مفاعلات كوريا الشمالية وتجاربها النووية

 

 د.مؤيد الحسيني العابد

 mouaiyad59@yahoo.com

لقد مرّت قرابة السنوات العشر على تجربة الهند أو قل تجارب الهند النووية التي رافقتها تجارب باكستان النووية لاختبار القدرات النووية للبلدين المذكورين. ولم يزد الولايات المتحدة الامريكية أي قلق ستراتيجي بإستثناء القلق القريب الذي تثيره من أطر إستخدام تلك التجارب خارج سيطرة دول النادي النووي التي باتت(أي هذه السيطرة) تفلت شيئاَ فشيئاَ من واضعيها. ولكنّ الألم والقلق الدائم اللذان يؤرّقان الولايات المتحدة الامريكية هي تلك التجارب النووية التي تجريها كوريا الشمالية بين وقت وأخر إستناداَ الى واقع علمي يفرضه علماءها وكذلك سياسيوها الذين يعلنون مع شيء من الدعاية عن تلك التجارب التي تقوم بها رغم صغر القدرة المستخدمة في هذه التجارب بحكم الغاية من إستخدام السلاح المفترض لمعالجة الهدف المرتقب!(وبإعتراف وزارة الدفاع الفرنسية مثلاَ ، بل شككت الوزارة نفسها بنجاح أي تجربة ذات قدرة كتلك التي إستخدمت هنا حيث أنّ الخبراء أشاروا الى أنّ التفجير كان محدوداَ نسبياَ إلاّ أنّ السلطات الروسية قالت بأنّ التفجير كان بقوة تدميرية مابين5,000-15,000 طن تي إن تي أي بقدرة تعادل قوة قنبلة هيروشيما والسبب في هذا التقدير واضح لكل لبيب!).

لقد تأسست جمهورية كوريا الشمالية عام 1948 عندما قسّم الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الامريكية شبه الجزيرة الكورية الى كوريا الشمالية والجنوبية في أعقاب الحرب العالمية الثانية والإحتلال الياباني لشبه الجزيرة وقد قادها الزعيم كيم إيل سونغ حتى موته عام 1994. ومنذ ذلك الوقت يحكم شبه الجزيرة في جزئها الشمالي النظام الماركسي اللينيني والذي أضاف له تجربة الدولة ببعض التعديلات الفكرية البسيطة زعيمها الاول كيم إيل سونغ.

تعتبر كوريا الشمالية بلداَ متجانساَ فيه من الانتماءات العرقية ، الصينية واليابانية والفيتنامية وكلها متجانسة في الحياة الاجتماعية وفي الامور الاخرى. وتعد هذه الدولة من الدول التي تتمتّع بزراعة نافعة ومحاصيل جيدة، إلاّ أنّ الكمية المنتجة لا تكفي للاستهلاك المحلي لذا تضطر الى الاستيراد من الدول المجاورة ككوريا الجنوبية واليابان وغير ذلك من البلدان(والتي أصبحت من الاوراق الضاغطة على قرار الدولة في التنازل عن برنامجها النووي بالكامل!). لذا قد تسببت أزمة الكفاية الزراعية مشكلة كبيرة , ممّا أدّى الى إصابة 2 مليون من المواطنين بالجوع حتى الموت.

والارض الكورية غنية بالعديد من الموارد الطبيعية مثل الفحم والخارصين والنحاس والمغنيسيوم. وعلى الرغم من فاقته الساحقة إلاّ أنّ كوريا الشمالية تمتلك من العسكر ما يعادل الجيش الخامس في العالم حيث يعمل ويخدم في هذا الجيش قرابة 1.1 مليون جندي والذي يكلّف 25% من الناتج القومي الاجمالي للدولة. علاوة على التكلفة الغالية التي يسببها البرنامج النووي . إلاّ أنّ الوضع السياسي للمنطقة يضغط على البلاد ليجعلها في وضع مهم لا تستطيع بسهولة أن تتخلى عن البرنامج النووي المذكور. وتوفّر جيد من المادة المؤثّرة في الوضع! خاصة إذا ما علمنا أنّ هذا البلد يحتفظ بمناجم يورانيوم تقدر بأربعة ملايين طن من خامات اليورانيوم عالي النوعية والقابل للاستخدام في مجالات عدة. وقد أشارت العديد من الدراسات غير الدقيقة على إحتواء هذا الخام على 0.8 % من اليورانيوم القابل للاستخلاص.

 ما الذي حدث في تجارب كوريا الشمالية النووية ؟

 لقد تمّ إطلاق ستة صواريخ ، خمسة منها تصل الى أهداف في اليابان وكوريا الجنوبية ضمن المديات المتوسطة وبقدرة تدميرية ضعيفة. كما تشير لذلك آثار التجربة كما ذكرنا. وقد أضافت الولايات المتحدة معلومة وردت من إستراليا الى أنّ الصاروخ السادس( والذي قد أطلق في اليوم التالي. و قد بقي الصاروخ في الجو قرابة 40 ثانية)، لربما تكون له القدرة على الوصول الى ساحل الولايات المتحدة في آلاسكا ، مع أن المادة التي يحتويها أقل بكثير من تلك التي جرّبتها كوريا في المرات الماضية والتي كانت تصل الى هذه المناطق المشارإليها وبقدرة تدميرية أعلى. وجب إستطلاع بعض المعلومات البسيطة حول مراحل التأسيس التي لعبت الدور الكبير فيما حدث:

مراحل التأسيس:

في منتصف عقد الستينيات تمّ تأسيس مركز الابحاث المتعلق بالطاقة النووية والذي ركّز جهوده على الاستخدامات والنتائج العملية من الطاقة النووية في كافة المجالات وقد تمّ تأسيسه بمساعدة الاتحاد السوفييتي آنذاك وقد تمّت إستمراريته بعدد من المتدربين الكوريين الذين تدرّبوا في الاتحاد السوفييتي. لقد تمّ تركيبه في منطقة يونيجبييون وإسمه:

large-scale atomic energy research complex in Yongbyon

وقد كان المفاعل الذي يحتويه المركز من النوع :

Soviet IRT-2M research reactor

لقد تركّزت الدراسات المستمرة في هذا المركز عام 1970 على دورة الوقود النووي والتي تتضمّن عدداَ من العمليات الواضحة الغرض منها: التصفية والتنقية والتحويل وغير ذلك من العمليات الضرورية . حتى نهاية العام 1973 كانت عناصر الوقود المستخدم في مفاعل البحث المذكور بنسبة إغناء تصل الى 10% . وفي عام 1974 قام الكوريون بتحديث المفاعل لهذه الاغراض وقل للغرض إيّاه! فقد تمّت عملية تطويره من مستوى مفاعل البحث المصمّم من أجله(في الجانب الرسمي على أقل تقدير!) الى مستوى المفاعلات التي كانت تعمل في الاتحاد السوفييتي وكانت متعددة الجوانب بضمنها الجانب العسكري. لذا رفعت قدرة المفاعل الى 8 ميغاواط ونسبة الاغناء كانت قد أوصلت الى 80% . ثمّ خفّضت درجة الاغناء دون معرفة الاسباب( إلا من الاستنباط العلمي الذي يقول أنّهم قد حصلوا على الحلقة الكاملة التي أنتجت العديد من الصواريخ المتوسطة المدى والتي تصل على أقل تقدير الى القواعد الامريكية في كوريا الجنوبية. وبعض القواعد في جزر اليابان وهذا الذي أدّى بهم الى إجراء التجارب العديدة على هذا المستوى من القدرة كما في التجربة الاخيرة!). بعدها بدأت كوريا الشمالية ببناء خمسة مفاعلات بحثية من نوع( المفاعلات الثانوية) . هنا بدأت إتصالاتها تتضمّن بعض المعلومات المتواضعة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكان ذلك في عام 1977 والتي تضمّنت(أي هذه الاتصالات) أن يسمح للوكالة بتفتيش المفاعل البحثي الذي تمّ بناؤه بمساعدة الاتحاد السوفييتي (وربّما كانت الاستعدادات واضحة في تقليل نسبة الاخصاب من 80 % الى نسبة قليلة لم تعرف على وجه الدقّة!) إلاّ أنّ عقد الثمانينيات شهد إنتقالة واضحة نحو التسليح النووي العلني, حيث تمّ التركيز على الاستخدامات العملية وليس فقط البحثية وقد تمّ بالفعل إكمال نظام تطوير السلاح النووي. حيث بدأت بتشغيل الوسائل الجديدة في تحوير وتحويل اليورانيوم (أو بمعنى آخر كافة المعالجات المتعلقة باليورانيوم). وقد بدأ العمل ببناء مفاعل بقدرة كبيرة تصل الى 200 ميغاواط في تايتشون وكذلك عمليات الاعادة في يونجبيون. وقد أجرت كوريا أول تجربة بمتفجّر ذي قدرة أكبر من السابق في منتصف الثمانينيات. هنا ولاول مرة أعلنت الولايات المتحدة الامريكية بأنّ لديها معلومات إستخبارية بأنّ كوريا الشمالية تمتلك مفاعلاّ نووياَ سرّياَ يقع على بعد 90 كيلومتراَ شمال العاصمة بيونج يانج وقد حددّت التقارير مكان بلدة يونجبيون. حتى التاريخ المذكور لم تقبل كوريا الشمالية الانضمام الى معاهدة عدم إنتشار الاسلحة النووية إلاّ أنها قبلت بعد هذا التطور الكبير الذي أجرته في برنامجها النووي. بشرط أن لا تتدخل الوكالة الدولية للطاقة الذرّية بوسائل الحماية والامان المعروفة والتي تفرضها على الدول التي تسجّل لديها وتوقّع على هذه المعاهدة!وهنا ينبغي أن نشير الى أنّ التقارير الاستخبارية التي تعاونت فيها الولايات المتحدة الامريكية مع اليابان وبعض المعلومات البسيطة من روسيا أشارت الى أنّ كوريا الشمالية إستطاعت أن تستخلص البلوتونيوم من دورة الوقود النووي لتستخدمه في إنتاج السلاح النووي القادم! وأنّ الكمية التي تمّ جمعها كافية لسلاحين من نوع القنبلة التي أسقطت على هيروشيما في العام 1945 . على الرغم من أنّ من غير المعلوم فيما إذا كانت كوريا الشمالية قد أنتجت بالفعل هذين السلاحين بسبب صعوبات في تطوير أدوات المتفجر. لكنّ الذي فاجأ المنطقة هو إعلان كوريا الشمالية إنسحابها من معاهدة عدم إنتشار الاسلحة النووية في شهر مارس من عام 1993 وقد جاء ذلك بعد عدة تطورات سلبية في مسألة العمل بهذا الاتجاه بين الكوريتين بالتحريض الواضح من الولايات المتحدة الامريكية بسبب الضغوطات الاستخبارية مابين روسيا والولايات المتحدة وكذلك التطورات التي حدثت في عدة مناطق في العالم منها منطقة الشرق الاوسط هذا على الجانب السياسي أما على الجانب العلمي التقني فإن لكوريا أسباباَ واضحة هو تخلي الولايات المتحدة عن الاتفاق في عملية تغيير المفاعلات المذكورة التي إتّفق على تغيير تصميماتها.. لقد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست في تموز ـ يوليو عام 1990 من خلال عدد من صور القمر الصناعي فوق منطقة يونجبيون أنّ هناك إحتمالاَ من أنّ المصنع المذكور قد فصل البلوتونيوم من الوقود النووي. علماَ أنّ التطور الذي عرف من خلال كثافة التجارب النووية ومن بعض الارقام المتسرّبة أظهر أنّ كوريا الشمالية إنتزعت من البلوتونيوم ما مقداره 24 كيلوغرام من هذا النظير. بينما يفترض وفق المعلومات الحسابية التقديرية أنّ لديها من البلوتونيوم ما يعادل 39 كيلوغراماَ(حيث تنتج 0.9 غراماَ لكل ميكاواط في اليوم لمدة أربع سنوات من عام 1987 الى 1991 ). هذا إذا كان عمل المفاعل بطاقته الكلية لكن المعروف عن عمل المفاعل هو نسبة 60% من طاقته إذن يكون الانتاج بحدود 23.4 كيلوغرام (بضرب الستين بالمئة في 39 كيلوغراماَ). والمعروف عسكرياَ ضمن الاسلحة النووية المعروفة بالرؤوس النووية أن الرأس النووي للصاروخ له 8 كيلوغرامات من الكتلة الحرجة، لتبلغ المادة كتلة الإنشطار النووي الحرجة. وهنا نستنتج أن لها ثلاثة رؤوس نووية على التقدير الاقل. أما إذا كانت الاسلحة الى المديات الاقل (الى الحدود القريبة ) فإنّ الكتلة الحرجة ستكون أقل وبالتالي سيكون عدد الاسلحة أو القنابل أكثر. لذا وجب إجراء التجارب لمعرفة العدد التقريبي من خلال نتائج التجربة, وبالفعل كانت التجربة الاخيرة صغيرة الى الدرجة التي لم تسمح بتسرّب خارج نطاق مساحة التفجير( بالرغم من أن الاعلام الامريكي وبعض الاعلام الاخر قد سرّب معلومات تقول أن كمية من الاشعاع قد وصلت الى حدود اليابان وقد كذّبت الخبر اليابان نفسها).

في عام 1993 بدأت الولايات المتحدة الامريكية محادثات مع كوريا الشمالية أسمتها مفاوضات المسألة النووية في شبه الجزيرة الكورية (على الرغم من إعلان كوريا الانسحاب المذكور!) وبعد محادثات إستمرت الى تشرين أول من العام 1994 إتفقت الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الشمالية في جنيف على عدة نقاط ملخصها:

# سيتعاون كلا الجانبين لاستبدال مفاعلات كوريا الشمالية للحصول على القدرة التي تصل الى

كما أنّ كلا الجانبين يتعاون لاستبدال مفاعلات كوريا الشمالية من نوع مهديء الغرافيت الى 2000 MWe

نوع مهديء الماء الخفيف (وهو نوع من عدة أنواع من المفاعلات يتميّز بأنّ نوع الوقود المستخدم يكون بنسبة تخصيب قليلة تصل الى 3% من اليورانيوم 235 على شكل أوكسيد اليورانيوم , في اليورانيوم الطبيعي الذي يمتلك كتلة 238 , كما يتميز هذا المفاعل بمهدّئه ومبرّده الذي يكون عادة من الماء الخفيف. وينتشر هذا التصميم في أغلب دول العالم التي تنتج الطاقة الكهربائية من الوقود النووي حيث تنتج كوريا الشمالية ما يعادل 38،6 % من طاقتها الكهربائية من الطاقة النووية وفق تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2004 لاستخدام إنتاج الطاقة لاأكثر ( المصدر: )Status of advanced Light Water Reactor designs 2004; IAEA-TecDoc-1391

# كما أنّ كلا البلدين يتحرّك نحو التطبيع الكامل في العلاقات السياسية والإقتصادية

# كلا الجانبين سيعمل سوية للسلام والأمن على شبه جزيرة كورية خالية من المواد النووية

# كلا الجانبين يعمل لتقوية نظام عدم إنتشار الأسلحة النووية الدولي

ممّا سبق نلاحظ الامور التالية:

لقد بات بحكم المؤكّد عدم تراجع كوريا الشمالية عن برامجها النووية لاسباب عديدة سنطرحها تالياَ:

 في الجانب السياسي:

لقد أشارت السلطات الكورية الى إمتلاكها الاسلحة النووية عام 2003 وفي شهر نيسان بعد سقوط نظام صدام وتغلغل القوات الامريكية داخل العراق وبداية المشروع الامريكي في العراق. لا بل وصل الامر الى إستعدادها الى تصدير المواد النووية(ويعتقد أنّ هناك علاقات فعلية في هذا الاتجاه مع بعض الدول الاخرى!) إذا لم توافق الولايات المتحدة الامريكية على المحادثات المباشرة معها.

 تلعب الولايات المتحدة الامريكية أدواراَ عديدة في تقويض العديد من الانظمة التي لا تسير في ركابها أو تلك التي لا توافق على المنهج الامريكي السياسي في العديد من مناطق العالم ومنها نظام كوريا الشمالية الذي مازال عصيّاَ على أمريكا إن في عملية التأثير المباشر وفي عملية التأثير غير المباشر لذا تلعب الدور تلو الآخر في التلويح لهذا النظام بين العصا وغيرها لتجعله في وضع منعزل من قبل شعبه الذي بات يشعر بالعزل السياسي الى درجة ما. بالاضافة الى أنّ الولايات المتحدة قد تبنّت سياسة يشوبها الكثير من الريب من قبل الانظمة التي أسمتها بمحور الشرّ الذي تبخّر منه (أي من المحور) ليبيا التي سلّمت كلّ شيء دون مقابل إلاّ من بقاء النظام على سدة الحكم كبقية الانظمة العربية التي تتهالك من أجل كرسيّ الذلّ والخنوع! أما الدول الاخرى فتتعرّض منذ فترة ليست بالقصيرة الى العديد من الضغوط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية وغير ذلك.. ومن هذه الدول دولة كوريا الشمالية.

إذن بالضرورة تسعى هذه الدول بأساليب متعددة للدفاع عن نهجها مقابل هذا النهج الذي تتبناه الولايات المتحدة والتي عوّدت من يسير في ركابها عليه. فقد تبنّت إيران وكوريا الشمالية النهج النووي إن صحّ التعبير مع الفرق الكبير بين تلويح إيران بهذا النهج وفق القوانين والانظمة التي تبنّتها الوكالة الدولية للطاقة الذرّية التي باتت ألعوبة بيد دول النادي النووي التي طغت سياساتها على سياسة الوكالة المذكورة. والشيء الذي يبعث على العجب هذا التحدي الكبير الذي يتبناه نظام كوريا الشمالية حيث أشار زعيم الحزب أن كوريا ستنفّذ تجارب أخرى إذا ما تعرّضت الى موقف عدائي من قبل الدول الاخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية.

 في الجانب الاقتصادي:

لقد كانت الولايات المتّحدة مدركة أنّ كوريا الشمالية لها الامكانية الفعلية على تطوير برنامج مهم من برامج تنفيذ تخصيب اليورانيوم لا بل وإستخدام العملية برمتها هدفاَ للاستخدام العسكري الفعلي.( وهذا ما ذكره مساعد وزير الخارجية السابق جيمس كيلي في أكتوبر عام 2002) بالرغم من أنّ هذه الدولة كانت قد أنكرت هذا التوجه قبل التاريخ المذكور آنفاَ.

تتعرض كوريا الشمالية لتضييق خانق من الناحية الاقتصادية تشمل العديد من مقوّمات الحياة. فكان من المحتوم أن تردّ كوريا على منهج الحصار (بفعل توجّه النظام الفكري المعروف!) بالتلويح بالتجارب النووية لكي تكون ضاغطة على منهج الاستنزاف الاقتصادي الكبير الذي تتبناه الولايات المتحدة الذي يكلف كوريا الشمالية الشيء الكثير .والشيء الذي لعب دوراَ مهماَ في ظهور الاستنزاف الاقتصادي على الدولة هو تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991 حيث ظهر التدهور الاقتصادي على الدولة ، حتى وصل الامر أن طلبت مساعدات إقتصادية من كوريا الجنوبية والصين بحيث وصل في إحدى السنوات القريبة الى كونه ثاني أكبر مستلم للمساعدات الغذائية في العالم.

والسؤال الذي يطرح: هل ستنجح كوريا في منهجها؟

 أعتقد أن لهذا النظام تجارب عديدة في الصمود والصبر خاصة وإن طريق الولايات المتحدة بات غير معبّد الى الدرجة التي تريحها وخاصة في أفغانستان والعراق وبعض دول الخليج التي يهددها العديد من أركان الخطر على رأسها الارهاب الدولي والضغط الشعبي المتزايد من أجل عملية الاصلاح السياسي..

وتتعرض الولايات المتحدة الامريكية الى مشاكل أمنية عديدة ممّا أدى الى تقويض العديد من أماكن مصالحها علاوة على ما تتعرض له من ضعف سياسي إثر فشلها في تجارب منها العراق ولبنان. بعد أن إعترفت على لسان سياسيي إسرائيل بأنهم (أي نظام بوش حصراَ) عاجزون على المضيّ قدماَ في التخلص من تهديد حزب الله اللبناني الذي بات خنجراَ في خاصرة المصالح الامريكية في لبنان والمنطقة إثر المدّ الشعبي الهائل الذي وقف مؤيداَ ومسانداَ للحزب ومندداَ بل ومستنفراَ للخروج من خانة السياسة الامريكية. ولاضير من إعلان الحزب بأنه إنتصر في المعركة عام 2006 إذا ما علمنا ماذا كان يرسم له في لبنان بصورة غير مباشرة من قبل ذيول أمريكا في لبنان(مجموعة 14 آذار) أو مباشرة كما حصل من حرب الهدم .

أقول: كلّ هذه الضغوط ومنها الضغوط الاقتصادية التي تكلّف أمريكا الشيء الكثير(الارقام الخيالية للتكلفة العسكرية في العراق وأفغانستان) ستجعل الولايات المتحدة الامريكية ترضخ للشروط الكورية في إستمرار برنامجها النووي مع بعض التعديلات التي ستشرف عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرّية. ولا نستغرب إذا سمعنا بتجربة نووية جديدة وإن كانت ذات قدرة ضعيفة تقوم بها كوريا الشمالية إذا ما فشلت المحادثات القادمة. أو التأثير الكبير الذي سيجري في السياسة الامريكية بعد الانسحاب من العراق وخسارة الجمهوريين في الانتخابات الامريكية القادمة. والزمن كفيل بالمفاجآت!! 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com