|
مفاهيم وأصول مشتركة بين
الأديان
مثنى حميد مجيد 2. ابن تيمية، الحراني الأخير إن أي مراجعة معمقة لنسب شيخ الإسلام ابن تيمية 661 ـ 728 ه تنفي إنتسابه الحقيقي والمباشر للقبائل العربية.أما قول بعض التراجم أن عائلته تنحدر في نسبها إلى بني نمير وهم بطن من عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن العدنانية فهو يمكن أن يكون مفيدآ في تحديد نسبه الارامي خاصة وأن الارامية كانت اللغة السائدة في حران منذ الألف الثاني قبل الميلاد والاراميون يشتركون في اصولهم السامية مع العرب لكن هذه النسبة إلى بني نمير تضعف أمام إحتمال إنتساب ابن تيمية إلى قريش نفسها ويتناقض ويضعف مع عدم ذكر معاصريه وحتى معاصري ابائه وتلامذته لأي نسب قبلي لهذه العائلة ممن أرخ وترجم له ومنهم الذهبي والصفدي وابن الوردي وابن عبد الهادي وابن كثير.وبعيدآ عن الدخول في متاهة الأنساب لمعرفة الإنحدار الإثنى والديني لإبن تيمية هذه المتاهة التي لا تنتج في العادة نفعآ كبيرآ على مستوى التحليل العلمي لا للباحث ولا للقاريء ولا للحقيقة المستقلة سنعمد إلى ذكر بعض الأسانيد والمعطيات ذات الأهمية البالغة والمباشرة التي تؤشر ليس فقط انحداره اليزيدي أو الصابئي الحراني بل وتلقي الضوء على الشخصية الباطنية الواعية والمركبة لهذا الشيخ وفقهه ومنهجه في التفكير وحقيقة إيمانه الديني الإسلامي وإرتباطه بماضي جذوره المذهبية والإثنية الأصلية وأثرها في حياته العاصفة التي انتهت بوفاته في السجن. ويمكن القول أن ابن تيمية هو اخر عقلية كبرى أنتجتها حران القديمة بمجدها الثقافي والحضاري على مر العصور وكان يحمل تناقضاتها في داخله، صعودها وإنهيارها، عزها وهزيمتها، إشراقها وأفولها.هاجر مع والده من حران إلى دمشق هربآ من المغول حين كان في السابعة من العمر مما طبع كل مواقفه بمعاداة الأجانب من المغول والإفرنج لكنه مع ذلك كان يشن حملة لم تتوقف طوال حياته ضد الجبهة في الداخل بهجومه المستمر على كل المذاهب والفرق الإسلامية وغير الإسلامية وتكفيره لأغلبها.وفي الوقت الذي كان ينتقد ويسفه ويكفر الشيعة والمتصوفة كالشيخ السهروردي وابن عربي والغزالي وعامة الفلاسفة والفرق الباطنية كان موقفه ايجابيآ ومتعاطفآ مع الصابئة الحنفاء حيث إعتبرهم أقرب إلى المسيحية غير المحرفة واليهودية الأولى وكتب عنهم ـ وهؤلاء حمدهم الله وأثنى عليهم ـ وهم متمسكون بالإسلام المشترك وهو عبادة الله وحده ـ وقد ميزهم عن الصابئة المشركين الذين كان عادة يصفهم بالمتفلسفة الصابئة.كتاب الرد على المنطقيين ص 454.أما اليزيديون فقد خاطبهم في رسالة عرفت بالوصية الكبرى ـ نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذين يرثون الفردوس ـ ودعاهم إلى عدم الغلو في مدح شيخهم المتصوف عدي بن مسافر المتوفى سنة 557 ه.ومجمل وصيته لليزيديين وموقفه المتفهم والإيجابي من الصابئة دليل وإنعكاس لموقفه الداخلي من نفسه وتعاطفه مع جذوره اليزيدية الصابئية الحرانية . ومن الخطأ القول أن من سخرية التاريخ أن يكون قبر ابن تيمية في مقبرة للصوفية إذ إن ابن تيمية بفكره السياسي التطبيقي ينتمي في التحليل الأخير إلى ما يمكن تسميته بصوفية الظاهر. لقد جرت العادة على إقران الصوفية بالباطن والعقل اللاواعي والزهد والعزلة والعرفان والإشراق وما إليها من التعابير لكن ابن تيمية أوجد مدرسة متميزة لصوفية العقل الفاعل، صوفية الوعي التطبيقي الذي يحقق أهدافه في الواقع العملي والسياسي مما جعله في تناقض وتعارض مع كافة المذاهب الإسلامية بما فيها مذهبه الحنبلي، وأثار الكثير من النقد الذي وجه له .وكان في فتياه التكفيرية للاخرين، وتعنيفه لهم ولأفكارهم، ورفضه التوسل بالصالحين وزيارة القبور التي وصلت به إلى درجة عدم أداء الحج وأخيرآ السجن لعام ونصف حتى وفاته وأمور كثيرة أخرى تميز شخصيته وتصرفاته وكلامه وجدالاته كل ذلك كان بمثابة شطحات واعية لمذهبه الصوفي المبطن بالظاهر. قال لتلميذه ابن القيم ـ إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الاخرة ـ وهذا قول يؤكد إنحداره اليزيدي الصابئي الحراني إذ لا جنة ترجى دون وحدة ثنائية النفس والروح، الباطن والظاهر، التي يعد ضمان تحقيقها في الحياة الدنيا مفتاح النجاة في الاخرة وإلا فالتناسخ والإرتداد إلى عالم المادة.ويقول أيضآ ـ ما يصنع أعدائي بي ؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي، لا تفارقني، أنا سجني خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة ـ.مثل هذه الأقوال لا يمكن أن تصدر إلا عن مفكر عميق ومتمكن من خريجي مدرسة حران ملتقى ثقافات العالم القديم وبودقة ابداعها.ومن الحماقة أن ينسب إرهابي أو أصولي نفسه إلى هذه الأقوال مبررآ عمله الإنتحاري، فشخصية ابن تيمية كانت بشكل عام بعيدة عن سفك الدماء وأغلب فتياه كانت لإثارة الجدل وتحفيز العوامل والسبل التي تؤدي إلى التعددية بوقوفه في الطرف القصي من معادلة الظاهر والباطن فكان بحد ذاته مدرسة واعية وذات مقاصد ستراتيجية بعيدة لإحداث التوازن الضروري بين طرفي ميزان الفكر في عصرة وفي عمق المستقبل، هذا التوازن الذي لا تعددية ولا حرية يتحققان بدونه.قال عنه قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف ـ ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي لقتله إلا وفعلناه، ولما قدر هو علينا عفى عنا ـ .العقود الدرية لإبن عبد الهادي ص.281، 283. لقد كان ابن تيمية موسوعي الثقافة، فهو اضافة إلى ضلوعه في الفقه الإسلامي كان بفعل إنحداره العائلي الحراني ملمآ بالعلوم التي إشتهر بمعرفتها الحرانيون كالجبر والمقابلة والتاريخ وعلم الهيئة حيث كانت جدته تيمية نفسها واعظة مثقفة، وإسمها ارامي وتيماء مشتقة من تهامة بمعنى غرب والغرب هو قبلة صابئة حران وهناك إشارة من جده محمد بن الخضر إلى صلة إختيار هذا الإسم بتيماء التي أقام فيها الملك الارامي نبونيد 556 539 ق م ونقل إليها المعتقدات الصابئية فقال ـ حج أبي أو جدي، أنا أشك أيهما، وكانت إمرأته حاملآ، فلما كان بتيماء رأى جويرية قد خرجت من خباء،فلما رجع إلى حران وجد إمرأته قد وضعت جارية، فلما رفعوها إليه قال ـ ياتيمية! ياتيمية! يعني انها تشبه التي راها بتيماء ـ . والجارية :الفتية من النساء و "جويرية" "جارية" صغيرة .وليس عجبآ أن تتسمى أسرة حرانية عريقة بإسم الأم فللمرأة مكانة متميزة ومساوية تمامآ للرجل لدى كل فرق الصابئية ولا شك أن الوعي بمكانتها يورث عائليآ وتثبته الفطرة السليمة وليس الفقه المتخلف لوعاظ السلاطين ومروجي الإرهاب ممن ينسبون فقهم إلى ابن تيمية في حين إن مدرسته هي أبعد ما تكون عنهم، فبقدر ما كان ابن تيمية بحملاته الجدالية يستثير النقاش ويحفز صراع الأفكار إلى درجة الشغب في مجتمع القرون الوسطى الراكد متبعآ في ذلك سياسة ذكية كرآ وفرآ، تضعه أحيانآ في تعارض مع الحكام وتورده السجن مرارآ، بقدر ما يقمع اليوم، من ينسبون أنفسهم إليه، اراء مخالفيهم متبعين اسلوبآ دمويآ معاديآ للعصر .لقد أخذوا من ابن تيمية ظاهر شخصيته، وجهلوا جوهره، يعلكون مقولاته ويرددون فتياه ولا يدركون المغزى العام والكلي لكل سجالاته ومعاركه. كان ابن تيمية السهم الأخير الإحتجاجي الذي أطلقه صابئة حران قبل إختفائهم البايوسوسيولوجي من مسرح التاريخ، لكنه ليس بأي حال سهمآ إنتقاميآ ثأريآ موجهآ ضد الإسلام فالشعوب ليست كالأفراد ولا تطالب بالثأر ولا يوجد ما يدل في فقه ابن تيمية ما يخدش إيمانه الإسلامي رغم وعيه العميق بجذوره الحرانية.لكنه كان يعرف إن الدعوة إلى التشبث الخالص بظاهر القران الكريم والسنة النبوية هو الخطوة الأولى إلى التعددية الجاهلية التي تتيح للجميع ممارسة حريتهم وخيارهم الإنساني فالإسلام كان عامل وحدة لعرب الصحراء لكنه لم يلغي الحرية.كان مجرد إلقاء الشهادة يعد جوازآ للإنسان للإستمرار في حياته العادية.ومثل هذا الكلام لا يعني أن ابن تيمية كان يحمل الروح المتمردة لعصرنا ونفس مفاهيمنا عن حقوق الإنسان لكن فقهه المتمرد والجريء، والمسالم بشكل عام، كان بمثابة إحتجاج مشاغب ضد ركود الفكر الباطني المترهل للقرون الوسطى وتكايا الموت البطي.وفي الأزمنة المظلمة يتخذ الإحتجاج أشكالآ غير مألوفة من التعبير عن نفسه.لقد عانت حران، المدينة المفتوحة للثقافات والتعايش السلمي بين الأعراق والمذاهب، من احتلالين .الأول كان الإحتلال العربي البدوي استطاعت أن تتمحور وتتلابس وتتعاشق معه بأردية وأساليب مختلفة لكنه تدريجيآ، ورغم كل ما أتحفت به الحضارة العربية الإسلامية من علماء ومواهب كبيرة في شتى حقول المعرفة والاداب والفنون، أدى أخيرآ إلى أفول نجمها الذي ظل مشعآ بلا إنقطاع منذ الألف الثاني قبل الميلاد. والإحتلال الثاني كان الإحتلال المغولي الذي أتى على ما تبقى من مجد المدينة الزائل وعلى الأخضر واليابس .هذا الإحتلال عاشه ابن تيمية نفسه في طفولته وكان سببآ في هجرة اسرته العريقة إلى دمشق.وهناك في دمشق تشكلت الإستراتيجية الفكرية لفقه ابن تيمية، الحرب الفكرية على جبهتين، الإحتلال الأول والإحتلال الثاني، الباطن المدبر والظاهر المقبل، فكان لا بد من موازنة المعادلة بطريقة جدلية ديناميكية فالباطن المدبر يحتاج إلى صياغة لغوية دقيقة لظاهره المفقود، إلى إعادة تفكيك حقيقي للإسلام تسبق ولا يمكن بدونها إعادة أي تركيب إنساني وحقيقي له تعيده إلى فعله الأول الذي ظهر به والذي كان يحمل حرية البدوى وسعة أفقه وتعدد خياراته.لم يكن ابن تيمية، خريج المدرسة الحرانية واسعة الأفق والعريقة، من هواة الموت في الماضي كما هو حال من يدعون الإنتساب لفقهه المركب بل كان نوعآ من المحارب الذي يتقن ضرب السهم في أعماق هذا الماضي لإستخراج الماء الضروري للحياة ولذلك إختار الحنبلية لا تقليدآ لعائلته ومدينته التي تبنت على عاتقها هذا المذهب ورعته بل لكي ينتقي ما هو جوهري فيه ومفيد لصياغاته اللغوية الجريئة والمشغابة فكان لا بد من العودة إلى قريش، التي تمثل نقطة إرتكاز وتوازن كفتي ميزان منهجه وبحثه عن المعادلة المفقودة والتي تمثل إحداهما حران مرورآ بتيماء والثانية مأرب القديمة أو اليمن التي نسب إليها الصابئة الحنفية.من مأرب هاجرت خزاعة لتحمل أولى بذور التوحيد إلى مكة ومن حران فتيماء كانت قبائل قريش الارامية تنقل غنوصية العالم القديم إلى نفس المدينة، فالعودة إلى قريش من حران هو ظاهر فقه ابن تيمية ويشير إليه موقفه المتعاطف والإنساني من الأيزيدية رغم معرفته بباطن مذهبهم، والعودة إلى قريش من اليمن كان بمثابة الباطن العميق لفهمه الإنساني التوحيدي للإيمان الإسلامي ويعبر عنه موقفه الدقيق من الفرق الصابئية ووصفه للصابئة الحنفية كونهم متمسكين ـ بالإسلام المشترك، وهو عبادة الله وحده وإيجاب الصدق والعدل وتحريم الفواحش والظلم ونحو ذلك مما اتفقت الرسل على إيجابه وتحريمه وهم يقولون لا إله إلا الله فقط ـ ويحدد مكانآ هو واحد من أقدم مواطن الصابئة الموحدين إلى جانب بطائح جنوب العراق قائلآ ـ والصحيح أنهم كانوا موجودين قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأرض اليمن ـ.وتشخيص ابن تيمية للصابئة يتميز بالكثير من الدقة ويعبر عن معرفة تاريخية بهم وبمذهبهم. وما موقف ابن تيمية المتشدد من زيارة القبور إلا المنعكس السايكولوجي المكافيء للظاهر الفقهي الإسلامي اللغوي لخلفيته الصابئية اللاواعية للتقليد الصابئي القديم جدآ الذي يمنع بناء القبور بإعتبارها مكانآ للجسد الفاني أكثر من كونه موقفآ عدائيآ من الشيعة، وهو تقليد بدأ العديد من الجيل المعاصر للصابئة التخلي عنه.لكن هذا البعد الإنعكاسي يتداخل مع أسباب سيكولوجية شخصية تتجلى للمحلل النفسي الدارس لحياته متمثلة بحالة من القلق والرهاب من المقابر وتمثل الأرواح الشريرة كانت تنتابه وتترك فيه أثرآ يفسره موقفه المتشدد في نهيه عن الرحيل إلى المقابر وما يتبع ذلك من توسل بالصالحين والأنبياء منعته حتى من أداء الحج.وقد يكون من أسباب امتناعه عن الحج إنعكاسات خلفيته اليزيدية القمرية في لاوعيه الموروث عن مناسك الحج السابقة للإسلام ومعرفته الواسعة بها مما يفاقم تلك الحالة من القلق الرهابي الذي يصاب به عادة الأذكياء والموهوبين من المفكرين.ولكن من نافل القول فإن من الصعب لدى دراسة ابن تيمية التفريق بين فقهه وشخصه، بين ظاهره الصارم وباطنه المسالم، بين سيفه الدنيوي وسيفه الأخروي، بين وعيه بما يفعل ويخطط ولاوعيه بما يتلقى مما يوحي إليه عقله الباطن، بين خلفيته الإيزيدية الهرمسية الحرانية التركيبية الذكورية الموجبة وخلفيته الصابئية المندائية التفكيكية الأنثوية السالبة، وبقدر ما نتعمق في فهم وتقصي هذين الجانبين المتعارضين المتكافئين في شخصيتة بقدر ما نفهمه فكريآ وعلى المستوى الشخصي أيضآ.هذا التناقض الداخلي في شخصيته العميقة المركبة كان المهماز الذي يقف وراء معاركه الفكرية المتواصلة وسجالاته الفقهية وكان أيضآ السبب في صراعه مع نفسه الذي وصل به درجة الإمتناع من نعمة الزواج والإنجاب. لم يتسبب ابن تيمية رغم اندفاعه في إصدار فتاوى التكفير في مقتل أحد أو إبادة فرقة من الفرق المذهبية كما تفعل فتاوى وعاظ السلاطين في الوقت الحاضر من السنة والشيعة على السواء أو ممن ينتحلون جهلآ فقهه في قتل الأبرياء من ضحايا الإرهاب، هذه الفتاوى التي لم يستثني منها ابن تيمية، وهذا هو المهم جدآ، حتى الحاكم المسلم الظالم إذ شمله ولأول مرة بفتوى التكفير.وحتى الحملة التي اشترك فيها مع قائد الجيش ضد فرقة النصيرية سنة 705 ه لم تكن بدافع فتواه التكفيرية ضدهم بل لأسباب سياسية تتعلق بصراع الإمارات والطوائف في عصر الإنحطاط الحضاري ما كان يمكن لمفكر مثلة أمر منعها أو فرضها .وعمومآ كانت علاقته بالحكام بين مد وجزر، ودخل السجن في الشام ومصر عدة مرات، وختم حياته بسنة ونصف في سجن قلعة دمشق.وعلى عكس وعاظ السلاطين الحاليين ممن يعتاشون على فتات ما يلقيه الغرب من سقط عائدات البترول في أحضان الحكام والأمراء كان ابن تيمية شديد النزاهة والعفة كما تشير إليه أغلب المصادر.ذكر عنه تلميذه الحافظ أبي عمر بن علي البزاز أنه ـ لا يكن يقبل جراية ولا صلة لنفسه من سلطان ولا أمير ولا تاجر، ولا كان مدخرآ دينارآ ولا درهمآ ولا متاعآ ولا طعامآ، وإنما كانت بضاعته مدة حياته، وميراثه بعد وفاته، رضي الله عنه، العلم ...ـ .الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية 37 ـ 43.وذكر عنه حين كان في السجن في القاهرة ـ أنه لا يقبل شيئآ من الكسوة السلطانية، ولا من الأدرار السلطاني، ولا تدنس بشيء من ذلك ـ .ترى هل يفعل هذا مثله بعض فقهاء الثراء النفطي من أمثال القرضاوي في عصرنا الحاضر هذا إن فكر أحدهم يومآ بمغامرة دخول السجن بسبب فتوى له بتحريم خوض الحرب وقتل الأبرياء في الشوارع والأسواق العامة أو تكفير قادة الإرهاب مثلآ أو شراء الأسلحة بعشرات المليارات من الدولار من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب أو التحالف مع الدولة اليهودية العنصرية بحجة الخوف من التهديدات الإيرانية أو إصدار فتوى واحدة جريئة بعدم شرعية القواعد الأمريكية في قطر والخليج .أسئلة أتركها للشباب العربي المغرر به من قبل شيوخ الفقه الظلامي المندفعين إلى الموت الإنتحاري جهلآ وفقرآ في وقت يثري فيه هؤلاء المشايخ وينعمون في أرائكهم الوثيرة تاركين لهم عظام المقابر.ولولا الإسلوب الدموي لبن لادن في هذا الوسط المستكين لقلنا أنه كان بحق ديكآ في حضيرة الدجاج كما يقول الصحفي السيد عبر الباري عطوان في تشبيهه له مع الفرق طبعآ بين ديك دموي يستهويه النقر بجثث الموتى واخر يصدح لفجر الحياة. لم يكن ابن تيمية في الحقيقة يملك غير جرأته وحريته وتحديه لخوفه وقلقه ودقة رميه لسهامه الفكرية في الأعماق، وهو ما يمكن أن يستنير به المسلم المعاصر لتنوير عقله والإنفتاح به على الحياة والمستقبل، بنفس الجرأة وبضمون إنساني مغاير ينأى عن الهذر اللغوي والتحصن في أطلال الماضي والبكاء في مقابر القرون المندثرة وهو الدرس الواجب إستيعابه من الفهم الشامل والكلي لفقه هذا الحراني الأخير، شيخ الإسلام ابن تيمية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |