مشاهدات من مستشفيات البصرة الحكومية
 

 

 د. أحمد عبدالله

sultan_10002003@yahoo.co.uk

يعتبر الواقع الصحي لكل بلد يحترم نفسه في هذا العالم من أهم جوانب الحياة الى جانب الواقع التربوي والواقع القضائي . والدول المتقدمة تفتخر بأن ابناءها يتمتعون بصحة متميزة وفق أسس ومناهج علمية أعدها علماء أختصاصيون في هذا المجال. وقد كان عراقنا العزيز حتى سبعينيات القرن الماضي يتمتع بسمعة عالمية طيبة بسبب توفر الخدمات الطبية على نطاق كبير وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين مجانا. غير أن أنسياق النظام الصدامي وراء أهوائه وعبادته للحروب ومعاداة الناس جعلت الواقع الصحي يشهد تدهورا سريعا أنعكس بشكل سلبي تماما على عموم المواطنين.

لقد تصور العراقيون أن سقوط صدام في عام 2003 سوف يأخذ بأيديهم الى شاطيء الأمان في غضون اشهر قليلة ، غير أن وصول عناصر غير كفوءة الى دفة المسؤولة جعل الكثير من الأمور تتدهور بشكل أبشع من السابق. اليوم تشهد البصرة الفيحاء واقعا صحيا مؤلما ومبكيا فالزائر للمستشفيات الحكومية يصاب بالهلع من جراء الأهمال الرهيب لكل ماهو صحي في تلك المؤسسات الصحية الأنسانية ، فهل من المعقول أن تكون ردهات المرضى من عامة الناس مرتعا للذباب والحشرات الزاحفة والفئران والقطط السائبة؟ وهل يعقل أن تنتشر القاذورات والأوساخ بشكل ملفت للنظر وخاصة الدماء المنتشرة على الأغطية وأماكن رقود المرضى؟ ومن يصدق حصول حالة الأنذار القصوى لدى العائلة التي يحتاج أحد أبناءها الى عملية جراحية بسبب أمكانية عدم وجود الدم أو بعض الأدوية الحرجة وغير الحرجة؟! وهل يصدق السادة المسؤولون في بغداد أن أنقطاع الكهرباء الفجائي قد أودى بحياة عدد من الأطفال الخدّج في مستشفى أبن غزوان في البصرة لعدم وجود مولدة كهربائية في المستشفى؟ أليست هذه من الجرائم الكبرى التي يتحمل مسؤوليتها مدير المستشفى والأطباء الذين يتحملون المسؤولية المباشرة في الردهة ومن وراءهم مدير عام صحة البصرة فالمحافظ فالوزير؟! ولنتصور ماذا سوف يكون عليه الحال لوأن مثل هذا الأمرقد حصل في بريطانيا أو أمريكا أو حتى الهند؟ هل يعقل أن لاتستطيع محافظة مثل البصرة توفير أسرّة معقولة وأفرشة مناسبة الى المرضى المتعبين أصلا؟ أين هي الأموال التي تخصصها الحكومة للأمور الصحية؟ وهل تعجز دولة غنية مثل العراق على توفير أحتياجات مستشفياتها الحكومية في البصرة والتي لاتزيد على الخمسة؟! أنها المأساة الكبرى التي لابد للحكومة المركزية أن تلتفت اليها عاجلا لأن مايجري في البصرة في هذا المجال وغيره يمكن أن يطيح بكل المنجزات الكبيرة التس حققتها الحكومة لرفع المستوى المعاشي للمواطنين.

أما وزارة الصحة فلابد أن تتخذ خطوات عاجلة لتدارك تداعيات الأمور السلبية جدا في البصرة من خلال القيام بزيارات سرية للغاية الى مستشفيات البصرة دون أشعار المسؤولين هناك للأطلاع عن كثب على الواقع المأساوي لحالها ومظلومية أهلها في وقت يتمتع فيه كبار مسؤولي المحافظة بالأمتيازات التي لايستحقونها قطعا!!

ولنتذكر قول النبي الكرم (ص) : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com