|
الصعود الى الهاوية: ترديات ابو مصعب الزرقاوي .. الحلقة الرابعة
ميادة العسكري بدأ البحث عن الزرقاوي في صيف 2003 ، بعد وقت قصير من غزو العراق ، حين قامت قوات الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية بسحب وحدتين من القوات الخاصة ( واحدة كانت في العراق تبحث عن صدام حسين، والأخرى في أفغانستان تبحث عن بن لادن وقيادات القاعدة الأخرى) ، وقامت بدمج هاتين الوحدتين في وحدة واحدة سميت قوات وحدة العمليات 6-26 . كانت القوات الخاصة قاب قوسين او ادنى من القاء القبض على الزرقاوي في عدة اوقات. ففي نهاية 2004، ألقت قوات الأمن العراقية القبض على الزرقاوي قرب الفلوجة ، لكنها أفرجت عنه لجهلها بشخصيته. وفي شباط من عام 2005، علم أعضاء قوات المهمة بأن الزرقاوي سيسافر في منطقة محاذية لنهر دجلة ، لكنهم أخطأوا التوقيت، وتسلل هاربا. كانت الأساليب التي استخدمتها قوات وحدة العمليات في استجواب المعتقلين ذات سمعة سيئة. فحين بدأ البحث عام 2003، كان مقر الوحدة في معسكر ناما في مطار بغداد الدولي، حيث كان المعتقلين يتعرضون الى سوء المعاملة بشكل متواصل. وحسب تقارير صحفية في صحف النيويورك تايمز والواشنطن بوست وصحف امريكية اخرى، تراوحت أساليب الأستجواب في معسكر ناما بين أساليب بالغة القسوة واساليب اخرى صبيانية – فقد وصف أحد اتقارير قيام جنود قوات المهمة بإطلاق كرات من الطلاء على المعتقلين . في مطلع عام 2004 تقدمت كل من ال CIA و FBI بشكاوى الى السلطات العسكرية بخصوص مثل هذه الممارسات. بعد ذلك أقدمت وكالة الجاسوسية بمنع موظفيها من العمل في معسكر ناما. وقد تم الأبلاغ عن قيام أعضاء من فريق الأستجواب بممارسات قاسية ضد السجناء تتضمن نزع ملابس المعتقلين وتركهم عرايا، وتوجيه خراطيم المياه عليهم في البرد القارص، وضربهم، واستخدام اسلوب " أوضاع الضغط" عليهم، وحرمانهم من النوم لساعات طويلة. ولكن بعد ظهور فضيحة أبو غريب للعيان في نيسان 2004 ، قامت الجهات العسكرية باتخاذ إجراءات صارمة ضذ مرتكبي هذه الممارسات والأعمال. ومع حلول شهر آذار من عام 2006 ، قامت (قوات وحدة العمليات) بمحاسبة وتأديب 34 عضوا من اعضاء الفريق، وتم استبعاد 11 اخرين من الوحدة بسبب سوء معاملة المعتقلين. وفي نهاية العام الماضي، أثبتت الجهات المسؤولة قيام خمسة عسكريين يعملون في الوحدة بجريمة ضرب المعتقلين وتعذيبهم. جرى إبدال إسم قوات وحدة العمليات ليصبح إسمها قوات وحدة العمليات رقم 145 ، وذلك في صيف 2004 ، وتم نقلها إلى بلد، حيث بدات دفعة جديدة من المحققين بالوصول في السنة التالية. وحسب ما جاء في أقوال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم بخصوص هذه الحادثة، فإن المعاملة السيئة ضد المعتقلين انتهت، حيث منع إستخدام العنف الجسدي وكذلك استخدام أساليب الحرمان من الطعام أو تغييره كطريقة للعقاب. وفي الحقيقة فإن تجربة سجن أبو غريب وضعت قيود كثيرة على المحققين والمستجوبين الذين لم يسمح لهم بعدها بحرية التصرف مع المعتقلين. كانت هناك مراقبة و متابعة حقيقية بواسطة كاميرات الفيديو ، بحيث يتمكن المسؤول من التدخل وإيقاف أي شخص يتخطى الحد المسموح عند قيامه بالاستجواب. وقد أدخلت أساليب أكثر مهارة وتهذيبا في عمليات الأستجواب بعد أن عمل المحققون مع مجموعة من التقنيات المحددة في كتيبات الجيش، التي يتم تدريسها في فورت هوجوكا ك " تعزيز الذات" و " التثبيط" ، الذي يتضمن تحقير المعتقل ، إضافة الى عدد من الخدع البسيطة- مثل خداع المعتقل بحيث يعتقد بأنك تعرف كل شيء، أو تزويده بمعلومات خاطئة عن اصدقاء له، أو أفراد عائلته،ألى غير ذلك من الوسائل. لقد أدركت القيادة أن كيفية التعامل مع المعتقل هو فن أكثر منه علم. وقد كان المحققون الأذكياء والموهوبين يقومون بكتابة الأسئلة التي سيوجهونها، وإتخاذ الأدوار التي يجدونها ملائمة. ويتفادى المحققون إعطاء وعود لا يستطيعون تحقيقها ، لكنهم " يلوّحون" بوعود غير واضحة وغير مكتملة- فمثلا ، بدل ان يعد المحقق بنقل المعتقل الى زنزانة ذات ظروف أفضل، فإنه يعده بمقابلة " المسؤول" حول ذلك. وفي بعض الأحيان يحقق وعده ويلتزم بالأيفاء به. وكان الخوف الذي يعتبر الأداة الأكثر فعالية في الأستجواب حاضرا على الدوام. والحقيقة فإن المعاملة الوحشية التي تعرض لها المعتقلون في سجن أبو غريب وفي أماكن أخرى، وضعت جميع المعتقلين في خوف مستمر، ولم يصدقوا تأكيدات القيادة الأمريكية بانها منعت اساليب التعذيب وسوء المعاملة منعا تاما. لقد كان الخوف وحده من النقل الى سجن ابي غريب – المشهور بسمعته السيئة أثناء الأحتلال الأمريكي وفي عهد صدام - كافيا لجعل الكثير من المعتقلين يعترفون. لقد شكل العمل واجبا مثيرا ، يثير روح التحدي والأحساس بوجود هدف مهم لايحتمل التأخير . وكان معظم المحققين يمتلكون خلفية عسكرية ، لذلك رحبوا بغياب النظام العسكري. وقد تم إعلام المحققين بتجنب ذكر الرتب داخل المجمع بشكل تام. اما المحققون فكانوا • "ماري". شابة قصيرة القامة ، قوية وممتلئة الجسم. كانت في بداية العشرينات من عمرها ، ذات ملامح آسيوية وشعر اسود منسدل. نالت لقب افضل محقق في الوحدة ، بفضل ذكائها وقدرتها على التركيز. • "ليني". جندي إحتياط في البحرية من منطقة فيلادلفيا ، لديه خلفية في صناعة الكومبيوتر ولديه تجربة سابقة في مركز الأشعة في معسكر غوانتانامو. كان ليني رجلا نحيف الجسم في منتصف الثلاثينات ، يدخن بإسراف، حليق الرأس وله لحية قصيرة مشذبة ، يتميز بأخلاق إبن الشارع الفظ، وكان يعمل عادة مع ماري. • "الدكتور ماثيو" . رجل في الثلاثينات من عمره ، اشقر وكان قد عمل في سلك الشرطة العسكرية قبل أن يصبح جنديا إحتياط. وباعتباره محققا أقدم في بلد ، كان يعتبر شخصا ذو ثقافة عالية فقد حصل على شهادتي ماجستير : واحدة في العلاقات العامة ، والأخرى في الأدارة أثناء وفيما بين عمله. • "مات" ضابط فني في القوة الجوية، ذو شعر اسود في الثلاثينات من عمره ، من غرب أمريكا ، يحب ممارسة سباق السيارات. • "مايك" . قبطان تجاري من نبراسكا، في مطلع الثلاثينات، دخل الجيش لرغبته في المشاركة في جهود الحرب. ذو حيوية عالية. • " نايثان" . رجل طويل القامة ذو شعر داكن ، وهو من القلائل الذين يتكلمون بعض العربية . وهو مقاول مدني ، حدثت له مشكلة مع قائد الوحدة بسبب تماديه في الحرية التي سمحت بها قوات وحدة العمليات بخصوص الملبس ، حيث ارتدى قميصا مزركشا بالألوان الزاهية في داخل المعسكر. • " توم" . جندي قديم خدم في البوسنة، في نهاية الأربعينات من عمره ، يختلف عن الاخرين في انه متزوج ولديه أطفال. كان قصير القامة ، يقترب رأسه من الصلع ، وذو جسم ممتلئ . كان دائما أشعث وغير مهذب. هذا هو الفريق الذي بدأ البحث عن الزرقاوي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |