|
الوفد العراقي المفاوض والإنجاز الكبير ... العراق وإيران يتفقان على إنشاء حاجز كونكريتي بين البلدين
سامي الحمداني منذ قديم الزمان تعاني بلاد الرافدين مشاكل مستمرة تتمثل بالتدخلات والاعتداءات التي لا تكف بلاد فارس من إلحاقها بهذه الأرض الطيبة، ولم يكن العراق يوما ما بمعزل عن تلك الاعتداءات في تأريخه القديم والوسيط والمعاصر. وإذا كان العراق في تلك الفترات من الزمان ضعيفا من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية فإن العراق اليوم يشهد تقدما ملحوظا على الأصعدة آنفة الذكر – وإن كانت هناك إخفاقات مريرة الا أنه سيتركها في غبار أقدامه وهو يتجه نحو الهدف الا وهو اللحاق بركب العالم المتقدم الحر والديمقراطي. وكما أشرنا في مقالات سابقة فإن التدخل الإيراني الصريح والمعلن في الشؤون الداخلية للعراق على أكثر من صعيد أبرزها: التدخل السياسي،والتدخل الأمني، والتدخل الفكري،والعقائدي، وقلنا أن التدخلات - باستثناء التدخل الأمني- يمكن وضع حدّ لها لكن ليس بالسرعة التي يمكن بها وضع حد للتدخل الأمني لهذا يجب أولا أن نوقف التدخلات الأمنية الآنية بالتركيز على ضبط الحدود وجسّ نبض الشارع العراقي حيث الحلّ المفضل لدى الأوساط الشعبية هو بناء جدار عازل بين العراق وإيران مع إبقاء العلاقات الدبلوماسية والتجارية وغيرها تسير بشكل طبيعي إذ لا تنافٍ بين الأمرين.ثم إننا إن بقينا نبحث وراء التدخلات الفكرية والسياسية يلزمنا وقت طويل والواجب أن تُنجز الممكن من جهة وتعمل على الخطط طويلة الأمد من جهة ثانية. وفي خطوة بالاتجاه الصحيح طالعتنا آخر الأخبار الواردة حول المفاوضات بين العراق وإيران حول الحدود وغيرها، أنه سيبدأ بعد عيد الفطر المقبل مباشرة العمل بإنشاء حاجز كونكريتي بطول 1400 كم بين البلدين وهي خطوة جديرة بالاهتمام والترحيب، كما تعد إنجازا ذا قيمة في ظل الظروف الصعبة ومرحلة المخاض التي تمر بها الدولة العراقية (عراق ما بعد الاحتلال).حيث أعلن محمد حاج حمود وكيل وزارة الخارجية الأقدم في تصريحات صحفية أمس أنه " تمت مناقشة وإقرار القواعد وشروط العمل والتوقيتات والأجور والجانب الأمني لوضع دعامات كونكريتة لمسافة 1400 كم، على أن يبدأ العمل بعد بذلك بعد عيد الفطر المبارك". ورغم ما خلفته الحرب الإيرانية- العراقية من أعداد كبيرة من الألغام المتنوعة والتي تعد بالملايين الا أن العراق – وحسب مصادر رسمية- سيستعين بخبراء من داخل وخارج العراق في مجال إزالة الألغام لا سيما تلك الدول التي تعرضت لتجارب مشابهة، وتضيف تلك المصادر أن العمل سيكون مكثّفاً، وتعتقد المصادر التي وصفت نفسها بـ (المطلعة) أن يكون تمويل المشروع من الموازنة التكميلية. إن ما توصل إليه الوفد العراقي المفاوض حول جملة من المسائل العالقة بين البلدين إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن هناك اهتماما من قبل المسؤولين في العراق بالرأي العام الشعبي ونأمل أن يكون بمستوى أعلى في المستقبل. ومع ملاحظاتنا الكثيرة والمؤشرات وعلامات الاستفهام على نوع العلاقة بين الحكومة العراقية وطهران الا أن ذلك لا ينافي تأييدنا لها في مواقفها الصحيحة، والإشادة بتلك المواقف التي تخدم المواطن وتجعل رأي الشعب وتوجهاته ضمن المعايير التي تتعامل بها مع الدول الأخرى، فالشخص الذي يدعي الحيادية يجب أن يقول الحق ولو كان يكره ذلك، فالأمر غير خاضع للحب والكره، وإنما للعدل والصدق في القول. إن العراق بحاجة إلى قرارات مصيرية عديدة تنقله من مرحلة الصراع والتناحر السياسي والخلافات التي أغرقته بكافة أطيافه المتناحرة في بحر الدم وظلمات التخلف وسوء السمعة عالميا – حيث صُنفت بغداد ضمن المراتب الأولى كأسوأ عاصمة في العالم وهي حقيقة في السنتين الماضيتين ونتمنى أن لا تكون كذلك في 2009 وما بعدها- وتقع على مجلس الرئاسة والحكومة العراقية والبرلمان العراقي مسؤولية وضع العراق مع بداية العام المقبل على أعتاب مرحلة جديدة وإن كان ذلك بتقديم التنازلات فالأمر يستحق أكثر من التنازلات لأنه مستقبل وطن وأمانة شعب وأرواح ملايين النسمات التي كرمها الله سبحانه بإخراجها للحياة. على أولئك وغيرهم في الدولة العراقية أن يحددوا أولويات على مستوى الوطن بالاتفاق التام ثم التنفيذ المشترك، بعد ضمان موافقة الشعب العراقي بكافة أطيافه إذ لا بد أن تكون هناك نهاية لصراع الأجندات داخل العراق، فالعراق ليس ملكا لأحد غير أهله جميعهم وهذا ما يجب أن يكون معلقا في لوحة مؤطّرة فوق سرير نوم كل مسؤول عراقي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |