|
فتنة كركوك العراقية عبد الرزاق السلطاني الاجتهاد والاختلاف في الرأي هو من سمات الديمقراطية اذا ما فهمت في انساقها الصحيحة ومعالمها الواضحة، وعندما نأخذ فرصة كافية لتفحص مفاهيمنا للوقوف على نقاط الضعف واكتشاف مراكز القوة في تجربتنا الرائدة بالتالي سندرك ننا امام مفاهيم ربما تحتاج الى تصحيح في بعض مواطنها، وليس غريباً في أصولنا ومبادئنا المراجعة بعد ان اقصتها القراءات الاحادية والفهم المتحيز الذي خلف في كثير من الاحيان حلولا ترقيعية، لذا علينا اعتماد خطاب ثقافي وفكري علني يتناول جوهر الاشكاليات ويتبنى نسقا من المفاهيم كالتسامح والاعتراف بالآخر، كي يتمكن الجميع من تجاوز ادران الماضي وترسباته الاقصائية، في التخلي عن المنهج التصادمي العدواني واللاقانوني الى المنهج المؤسساتي هو دليل التقدم الديمقراطي وسط الصعوبات وعدم تخلي البعض عن افكارهم السابقة وهضمهم مفاهيم العراق الجديد وتداولية السلطة والسلم الاهلي، وهذا ما بدى يطفوا واضحاً بعد ان تساقطت الفصائل الارهابية المسلحة تحت اقدام قوات الامن العراقية، وربما ستكشف الايام المقبلة للعراقيين والعالم اسراراً جديدة عن الاسباب الحقيقية التي تدفع باتجاهات نظرية المؤامرة واشعال الفتن واستغلال اية فرصة لايجاد شرخ بين العراقيين ودق اسفين الفرقة بين مكوناته، فان تداعيات ازمة كركوك اعطتها المسوغ لادخال المدينة المتعايشة موجات من الشد والشحن الكلامي والاعلامي والنفسي، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة وبدعم مباشر من قوانا الدينية والوطنية لتمهيد أرضية مناسبة لاستكمال شروط التطبيع والتوافق الوطني للحفاظ على ديموغرافيتها، فضلاً عن تذليل العقبات التي تسهم في تبديد الهواجس التي تحول دون اجراء الانتخابات في موعدها المحدد وصولاً الى خارطة طريق تضمن حقوق مكونات الشعب العراقي ضمن الاسس الدستورية والقانونية، اذ تصر قوانا الوطنية على اجراء الانتخابات فور استكمال المضامين المتعلقة بها، في الوقت الذي يظهر خط واضح مغاير تماماً لطروحاتنا ومتبنياتنا ويتستر بيافطة الوطنية ويعمل تحت الطاولات والغرف المظلمة لتعطيل هذه الارادة لتحقيق مصالح فئوية وانتخابية ضيقة. لقد بات واضحاً بسط الحكومة العراقية سيطرتها على الوضع الامني المأزوم في مناطق العراق المختلفة، ما ادى الى اختفاء المظاهر المسلحة فيها الامر الذي فتح الباب على مصراعيه لخلق اجواء الاستقرار وعودة الصلات الدبلوماسية بين العراق والعالم لتشكيل مناخاً مؤهلاً للاستثمارات لاسيما العربية منها لملئ الفراغات والانفتاح على التجربة العراقية وبناء العلاقات المتوازنة والنظر بعين الواقعية السياسية لما تحقق من الانجازات وعلى الصعد كافة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |