|
أحزاب "وراثية"
حتى العظم
سهيل أحمد بهجت لا أمل في خلق عراق متوازن وقانوني ويتمتع مواطنوه بالحرية والسلام في ظل هيمنة أحزاب شمولية قومية وطائفية أساسها مصلحة "العائلة" الباحثة عن نفوذها كقائدة بالوراثة، ومن ضمن هذه النماذج التي ينطبق عليها هذا الوصف كثير من الأحزاب التي لا يحتاج المواطن إلا إلى بداهته ليعرفها، فأحد هؤلاء الزعماء "الأطفال" مثلا يعد نفسه لخلافة أبيه الذي خلف عمه الذي خلف عمه الآخر، وهكذا تحول أوتوماتيكي للسلطة وعلى الطريقة الأموية ـ الذين يصفهم آل الحزب بأنهم القتلة الفجرة الذين آذوا أهل البيت ـ لا تبشر بأي نوع من التغيير الديمقراطي. بل إن هذه العائلة الدينية تجاوزت حتى منهج السيد الخميني ـ الذي يتغنون به دوما ـ الذي لم يترك لأبناءه أي منصب وسلطة. راحت هذه الأحزاب تسعى إلى خلق كتل من الأراضي تحت شعار "الفدرالية" التي أضحت مجموعة "مركزيات" أخرى يقودها الزعيم البطل في تمثيلية تذكرنا بأيام المقبور صدام، وهذه الفدرالية الفـوضوية ذات الحدود الضبابية التي لن يقررها إلا طمع القادة وأين يقفون وأين يستمرون، سوف تكون بالتأكيد سببا لفشل التجربة العراقية وتحويل هذه الأرض إلى "صومال" آخر فقير ينام شعبه المسحوق على كنز وينام سادته على جثث الشعب. لا بد لهذه الأحزاب الوراثية أن تنتهي كونها سبب الشرور والفقر الذي يعانيه الشعب، ولكن لا يمكن إزاحة هذه الكتل الطفيلية التي تعيش على مص دماء الشعب إلا عبر توعية الشعب حينما يذهب إلى الانتخابات ويكون المواطن منتبها تماما إلى الذي سيصوت له، إن عشق الكرسي في شرقنا الإسلامي وعراقنا الممزق تحديدا هوآفة الآفات، فحتى تلك الأحزاب العراقية التي تغير زعماءها لا على أساس الوراثة فإن زعيمها يبقى متمسكا بالكرسي الحبيب وما يعنيه من صفات تشعره بأنه أصبح من صنف الآله وندماءهم. وحينما نراقب البرلمان العراقي لا نجد غرابة في أن يتحالف أرباب الوراثة ومنطق المتاجرة بقطع الأرض العراقية، حتى أن أحد هذه الأحزاب قدم قطع أراض إلى الأسرة الهاشمية الأردنية ـ لعله يصبح ذات يوم ملكا مثلهم ـ ولا بد لنا كمثقفين لبراليين ووطنيين من توعية الناس وتنبيههم إلى المنزلق الخطير الذي يعيشه، خصوصا وأن زعامة العراق الجديد في أيدي أناس هم ضعفاء وخائرون أمام الطامعين في الهيمنة والسيطرة. لا زال وضعنا كشعب وكفرد من ضمن هذا المجتمع متخلفا بالنسبة إلى ما تحتاجه الديمقراطية من ثقافة ووعي واطلاع، لكنني لن أدفع باتجاه التشاؤم والسلبية رغم أن قطاعا كبيرا من الشعب ينتخب العنوان المقدس والتقليدي، بمعنى أنه قد يشتم الحزب الفلاني ودكتاتوريته وفساده وسرقته للمال العام، لكن ما أن يجد أمامه صناديق الاقتراع حتى يبادر إلى التصويت لذات الحزب والعنوان، وهي بالأحرى "شركات" و"بنوك" العائلة أكثر من كونها أحزابا. Website: www.sohel-writer.i8.com <http://www.sohel-writer.i8.com/> Email: sohel_writer72@yahoo.com <mailto:sohel_writer72@yahoo.com>
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |