|
مــؤتمــر الفيحــاء.. وإقليم البصرة
الإنساني سهيل أحمد بهجت أود من خلال هذا المقال أن أنوه أولا إلى العمل الوطني المهم الذي تريد قناة الفيحاء إنجازه للمصلحة الوطنية عموما ومحافظة البصرة خصوصا من خلال مؤتمر يناقش سبل إقامة إقليم البصرة على أسس قانونية وعلمية، ولكن ولكي ينجح المؤتمر يجب طرح المواضيع والمشاكل بأسلوب علمي بعيد عن العاطفة ونظريات المؤامرة التي تقيس كل شيء بمقياس العدووالصديق لا بمقياس الواقعية العقلانية التي تطرح المشاكل وإيجاد حل واقعية لها، وللأسف هنالك حملة للتشويه والفوضى الإعلامية ضد مشروع فدرالية إقليم البصرة، وقد لا يدرك المواطن البسيط الذي لا يملك الاطلاع الكافي في المجال السياسي والإعلامي فيعرف من هم وراء هذه الحملة، وبالتأكيد فإن مروجي الطائفية والقومية يعانون الآن من هاجس نجاح هذا المشروع السياسي الإداري الاجتماعي لسبب أساسي وجيه هوأن إقليم البصرة ليس إقليما قوميا ومذهبيا طائفيا، وهذا بحد ذاته تهديد لكل العملية السياسية المنافقة القائمة على التحاصص الطائفي القومي، ونحن إذ نشجب المحاصصة فإننا نؤشر في الوقت ذاته على نفاق فئات سياسية تشتم المحاصصة ثم تسعى على أرض الواقع إلى المحاصصة لفشلها في الاستحقاق الانتخابي، وأنها تنافق بحيث تدعوإلى التوافق "في المركز بغداد" بينما هي في الأطراف تدعوإلى ديمقراطية حكم الأغلبية وهوما يدل على رفضها الكلي للديمقراطية. إن مشروع إقليم البصرة يجب أن يقوم على أسس علمية وعقلانية وبدون شعارات طائفية وقومية، وسيكون من الخطر أن تُضم البصرة إلى ما يسمى "إقليم الجنوب"، الأكيد أن كل اتحاد وإقليم واسع يضم أكثر من محافظة سيكون عرضة لتسلط مركز آخر والفساد المالي والروتين الإداري وهيمنة الحزب وسياسات زعيم الحزب، لكن وكما أسلفنا في مقال سابق فإن الفدراليات الصغيرة تكون أسهل من حيث الإدارة وإيصال الشكاوي ومعانات المواطنين وحل مشاكلهم إضافة إلى أن هذا النوع من الفدرالية الإدارية تتيح للشعب أن ينمّي حسّه الوطني والهوية العراقية بينما فدرالية الجنوب التي يروج لها بعض المتاجرين بمأسات الشيعة، هذه الفدرالية ستكون سببا في إلهاء الشيعة بأعداء "خارجيين" هم في الحقيقة إخوتهم في الوطن ذاته، كما أن ظهور الفدرالية ذات "الهوية المزيفة" القومية والطائفية يكون دوما سبب صراع فيسعى كل طرف إلى ابتلاع أرض "متنازع عليها" وبالتالي تكون النتيجة حروبا وموتا بدل السلام والحياة. أنا مع إقليم البصرة إذا لم يتحول هذا الإقليم إلى أرض احتكار لأحد الأحزاب، كما هوحال تجارب موجودة على الأرض العراقية، فيمنع الدعوة والتنظير لأي حزب وفكر عدا فكر الحزب المناضل الوحيد الأحد، من هنا كان لزاما على كل التنظيمات السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والدينية أن يدعموا هذا المشروع بالتعددية الفكرية والسياسية والحزبية، والخشية هنا تكمن في أن يقوم حزب من الأحزاب بالهيمنة وفرض نمط ديني وحزبي على الإقليم المزمع إنشاءه، ورغم كل المخاطر التي سترافق إنشاء هذا الإقليم إلا أن أفضل ما في التجربة هوخوضها بحلوها ومرها كون التغيير والتعلم من الأخطاء هوالهدف الأساس من أي تجربة، بشرط أن تكون التجربة مصحوبة بالحرية الفكرية وإبداء الرأي. الأمر الآخر الذي يجب أن يعرفه كل من يطمح إلى بناء الفدرالية هوأن الفدرالية لا تعني بحال من الأحوال الخروج على الخطوط العامة للدولة كالسيادة والاتفاقات الدولية وضبط الأمن الداخلي والعلاقات الدبلوماسية والأهم من كل هذا أن لا يصبح الإقليم والاتحاد أشبه بالجسم الغريب الذي ينتهي بأن يرفضه الجسم الأكبر ـ الدولة ـ وتكون الكارثة في أن تفشل التجربة بالكامل، فلا يمكن لمحافظ البصرة أن يقرر ما من شأنه التدخل في الحياة الشخصية للمواطنين بحجج دينية وغيرها ويجعل من نفسه وليا على أخلاق الناس وحياتهم اليومية، وللأسف فإن لمحافظة البصرة سوابق سيئة في هذا المضمار تشبه تصرفات محافظين آخرين تابعين لحزب من الأحزاب "المناضلة"!! يتدخلون في حياة الناس بحجج قومية وطائفية، إذ سبق لنا أن رأينا قرارات لمجلس محافظة البصرة ضيق بموجبها على الحريات العامة ومنع استيراد المشروبات الروحية تحت مختلف الحجج، بالتالي لا يمكن أن تكون للبصرة مثلا شرطة "أمر بالمعروف ونهي عن منكر" كما هوفي السعودية وإيران، وعلى الدولة أن تنسق بهذا الشأن بحيث يتم إنشاء أي مشروع سياسي تحت رعايتها وبعلمها لتفادي التناقض السلبي، فنرى مثلا أن إقليما من الأقاليم سيقوم بعناد متعمد للمركز وليس من منطلق حرصها على مصالح المواطنين وتوفير الخدمات المفقودة أصلا. الأهم من كل ما سبق هوأن تتخذ الأحزاب ذات النفوذ العريض بين أهالي مدينة البصرة قرارا جديا بأن تجعل الحرية وحقوق الإنسان من ضمن الأولويات لإنجاح المشروع ولكي لا تتحول البصرة إلى مشروع صراع ـ كما حصل في تجارب سابقة ـ بالتالي تكون الكارثة أن تصبح الفدرالية وهي من أنجح المشاريع السياسية في دول العالم الحر إلى تقسيم غنائم بين أحزاب لكل منها استعداد على فرض رؤيته على المجتمع والنظام بدلا من التنافس السلمي الذي يتيح للجميع الحرية في التعبير ونمط العيش وأن لا يكون هناك من ثوابت غير الحرية والديمقراطية وحقوق الفرد وحرياته.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |