|
التلوث بالاشعة النووية في العراق
د.مؤيد الحسيني العابد ـ أكاديمي متخصّص بالعلوم التقنية (الفيزياء النووية) بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى في كتابه العزيز(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا أنّما نحن مصلحون. ألا إنّهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون). لقد أثير موضوع التلوّث البيئي من جرّاء إستخدام المواد المشعة بتشكيليها السلمي والعسكري, بحيث أثار مشكلة قد سحبت الى نهج السياسيين. وقد إستغلّت بأغطية متعددة, كل ات بعيدة كلّ البعد عن علميّة وواقعية المشكلة. ممّا لا شك فيه أن العراق كان يعد من الدول التي وقّعت على معاهدة عدم إنتشار الاسلحة الاستراتيجية المسمّاة أسلحة الدمار الشامل. وقد وقّعت أغلب دول العالم المالكة للقدرة النووية من تصنيع أو إعادة معالجة أو التّصرف العام لتلك القدرة, بإستثناء بعض الدول من ضمنها إسرائيل التي أصبحت من القوى النووية على مستوى العالم التي تهدد المنطقة بأجمعها بكارثة بيئية حقيقية, وقد توقّعنا حدوث شيء من التسرّب الاشعاعي من مفاعلاتها عام 1996 حيث أكّدت شخصيّاَ في إحدى الجامعات العربية ولأكثر من مرّة أنّ التسرّب حادث لا محال خلال السنتين او الثلاث سنوات القادمة لاسباب علمية تقنية لا تقبل الشكّ. وقد حصل بالفعل ما ذكرت ومن المحزن أن تتم عملية تعتيم إعلاميّ كامل من قبل الدول العربية المحيطة على الموضوع. ومنذ هذه الفترة وصوتنا وصوت أهل الاختصاص يعلو لانقاذ المجتمع العراقي والعراقيين وتربة العراق في أماكن عديدة من البلد , من كارثة صحية وبيئية ومنذ وقت لا يقل عن السنوات الثلاث سجلت سجلات المستشفيات في بغداد(المدائن) والبصرة والناصرية وبعض الاماكن في السماوة ومناطق أخرى في الوطن سجلت إصابات عديدة تجاوزت الحدود المسموح بها حيث إنتشر سرطان الدم والتشوّهات الخَلْقية في العديد من المواليد بسبب التأثير الكبير لاستخدامات غير مشروعة للطاقة النووية, من خلال المواد المشعّة, او من المواد المشعّعة اي التي امتصّت كميّة من الاشعاع واصبحت بذاتها مصدراَ مشعّاَ.. او من النفايات الملقاة في أماكن غير آمنة..او غير ذلك. لم أفاجأ بما ذكره التقرير الطبي الذي أجرته وتجريه جامعة البصرة في كلية الطب عن حالات الاصابة بمادة الرصاص والتي يذكر التقرير أنها(ربما من إستخدام أسلحة غير تقليدية في الحروب الماضية!!). ولتسليط الضوء على هكذا موضوع أقول: لقد أشرت في أكثر من مكان وأكثر من موضوع مكتوب ومثار في غرف البالتوك وفي قاعات الكثير من الجامعات الى ان التلوث الذي حصل في العراق لا يساويه تلوث في العالم أجمع حتى في تفجير هيروشيما وناكازاكي ولا أبالغ اذا قلت ذلك لآن التلوث الذي نتج عن السلاح النووي في المدينتين المذكورتين كان لعدة عشرات من الالوف (إن تكلمنا عن العدد المجرد من الفعل القبيح الذي حصل!) لكن الذي يستمر في العراق هو بحق كارثة إنسانية , بيئية وطبيعية عموما إن لم نضف لها الفعل اللاأخلاقي الذي حصل . ان من نتاجات التصنيع المستخدم في المجالات العسكرية والتي باتت الشغل الشاغل للكثير من البلدان , هو التصنيع الذي تدخل فيه العديد من النفايات الكيميائية والنووية بكلا االتركيزين العالي والواطيء . ومنها تلك الاطلاقات التي باتت ترافق الاشخاص العاملين في المجال العسكري كإطلاقات المسدسات والبنادق الشخصية بالاضافة الى القذائف بجميع اشكالها الى مستوى الصواريخ والقنابل التي تسقطها الطائرات. ومن هذه النفايات المستخدمة والتي اصبحت كثيرة الاستخدام حتى بالاشتباكات الضعيفة هي اليورانيوم المنضٌب او المستنفذ. ومن المعامل التي لعبت وتلعب الدور الكبير في إنتاج آلاف الاطنان من هذه المادة هي المعامل الامريكية بشكل واضح وملموس. حتى باتت مؤثرات هذه المعامل تصيب الساكنين على مسافات مختلفة كما يقول روساللي بيرتيل في بحوثه في هذا المجال على العديد من الناس القاطنين بالقرب من محطات الاستخلاص لليورانيوم المنضب في أكلاهوما في الولايات المتحدة الامريكية. حيث بالاضافة الى إجراء العديد من الاختبارات مات العديد ممن حصل على كميات من النفايات السائلة وقد أجريت العديد من الفحوصات الطبية على عينات من براز بعض الناس المذكورين أشارت الى وجود العديد من هذه النفايات وبالتركيز الواضح من هذا اليورانيوم ومن الفلزات الثقيلة المرافقة او المصاحبة لليورانيوم المنضٌب المذكور. لقد إشتكى العديد من الناس من وجود مثل هذه الملوثات القاتلة قرب السكن , ويقول الباحث المذكور انه قام بزيارة الى المنطقة لاحظ وجود صدأ واضح على سيارات السكان مما سبب تآكلاَ بشكل متباين من جزء الى آخر, وسببه هو ما ينطلق من المصنع من مواد سامة بشكل روتيني لينعكس على صبغ سطح السيارات. وان الناس يشتكون من امراض متعددة كالحرقة في البلعوم(او الحنجرة) والعيون وآلام من هذا النوع كبيرة الى حد دوري, الا ان المشكلة التي يعانون منها هو قلة المعلومات التي تمنح لهم عن هذه المواد ومصدر هذه المواد مما يصعب على القائمين على العلاج إيجاد الطريقة المثلى للمعالجة. لقد قابل الباحث عددا من الشباب الذين يقطنون بالقرب من محطة كير ماجي و الذين يعانون من بحة الصوت , حيث ان تلك المحطة تلقي بنفاياتها في بئر عميق بواسطة عملية الغرز. علما ان تلك المنطقة تعتبر منطقة زراعية. حيث بدأ الناس يشكون بشكل كبير من هذه المعانات البيئية الكبيرة, حيث تهدد هذه الفضلات الخطيرة الجدول المائي الموجود في المنطقة. منذ العام 1997 والجدل والخلاف مستمر في قضية إستخدام اليورانيوم المنضّب من قبل القوات المتحالفة القادمة الى منطقة الخليج العربي لتحرير الكويت وإبعاد الجيش العراقي الذي سيطر على الدولة الشقيقة. والذي تسبب بمرض سمّي بمرض حرب الخليج مع تلك الاعراض التي ظهرت على الآلاف من القوات الامريكية وبعض القوات العربية المشاركة والتي لم تتطرق لها ( اي الاعراض) أي من الحكومات العربية التي شاركت في الحرب المذكورة! إلا أن الحكومة الامريكية أظهرت بعض المعلومات على مضض عن إستخدام القوات الامريكية لسلاح اليورانيوم المنضّب علاوة على بعض الاسلحة الكيميائية والتي فضحتها حالات المحاربين القدامى الذين أثاروا الموضوع بهذا الشكل ولم يعلم به حتى قادة الحرب العرب والذين شاركوا في تلك العمليات مع القوات الاجنبية ولا غرابة في ذلك!. في الوقت نفسه قامت وزارة الدفاع الامريكية بإجراء عدة إختبارات لمصابين من حرب الخليج الثانية والذين كانوا يعانون ممّا يسمّى بأعراض مرض حرب الخليج . حيث أجريت الاختبارات على عضلات من أجسامهم كانت تعاني من الاسترخاء. ومنهم الكثير من يتناول الحبوب أو الاقراص. الكثير من المعلومات قد زوّدت بها منظمة الصحّة العالمية. ما هو اليورانيوم المنضٌب Depleted Uranium ان اليورانيوم فلز يستطيع الاحتراق آنياً بدرجة حرارة الغرفة بوجود الهواء( الاوكسجين) وكذلك الماء.وعند درجات الحرارة المئوية 200 الى 400 فأن مسحوق اليورانيوم ربما يشتعل ذاتياً في الجو لثاني اوكسيد الكربون والنتروجين. ان اكسدة اليورانيوم تحت ظروف معينة ربما تولّد طاقة كافية لتحدث انفجاراً بقوة تدمير تعتمد من ضمن ما تعتمد عليه الكمية المتفاعلة منه .. إن مما يجب الاشارة اليه أن هناك العديد من المتخصصين في مجال التفاعلات الكيميائية النووية يعتقد أن مثل هذا الملوّث لا يسبب التلوث البيئي الكافي ليطلق عليه صفة التلوث ما لم يحدث التصادم مع الهدف المطلوب والذي يخترقه السلاح المذكور بينما من يدرس مواصفات هذه النفايات يلاحظ الخواص الواضحة والمماثلة لليورانيوم الام إن صحّ التعبير. الآن يمكن القول أن لو حدث التصادم المذكور فإنّ عملية إحتكاك تحصل في هذه الاحيان لتسبب التفاعل اللازم الذي يدخلنا في المرحلة المتقدمة من التلوث وليست المرحلة الاولى كما نسمّيها...ومن العمليات التي تحدث يمكن أن تسبب اشتعال اليورانيوم ,ثم تشكيل مكوّن مركّز قادر على قتل الاشخاص الاكثر في الهدف المقصوف. إن اليورانيوم المنضّب يستخدم بشكل واسع بدل مواد أخرى في العديد من الاسلحة الميدانية مثل المدفعية أو في الدروع والاستراتيجية كالصواريخ العابرة والقنابل ذات المديات التدميرية العالية والتي تحملها الطائرات بأنواعها. ويدخل اليورانيوم المنضّب في سلاح الجيش الامريكي والبريطاني بشكل واسع , بل ولا يدّون هذا السلاح من ضمن الاسلحة المحرّمة على نطاق الاشتباك القريب او الاشتباك البعيد . وقد إستخدم بشكل واسع وملفت في حرب الخليج عام 1991 وكذلك الاستخدام الواسع في الحرب الاخيرة عام 2003 والتي إنتهت بإسقاط نظام صدام.... ان ذلك لا نقاش فيه عن حقيقة ان 320 طن من اليورانيوم المنضّب على الاقل قد إستخدمت في حرب الخليج واكثر من ذلك,فقد تسببت عمليات التلويث بهذه النفايات المشعة الى أحوال بيئية متغيرة بين الحين والآخر مما أدى الى إحداث نسبة عالية من إرتفاع درجات الحرارة أكثر من معدلاتها كما يشير أكثر من متخصص في مجال الانواء الجوية . ناهيك عن التأثيرات الاخرى التي سنشير لها تباعاَ . حيث أن العمل الملوَث المذكور سبب ما يعرف بالايروسول أو تلك الدقائق العالقة بالجو والتي تنتقل من وقت الى آخر الى الاماكن المفتوحة لتحدث التلوث المستمر في البيئة عموما من نبات وحيوان وحتى الانسان بل وكل المواد المحيطة والمستخدمة من قبل الانسان. حيث أن هذه الدقائق ومن مشاكلها الكبيرة أنها غير قابلة للذوبان. فمنها تلك التي تكون مشبعة بثاني اوكسيد اليورانيوم و( أو) ثالث اوكسيد اليورانيوم وغير ذلك . إذن سيكون من المستحيل لتلك القوات المستخدمة لهذه النفايات أن تستثنى من هذه الدقائق التي تنتشر في كل مكان من منطقة حدوث الانفجار الى كل أرجاء المحيط الواسع الذي يصل قطر دائرة إنتشاره الى عدة كيلومترات إن لم نقل الى عدة مئات أحياناَ إذا ما إستخدم الملوث بكميات كبيرة (كتلك التي حدثت في الكويت والعراق والتي أظهرت الدراسات الاحصائية الصحية الى إنتشار واضح لمرض السرطان لدى الكويتيين وإزدياد النسبة بين سنة وأخرى كما هو معروف وملموس!). الاشارة التي أثيرها هنا أن العديد ممن يريد أن يغطَي على تلك الاحداث المؤلمة هو القول بعجب التصرف وعدم التصديق أن تترك القوات البرية أفرادها بدون حماية من هكذا أحداث ؟! وأقول أن ليس من المعقول حقاَ أن تثار مثل هذه الاسئلة في ساحات الحرب وفي الاشتباك المستمر مع العدو (وأقصد حول إثارة مفعول العمل بهكذا سلاح) كي لا تؤثر على معنويات الجنود وكذلك لكي لا تثار مسألة الكمية التي ستستخدم على الاهداف التي تكون طبيعة تقديرها موكولة الى الاستخبارات العسكرية والتي لا ينبغي أن تثار بين الحين والآخر الى قاعدة المقاتلين! بالاضافة الى الاسباب العديدة التي يعرفها من هو متخصص في المجال العسكري الميداني. ناهيك عن التدريبات التي رافقت الجنود من إستخدام هكذا ذخيرة في بلد التدريب . لقد قلنا بأنَ اوكسيد اليورانيوم والغبار الناتج عنه غير مذاب في الماء وكذلك مقاوم للجاذبية ويكون مطواعاً للانتقال الى مسافات عشرات الكيلومترات في الهواء.فوق الارض ,ومن ثمَ يستطيع ان يعاد حمله او يعيد ايقافه عندما يكون الرمل قد اضطرب بفعل حركة ما أو بوجود ريح ما(كما كان قد حدث في مناخ عام الضربة أي عام 1991 على الحدود الكويتية العراقية حيث الاستخدام المفرط لملوَث اليورانيوم المنضَب). إنّ من مميزات هذا الملوّث حالما يتم تنفسه إن دقائق صغيرة جداً من اوكسيد اليورانيوم تكون بحدود 2.5 ميكرون او اقل في قطره تستطيع ان تقيم وتتركّز في الرئتين لعدة سنين وببطء يعبر خلال نسيج الرئة الى الدم. حيث ان غبار اوكسيد اليورانيوم له نصف عمر بيولوجي في الرئتين طوال السنة الكاملة. وفق تقارير صدرت من مجلس حماية الاشعاع العالمي البريطاني فان التجارب على الفئران والتي عرّضت الى مثل هكذا ملوّث وبالخصوص هكذا غبار مشع او خزف من اوكسيد اليورانيوم سبب إطالة التأثير الى الضعف حيث تركّزت هذه المواد في الرئتين الى فترة السنتين قبل عبوره الى مجرى الدم. وقد أشارت العديد من التقارير الطبية البحثية الى أنّ الجسم الانساني يختزن اكبر كمية من الدقائق خارج الرئتين نتيجة لعدة أسباب منها تلك الميكانيزمات اللاارادية, كما وان هذا الجسم يطرح خلال الجهاز المعوي ـ المعدي في الغائط كميات من الملوّث المذكور (كما لوحظ في العديد من العينات المدروسة وقد دخلت مركبات اليورانيوم الى الجسم اما من خلال جدار الجهاز المعوي ـ المعدي اومن خلال الرئتين فسببت النقص الواضح في العديد من موائع الجسم. إنّ مما تجب الاشارة اليه إلى أنّ اليورانيوم ذا التكافؤ الثلاثي يشبه الاوكسيد ذا التكافؤ الرباعي من ناحية تكوين ايونات اليورانيل.حيث ان اليورانيوم بشكل عام يشكل مركّبات مع مكونات اخرى مثل البيكاربونات اوالبروتين في البلازما ويمكن ان يخزّن في العظم والغدد اللمفاوية والكبد والكلية والانسجة الاخرى. ان هذا العنصر( اي اليورانيوم) له القابلية كذلك على الظهور في البول لسبع او ثمان سنوات بعد التعرض وبذلك يكون كافياً لاثبات الفترة الطويلة للتلوث الداخلي للنسيج بسبب المادة المشعة المتسربة الى الجسم. وأنّ هذا العنصر يكون خطراً ان من الناحية الاشعاعية وان من التسمم الكيميائي فيما يقصد من مكونات عناصر الجسم الحيّ. أما اليورانيوم المذاب او القابل للذوبان يكون منظماً بسبب سمّيته الكيميائية التي تقدر وتحسب وفق عوامل عديدة كذلك منها نسبة التعرض وفترة التعرض وغير ذلك علاوة على العضو الجسميّ الذي يتعرض لإشعاعاته فيحدث الضرر الكبير في الكلية والانابيب الدموية الدقيقة إذا ما علمنا أنّ اليورانيوم بذاته فلز ثقيل وكما معروف أن الفلزات الثقيلة التي تصل الى الكلية تسبب الالتهابات الواسعة والمتنوعة في الكلية. ان هذا اليورانيوم غير المذاب الذي تحرر في حرب الخليج, كان في أحيان كثيرة خارج السيطرة المطلوبة بسبب تتعلق بعوامل المنطقة بالاضافة الى خواصه الاشعاعية, وخواصه الكيميائية والتي سببت امتصاصه البطيء خلال الرئتين والاحتباس الطويل في انسجة الجسم ,والذي شكّل خطراً على الاعضاء الداخلية للجسم ممّا أدى الى ما يعرف بالخطر الاشعاعي الأحيائي. وان هذه الخطورة تكون خطورة كيميائية للنظام الكلوي عموماً. إنّ الجرعة المؤذية والتي تلعب الدور الكبير في عملية تلوّث الجسم وأعضائه عموماَ, يمكن أن يكون تأثيرها كيميائياَ وإشعاعياَ معاَ كما لاحظنا. وكلما كان زمن التعرض اطول كلما كانت عملية التلوث والتاثير اكثر في جسم الانسان مما يؤدي الى احتمالية اكبر للاصابة بالسرطان لذلك العضو الذي امتص مثل هذه الجرعة من الاشعة. وقد أشارت العديد من المشاهدات العينية الى أنّ ضرراَ كبيراَ للعديد من الحالات قد حدث للكلى وسببت التلف المبكّر لها. ان اليورانيوم المنضّب والذي إستخدم في حرب الخليج الثانية هو يورانيوم مئة بالمئة لذلك كان تاثيره هو نفس تاثير اليورانيوم الطبيعي وكلاهما يتضمن نظير اليورانيوم 238 حيث يكون المنضّب منه بنسبة 99% من نظير اليورانيوم 238 وما تبقى اي 1% هي من النظائر المؤثرة الاخرى.وخاصة اليورانيوم النقي والذي تكون فعاليته تصل الى 12.4 كيلوبيكريل. وهذا يعني ان هذه النسبة قد أحدثت 12400 انحلال لكل ثانية واحدة والتي حررت جسيمات الفا التي تتركز او يكون تركيزها اكثر من الجسيمات الاخرى بسبب كتلتها الاكبر. علماً ان العمر النصفي لليورانيوم 238 المذكور يبلغ 4.51 × 109سنة . ان نسبة اليورانيوم الطبيعي في التربة يكون بحدود 1 الى 3 اجزاء من المليون حيث ان اليورانيوم الخام يكون بحدود 1000 مرة اكثر تركيزاً ونسبة الاغناء بحدود 0.05 الى 0.2 بالمئة من الوزن الكلي. وكذلك اليورانيوم المنضّب الذي هو يورانيوم مئة بالمئة كما قلنا حينها يكون التاثير هو هو. ان عمليات التحول من نظير الى آخر هو تحول من تاثير الى تاثير آخر مثلاً نظير اليورانيوم 238 يتحول الى الثوريوم 234 والذي يبلغ عمره النصفي 24.1 يوماً اي ان تاثيره سيكون لتلك الفترة ما يلبث ان يتحلل الى البروتاكتينيوم 234 والذي يبلغ عمره النصفي 6.75 ساعة وبعدها ينحل الى اليورانيوم 234 الذي يبلغ عمره