|
(بغداديات) .. محاصصة مخاصصة_ الحلقة الثالثة .. كذبة العبد
بهلول الكظماوي يحكى انه كان هناك عبداً معروضاً للبيع في سوق النخاسة, مر أحد ألامراء الى السوق ليجد هذا العبد شاباً قوي البنية, صحيح الجسم، مفتول العضلات . اقترب الامير من العبد فاحصاً طاقته وقوة تحمله، مستفسراً من نخّاسه عن مواهبه وميزاته وعن ما يحسنه هذا العبد فأجابه النخاس: انه (العبد) قوي الشكيمة، شديد التحمل، تستطيع ايها الامير أن تجعل منه مقاتلاً يدافع عنك اذا حمي وطيس المعارك، وان سكت هديرها وحلّ الامان في ديارك تستطيع ان تشدّ عليه المحراث ليسحبه في كراب الارض بدل الثور، اضافة الى انه يجيد الطبخ والطهي وغسل الصحون والاطباق ومسح ارضية المطبخ والدار،حتى انه يجيد تمثيل عجين الفلاحة ونومة العازب. وقبل ان يهم الامير بالشراء سأل الامير النخّاس بعد ان تعرف على كل حسنات العبد، فسأله عن سيآته ومعايبه . فأجابه النخّاس : بأن ليس لهذا العبد اّلاسيئة واحدة تعيبه لا غيرها، الا وهي انّ لهذا العبد كذبة (مقلب) واحدة يكذبها لمرة واحدة بالسنة وما عدى هذه الكذبة فلا توجد اية خصال سيئة ورديئة اخرى . عند ذاك قالت زوجة الامير المرافقة له :انّ هذه الخصلة السيئة الوحيدة (وهي الكذبة _ المقلب _ السنوية الوحيدة) تهون اذا قارناها بكل الخصال الحميدة التي ذكرها النخاس . واخذت تلح عليه لشراءه . وامام الحاح الزوجة اشترى زوجها الامير العبد واخذه معه ليضمّه الى بقية خدمه وعبيده بالقصر الاميري . ومنذ الايام الاولى لوجود هذا العبد في قصر الامير أخذ يعمل جاهداً لكسب رضا سيده الجديد والقيام بكل الاعمال الموكلة له على احسن وجه. وكلما مرت الايام والاسابيع والشهور الاّ وتمكّن العبد اكثر واكثر من ترسيخ ثقة سيده الامير واهل بيته به الى ان اصبح موضع احترامهم وتقديرهم وبالتالي كاتم اسرارهم . ولما حان الموعد السنوي للكذبة التي اعتاد ان يكذبها هذا العبد المملوك بالسنة لمرة واحدة (اي يدك الدكة الدونية) على حد تعبير المثل الشعبي العراقي . ولكون هذا العبد اصبح كاتم اسرار العائلة والمؤتمن على تفاصيل حياتها وحلاّل مشكلاتها، اسرّت زوجة الامير باثّة شكواها للعبد متذمّرة من برود زوجها الامير واعراضه عنها وهجرانه لها، ويساورها الشك بوجود امرأة اخرى في حياة اميرها الشاب . وهنا حانت ساعة العمل وسنحت الفرصة الذهبية اما العبد (لمقلبه) لتنفيذ كذبته السنوية . وهنا قال لها انه باستطاعته ومقدوره عمل سحر لاميرها الشاب يربطه بمحبة ابدية بزوجته الاميرة بحيث لا يفضل امرأة اخرى عليها . وعليه أعطى العبد للاميرة (موس) شفرة حلاقة قائلاً لها : كل المطلوب منك أن تجلبي لي شعيرات قليلة من لحية حبيبك وزوجك الامير من الموضع الكائن تحت حنكه من فوق اللوزة . ثم ذهب هذا العبد الى سيده الامير آخذاً منه العهد بالامان قائلاً له ناصحاً ايّاه : على أنه (العبد) شاهد سيدته زوجة الامير تواعد عاشقاً لها بان تذبح زوجها الامير هذه الليلة وبعد ذبحه ستأخذ كل الاموال والحلي والمجوهرات وتأتيه بها لتهرب معه (عشيقها) وقد اخذت زوجة الامير هذه من عشيقها (موس) شفرة حلاقة لتنفيذ مهمتا الخيانية . وبالفعل عندما قدم الامير الى مخدعه ليلاً وآوى الى الفراش متظاهراً بالنوم مترقباً لما سيحدث، واذا بالزوجة تأتي لتشاهد زوجها الامير نائماً وفي سابع نومه كما يقولون فتخرج شفرة الحلاقة لتقطع شعرات من رقبة اميرها كما اوصاها العبد، وهنا انتفض زوجها الامير كردة فعل ظاناً منه انها قد شرعت بذبحه كما وصفه له ذلك العبد . وكانت النتيجة ان سحب الامير الموس من يد زوجته ليذبحها به وينهي حياتها بدل ان تذبحه كما ادعى ذلك العبد الكذاب. وألآن عزيزي القارئ الكريم : حملت الزيارة السابقة للسيد المالكي رئيس الوزراء العراقي الى الاردن قبل ما يقارب الشهرين، حملت خبراً مفاده بأن العراق قد وافق على تزويد الاردن باحتياجاته النفطية بسعر تفضيلي يبلغ ثمانية عشر دولاراً اقل من سعر السوق، وقد ظهر حينها السيد حسين الشهرستاني وزير النفط العراقي امام شاشات التلفاز الفضائية معترفاً بذلك السعر التفضيلي المخفض . وامام اللغط والاعتراض الذي حصل بالشارع العراقي ظهر امام شاشات التلفزيون الدكتور حيدر العبادي مبرّراً انّ هذا التخفيض الذي قدره ثمانية عشر دولاراً للبرميل الواحد هوناتج لطرح عمولة الوسطاء من اصل المبلغ، وبسبب ان العراق يبيع نفطه للاردن مباشرة وبدون أن يعطي اي قومسيون عمولة لأي وسيط . أمّا اليوم وبعد الزيارة الميمونة لمملوك امارة شرق الاردن الى العراق خرج علينا وزير الطاقة الاردني بتصريح يقول ان العراق قد وافق على جعل نسبة الخصم التفضيلي لبرميل النفط العراقي الى الاردن هواثنان وعشرين دولاراً . وكلنا نعرف جيداً ان بورصة النفط معرضة دائما الى الصعود والهبوط، وقد وصل الصعود الى ذروته وبدأ الان عصر الهبوط، وهذا يعني اذا وصل سعر برميل النفط الى خمسة وعشرين دولاراً ونبيعه الى الاردن بخصم اثنين وعشرين دولار فنكون حيذاك قد استحصلنا ثلاثة دولارات لا غيرها للبرميل الواحد المصدر الى الاردن، وبما ان كلفة استخراج ونقل النفط تصل الى خمسة دولارات فنكون اعطينا الاردن برميل النفط بالمجان وفوقه دولارين اتاوة ودفع بلاء وصدقات على رؤوس العراقيين . الم نقل لكم اعزائنا القراء بان دول الجوار ودول القرار لها محاصصة مع العراقيين . وامام هذه المبالغ المحاصصية يتوجّب علينا نحن العراقيين أن نقيم مجالس الفاتحة والترحيم على روح السيد كولبنكيان لانه وبعد جهوده الجبارة في اقناع الحكومة التركية التي كان العراق يخضع لسلطاتها الادارية آنذاك من جهة، ومن جهة ثانية بذل الجهود المضنية بالمقابل لاقناع السلطات البريطانية باكتشاف واستثمار النفط من الحقول العراقية، ومع كل هذه الجهود كان السيد كولبنكيان يتقاضى حصة عمولته بنسبة خمسة في المئة من واردات النفط العراقية لا اكثر من ذلك، اي ليس كما هوعليه الحال مع الاردن التي ينطبق معها المثل العراقي القائل ( فوك حكّه دكّه، وفوق الحمل تعلاوة ) . يضاف لتأريخ السيد كولبنكيان الذي كان العراقيون يطلقون عليه (مستر فايف برسنت) السيد خمسة بالمية، يضاف لتاريخة السالف اياديه البيضاء في المساهمه، بل في اعمال المشاريع الخيرية والخدمية للعراقيين ومنها للمثال وليس الحصر انشائه لمدينة الطب وثم ملعب الشعب ....و.....و..... الخ من المشاريع الخيرية التي تبرع بها . يقابل كل ذلك ايادي النظام الاردني ابتداءً بالضراعة التي تضرعها رئس هذا النظام السالف (ابن كلوب وابن ابوحنيك كما يسميه الفلسطينيون) بان يدخل النائحة الى كل بيت من بيوت العراق بجريرة فرداً واحداً اطلق النار على ملك العراق المرحوم فيصل الثاني فكان له ان عاقب شعب باكمله ولمدة تزيد على الخمسين سنة ولا تزال القوبة سارية والابتزاز ساري المفعول لحد هذه اللحضات . ومروراً بتسليم القائد الشهيد المرحوم المهندس محمد هادي السبيتي ابوحسن رحمه الله والتي طويت صفحة جريمة تسليمه الى السلطات الصدامية ظلماً من ذوي القربى لاغراض محاصصية بحتة ...... ومروراً بافتعال ازمة الهلال الشيعي من قبل عبد الاستعمار المملوك الجديد و....و......و.....وانتهاءً ليس آخراً بأبي مصعب الامريكاوي، عفواً الزرقاوي لعنه الله ولعن من اخرجه من السجون الاردنية ليدفع به لذبح العراقيين. عزيزي القارئ الكريم : اذا كان العبد المملوك في القصة البغدادية آنفة الذكر له حصة سنوية واحدة يكذب بها ، فان لمماليك امارة شرق الاردن محاصصتهم في كل فصل من فصول السنة كذبة ومقلب و(دكة من الدكايك الدونية) كفا الله العراق والعراقيين شرهم واهوالهم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |