|
سلسلة فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ .. الحلقة الأولى (التمهيدية)
نذير علي القرشي هذه سلسلة فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ في مفاهيم الجهاد وبعض المصطلحات المتعلقة به وتطبيقها في الواقع المعاش في الساحة الإسلامية عموما والعراق خصوصا, منطلقين من قوله تعالى : {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً }الفرقان52 بسم الله الرحمن الرحيم في بداية هذه السلسلة الرمضانية أبدا مستعيذا من الشيطان الرجيم ومستعينا بالله الرحمن الرحيم معكم أيها الأحبة الكرام في السفر إلى رحاب القران ومشاهدة أنوار الرحمن في هذا الشهر المبارك شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان والذي فيه تبيان كل شي، نسأله أن يشرح صدورنا به، وينور قلوبنا، ويفتح الله بفضله وإمتنانه علينا ابواب رحمته، ويمنحنا بجوده وإحسانه لمعرفة كتابه، ويعلمنا حسن التقدير وجودة التدبير، وقراءة آيات القران قراءة تدبر وإيقان وتفكير, ولولاه ما كنا قبل هذا نعرف ما الكتاب ولا الإيمان ولكن الله يهدي من يشاء من عباده، وينور قلبه بنور هدايته وإرشاده. ولقد صار في زماننا هذا قوم ممن(( تأمركوا وتأوربوا)) يرون التعمق في العلوم الإلهية والتدبر في الآيات الربانية بدعة وتخلفاًً ورجوعا إلى الماضي، بل يرون مجرد مخالفة الجماهير في مسايرتهم الثقافية، وطريقتهم في نيل المعارف الربانية، عبارة عن خدعة وضلال، لأنه لم يتعد نظرهم عن ظهور هذه الأجسام والصور، ولم يرتق فكرهم وقصدهم عن عمارة هذه الهياكل الدنيوية والأبدان، في عالم الظلام، فهم كما حكى الله عنهم بقوله {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179 فأصبح الجهل بالدين واضح الرايات، ظاهر الآيات، فحرفوا كلام الله عن موضعه، وأنكروا العلم بالله حقا وأهله، واسترذلوا الشجعان وطاردوهم، واتخذوا باسم (الدين الجديد ) الأراذل ورفعوهم، وانصرفوا عن الحكمة والدين الحق متكاسلين، ومعتمدين على الجاه والسمعة التي جاءتهم باسم الدين، ومنعوا البحث في مباني الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة قوانين العدل الإلهي التي هي غاية بعثة الأنبياء والرسل، ولشؤم سيرتهم الفاسدة، وخبث سريرتهم المعاندة، ولارتباطهم بدوائر الاستكبار العالمي، فقد ضاعت السيرة العادلة، وشاعت في هذا الزمان الآراء الخبيثة الباطلة، وظهرت الدعوات الضالة والمضلة، وحرفت السيرة والعقائد، وظهرت الفتن وشاع القتل والفساد باسم الدين، فصبرا جميل والله المستعان على ماتصفون. وأفقهن أيها العزيز أن من احتجب بمعلومه وأنكر ما وراء مفهومه، فهو موقوف على حد علمه وعرفانه، محجوب عما فوق طور عقله وإيمانه، والحق أوسع وأعظم من أن يحيط به عقل وحد، وأجل وأعلى من أن يحضره عقل دون عقل، فأخرج أيها اللبيب من بيت حجابك وعتبة بابك واخلع عنك لباس أهل الدنيا والزور والجاهلية، وانطلق عن القيود الرسمية، مدافعا عن الشريعة الخاتمية في أرض الأنبياء والأوصياء، تاركا وراء ظهرك الآراء الظاهرية والعقائد العامية، ولا تصغ إلى المجادلات الكلامية، ولاتكن ممن نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وحالهم كما ذكر الباري عز وجل في قوله {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً}المائدة، وكذلك جوابه تعالى لهم بقوله { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }الأعراف53 أيها الأخلة تعالوا معي في هذا الشهر الكريم لنهاجر إلى الله لسماع كلامه، ومشاهدة آياته الكبرى، ونتدبر ما أوحى إلى رسوله في هذا الشهر الكريم، ولنكن من الذين اجتباهم الله لمعرفة آلائه ونعمائه، ومن عشاق الحق والحقيقة في الغور بهذا السفر العظيم، والنيل من بحر جواهر القران، ودرر أسرار كلام الله، وفتح أصداف مبانيه، وأخذ غرر معانيه، وحل معضلاته، ومبتدئين بتصفية أنفسنا وتزكيتها عن أهوائها { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }الشمس 9-10 فاستحكم أيها الخليل أولا أساس المعرفة بالتقوى { وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }البقرة282, ويسندها عز وجل بآية أخرى بقوله تعالى {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} الأنفال29، ثم أرق النفس ذراها, وإلا فكنت كمن أتى بنيانه من القواعد فخرعليه السقف إذا أتاها، واشكر ربك إذ هداك في هذا السفر العظيم، وعرفك الصراط المستقيم، وحرفك عن الضالين والمضلين وأعوان الشياطين، من المحتلين والغاصبين من جند إبليس اللعين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |