|
الكيل بمكيالين
محمد علي محيي الدين قبل شهور صدر قرار من مجلس الوزراء العراقي باستحداث مؤسسة تعنى بحقوق السجناء السياسيين العراقيين، وكانت هذه البادرة مصدر فرح للكثيرين من السجناء الذين اعتقلوا لشهور وسنوات لنضالهم المجيد من أجل وطنهم ومحاربة الدكتاتوريات المتسلطة على رقاب العراقيين واختير لهذه المهمة أشخاص من السجناء السياسيين كان لحزبنا الشيوعي العراقي ممثله في هذه المؤسسة لأن الحزب الشيوعي هو الأكثر تضررا بين الأحزاب العراقية منذ العهد الملكي المقبور وحتى العهد الصدامي المدحور،فتناهد البعض من رفاقنا لتقديم طلباتهم بعد أن أبرزوا الوثائق التي تثبت اعتقالهم أو الحكم عليهم من خلال مقتبسات الحكم أو الحصول على الدعاوى المقامة عليهم أو من خلال الشهود الذين كانوا معهم في السجن. ومن المفيد هنا أن أشير إلى ظاهرة رائعة لا تصدر إلا عن الشيوعيين المعروفين بوطنيتهم وإخلاصهم لمبادئهم وشعبهم،فقد رفض الآلاف منهم التقديم للحصول على ما قيل أنه راتب شهري يصرف للسجين السياسي بغض النظر عن كونه موظفا أو عاطلا عن العمل وأن الراتب المذكور لا يتعارض مع ما يستلم من راتب آخر من دوائر الدولة العراقية،وبرروا رفضهم بأـنهم ناضلوا من أجل مبادئ وقيم نبيلة وليس من أجل حفنة من الدنانير ،وأنهم عندما خاضوا معامع النضال لم يفكروا بكسب مادي أو وظيفي أو كانوا يتوقعون منفعة ذاتية،بل أنهم نذروا أنفسهم لخدمة شعبهم ووطنهم دون اعتبار لسفا سف الحياة،ومن المعيب عليهم أن يستلموا ثمنا جزاء عملهم الوطني الشريف. لقد كان لهذا القرار أثره في أعادة بعض الحق لهؤلاء المناضلين ولكن : ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فقد ظهر أن القرار آنف الذكر يشمل فقط المعتقلين والسجناء السياسيين للفترة من 17 تموز1968 ولغاية سقوط النظام ألصدامي البائد، مما يعني أن الآلاف من الشيوعيين فقط ليس لهم الحق بالاستفادة مما يستفاد منه الآخرين،ولنا أن نتساءل عن أسباب هذا التحديد والتقييد،هل أن المعتقلين في العهد ألعارفي البغيض أو في زمن الحرس القومي أو في عهد بعد الكريم قاسم،لم يكونوا مناضلين من أجل الشعب والوطن وهل ا، تلك الأنظمة كان لها الحق في اعتقال المواطنين وأن من أتقل في زمانها لا يستحق ما يستحقه المعتقل في العهد ألبعثي،هل لأن الآخرين ليس لهم معتقلين في تلك الفترة مما يعني ا، غيرهم لا يستحق أنم أن القرار جاء لصالح طرف دون آخر ،أن رئاسة الوزراء مدعوة لإعادة النظر في قرارها هذا وتعديله بما يخدم جميع المتضررين من السياسيين العراقيين الذين ناضلوا وكافحوا كفاح الأبطال من أجل إسقاط النظام الملكي وإلغاء المعاهدات الاستعمارية أو وقفوا بوجه البعث وحرسه القومي وعدم تحديد الفترة بالفترة البعثية فقط لأن الفترات السابقة هي امتداد لها ،وأن الذين سيشملون بهذا التعديل سوف لا يكلفون ميزانية الدولة كثيرا ،فجلهم ممن هم في خريف العمر وقد يموتون قبل أكمال معاملاتهم لذلك علينا أعادة بعض الأمل لهم في أنهم لا زالوا في مقدمة المناضلين وأن أعمالهم البطولية هي التي أدت لإسقاط الأنظمة الدكتاتورية البائدة،,كان الأولى بممثلي الحزب الشيوعي سواء في الوزارة أو البرلمان تنبيه الحكومة لهذا الخلل فلعلها غافلة عن الأمر. وأمر آخر جدير بالانتباه أن الكثير من المعتقلين السياسيين يقيمون الآن خارج العراق وأن لهؤلاء العراقيين الحق بالاستفادة من القرارات التي تصدرها الحكومة العراقية لذلك أرى تعديل القانون بوضع فقرة خاصة للمهجرين والمنفيين الذين غادروا العراق لمعارضتهم للنظام المقبور وأن يكون لهم الحق بالاستفادة من القرار أسوة بزملائهم ممن في الداخل العراقي،ووضع الآلية السليمة لانجاز معاملاتهم بسهولة ويسر والاكتفاء بتأييد يؤيد اعتقالهم من مراجعهم السياسية لتعذر حصولهم على الوثائق المطلوبة لوجودهم خارج العراق،وأعتقد أنه من الرائع الجميل أن يستلم المهجر من العراق راتبا من حكومته الوطنية بدلا من الرواتب التي تتكرم الدول المضيفة التي لجأ إليها بصرفها ،لأن الدينار العراقي يبقى عراقيا ومحبوبا لدى العراقيين ولن تستطيع الدولارات أن تأخذ بريقه من العين العراقية التي تحب كل ما هو عراقي جميل.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |