دعوة للتصدي للفساد الأداري في العــراق
 

 

 د. أحمد عبدالله

sultan_10002003@yahoo.co.uk

لاشك أن الكثير من مظاهر الفساد المالي والأداري في العراق قد تأصلت منذ عقود عديدة حيث أصبح الغنى الفاحش للمسؤولين الأداريين والحزبيين والمقربين من الرؤوس الكبيرة صفة لازمت نظام البعث المندرس. وبعد عام 2003 أتخذ الفساد أبعادا خطيرة أخرى في أعقاب الأنفلات الأمني الذي شهدته البلاد. وقد تمكنت الأجراءات الحكومية المتخذة بحق الفاسدين من تقليص أثر الفساد، ولو بشكل محدود، لكننا مانزال نلاحظ اليوم مظاهر الفساد في الكثير من الأوساط ، الأمر الذي يترك أسوأ الأثر في نفوس الفقراء المتأثرين بشكل مباشر بمثل هذا العمل الشنيع.

ونسوق هنا بعض الأمثلة لجوانب الفساد التي ماتزال تجثم على الصدور وتضيق الأنفاس، فالراغب في التعيين في دوائر الدولة ، لاسيما المهمة منها، مايزال يواجه عصابات الأبتزاز والظلم التي تطلب مئات الدولارات لقاء التعيين مما يعني أن هناك رؤوسا كبار قد تمتد الى الوزارات ماتزال تمسك بالخيوط المهمة وتشعر بالأرتياح الكبير في جني المال الحرام المقتطع من الفقراء والمحتاجين! وفي دوائر الجوازات ماتزال أعداد غير قليلة من الناس تدفع الأموال لضمان حصولها على الجواز الجديد دون تحمل التبعات والأتعاب التي يتعين تحملها في حال التقديم بشكل طبيعي الى الدوائر الرسمية. ولانزال العقود المحالة من بعض مجالس المحافظات الخاصة بالأعمار والبناء تحال بعد أتفاقات مشبوهة وراء الكواليس تضمن حصول مسؤولين أداريين ، بعضهم يدعون التديّن، على أتاوات ورشاوى دسمة يدفع ثمنها في نهاية المطاف المواطن البسيط المظلوم دوما. ويأتي في هذا السياق العقود التي تبرمها وزارة التجارة مع الجهات الموردة لمواد البطاقة التموينية حيث تضبط بين الحين والآخر مواد تالفة بكميات كبيرة ذات صلاحية منتهية الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات وعلامات الأستفهام حول تورط المسؤولين المباشرين في وزارة التجارة بصفقات مشبوهة خطيرة. كما أن مايسود البلاد من ضعف ملحوظ في الخدمات يقع ضمن هذا الأطار حيث تصرف أموال كبيرة دون أن يكون هناك مردود واضح للمواطن المظلوم (نظافة المستشفيات وضعف أو أنعدام النظافة العامة في عموم البلاد وعدم وجود متنفس للكثير من الناس). كما لابد من التنويه الى مسألة الأيفادات الرسمية الى خارج البلاد التي يحتكرها الكثير من المسؤولين الكبار والصغار دون وازع ضمير أو أسس عدالة معقولة ومقنعة وهو مايثير أشمئزاز المسؤولين المحرومين وعموم الموظفين.

الفساد الأداري أذن مايزال ينخر في الجسم العراقي المتعب أصلا. وأن ترك الأمور على عواهنها سوف يترك أسوأ الأثر لدى الطبقة المثقفة ناهيك عن بسطاء القوم! عليه يتعين على الحكومة المركزية أن تتخذ أشد الأجراءات الرادعة والصارمة بحق المفسدين الذين تثبت أدانتهم وبأثر رجعي حيث أن عامة الناس تعرف يقينا فساد مسؤولين كبار في الدولة مايزالون على رأس دوائرهم أو مجالس المحافظات أو حتى المحافظات والوزارات. ولابد من الأستعانة بوسائل العلام الحكومية والخاصة لنشر الوعي حول آفة الفساد المدمرة للمجتمع. كما نأمل أن تنشط هيئة النزاهة العامة التي تبدو مستكينة هذه الأيام للتصدي للمفسدين المجرمين وعدم التساهل مع المنحرفين ، ومعها جهد لجنة النزاهة في مجلس النواب والجهات الرقابية وهيئات التفتيش. ولاننسى أيضا دور المواطن المؤثر في التصدي لمظاهر الفساد والأبلاغ عنها بشتى السبل ومنها الكتابة في مواقع الأنترنت دون أبطاء أو تردد.

أنها المهمة الوطنية الصعبة لكن المجدية والمطلوية في أيامنا هذه.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com