|
عبد الرحيم الوالي منذ بداية ما يعرف ب"النهضة العربية الحديثة"، أي منذ استعادة الدول العربية لاستقلالها عن الاستعمار الغربي، عرفت الساحة الثقافية والفكرية العربية عدة تيارات تنويرية. ولم ينجح أي من هذه التيارات في إنهاء حالة الاستبداد التي تطبع الأنظمة العربية بدرجات متفاوتة. ومن هذه التيارات ما انتهى إلى الزوال والتلاشي وبقي الاستبداد العربي في مكانه لم يتزحزح وإنما ـ أكثر من ذلك! ـ استطاع التكيف مع مختلف الظروف والمتغيرات الدولية والإقليمية والداخلية. وبدل أن يخلق التنويريون العرب وعياً اجتماعياً مناهضاً للاستبداد استطاعت الأنظمة الاستبدادية العربية أن تخلق وعياً اجتماعياً مسانداً لها ومناهضاً لكل محاولات التنوير والدمقرطة والانفتاح. وتتعدد أشكال هذا الوعي الاجتماعي المساند للاستبداد بين العزوف السياسي، والفهم القَدَري الاستسلامي، والعدمية المطلقة بمختلف تجلياتها. هذا، بينما يظل الوعي التنويري المناهض للاستبداد محصورا في بعض النخب الثقافية والفكرية والسياسية. هذه المقدمات الموضوعية الملموسة في الراهن العربي تدفع إلى التساؤل عن سبب بقاء الخطاب الثقافي والفكري التنويري أسير النخبة دون أن يستطيع الوصول إلى الجماهير العريضة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |