تداعيات الأزمة في كركوك بين تهافت الأحزاب .. وإضعاف المصلحة الوطنية

 

محمد العراقي

alhakeeka@gmail.com

كشفت الأحداث السياسية المرتبطة بالأزمة في كركوك الكثير من الحقائق وكذبّت الكثير مما كان يقال طيلة الأشهر الماضية باعتباره مسلّمات سياسية.

ففي الوقت الذي كشفت فيه حقيقة النوايا الكردية الأنانية ذات النزعة العنصرية تجاه السعي لفصل كركوك وإلحاقها بإقليم كردستان خلافاً للإرادة الوطنية لطرفين أساسيين هما العرب والتركمان فضلا عن جزء من مهم من الوطنيين الأكراد البعيدين عن التحزب في كركوك.

وفي الوقت نفسه ظهرت الكتل الأخرى مشتتة ومترددة في تبني مواقف سياسية محددة وواضحة وصريحة تجاه هذه القضية الوطنية الحساسة، فعلى سبيل المثال نجد الائتلاف العراقي الموحد ـ الذي لم يعد موحدا ـ اختار تجزئة مواقفه بالشكل الذي يسمح له اللعب على حبال المناورة والمساومة التي تخدم مصالحه الحزبية والطائفية، فعند التصويت على قانون مجالس المحافظات وخصوصا المادة (24) اختار هادي العامري رئيس لجنة الأمن والدفاع ورئيس منظمة بدر مع مجموعة من نواب الائتلاف تأييد القانون المذكور، في حين وقف جلال الصغير ومجموعة أخرى موقفا مغايراً ومناهضا ومعارضا للقانون وللفقرة المذكورة تحديداً مما جعله ملكياً أكثر من الملك ووضعه موضع الشك والريبة، كما اتخذ زميله خالد العطية نائب رئيس مجلس النواب موقفا صبيانيا تخريبيا، مما دفع الكثير من النواب إلى توجيه انتقادات لاذعة له وصلت إلى حد المطالبة بعزله والتحقيق معه.

إن الدروس التي نخرج بها من تصاعد هذه الأزمة تتركز في ضرورة التدقيق فيما يُنقل عن حقيقة المواقف السياسية للأطراف العراقية المتصارعة لان الكثير مما يُنقل هدفه التغطية على المواقف الحقيقية وكذلك إضعاف الخصوم وتصعيد حالة الصراع القائم دون النظر إلى المصالح الوطنية العليا.

وعندما نربط بين ما كانت تروجه الكثير من الأطراف السياسية العراقية في داخل وخارج العراق بوجود اتفاق سري بين الحزب الإسلامي العراقي وزعيمه طارق الهاشمي وبين القيادات الكردية يتضمن التنازل عن الكثير من الحقوق العربية في مناطق كركوك، الموصل، ديالى، وصلاح الدين المحاذية لحدود إقليم كردستان.... نصل إلى حقيقة إن بعض الأطراف السياسية وبسبب ضعف أجهزتها الإعلامية وعدم إمكانيتها في الرد المناسب، تعرضت لحملة تضليل وتشويه مقصودة هي جزء من الوسائل التي أصبحت معهودة في اللعبة السياسية الجارية في بغداد وهو ما يقتضي من المراقبين للوضع العراقي التدقيق في مدى مصداقية ما تتناقله وسائل الإعلام وخصوصا التي تستقي معلوماتها من مصادر ذات أغراض حزبية بعيدة كل البعد عن مراعاة المصالح الوطنية.

كما تُثبت هذه التطورات إن القوى المهيمنة الآن على العملية السياسية العرجاء الجارية حالياً مستعدة للتضحية بشركائها من اجل تغطية أهدافها الخاصة بغض النظر عن أي شيء آخر كالتظاهر بتبني مواقف ايجابية تتناقض مع التوجهات والمواقف الفعلية. وهذه الحقيقة تشمل بعض القوى السياسية المحسوبة على جبهة التوافق التي يبدو أنها تعمل لمصالح حزبية أكثر مما تعمل لمصالح الجبهة أو جماهيرها.

ولا يستثني هذا الموضوع بعض القوى الكردية ومنها الاتحاد الإسلامي الكردستاني الذي يؤكد في كل مرة خضوعه للنهج القومي العنصري للحزبين الكرديين متناقضاً مع منطلقاته ومبادئه الإسلامية، مما افقده الكثير من الاحترام والتأثير الجماهيري.

وبعد كل ما ورد هل هناك شك في إن المواطن بعيد كل البعد عما يجري من صراع حزبي؟؟ ... مجرد سؤال!. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com