|
ميزات الثقافة الاسلامية
عباس السعيدي قد لا نجانب الحقيقة اذا قلنا ان النشاط الانساني الفكري بكل ما يحمل من تفاصيل تختصر في لفظه الثقافة ولكن يتعذر علينا ان نختصر مفهوم الثقافة عينه، وان الانسان يمكن ان يتقترب منه ولكن من المستحيل ان يطاله، فذلك اشبه بمحاولة مسك الهواء، ومع كل هذا لا باس من شرف المحاولة في ان نكون مثقفين وهذه الحقيقة يقررها القران الكريم حيث يقول جل وعز (وفوق كل ذي علم عليم). فبين ذي العلم والعلم مسافة شاسعة على الانسان ان يسير بها ويحدث نفسه بان يقطعها بكل ما اوتي من شهيق وزفير ليصل الى اناته المدركة ويحقق الفوقية الدنيا على اقل تقدير. وتجد الاشارة الى مفهوم الحضارة يتداخل مع مصطلحات اخرى في معظم اللغات العالمية ويبدو انهما قد مرتا بتطورات متشعبة في المفهوم لسنا بصددها هنا. بيد اننا لا بد من ان نحدد المفهوم الذي يدور في نطاق حديثنا الان، فالثثقافة ماخوذة من اللاتينية ودلالتها العضور القديمة والوسطى مقصورة على معنى مادي هو تنمية الارض ومحصولاتها، وتطورت في العصور الحديثة لتشمل مدلولين مادي وعقلي كما تطورت مرة اخرى في القرن الثامن عشر، فاصبحت تدل على تنمية العقل والذوق ثم الى حصيلة هذه العملية اي المكاسب العقلية والادبية والذوقية التي نعبر عنها بلغتنا بلفظ الثقافة والمدنية احيانا ولا يزال هذا المعنى هو السائد في اللغات الغربية ومفهوم الحضارة لدينا هو المعنى الواسع والحقيقي الذي يتناول حياة الانسان باجمعها ليس بمظاهره الخارجية حسب، بل كذلك وبالدرجة الاولى نظم تلك الحياة وبرامجها الروحية والعقلية لتطوير تلك الحياة واعلائها باستمرار طبق المبادئ الروحية والعقلية لتطوير تلك الحياة واعلائها باستمرار طبق المبادئ والقيم الانسانية الثوابت فيها والمتغيرات. تستمد الثقافة الاسلامية ميزاتها من ميزات الرسالة الاسلامية من حيث المنشأ كما انها تنطبع بطابع الشخصية الانسانية التي ستعنى ببنائها على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع، في مجالات الحياة كافة من حيث الهدف نظرا للترابط العضوي بين الرسالة وبناء الانسان واعمار حياته وتشييد حضارته، لقد تجسدت تلك العلاقة في بناء المجتمع الاسلامي الاول كما تجسدت مع كل بادرة وتطبيق اسلامية صحيحة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |