|
اعادة اعمار العراق و اعمار مدينة الثوره (مدينة الصدر)
د.صباح العزاوي/ معماري/مخطط حضري 1,0- لقد أحدث فيضان عام 1954 مشهدا مأسويا مؤلما للضمير الوطني العراقي عندما جرفت أمام أنظار الدوله وأجهزتها سيول مياه دجله العارمه أكواخ وأمتعة فقراء العراق من سكان الصرائف في منطقة خلف السده الشرقيه( موقع طريق محمد القاسم السريع الحالي) . وقد ألف ذالك المشهد فضيحة مدويه لتخلف وجهل السلطات الحاكمه واهمالها الكامل للطبقات الفقيره في البلاد. بيد أن هذه المأساة الوطنيه للأسف لم يكن لها صدى يذكرلدى حكام البلاد مما أضطر منكوبي الفيضان لأعادة بناء صرائفهم على أالأوحاال التي خلفها الفيضان وهكذا بقي الحال حتى ألاطاح بذلك النظام الملكي في عام1958 . وقد أولت حكومة الثوره أهتمامها لمعالجت أوضاع سكان الصرائف في مدينة بغداد وفي ضوء ذلك تم في عام 1959 أستحداث مدينة الثورة لأسكان أصحاب الصرائف القاطنين في جانب الرصافه ومدينة الشعله لغرض أسكان أصحاب الصرائف في جانب الكرخ. تقع مدينة الثوره شرق بغداد في المنطقه المحصوره بين قناة الجيش والسده الشماليه على مساحه تزيد قليلا على 20كيلومترمربع وقد قامت وزارة الأسكان بوضع مخطط ألافراز وبموجبه تم أستحداث 89 قطاع سكني يحوي علي قطع سكنيه وفق معايير المنطقه العمرانيه الأولى بموجب نظام الطرق والأبنيه لعام1936 الذي كان معتمد آنئذ. مساحة القطعه السكنيه الواحده 150مترمربع وقد روعي في مخطط الأفراز توفير المرافق والخدمات ولكن لم يصار آنئذ وضع لمعاييرا نشائيه أوتصميميه خاصه للمظهرالحضري وذلك لمحدودية امكانيات الدول الماديه وحالة الكفاف التي كانت سائدة في أوساط سكان الصرائف. بيد أن قوى المجتمع التقدميه في ذلك الحين قد أعتبرت التخلص من الصرائف وتوفير الخدمات المدنيه الأساسيه خطوه الى امام في تحسين أوضاع هؤلاء المواطنين الفقراء. غير أن ألاطاح بحكومة الثوره في عام1963 قد حرم المدينه المستحدثه من رعايه الدوله اذ أعتبرت السلطات المتعاقبه على الحكم منذئذ مدينة الثوره تجمع سكاني معاديه غيرمرغوب فيه حتى وصل الخوف من تجمع هؤلاء المعدمين الى الغاء أسم مدينة الثوره وتسميتها بمدينة الرافدين ولغرض التمويه فقد أعادة سلطات 1968 الأنقلابيه تسميتها من جديد باسم مدينة الثوره- لتعود لاحقا لأطلاق اسم الطاغيه المقبورعليها- ولكن لم يصاحب أعاة التسميه الأصليه اليها حتى الحد الأدنى الضروري التطوير الحضري الذي كانت مدينة الثوره بأشد الحاجه اليه. وفي الواقع أستمرت حكومة البكر/صدام تنظر لسكان مدينة الثوره نظرة عدائيه بأعتبارها تجمع لأعداء الثوره البعثيه. لقد شهد عام 1978 تصاعدا لنقمة الجماهيرالمحرومه من خيرات العراق التي تكدست جراء تأميم النفط وارتفاع أسعاره بعد حرب أكتوبر/1973 مما أضطررجل النظام القوي النائب في ذلك الحين صدام حسين للهروع لأحتواء الغضب المتفجر في أوساط المعدمين في مدينة الثوره وخطب هناك واعدا الجماهير التي جرتها جلاوزة السلطه لحضور خطاب صدام بقدوم الخيرالعميم. على أثر ذلك قامت أمانة العاصمه برفع الأزبال ولأنقاض و مدت شبكات المجاري وقامت بتعبيد الطرق وأستحداثت بعض الملاعب وتم زراعة الأشجار كما تم اجراء بعض التصليحات في المؤسسات التعليميه والطبيه والخدمات البلديه آنفة الذكرألفت الحد الأدني الضروري من التطوير الحضري المطلوب لأدامة الحدألادنى للحياة الحضريه. ومن جراء الأهمال والأحوال المضطربه التي سادت العراق منذ اندلاع الحرب العراقيه/الايرانيه الى يومنا هذا تفاقمت المشاكل الحضريه في مدينه الثور(مدينة الصدر) الى الحد الذي بات فيه أي تفكيرفي تطويرالمدينه يعد أمرا عبثيا للأسباب التاليه: 1,1 – كما أسلفنا فأن المساحه الكليه للمدينه لاتزيد الاقليلا عن 20كيلومترمربع فيها ما يقدر بحوالي 125.000وحدة سكنية متهرءة لاتتوفر فيها أدنى شروط الحياة الانسانيه و الصحيه وان أقل تقدير لعدد سكان مدينه الصدر في الوقت الراهن هو2.000.000 نسمه-أي مايعدل ثلث عدد سكان بغداد الحالي أو مايساوي الحجم السكاني للعاصمه الأردنيه عمان- عليه فأن الكثافه السكانيه تبلغ 100.000 نسمه في الكيلومترالمربع الواحد أي ما يعادل كثافه سكانيه مقدارها 10.000 شخص في الهكتار الواحد. وبالتأكيد ليس هناك الكثيرمن قبيل هذا الأختناق السكاني في كل أرجاء العالم وحتى في تجمعات الصفيح الفقيره في ضواحي مدن البلدان الأفريقيه الفقيره وبلدان أمريكا الأتينيه. اما مقارنة بأعلى كثافه سكانيه في بغداد فعلى سبيل المثال أن أعلى معدل للكثافه السكانيه في محلات مركز بغداد-المدينه القديمه- هو بحدود 1200 شخص في الهكتار الواحد أي أن الكثافه السكانيه في مدينة الثوره ( مدينة الصدر) تبلغ حوالي8,5 مره مقدار أعلى كثافه سكانيه في العاصمه العراقيه ذاتها. هذا الازدحام الخانق لايمكن البته معالجت اشكاليته الاسكانيه والخدماتيه الفوقيه والتحتيه في هذه الرقعه الجغرافيه المحدوده وعند الأخذ بنظر ألاعتبار التقديرات السكانيه المتوقعه للسنوات القادمه. فاننا لو افترضنا أن التكوين الهيكلي العمري لسكان مدينه الصدر متطابق مع الهيكل العمري لسكان العراق عليه فأن نصف سكان مدينة الصدر هم دون سن العشرين وأن طبيعة علاقتهم الأجتماعيه هي أقرب للعلاقات الريفيه منها الى العلاقات المدنيه لذلك فأن عدد السكان في مدينة الصدر سيتضاعف ليكون4.000.000 نسمه في خلال مدة 10 -12سنه القادمه جراء خصوبة الزيجات المبكره وارتفاع عدد الزيجات المكونه. 1,2 – أن المدينه تقع ضمن أراضي حقل نفط شرق بغداد الممتد من الصويره مارا بشرق بغداد وقد تم تثبيت مواقع قمم ألآبارالمثبته على خرائط المسح الزلزآلي والتي تم تسقيطها على خرائط مدينة بغداد وهذا الأمر لايقضم جزء من مساحه المدينه السكنيه فحسب وأنما عملية استخراج النفط سيجعل بيئتها ملوثه غير صالحه من كل الوجوه للحياة الأنسانيه صحيه الكريمه. 3,1– أن ألاهمال المتعمد ومناصبة السلطات الحاكمة منذ انقلاب 8 شباط1963 العداء لسكان مدينة الثوره( مدينة الصدر) أدى الى ابطاء أو الحيلوله دون اندماج سكان مدينة الصدرفي حياة بغدادالحضريه مما تتسبب دون شك في محدوديه كبيره لفرصة التعليم والتقدم الأجتماعي وعليه فأن الأسكان ألعمودي لهذا القطاع الواسع من السكان ليس بالأمرالذي مكتوب له النجاح والتوفيق في المدى المنظور. سياسات تنميه حضريه وطنيه 2,0- ان المشكله في مدينة الصدر ذات أبعاد سياسيه واجتماعيه وصحيه خطيرة جدا والتي للأسف لاتؤلف حاله فريده في بغداد حسب فأن مثيلتها ولوبحجم أصغر منتشره في حواضرالعراق من زاخو الى الفاو لذلك لايمكن الركون في حلها الى عمل لجنه مهما كان مستواها السياسي أو الفني وانما يجب و دون تأخيراعتماد تأليف هيئه وطنيه أو حتى استحداث وزاره للتنميه الحضريه وبناءالمدن الجديده تكون احد أولويات تلك الهيئه أو الوزاره الى جانب وضع سيا سات وستراتيجيات التطوير الحضري والتوازن الحضري/الريفي على المستوى الوطني هي أعادة توطين سكان مدينة الثوره (مدينة الصدر) ورعاية أبناء العراق المحرومين سيما منهم النساء العراقيات الأرامل في اطار حضاري معاصر. ان حاضرات عراق الرافدين هي موئل رسالة نبي الله أبراهيم عليه السلام التوحيديه وموطن أعرق الحضارات ألانسانيه ولقد أشتق مصطلح حضري ( URBAN) المعتمد أمميا من أسم مدينة أور السومريه بيد أن المدينه العراقيه الحيه المتسامح بسبب عقود من الحروب الخارجيه والداخليه والدكتاتوريه والفساد باتت اليوم ملوثه اجتماعيا وملوثه بئيا ومتدهور حضريا. *ألثلوث الأجتماعيه وأخطره على سلامة المجتمع ألاحتقان الطائفي والعنصري والبطاله والتهجير والمشردين وملايين الأيتام والأرامل وآثر الحروب وألاضطرابات على الحاله النفسيه سيما لأولئك الذين ساهموا في اتون تلك الأحداث الجسام. *التلوث البيئي ويبدء من أكوام الأنقاض والقمامه والمياه الآسنه التي تغطي الشوارع والحارات في كل حواضرالبلاد وتلوث الماء والهواء والأرض وتلوث المشهد الحضري خصوصا بالجدران الأسمنتيه التي تذكربجدار برلين وجدران الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والجدار العنصري الصهيوني ويتربع على قمة المولوثات القاتله أشعاع اليورانيوم المنضب الذي استعمل في حربي الخليج الثانيه والثالثه. * التدهور الحضري للهياكيل العمرانيه لمراكز المدن والتي أضحت عباره عن مجموعة مباني متهاويه متهرءه والبنى التحتيه تكاد تكون شبه مدمره فالمياه الصالحه للشرب غير متوفره لقطاع واسع من العراقيين وقسم من ماء الشرب ملوث والمجاري مابين معدومه في أماكن وفي أماكن آخرى معطوبه والكهرباء لايصل الى البيوت والمصالح سوى لسويعات محدوده وبصوره متقطعه والنقل العام غيرملائم أما الطرق التي لم يعفو عليها الزمن فقد تكفلت آليات جيوش الأحتلال بتدميرها أما حالة السكن فالنقص الحاد فيه ترك الطبقات ألاجتماعيه الفقيره والمتوسطه تنوء تحت أعباء ماليه أبعد من امكانيتها الماديه.. تكون مهام تلك الهيئه أو الوزاره المقترحه مايلي: 2,1-تحديد مناطق التطويروتشخيص أمكانيات التوسيع والتطوير ومديتها في المدن والحواضر العراقيه القائمه ووضع المبادئ الأساسيه وخطط التنفيذ لأنجاز تنميه حضريه مستدامه. 2,2-اعتماد سياسة تنميه حضريه تتوجه نحو ترابط عضوي بين مختلف مكونات المدن تتيح توسيع الفرص لأولئك الذين حرموا من ثروة الوطنومن خيرات التحضر. 2.3- أسناد وربط السيلسات الحضريه بصوره مباشره في عملية اعادة نسج التآلف والتآخي الوطني بين كل أبناء الوطن الواحد. 2,4- توقيع أماكن لأنشاء المدن الجديده في العراق. 2,5- تأهيل بغداد لتسعيد ما ضيها المجيد كعاصمه و حاضنه متميزه للحضاره العربيه/الأسلاميه ومن أجل أعدادها لتكون مركزا أداريا واقتصاديا ومالي وثقافي وتعليمي وتقني فاعلا وناجحا للعراق لقيادة اعادة الأعمار والتنميه يتوجب وضع السياسات والضوابط الكفيله بتحجيم نمو بغداد السكاني والفضائي بغية تمكينه من تحقيق التطور المنشود. 2,6- أعداد ضوابط معاصره لأستحداث توازن بيئي حضري/ ريفى. 2,7 - وضع التشريعات القانونيه والماليه وألاداريه للتنميه الحضريه الوطنيه. 2,8 - أعداد وتدريب الملاكات الوطنيه في التنميه الحضريه وادارة النمو الحضري والأعمال البلديه. 2,9 - يجب اعتماد آليه يتم فيها انجاز وضع وتنفيذ السياسات و البرامج والمشاريع بشفافيه ومن خلال أسلوب معاصريعتمد مساهمة الجمهور وذوي المصلحة في اتخاذ القرارات التنمويه. 2,10 - وضع السياسات والضوابط التنمويه لمساهمة القطاعين العام والخاص في التنميه الحضريه والأقليميه.وفق المحاور التاليه: 2,10,1- تطويرحضري حكومي شامل لصالح فئات المجتمع المحرومه والفقيره. 2,10,2- تطوير حضري بمبادره حكوميه. 2,10,3- تطويرحضري قطاع خاص بمساعدات حكوميه. 2,10,4- تطوير حضري باعانه ماليه حكوميه. 2,10,5- تطوير حضري قطاع خاص. 3,0- ان انجاز بناء الهيكليه التشريعيه والفنيه والأداريه لمنظومة تطوير وتنفيذ السياسات الحضريه سيتتطلب مده ليست بالقصيره عليه يستلزم الأمر الرجوع الىالحلول والمشاريع المتوفره والمشاريع التي يحتاج تنفيذها الى استكمال أنجاز بعض مراحلها ومثل هذه المشاريع ما أكثرهم في العراق فقسم منها لازال على الرفوف ينتظرالتنفيذ منذ عهد طيب الذكر مجلس الأعماروهي متوفره أيضا لدى كافة الوزارات وأمانة بغداد ....الخ ولغرض ايجاد حلول سريعه وعمليه للأختناقات والتحديات والمشاكل الحضريه في مدينة الصدر وبقية مناطق العاصمه يمكن دون ابطاء تنفيذ المشاريع المقترحه في التصميم الأنمائي الشامل/1973 والتصميم الأنمائي المتكامل/ 1989 وعلى الخصوص منها المقترحات الوارده في التصميم الهيكلي لمنطقة بغداد الكبرى كذالك المشاريع والتصاميم والدراسات التي أنجزتها أمانة بغداد كتصاميم تطويرباب الشيخ والكاظميه والمشاريع المقترحه في كل من دراسة الرصافه وتصميم تطوير منطقة الكرخ ومقترحات مخطط دراسة المدن الجديده في اقليم بغداد المركزي الذي أعدته شركة جي سي سي أف اليابانيه لصالح المديريه العامه للتخطيط العمراني في عام1982 . وللشروع بذالك يتوجب بدون ابطاء أستحداث هيئة تنفيد مشاريع عليا يتألف عمودها الفقري من ملاكات فنيه متعددة الأختصاصات ترتبط بمجلس الوزراء أو بمجلس التخطيط وتكون مهام تلك الهيئه كلآتي: 3,1- حصر الدراسات والمشاريع الجاهزه للتنفيذ وكذلك المشاريع والتصاميم التي سبق وأن تم الشروع في اعدادها سابقا. 3,2- دراسة وتحديد المشاريع ذات الجدوى الأقتصاديه أوالأجتماعيه الملحه. 3,3- استكمال التصاميم والدراسات ذات الجدوى المعده جزئيا 3,4- أعداد وثاثق مقاولات التنفيذ وأحالتها الى الجهات المنفذه بعد اعتماد التخصيصات الماليه. 3,5- الأشراف على حسن وسلامة تنفيذ المشاريع من خلال مكاتب استشاريه عراقيه وأجنبيه وفق القوانين والأنظمه المرعيه. ولغرض نقل المعرفه الى الملاكات الفنيه الوطنيه يشترط على المكاتب الأستشاريه الأجنبيه اشراك المكاتب والخبرات العراقيه في اعمالها التي تقوم بها لصالح المؤسسات العراقيه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |