|
العداء بين السلفية التكفيرية والشيعة ... دوافعه اسبابه وحقيقته؟
حميد الشاكر يخطئ كثيرا من يعتقد ان هناك مشكلة عقدية او سياسية او اجتماعية تربوية كبيرة بين المتشيعة لاهل البيت داخل الاطار الاسلامي وبين اهل الحديث والسنة من اخواننا في الاسلام العظيم، وانما الخلاف الواقع والحقيقي هو بين المتشيّعة لمنهج اهل البيت داخل البيت الاسلامي، وفرقة صغيرة من اخواننا من اهل الحديث والسنة في القديم وفي الحديث من الاعصار المتعاقبة، وهذه الفرقة او المذهب او التوجه هو مايسمى في الماضي من التاريخ بأسم الخوارج، واليوم هم يسمّون بالسلفية التكفيرية !. والحقيقة ان المتتبع لبذور الاشكالية بين السلفية والشيعة تأيخيا يجد ان ذاك الاختلاف التاريخي لم يكن الا خلاف تفجر كحالة طبيعية بين الخوارج والشيعة على خلفيات الفهم للاسلام برمته بين أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع وشيعته من جهة، وبين الخوارج من جهة اخرى، وهو ( على فكرة ) لايختلف عن الاشكالية بين الخوارج انذاك وباقي المذاهب السنية من اهل الحديث ايضا في السابق !. اي بمعنى ان الخوارج في مامضى من تأريخ ليس هي مختلفة مع المتشيعة لاهل البيت ع فحسب، بقدر ماهو اختلافها ايضا مع باقي المذاهب الاسلامية الاخرى من منطلق اختلاف الرؤية والفهم للاسلام نفسه، فهناك فهم للاسلام يرى فيه انه رسالة ورحمة وتعارف والتقاء بين العالمين، وهناك فهم اخر يرى الاسلام انه غزو وطرد وتكفير وسيف وفتوحات وتقسيم للعالم الانساني بين ماهو مؤمن وماهو غير ذالك ويستحق السحق، ولذالك وكما ان الخوارج في الماضي كانوا على خلاف الى حد الدّم مع اهل البيت ومتشيعتهم، كذالك هم كانوا في خلاف دموي مع السلطات التاريخية المتعاقبة من اهل الحديث وفيما بعد اهل السنة والجماعة، ولهذا قلنا ان خلاف الخوارج مع المتشيعة لم يكن يمثل اختلاف اهل الحديث والسنة مع المتشيعة لاهل البيت ع بقدر اختلاف اهل السنة انفسهم مع الخوارج وبنفس القوة ايضا ؟. كذالك اليوم عندما نقرر ان الوريث الشرعي لخوارج الاسلام فيما مضى في افكارهم وتوجهاتهم وفهمهم للاسلام والممثل بالسلفية التكفيرية اليوم، هم ايضا لايمثلون العداء بين اهل الحديث والجماعة السنية مع المتشيعة لاهل البيت ع، بقدر مايمثلون ذالك الخط الذي ورث العداء لاهل البيت ع ومتشيعتهم من قبل الخوارج، ليتجسد اليوم هذا العداء بقالب السلفية التكفيرية بينهم وبين الشيعة على نفس تلك الخلفية من فهم الاسلام بين هذا وذاك من المذاهب والفرق الاسلامية ايضا، فالسلفية التكفيرية اليوم لاتكّفر ( كدليل على رؤيتنا هذه) فقط المتشيعة لاهل البيت ع وتحت ذرائع الكفر والشرك، كما كان الخوارج يعتقدون بكل من خالفهم الرأي في الماضي تحت شعار :(( ولئن اشركت ليحبطن عملك ))، ولكن ايضا السلفية التكفيرية تكفّر ايضا اهل السنة والجماعة بعلمائها ودعاتها ومشايخها الذين هم ليسوا على شاكلتهم بالفكر التكفيري لباقي المختلفين معهم، مما يؤكد بالقطع ان السلفية التكفيرية لاتمثل لافي السابق ولا حتى اليوم التوجه الاسلامي السني العام، وانما هم بالنقيض ان اردنا الحقيقة من تفكير اهل الحديث والجماعة والسنة داخل الاطار الاسلامي، وكما ان الشيعة نالهم التكفير من قبل السلفية التكفيرية كذالك اهل السنة نالها نفس التكفير ولكن باساليب متعددة منها (عدم تكفير من تكفره السلفية نفسها)، وكأنما مايميز الخوارج في السابق والسلفية التكفيرية اليوم هو فقط المنهج التكفيري القائم على اخراج اهل الاسلام من الاسلام نفسه، بدون الالتفات الى غير المسلمين من اعداء الاسلام نفسه !. نعم : هناك التطوّر الملموس في الاساليب التكفيرية للسلفية هذه تبلور باشكال جديدة لم تكن موجودة لدى الخوارج التاريخيين، ومنها على سبيل المثال تركيزهم القوي على العداء للمتشيعة لأهل البيت عليهم السلام بالذات في العصر الحديث، بل واعتبارهم هم العدو الحقيقي للاسلام السلفي التكفيري الجديد، مع عدم ظهور عدائهم لباقي المسلمين بصورة حادة ولكن مع بقاء فكرة التكفير هنا وهناك لباقي المسلمين ايضا مع بقاء التحرك خارج اطار اعلان الحرب المفتوحة على المسلمين السنة او المطالبة بابادتهم جسديا، وهذا بعكس العداء المعلن للسلفية التكفيرية واعلانها الحرب صريحة ضد اتباع اهل البيت والافتاء بوجوب سفك دمائهم ... كل هذا وغيره لالسبب الا لكون باقي المسلمين من اهل السنة هم الغالبية العظمى وصاحبة السلطان والحكم في الدول الاسلامية، فخشيت السلفية تدميرها بالكامل ان هي اعلنت تكفير امة السنة من الاسلام، بعكس المتشيعة لاهل البيت ع الذين يشكلون اقلية معارضة للحكم القائم فمن السهل التفرد بهم وشرب دمائهم ببساطة، وهذا ان لم يكن بمساندة بعض المغرّر بهم من اخواننا السنة لفكر السلفية التكفيرية القاتل !. ان المطلوب اليوم والذي تطرحه السلفية التكفيرية على الشيعة كأجندة يجب الالتزام بها كي يكون هناك معاهدة صلح او اقامة علاقة وديّة بين التشيّع والسلفية التكفيرية هو : التنازل الكامل عن خط اهل البيت عليهم السلام باعتباره المختلف الغير مقبول داخل الاسلام، وعدم ابراز مناهجهم وتصوراتهم الاسلامية كمدرسة فكرية بالاضافة الى عدم احياء اي ذكر لال محمد ص في زياراتهم او ذكر مواليدهم او احياء مآتمهم الحزينة كعاشوراء من منطلق انها تذكير بما لايجب ان يذكر في التاريخ الاسلامي في عرف السلفية التكفيرية، واخيرا التبرئ من كل موروثهم الفكري وفقههم الاسلامي وعقائدهم الدينية المذكورة بكتب الحديث الشيعية ...، وبعد القيام والعمل بموجب هذه الاجندة السلفية التكفيرية ربما بعد ذالك يتم قبولهم بحضيرة الاسلام السلفي، وهذا بعد اخذ الاقرار من ضمائرهم بولاية اعداء ال محمد من ال امية وباقي سافكي دماء العترة الطاهرة كيزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وباقي سلسلة حكام وسلاطين وامراء وملوك العرب والمسلمين في التاريخ وحتى واليوم، مع هدم مراقد واضرحة ال محمد ص التي يقدسها الشيعة واعتبارها شواخص شركية تخرج من الاسلام، واعتبارهم كعامة المسلمين ولافضل لهم على باقي الناس اجمعين ؟!. عند هذا ستنال المتشيعة لال محمد ص رضى التكفيرية السلفية مع بقاء اي متشيع لفترة طويلة من الزمن على اساس اعتباره مسلم من الدرجة الثانية حتى انقراض هذا الجيل ومجيئ جيل جديد لايعرف شيئا عن تاريخ التشيّع اطلاقا، الا انهم اناس ليست لهم اديان وليس لهم عقول ويكرهون الاسلام والصحابة ويلعنون كل ماهو خيّر ويقدسون كل ماهو سيئ وشرير وفيه فتنه كالحسين بن علي وباقي الائمة من ال الحسين الذي يعبدهم الشيعة ..... الخ ؟!. هذه هي مطالب السلفية التكفيرية بالفصيح من القول من الشيعة الامامية اليوم، وهي كما ترى سيدي القارئ المحترم مطالب حتى وان تحققت للسلفية التكفيرية من قبل المتشيعة لاهل البيت، فهل هناك من ضامن يضمن لنا ارتفاع مذهب التكفير لهذه السلفية التكفيرية ؟. ومن يقول ان السلفية التكفيرية ان استطاعت ابادة الشيعة تماما من الكرة الارضية لاترجع لتكفرّ المسلمين السنة ايضا كما كفرّ الخوارج جميع المسلمين في السابق سنة وشيعة، لتدور الدائرة على اخواننا من السنة وتحت ذرائع شتى تكفيرية ايضا حتى نرى اهل الاسلام بالجملة ابيدوا تماما على يد السلفية التكفيرية هذه ؟. الحقيقة يا أحبتي القرّاء ان العداء بين السلفية التكفيرية والشيعة اليوم هو عداء ينبع اساسا من فكرة القبول بالاخر اولا، وفهم الاسلام ثانيا، وليس من منطلق ان للشيعة عقائد مختلفة عن اخوانهم السنة او ان لهم توجهات تختلف فكريا وسياسية عن اخوانهم السنة، فالاسلام نفسه يقبل بفكرة الاختلاف داخل اطاره بين دين الاسلام نفسه وباقي الاديان الاخرى، فمن الاولى فقهيا واصوليا ان يقبل الاسلام باختلاف ابنائه تحت جنحه وفي كنف رعايته، الا ان هذا الاسلام هو اسلام محمد العظيم ص، اما اسلام السلفية فمختلف ولايقبل بالاختلاف مطلقا وبدلا من ان نفهم الاسلام على اساس انه رحمة يجب ان نفهمه سلفيا على اساس انه نقمة وانتقام وزحف واسعباد بلا رحمة!. ان المتشيعة لاتستطيع ان تقبل بالشروط السلفية التكفيرية ومع وافر الاسف، فلا هي مستعدة ان تترك خط اهل البيت الاسلامي والذي تعتبره خط الاسلام الاصيل، ولاتستطيع ان تخضع لعبودية سيف السلفية التكفيرية باعتبار ان الحرية في الفكر الشيعي اغلى ثمنا حتى من الحياة نفسها! كما ان المتشيعة لاينطلي عليها نفاق السلفية التكفيرية التي تدعي حب ال البيت ع وهي لاترغب بسماع حديث فقه من الصادق او لاترحب بأن تذكر الامام موسى بن جعفر عليهم السلام جميعا في كامل حياتها !. مرّة حاورني تكفيري وقال لي : نحن اكثر حبّا منكم انتم الشيعة لاهل البيت واكثر ولاءا واحتراما ايضا، وما انتم الا مسيئين لاهل البيت رض على الحقيقة والافضل ان لاتذكرونهم اصلا حتى لاتدنسوا مقام اهل البيت رض ؟!. فقلت : نعم لنفرض اننا كشيعة تنازلنا عن ذكر ال محمد وتركناهم وشأنهم ولن ننقل حديثا من احاديثهم او نحيي ذكرا منهم، فهل ستقومون انتم ايها السلفية التكفيرية بذكر ال محمد ونقل علومهم واحياء أمرهم واقامة الشعائر والمأتم الحزينة لمفاجعهم ؟. فاجابني وكأنما صدمة دماغية او سكتتة عقلية اصابته المسكين : ماذا قلت ؟. ولم ارى من الثعلب بعد هذا الا غباره !. فتيقنت عندها ان المطلوب رأس اهل البيت وما شيعتهم الا عنوان هذا الرأس المطلوب سلفيا تكفيريا ميتا ليموت شاهد الجريمة الوحيد وتلف القضية الحسينية لتقيد ضد مجهول !.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |