الرد العراقي الرسمي على رسالة برويز مشرف

 

مهند حبيب السماوي

Mohanad.habeeb@yahoo.com

لم تتاخر الحكومة العراقية كثيراً عن الرد على الرسالة التي بعثها اليها السيد برويز مشرف رئيس باكستان الأسبق ، والتي تضمنت عدة أشارات ومحاور تتعلق بقضايا سياسية وشخصية كما شملت نصائح وأرشادات منه للحكومة العراقية حول القضايا المتعلقة بعلاقتها مع الولايات المتحدة الامريكية . واحتفظ بحقي المعنوي في  نشر رد الحكومة العراقية على رسالة برويز والأعتماد عليها كمصدر وحيد وأساسي ، وفيما يلي نص الجواب :

السيد رئيس جمهورية باكستان المستقيل برويز مشرف..

تحية عطرة نرسلها اليك من بغداد الحبيبة التي تقاتل الارهاب في يد وتسعى لبناء بلدها واستعادة مجدها بيد اخرى ...

وصلتنا رسالتكم التي أرسلتها الينا عبر الفاكس والتي قمتم  فيها بقراءة ومراجعة ماحدث لسيادتكم منذ تسنمكم السلطة عام 1999 بانقلاب أبيض حينما كنت القائد السابق للجيش الباكستاني والى ان قدمتم أستقالتكم , حيث كانت مراجعتكم لذاتكم وسياساتكم ومقارنة تجربتكم السياسية بالتجربة العراقية التي تمخضت بعد سقوط نظام صدام عام 2003  تنطوي على  الكثير من المغالطات والتناقضات فضلاً عن الأبتعاد عن قراءة الواقع العراقي في سياقه الحضاري والتاريخي والمجتمي الذي سبق سقوط نظامه السابق ، وذلك يعود الى أستخدامكم منهج المقارنة المطلقة بين تجربتي العراق وباكستان وهو أمر ليس في محله وغير صحيح وسوف لن يصل الى نتائج مثمرة وصحيحة , فأختلاف التجربة السياسية لكل شعب من شعوب العالم يعني أستحالة أو عدم أمكانية سلخ تجربة ما من سياقها التاريخي واستنساخها في بلد آخر محكوم بقوانين تاريخية تختلف بل وتتناقض مع بلدان العالم الأخر التي تعيش في عوالم أخرى ( بالمعنى الانطولوجي والابستمولوجي ) سواء كانت في نفس القارة أو في غيرها ، فالتجارب التاريخية التي تمر بها الشعوب_ وفقاً لنظرية ريتشارد شويدر_ تشكل الأفق الذي تكوِّن من خلاله كل حضارة معاني تجربتها الإنسانية وبالتالي يؤدي هذا إلى اختلاف انماط التفكير والرؤى والمصالح بين بلد واخر وبالتالي بين العراق وباكستان !

لايجب ان تنسى سيادة الرئيس الاسبق ان الطريقة التي جئت بها الى الحكم في باكستان تختلف عن الطريقة التي جئنا بها الى الحكم في العراق ، فانتم قد جئتم بانقلاب عسكري على  حكومة نواز شريف في تشرين الأول 1999 على خلفية اتهامكم  له بمحاولة إسقاط الطائرة التي كانت تقلكم قادمة من سريلانكا ، وهذا حدث بعد سنة واحدة من  تقلدكم  منصب قائد الجيش عام 1998 عقب استقالة الجنرال جهانغير كرامت من المنصب , وقد نصبتم أنفسكم رئيساً لباكستان في  استفتاء شعبي في السادس والعشرين من حزيران 2001 بعد ان اتهمتكم المعارضة السياسية  بعدم أمتلاك الشرعية لتمثيل باكستان في لقاء القمة مع الهند .

أما نحن في العراق فقد شهدنا مخاضاً عسيراً تمثل في الانتخابات التي اجريت في العراق والتي كلفتنا انهاراً غالية من الدم  قدمها الشعب العراقي كقربان بسيط على مذبح الحرية والاستقلال والعدالة  ليشكل نموذجاً تاريخياً لشعب وضع قدمه على طريق التحرير والديمقراطية مع الاعتراف بحدوث بعض الخروقات في هذه الانتخابات التي لايمكن ان تمر سليمة ونزيهه في اي دولة من دول العالم خاصة وانها تجربة فتية وحديثة يشهدها العراق لاول مرة منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة .

وهذا يعني أن الطريقة التي تسنمتم بها الحكم وهي الانقلاب العسكري كانت طريقة غير شرعية ولا دستورية  ولم تمر عبر آليات أنتخابية وشعبية ، واذا كانت المقدمة
فاسدة _ كما يقول اهل المنطق _ فلن تكن النتائج سوى فاسدة وغير منتجة .

هذا أول مانرغب بتوضيحه لكم سيادة رئيس باكستان الأسبق ...

وقد تضمنت رسالتكم العديد من العبارات التي نتحفظ عليها ونختلف معكم فيها وهذه بعض منها ...

انتم تقولون..."  لم اقل (لا) قط لحلفائي منذ أن توليت سدة الرئاسة بانقلاب عسكري أطاح بمن قبلي، وقد ضربت وبيد من حديد كل من سولت له نفسه تحدي مشاعر الأمة الأمريكية الصديقة، فقصفت قرى المناطق الحدودية وقتلت منهم أعداد هائلة...."

ونحن نقول لكم ولكل العالم باننا في العراق الجديد لم نكن وسوف لن نكن أبداً اداة طيّعة بيد اي قوة خارجية سواء كانت الولايات المتحدة الامريكية أو أية دولة من دول العالم ، وسوف لن نسفك قطرة دم عراقية واحدة من اجل ارضاء وتحقيق أغراض اي طرف خارجي كما اننا لم نقدم على خطوة من شأنها ان تمس بمصالح الشعب العراقي وسيادة دولته ولعلكم شاهدتم وسمعتم كيف رفضنا المسودة الاولى للاتفاقية العراقية الامريكية لانها لاتنسجم مع أرادة الشعب العراقي ومصالحه العليا .

كما قلتم في رسالتكم ..." لقد كنت الآمر الناهي لمائة وعشرين مليونا من البشر، أفعل بهم ما أشاء بمباركة وتمويل وغض طرف جميع الدول الغربية الصديقة ..."

ونحن نجيب فخامتكم بان اي مسؤول عراقي لايستطيع ان يزعم انه الأمر والناهي لاي عراقي فضلاً عن زعم اننا نستطيع أن نفعل بهم مانشاء ...

وقد جاء في رسالتكم أيضاً ...." لا أخفيك يا فخامة الرئيس العراقي وطاقم الوزراء الأكارم يامن تنعمون اليوم بالحماية الأمريكية خلف أسوار المنطقة الخضراء...."

ونقول لكم بانكم هنا أيضاً قد أخطأتم ، فالرئيس العراقي جلال الطالباني لا يعيش في المنطقة الخضراء بل هو يسكن في خارجها ،  كما ان قيادات العراق لاتنعم بالحماية الامريكية فلدى القوات العراقية الأهلية الكاملة لحماية اي مسؤول عراقي ....

وقد ختمتم رسالتكم بالقول .." أنني أرى اليوم فيكم جميعا نسخة (طبق الأصل) لما كنت عليه من حفاوة وتكريم في نظر سيدي الأمريكي، وأنا على يقين أن مصيركم سوف لن يكون بأفضل حالا مما آل حالي اليه هذا اليوم، فشعب العراق كاره لكم ولأفعالكم، ويترقب كما ترقب شعبي لحظة التخلي الأمريكي لينقضوا عليكم ..."

ونحن ياسيادة الرئيس .. لانرى اننا نتشابه معكم في اي سمة من السمات التي ذكرتها في رسالتكم الينا حتى يكون مصيرنا مطابق لمصيركم  , فنحن نختلف معكم في طريقة الوصول للحكم ، حيث جئنا بارادة واختيار الشعب لنا عبر صناديق الاقتراع ، ونعتقد دستوريا بتداول السلطة بصورة سلمية ، ولعل الحكومات التي تغيرت بعد سقوط النظام السابق خير دليل على ذلك ، كما اننا نختلف في اسلوب تعاملكم مع شعبكم وحتى في  المنهج الذي اتبعتموه  في ادارة الصراع مع المعارضة وفي تعاطيكم مع المشكلات الداخلية خصوصا قضية قاضي القضاة الباكستاني افتخار شودر الذي  استقلّ عنكم حينما كان  يصر على المطالبة بالعمل بمبادئ دولة القانون ، وبالتالي اجبركم مع من تضامنوا معه من الشعب الباكستاني في الخريف الماضي على الاستقالة من رئاسة أركان الجيش وعلى إجراء انتخابات حرّة في شهر شباط .

السيد برويز مشرف ..

أننا لانزعم اننا انبياء أو ملائكة لانخطأ  ... ولم ندعِ  أن تجربتنا السياسية الجديدة خالية من الصعوبات والشوائب ، فهذا شأن كل الحكومات حديثة العهد ،  كما اننا لاندعي أننا قدمنا لشعبنا ما نطمح اليه ....لكننا نحاول ونسعى أن نقود سفينة العراق الى بر الامان عسى الله تعالى أن يوفقنا لذلك .

ملاحظة : هذه المقالة جواب ( أفتراضي ) نعتقد أن الحكومة العراقية سترد بها على  الرسالة ( المفترضة ) الموجهة اليها التي كُتبت في احدى المواقع الالكترونية على لسان حال برويز مشرف ، فكتبنا الرد الافتراضي على لسان حال الحكومة وقراءناها بمقالنا بدلا من الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية !

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com