حميد الشاكر 

al_shaker@maktoob.com 

لااعلم في حياتي المتواضعة الامد والقليلة التجربة خلافا يرقى الى الاختلاف المضحك المبكي في الان الواحد كالخلاف الذي تفتعله قوى التكفير السلفي مع المسلمين الشيعة في التاريخ وحتى هذا اليوم ، ومع ان الاختلاف في العرف الانساني مشروع الوجود خَلقيا ومشرّع التكوين قانونيا ، الا ان خلاف السلفية التكفيرية هذا خلافا من نوع مختلف تماما عن خلاف البشر السويين ، فهو خلاف وجد من اجل الاختلاف لاغير ، وبلا اي هدف او غاية او نتيجة تبتغى من هذا الاختلاف المفتعل ، وانما هو هكذا خلاف للخلاف ومن اجل الاختلاف فحسب !.

نعم يدرك كل انسان سوي الخلقة والعقل ان الاختلاف والخلاف سنة كونية غايتها وهدفها الانساني ان نصل الى معادلة تحفظ التوازن الكوني والبشري القائم ، ولكنّ هذا الاختلاف الطبيعي  لاوجود له في فكر وقواميس البلاهة السلفية التكفيرية ، كما انه لاتعقلن لهذه السلفية التكفيرية لمعنى ان تختلف عن الاخر ، وأنما ماهو موجود في فكر المدرسة السلفية هو كيفية ان نختلف فحسب ؟.، وبلا وعي لماذا نحن يجب ان نختلف ؟.، او ضرورة ان يكون بين ابناء البشر نوعا من الاختلاف ؟. ، وهذه هي زبدة الكارثة التي منيت بها الامة المسلمة من هذه الفئة الضالة التي لها عبادة ابليس المطرود من رحمة الله سبحانه ،وكراهية الشيطان وعداوته للانسان مضافا الى مكرّ اللعين وسوء طويته العنصرية النارية !.

تمام : اصبحت ظاهرة الاختلاف والخلاف السلفية مضحكة مبكية في الان معا ، حتى وصول هذه المدرسة التكفيرية الى حد الغثيان  المفرطة عندما تختلف مع ذاتها هي من خلال مقاييس اولها يختلف مع اخرها وبدايتها تتناقض مع النتائج فيها ، ليصبح السلفي نفسه كرة نار متدحرجة يملئها التناقض الفكري من الاول الى الاخر !.

تعالوا معي لنأخذ نماذج او امثلة من فكر السلفي التكفيري ومعتقداته القداسية هو، والتي يطرحها باعتبار انها الخلاف مع المسلمين الشيعة  ، ولنرى هل الذي أمامنا انسان بالفعل والعقل ، أم كتلة غريبة من التناقض والتناشز والازدواجية في الشخصية التي ركبت لتفهم كيف تختلف مع الاخر بدون وعي وفهم وادراك الى لماذا ينبغي ان نختلف وماهو الهدف من الاختلاف ؟!.

يعتقد السلفي بقداسة خلافة الخلفاء من الاصحاب بعد رسول الله ص ، بل ويكفر كل من يختلف على هذه الحقيقة ويعتبر ان الاختلاف على حقبة السلف الصالح ماهو الا نوع من النفاق وسوء السريرة ، وعليه كلما وجد من يدرس التاريخ الاسلامي بعقلية تبتعد عن التقديس لتدرس الحقب البشرية بعقلية تقترب من المنهجية والوعي كانت للسلفي الابله صولة الاهوج الذي يستعد لسفك الدماء لمجرد تفكير اي احد منّا للاختلاف معه حول هذه النقطة بالذات !.

وهنا نسأل السلفي نفسه : هل اصحاب رسول الله ص معصومون عن الخطأ والوقوع بالجريمة ؟.

يجيبك السلفي من خلال معتقده القداسي : انه ليس هناك معصوم الا الانبياء وحتى الانبياء معصومون في جانب التبليغ فقط !.

تسأله : اذن لماذا تقدس مرحلة صحابة منهم حكام سياسة ومنهم اعراب ومنهم اناس صالحون ، وترمي من يقول انهم غير معصومين عن الزلل بانه كافر وزنديق ؟.

هنا السلفي وقع بين تناقضين فاضحين : الاول يدفع السلفي لرؤية حقبة حكام المسلمين بعد رسول الله ص على اساس انهم السلف المقدس ، والثاني هو مايحمله  السلفي نفسه من فكرة ان لاوجود لمعصومين مقدسين في هذه الحياة بعد الانبياء والرسل ، فكيف التوفيق بين فكرة حول الصحابة اولها تقديس واخرها واقعية وتفكير ؟.

هكذا هي المسألة : انسان مخطئ في فكر السلفي + صحابة يجب ان يرفعوا فوق الخطأ = فكرة تختلف اولها عن اخرها !.

وعليه اذا كان صحابة رسول الله ص وخصوصا منهم الحكام ليسوا معصومين بأقرار السلفي نفسه ، فلماذا يكفر من يقول ان الصحابة بشر كباقي الناس الاخرين يخطئون ويصيبون على نفس فكرة السلفي الذي يكفر الاخرين لانهم مختلفون مع هؤلاء الصحابة الذين وبالفعل اختلفوا مع بعضهم البعض حتى شن الحروب واهراق الدماء الغزيرة ؟.

الفكرة تتلخص في : ان السلفي يشنّ حملة التكفير الغريبة والعجيبة ليرتقي الى مرحلة التفكير بالجريمة وكيفية قتل الاخر وخاصة الشيعي المسلم من منطلق ان هذا الانسان يعتقد بأن صحابة رسول الله بشر كباقي البشر يختلفون ويخطئون ويصيبون وينهبون ويجرمون وكذالك يعبدون الله سبحانه وتعالى ، وبنفس الوقت الذي يفكر فيه السلفي حياكة جريمته للقتل ان سألته هل تعتقد بعصمة صحابة الرسول محمد ص العظيم ، فسيقول لك بلا ادنى تردد : لا انا لااعتقد بعصمة احد من البشرية ، وهنا قل له بصراحة : اذن لماذا تكفر وتحاول قتل من يقول نفس قولك هذا ، وان الصحابة مثل ما انهم يؤمنون هم كذالك يكفرون كباقي البشر ؟.

هنا للسلفي طريق واحد لااخر له هو ان يختلف مع عقله نفسه ليرفض مقررات عقله بالذات والصفة ليتحول الى مجرد كائن مختلف بلا عقل يذكر او ادراك يفهم !.

كذالك الحال لاي سلفي يختلف ويكفر المسلمين الشيعة لرفضهم خلافة عمر او زيد من خلفاء المسلمين ،بسبب ان  السلفي يرى في رفض خلافة اي خليفة من خلفاء المسلمين هي كفر صراح ويجب ان ينال مَن يرفض هذا الحكم او ذاك القصاص العادل من منطلق ان النقد  على الخليفة او عدم موالاته هي الكفر الصراح كأن يوالي الخليفة عمر ويعادي اعدائه  ، ويجب تكفير وتفسيق وهدر دم من يمارس رفض هذه الخلافة او تلك !.

وهنا ان سألت السلفي نفسه وهو يكفر الاخرين لرفضهم او نقدهم هذه الخلافة او تلك : هل الخلافة امر ديني ام دنيوي ؟.

سيقول لك بكل صراحة : ان الخلافة امر دنيوي والانسان هو القائم على حق ممارسة الشورى لانتخاب هذا الحاكم اوذاك ؟.

تعيد عليه السؤال بهذه الصيغة : اذا كانت الخلافة برمتها امر دنيوي بشري وهي من حق الانسان في الدنيا ، فلماذا تكفّر من يمارس حقه في انتخاب هذا ورفض ذاك من الخلفاء ؟.

بصيغة اخرى عندما تسأل اي سلفي تكفيري مختلف : من اين استنبطتم حكم الكفر والزندقة على من خالف خلافة الشيخين بعد رسول الله ص والخلافة كلها بنص ماتعتقده انت ياسلفي هي من امور الدنيا وليست من امور الدين ؟.

واذا كان الانسان غير رافض لاي امر من امور الدين فكيف يحكم عليه بالكفر والزندقة ؟.

وكيف عندما يمارس اي انسان منا اعطاه الله سبحانه حق انتخاب خليفته يكون قد خرج على الملة واصبح كافرا ؟.

وهنا يكون السلفي بين متناقضين : الاول معتقده القداسي بأن الخلافة ليست من امور الدين بل من امور الدنيا ، والثاني هو يكفر من ينظر لخلافة المسلمين على اساس انها ليست من الامور الدينية ، فكيف المخرج ؟.

بمعنى اخر : تعلّم السلفي منذ الصغر على قداسة خلافة الخلفاء بعد الرسول محمد ص وانها موقع قداسي من رفض الخضوع له او الاعتراف به فهو كافر وزنديق ومنافق بلا ادنى ريب ، ولكنه وبنفس الوقت وعقديا ايضا يجب عليه الايمان ان الخلافة ليست من امور الدين وانها شأن انساني من حق الانسان ان ينتخب خلافته السياسية ، كما حصل مثلا بالستة اصحاب الشورى بعد خلافة عمر ، فكيف له ان يوفق بين قداسة الخلافة من جهة ، وانسانية هذه الخلافة وانها ليست من الشؤون الدينية من جهة اخرى  ؟.

هكذا المسألة : قداسة يعني أمر ديني ونص الهي بالخلافة + خلافة ليست بنص ديني ولامن شؤون المقدس بعقيدة السلفي = مقدمة تتناقض تماما مع النتيجة !.

فلماذا يكفر السلفي اي انسان ينظر للخلافة بعد الرسول على اساس انها من الشؤون الانسانية التي لابأس بالخلاف حولها ، في نفس الوقت الذي يكون هذا المختلف مع الخلافة هو يحمل نفس عقيدة السلفي في رؤيته لخلافة المسلمين الانسانية ؟.

هل يكفر السلفي نفسه بنفسه ؟.

ام انه لايدرك لماذا هو يختلف مع الاخر الذي ينظر للخلافة نفس رؤية السلفي لها !.

بمعنى اكثر وضوحا : المسلمين الشيعة يرون ان خلافة الخلفاء ليست مقدسة ولاهي ملزمة لاحد وليس فيها صبغة دينية ليكون رفضها او قبولها رفض او قبول لحكم ديني يخرج او يدخل للملة الاسلامية ، وهذه هي نفس رؤية السلفية التكفيرية حول خلافة الخلفاء ، ولكن وبنفس اللحظة السلفية تكفر الشيعة لانهم لايعترفون بخلافة الخلفاء الراشدين الذين هم ليسوا انبياء او معصومين عن الخطأ او منصبين من قبل الله او رسوله ص ، فاذن لاي سبب كفر السلفية الشيعة في هذه المسألة اذا كانت رؤية الشيعة للخلافة هي نفس رؤية السلفية التكفيرية لها ؟.

هل كفرت السلفية التكفيرية نفسها عندئذ ؟.

ام ان السلفية تعرف كيف تختلف مع الشيعة المسلمين فحسب بدون ان تدرك لماذا هي تختلف اصلا مع التشيع ، والى اين ينبغي ان يوصل هذا الاختلاف مع الاخر  ؟.

هذا ماقلناه عن السلفية التكفيرية من انها تختلف لمجرد الخلاف والاختلاف فحسب بدون ان تدرك ماذا يعني الاختلاف ولماذا ينبغي ان يكون هناك اختلاف بين البشر وماغاية الاختلاف هذا !.

ان هناك الامثلة الكثيرة جدا في الفكر السلفي التكفيري الذي يحمل من التناقضية الشيئ العجيب ، بحيث انك ان اردت محاكمة السلفية لفكرها القداسي فستكتشف ان ماتكفره السلفية نفسها وتسفك على اثره دماء المسلمين هو نفسه ماتؤمن به هذه السلفية التكفيرية بالتمام ، مما يضعك ويضعني في حيرة مابعدها حيرة ولتعود من جديد وتتسائل : هل السلفية حقا مشروع فكري أم انها حركة عصابية وجدت في قلب الاسلام كي تخلق الاختلاف السلبي المدمر فحسب ؟.

انني على يقين ان المنصفين والواعين من هذه الامة لو درسوا الفكر السلفي بوعي وادراك سيجدون ان السلفية من اخطر اعداء العقل والاسلام والقرءان والرسالة والوحدة والتوحيد والايمان ..... وباقي المفردات الاسلامية ، وانها تجسيد عملي للمدرسة الطاغوتية الابليسية في القرءان التي تفكر لامن اجل التفكير والبناء والطاعة  بل من اجل التدمير والاختلاف فحسب ، وقد امرنا ان نكفر بالطاغوت ونؤمن بالله سبحانه!.

العودة الى الصفحة الرئيسية