النصفي 2.47 × 105او 247000 من السنوات. وهذا يعني ان تاثير النظير الام يبتديء من اليورانيوم 238 بعمر يصل الى عشرات الآلاف من السنين الى ان يبلغ النظير الوليد وهو اليورانيوم 234 والذي يصل عمره النصفي الى عشرات الآلاف من السنين كذلك , اي ليؤثر من جيل الى جيل عبر هذه الفترات الزمنية المذكورة. ان الانحلالين الاولين ينتجان نظيرين مشعين سوية مع اليورانيوم 238 فتمثّل الفعالية لهما فعالية اليورانيوم المنضّب تقريباً.حيث كلما انحل جزء تلاحك مع جزء آخر بنظير آخر وبالتالي يكون التاثير على الجسم مضاعفاً من قبل النظائر المشاركة بالعملية الضررية. حتى بعد العملية الصناعية التي يفصل خارجاً فيها اليورانيوم 238 يأخذ مكاناً يستمر لانتاج هذه النكليدات المشعة. لقد إنتشرت مثل هذه النكليدات المشعة خلال فترات قصيرة إبتدأت من الايام الاولى للقصف بتلك الاسلحة الى أن وصل التلوّث في غضون 3 الى 6 شهور الى المستويات التهديدية المباشرة . وقد إبتدأت المعاناة من تلك المناطق في حلبة الاهداف الى العديد من المواطنين ( كما حدث لابناء البصرة والناصرية والسماوة وغيرها من المدن المتضررة في العراق اثناء حرب الخليج الثانية والثالثة ) والعسكريين المحاربين الذين تعاملوا مع هذه النظائر المشعّة. ولا يخفى على ذوي الالباب ما لتأثير المختبرات العراقية في مجال الابحاث والتجارب على هكذا أنطقة كذلك من تأثير بفعل التسرّب المستمر, للاسباب التي سنوردها في حلقاتنا القادمة. حيث ادت هذه الاشعاعات الى اصابة اعداد كبيرة من العراقيين بالعديد من الامراض, كالامراض السرطانية او مرض التهاب الكبد الفايروسي والذي يسببه الاشعاع النووي ايضاً, حيث سجلت ارقام في مستشفى الطب النووي في بغداد أرقاماً وصلت الى 120ـ 140 الف مصاب بالاضافة الى 7500 إصابة سنوية. أما الاحصائية حول مرض التهاب الكبد الفايروسي فهي من الخطورة بمكان, ان سجلت النسبة 5% من العراقيين مصابون بهذا المرض. لقد اصيبت البيئة العراقية بملوثات إشعاعية فاقت كل التقديرات للعديد من البلدان وبضمنها دول النادي النووي. حيث ان البيئة العراقية قد احتوت مئات الآلاف من الاطنان من الاسلحة الملوّثة للبيئة إن من المشعة وان من غيرها, وخاصة تلك المشبّعة باليورانيوم المنضّب وقد انتشرت مثل هذه الاسلحة بكميات هائلة خاصة في الجنوب وعلى الحدود السعودية والكويتية كما وانتشرت العديد من مخلفات النظام العراقي السابق في بغداد وفي مدن اخرى عديدة . لقد سجلت اصابات بالعديد من الامراض الغريبة التي لم تسجل في الاوقات السابقة في الكثير من الاماكن في العالم.وخاصة الولادات المشوّهة التي لايمكن وصفها بسهولة من الناحية الطبية.اضافة الى التلوث الخطير في مياه الشرب والاغذية التي دخلت الى الوطن العراقي عبر مناشيء وبعلم الدولة العراقية في نظامها السابق وقد ادت الى الكثير من المشاكل الصحية , وفي وقت الدولة الحالية بسبب حالة الفوضى والحدود المفتوحة والتي سرّبت من بعض الدول المجاورة للعراق. وما زالت العديد من المعدات العسكرية التي تركت منذ النظام السابق متروكة وقد سجلت نسبة اصابات من جراء هذا التلوث.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |