها المنفلتة، في الوقت نفسه الذي كانت نقطة فارقة في تأكيد جدية النهج الحكومي نحو فرض سلطة القانون ومواجهة طغيان أساطين الميليشيات والبيوتات المتنفذة فيها والممولة لها. لقد كشفت مصادر مطلعة من داخل المؤسسة الأمنية في بغداد، معلومات خطيرة حول وجود علاقات مشبوهة لبعض المندسين بين رجال القضاء العراقي مع قيادات الميليشيات التي لا تزال تلعب دوراً مؤثراً داخل المؤسسات الحكومية وتتحكم بموارد هائلة، تسخرها لمصالح بعيدة كل البعد عن المصالح الوطنية العليا. ومن مظاهر ذلك إشاعة الفساد في دوائر القضاء وفي أوساط رجالاته. وقد تعرض القضاة الذين رفضوا الانصياع لتهديدات الميليشيات إلى أعمال إجرامية منها الخطف والاغتيال والتهديد. ففي 26 حزيران 2008 تم العثور على جثة القاضي كامل عبد المجيد يوسف الشويلي الذي يعمل في محكمة استئناف بغداد/ الرصافة، وقد أُصيب بعدة اطلاقات نارية، ونقلته إحدى الدوريات إلى مركز شرطة الحبيبية في مدينة الصدر. وكان المواطن محمد حسن زبون/ أحد أفراد حماية الشويلي قد أصيب معه وفارق الحياة بعد نقله إلى مستشفى مدينة الطب. وفي بداية شهر تموز 2008، وقعت أربعة هجمات استهدفت أربعة من القضاة في بغداد، مما أدى إلى إصابة أحدهم كان برفقة زوجته وابنته، وأعلنت وزارة الداخلية أنّ الثلاثة الآخرين نجحوا في التخلص من المهاجمين دون أنْ يلحقهم الأذى باستثناء حارس شخصي لأحدهم أُصيب بجراح، ونقلت مصادر وزارة الداخلية في حينه أنّ ميليشيات جيش المهدي تقف وراء تلك الحوادث في محاولة منها للضغط على القضاة لحملهم على إلغاء أحكام الإعدام التي أصدروها ضد عدد من قيادات جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر. ولخطورة الوضع فقد تم عقد اجتماعات مكثفة للأجهزة الأمنية المختلفة برعاية الدكتور موفق الربيعي مستشار الأمن القومي للبحث في أفضل السبل للتصدي لهذا الوضع، وذلك في أعقاب المعلومات الخطيرة التي أدلى بها أحد عناصر الميليشيات الذي تم إلقاء القبض عليه وهو يقوم بزرع عبوة في منزل أحد القضاة. وأقول للوطنيين من العاملين في مجال القضاء أنّ دوركم هو الأكثر خطورة لأنّ تصحيح الوضع الراهن في البلاد مرهون بعدالتكم وصمودكم أمام التهديد والابتزاز، وأنّ المطلوب منكم أولاً هو كشف مجرمي الميليشيات المتغلغلين في المؤسسات القضائية، وإقامة العدل وإنصاف المواطن المظلوم الذي أُستبيحت حرماته وناله الويل من إجرام الخارجين على القانون.. ... والعاقبة للمتقين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |