القوى الديمقراطية والاستحقاق الانتخابي

 

جاسم الحلفي

aro792005@yahoo.com

تتضح يوما بعد اخر رغبة العراقيين باهمية الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات الدستورية، الدولة التي يحترم فيها الانسان وتصان كرامته، وتوفر للجميع التعليم الاساسي، والتطبيب المجاني والسكن اللائق، وباقي الضمانات الاجتماعية، الى جانب الحقوق السياسية كحق التعبير والانتخاب والترشيح والاحتجاج. كما تبرز بوضوح  رغبة العيش المشترك عند العراقيين بغض النظر عن القومية والدين والطائفة، رغم الخطاب النشاز الذي يوجهه هذا الطرف او ذاك في خطوات يائسة تدفع نحو التفرقة والانقسام والتوتر، فيما يؤكد المواطن بسلوكه قبل اقواله حرصه على ان يبقى العراق، وطنا للجميع، وامتعاضه من التعصب وضيق الافق القومي، والانغلاق الطائفي، بعد ان تكشفت اثار ذلك على وحدة المجتمع ومستقبله، وبهذا تكون القاعدة السياسية لحركة دعاة الدولة المدنية ونشاطهم مناسبة للعمل.

  ومن جانب اخر لا يمكن تصور ان الوعي باهمية الدولة المدنية، يجد طريقه في التاثير تلقائيا وعفويا، دون الجهود المخلصة المتفانية الدؤوبة التي يقوم بها حملة هذا مشروعها، عبر التعريف به الذي لا ينتصر الا على اساس التمسك بالهوية الوطنية، على حساب كل الهويات الفرعية، ويؤكد على الوحدة الوطنية، والعلاقات الطبيعية بين ابناء الشعب العراقي، ويعمل في نفس الوقت على ان تكون سعادة الانسان وكرامته الهدف الاساسي.

فبطبيعة الحال ان مشروع الدولة المدنية لا يمكن ان يترسخ في بالمجتمع دون ادراك اهمية وحدة القوى الوطنية الديمقراطية، وتنسيق جهودها، وتوجيهها الوجه الصحيحة، والتاكيد على التنسيق الجيد فيما بينها، وبناء تحالف متين على اساس العمل المشترك، واحترام الخصوصيات، وفق برنامج واضح واقعي مقبول من القوى والشخصيات الوطنية الديمقراطية. 

وبهذا المعنى فان المطلوب من القوى الوطنية الديمقراطية تكثيف اتصالاتها وترسيخ علاقاتها، وتوحيد خطابها، وبناء تحالفاتها بناءا يُمكنها من التاثير على العملية السياسية الجارية، من خلال تقوية اتجاه دعاة الدولة المدنية، ويمكن تحقيق هذا عبر وسائل متعدده منها، التنسيق المشترك وخوض الانتخابات بقوائم انتخابية موحدة في كل محافظة تتوفر فيها شروط التحالف. وما تحالف (مدنيون) الا احد اشكال العمل والتنسيق بين القوى الوطنية الديمقراطية، فهو بهذا المعنى خطوة صحيحة وضرورية، ليس على مستوى بناء وترسيخ الوعي باهمية المشروع الوطني الديمقراطي وحسب، بل على مستوى القرار السياسي والتاثير فيه.

وهناك امكانية لذلك عبر ما تحققه القوى الديمقراطية في انتخابات مجالس المحافظات، من نتائج تنناسب مع سعة قواها الاجتماعية ورصانة برنامجها. وهذا لن ياتي الا عبر تنسيق كاف وعمل مشترك وتعاون مطلوب من هذه القوى، مع عمل ميداني واتصال مباشر مع الناس، وحركة دؤوبة مستمرة فعالة. فالانتخابات هي  استحقاق وطني مرتقب، مهما طالت فترة انتظار اجرائها، لذا يتطلب من القوى والشخصيات الديمقراطية، الاستعداد الكافي وتجاوز النواقص والاخطاء السابقة، فالفرصة اليوم افضل من الامس، فلا يتعين اضاعتها، بل المطلوب هو التمسك بها واستثمارها من اجل العراق الديمقراطي المزدهر.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com