اهمية تحسين الاقبال على سجل الناخبين

 

جاسم الحلفي

aro792005@yahoo.com

لم يجرِ تحسن نوعي في اقبال المواطنين على مراكز تسجيل الناخبين، ما دعا المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الى تمديد فترة التسجيل اسبوعا واحدا، بعد نفاد الفترة التي حددتها سابقا. فالايام الثلاثون التي استغرقتها عملية التحديث مرت بفتور واضح، من دون ان تكون هناك حماسة واندفاع لمراجعة المراكز وتدقيق الاسماء وإضافتها أو حذفها من السجل، فلم يبلغ عدد المراجعين للمراكز اكثر من 1.069.591 مواطناً حتى كتابة هذه السطور.

ويشكل هذا الرقم نسبة متواضعة من عدد الذين لهم حق الانتخاب، ويعطي انطباعاً بان الغالبية غير مهتمة بهذه الخطوة التي غاب عنها المواطن وغابت عنه، رغم اهميتها للعملية الانتخابية. فكما لا يمكن اجراء الانتخابات من دون قانون ينظمها، كذلك لا يمكن تصور اجراء انتخابات حقيقية، تعكس المشاركة المتساوية، من دون سجل الناخبين. إذ ان هذا السجل يمثل قاعدة المعلومات للناخبين الذين لهم حق المساهمة فيها. فكلما كان السجل متينا ورصينا ودقيقا، كانت هناك ارضية لانتخابات نزيهة توفر الفرص المتساوية للجميع، لا تغيب انساناً عن ممارسة حقه، ولا تعطي حقا لاحد على حساب الغير.

يبدو انه لم تجر عملية توعية كافية بأهمية هذه الخطوة، ليس للمواطن العادي بل حتى ان بعض السياسيين لم يدركوا ما لهذه العملية من اهمية لناخبيهم. وهناك من لم يبذل الجهد الكافي للتعريف باهمية هذه الخطوة، فترك السياسيون شعورا يتنامى قوامه ان لا جدوى من الذهاب الى المركز، ولكن من دون تقدير سليم لمخاطره على نتائج الانتخابات القادمة.

كما يمكن الاشارة الى ان عدم مراجعة المواطنين لمراكز التسجيل، يعبر، في بعضه، عن الجزع والسخط على من صوتوا لهم في الانتخابات السابقة. وهذا الموقف الاحتجاجي، هو سلبي ان تمت ممارسته بهذا الشكل، لان الخلل ليس في العملية الانتخابية، بل في نتائجها إذ كانت الخيارات تتم على اساس الولاءات الشخصية والطائفية والاثنية، بدلا من تلك التي تتم على اساس البرامج التي تمثل طموحات الناس واهدافهم، تلك البرامج التي يتبناها مرشحون أكفاء يمتازون بالصدقية والنزاهة والاخلاص، الى جانب الجرأة في الدفاع عن مصالح الناس ومطامحهم، يعملون من دون كلل من اجل تنفيذ وعودهم الانتخابية التي قطعوها على أنفسهم امام ناخبيهم.

من جانب آخر، هناك ضعف واضح في التغطية الاعلامية لهذه العملية، ومجرياتها، فلم يسلط الضوء بما يكفي لعملية تسجيل الناخبين وضرورتها، دع عنك اهمية نشر المعلومات عنها، وتوضيحها بالقدر المطلوب، وعدم الاكتفاء بالاعلانات فقط.

فالاعلام له دوره المسؤول في تقديم المعلومات ووضعها تحت تصرف المواطنين، بأيسر الطرق واقصرها. ان متابعة سريعة لما قام به الاعلام خلال الفترة المنصرمة يؤكد ان ما تمّ، لا يتناسب مع حجم وامكانيات وسائل الاعلام في العراق.

كما ان هناك سؤالاً عن جدوى توقيت عملية التسجيل، في وقت كان فيه السياسيون منقسمين حول القانون، واستعصى عليهم ايجاد حل لعقده، ولم يدرج في جدول اعمال البرلمان لحظة اعلان فتح مراكز التسجيل؟. فهل هو موقف من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، تعلن فيه جاهزيتها، كي تسحب الحجة من بعض السياسيين الراغبين في تأجيل الانتخابات؟ أولئك الذين يغلفون رغبتهم خلف أسباب فنية!

 فقد سبق ان اعلنت المفوضية، مرارا، استعدادها لاجراء الانتخابات بعد ثلاثة اشهر فقط من اقرار القانون، كما كانت واضحة في شكواها - اي المفوضية- من تأخير الدعم المالي والمعنوي لها، فالامر كما هو معروف، سياسي وليس فنياً، فعدم تشريع القانون يمثل العقبة الكبيرة امام الاجراءات الفنية. 

مع كل ما مر، هناك امكانية لتجاوز ضعف الاقبال على سجل الناخبين، بالاستفادة من تجربة جنوب افريقيا، التي واجهتها نفس المشكلة في ضعف الاقبال على سجل الناخبين، في انتخاباتها الاولى بعد زوال نظام الفصل العنصري، فاعتمدت على الفرق الجوالة التي تذهب الى البيوت وتقوم بزيارتها لتدقيق السجل، والامكانية في العراق متاحة عمليا لتطبيق ذلك، وتجاوز الصعوبات الفنية، لكن شريطة ان تتوفر ارادة وطنية، تبتكر مخرجا مقبولا من الجميع للفقرة 24 من القانون، التي شكلت عقدة الاستعصاء في تمريره.

ان الانتخابات ليست عملية بسيطة، هذا اذا كان الهدف منها ايجاد افضل الممثلين لارادة المواطنين، ويتم ذلك عبر توسيع المشاركة فيها، وتحسين ادارتها، وتسهيل ممارستها، وهي بالتالي ليست مهمة الغير، بل هي مهمة كل مواطن واعٍ، فهي الخيار الاساسي المتاح لاجراء تغييرات تمكن المواطن من تحقيق ما يصبو اليه.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com