لـهذه الأسباب.. أكـره البعث


 

 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

جاءتني رسالة تحمل توقيع الدكتور ... بعثي عراقي وهذا نصها:

السيد بهجت المحترم.اطلعت على بعض المقالات تحت اسمكم ,وفي الوقت الذي اتفق فيه مع بعض طروحاتكم وخاصة فيما يتعلق بمضوع الفيدراليه والى بعض تحليلاتكم المنطقيه في ماستؤل اليه وماستجره الفيدراليه

الطائفيه والقوميه على العراق من مشاكل ابسطها التفتت الجغرافي مرورا بكوارث الاقتتال على الغنائم والتحاصص على الاكسير الاسود الا اني اوجه عنايتكم الى بعض

الفقرات المطوله في بعض مقالاتكم وتحليلاتكم والتي تتعرض فيها ال حزب البعث العربي الاشتراكي والى قياداته التاريخيه بالشتائم والسباب والى مالايليق من شخصية اشهد لها بالثقافه وسعة الاطلاع وجزالة الاسلوب....اخي المحترم لكل منا قناعاته ومقدساته التي يحترم وارى من باب النقد لاالاساءه انكم جافيتم الحقيقه وانطلقتم من نظره احادية المشهد في استعراضكم دور ومسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق وارى دون التدخل في قناعاتكم ان تعيدوا النظر في الاستهداف الذي اراه غير منصف لحزب عقائدي يؤمن به الملايين من العرب .الااني في الوقت ذاته لاادعوكم للكتابه في صالح البعث لان له من الكوادر والمفكرين مايغني عن ذلك....ايها المحتلام لك ماشأت من النقد الموضوعي الفكري البعيد عن الشتائم واللعن والسباب فأن للاخرين السن يجيدون فيها فنون الرد الاانأ نأبى الخوض في هكذا وحول.واقل ما اقول ماذا تسمي مايجري في بلدنا العزيز اليوم ...؟؟هل هي ديمقراطيه ام استباحه للدم والعرض والقيم العراقيه ,بطائفية اجراميه وبخطب متخلف تحدوه ثقافة لطم الخدود وشق الرؤس والجيوب.اخي لنبتعد عن ثقافه الشتم والتنكيل ولنكن ابناء وطن يجمعنا الحب للوطن والانسان ولنبدأ بالترويج لثقافة التسامح والحوار ,وحتما سنصل الى شاطى الامان والرقي.استميحكم عذرا لاي عباره قد تكدركم وعزائي اننا مهما اختلفنا حتما سنلتقي.والسلام

عليكم....بعثي عراقي. إنتهى نص الرسالة

وقد قررت أن أردّ على رسالة السيد المرسل بمقالة وقد حذفت اسمه للأمانة العلمية حيث أنه ليس مسؤولا يحق لي التشهير به.
أنا أكره البعث لأسباب علمية ومنطقية وواقعية كوننا نعيش كارثة البعث بكل ما يصاحبها من مآسي وآلام وتدمير وتشوه خلقي وخلقي ونفسي، وحقيقة أنني لم أعرف ما الذي أخطأت فيه من خلال انتقادي البعث العربي الذي لم يجلب للعراق إلا الألم والخراب! وذلك الشيء الذي وصفه المرسل بالإكسير الأسود

"النفط" كان من أول ثروات العراق التي بددها البعث وطاغيته صدام حسين، وإذا كان السيد صاحب الرسالة يتكلم عن مثالب الديمقراطية العراقية والطائفية والنزعة القومية فإن هذه السلبيات هي الأخرى نتاج لحقبة البعث الظلامية التي كفرت بالمواطن العراقي وبالعراق ليصبح هذا البلد الغني لقمة لصعاليك المصريين والأردنيين والفلسطينيين، بينما كان المواطن العراقي يأكل التراب.

وإذا كان البعثيون يسألونني:

"ماذا تسمي ما يجري في بلدنا العزيز اليوم.."؟

أجيبه بأن العراق لم يكن يوما من الأيام وطنا للبعث والبعثيين بقدر ما اعتبروه أرضا للغنائم والنهب والسلب وتسخير البشر لفتوحات بني أمية وقادسية صدام السيئة الصيت، وإذا ما نظرنا إلى التجربة البعثية عبر التبرير البعثي الذي يقول: أنها تجربة إنسانية لا تخلومن أخطاء.." فإن الجواب المنطقي بل والبديهي هوأن ما قام به البعث في العراق لم يكن "أخطاءا

بريئة" بل جـرائم عن سبق إصرار وقصد، بل جرائم مدروسة لتحطيم كل علاقة بين العراقي وبلده ووطنه، نترك البعث لدول الأعراب والقوميين ـ وليشهد القارئ أنني أكفر بكل القوميات العربية والكردية والتركية وغيرها ـ وحتى يتأكد الجميع أن كل القومية شر ودمار.
وإذا كان المرسل يعيب على طائفة من العراقيين لطمهم للخدود وشق الجيوب والتطبير في إشارة واضحة إلى مراسيم عاشوراء الحسين، فإني أقول له أن هذا التطبير رغم رفضي له إلا أنه حرية شخصية وهذا أفضل من البعث الذي كان يستخدم "أبوطبر" لقتل خيرة أبناء وبنات العراق وإرهاب المجتمع ويقوم بـ"تطبير العراقيين"، عاش التطبير واللطم المسالم الذي لا يُكره أحدا على شيء ويسقط البعث الذي حول حياتنا إلى جحيم وآلام.

إنني ألوم الحكومة العراقية لأنها تجامل وتكافئ البعثيين بمـلايين الدنـانير العراقية بينما نحن الذين عانينا طوال العهد المقبور من الإرهاب والخوف والتهميش وحياة المخاطر التي أذاقتنا المر، نعاني الآن من إهمال حكومي مقصود ومن قبل أحزاب معجبة بالبعث السادي الذي لم يتقن إلا فنون التخريب وجعل العراقي شخصا من الدرجة الأخيرة بين كل الشعوب، أي تجربة إنسانية لحزب لم يستورد للعراق إلا أساليب التعذيب وكيمياويات الإبادة وأدوات القتل السريع كقضبان "عدي" وبعضها الآخر التي تقتل ببطئ؟ أي تجربة إنسانية لنظام لم يجد منهجا سوى عبادة الطاغية وتبعية العراق لأنظمة دكتاتورية تمص دم أبناءه؟ أي تجربة إنسانية لنظام كان يمنعنا حتى التنفس والتفكير والحلم؟ أي تجربة إنسانية؟ لنظام حطم نظاما تعليميا كان يوما ما أفضل نظام تعليمي في المنطقة، أي

تجربة إنسانية؟ لنظام أهان المرأة وحولها إلى كائن للتكاثر وحيوان يستخدم للتمتع من قبل مجتمع الحرب، وإذا ما كان البعثيون يزعمون أن المرأة كانت أكثر حرية في حياتها الشخصية فهوزعم لا يحق لهم التفاخر به، لأن كل إيجابيات ذلك العهد كانت ميراثا للعهد المـلكي والجمهوري ثم جاء البعثيون بخطبهم الرنانة التافهة ليقضوا على آخر خير موجود ويصبح العراق جنة الأحلام للمغامرين وشعبه يذوق الموت كل يوم.

أنا لا أعتقد لأنني على يقين بأن منهج البعث هو"الجريمة" بعينها ومن يؤمن بهذا المنهج العنصري الإجرامي هوبالتأكيد شخص غير سليم عقليا ونفسيا، فكل المنهج البعثي المطبق قبل وبعد صدام هومزيج من دكتاتورية الشيوعية والعنجهية القومية والتطرف الإسلامي، البعث بكل المقاييس هوبحر من الدم مغموسا فيه الجثث والجماجم والكراهية وحب السيطرة، العراق بخير مهما كانت مشاكله ما دام "البعث" حزبا محضورا، وحينما يصبح "البعث" حزبا قانونيا مشاركا في العملية السياسية حينها يكون العراق على حافة الإنهيار والسقوط، لن يخدعنا ملمس الحية الناعم فقد ذقنا لدغتها، كذلك لن تخدعنا الكلمات الجميلة

فوراءها شرّ مستطير.

إن البعث كان منتجا ووالدا لأقبح دكتاتورية لم يشهدها حتى أفقر الدول الأفريقية المعروفة بدكتاتورياتها الفاسدة، فكيف بالعراق الذي كان قبل البعث والفكر القومي بلدا يسير نحوالتطور والديمقراطية لكنه بعد البعث أصبح أرضا لكل الأمراض العقلية والنفسية والمختلين السايكوباثيين، وأنا في جدالي مع البعثيين لا أريد أن أحول الموضوع إلى جدال بيزنطي فارغ حول الكلمات بقدر ما أريد أن أصل إلى النتيجة الواقعية وهي أن كل هذه

المشاكل العراقية والأزمات تطورت نحوالأسوأ بدلا من إيجاد حلول بسبب حزب عقائدي كان يبرر كل جرائم الطاغية وفساد العصابة العشائرية التي صنفت العراقيين حسب الطائفة إلى "عراقيين أصلاء" وآخرين هم وافدون غرباء بحجة أصلهم الإيراني المزعوم.

لن ننسى الاعتقال والإعدام وقصص رعب أمن البعث وتعذيبه وقوائم الممنوعات التي ليس لها أول ولا آخر، لن ننسى كل الاغتراب الذي عشناه في بلدنا والبعث الذي جعل كل عراقي يهرب باحثا عن جذوره بين شعوب وبلدان

أخرى، لن ننسى فرار العراقيين بحثا عن الحرية والأمان والسلام حتى أن مواطنا عراقيا طلب اللجوء في "الأسكيمو" بعد أن ضاقت به الأرض فلم يجد مكانا يؤويه، إنـها مـعـركـة حـياة ومـوت بين العراقيين ووطنهم العراق من جهة وهجمة الرعاع القومي ـ البعثي العربي والبعثي الكردي والبعثي التركماني ـ الذين يريدون تمزيق الإنسان قبل الوطن، لا عـراق مع البعـث ولا بـعث مع العـراق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com