|
تعليق على ادعية الصحيفة السجادية للامام زين العبدين علي بن الحسين عليه السلام .. سلسلة من الحلقات – الحلقة الاولى – رمضانيات 2008 ضياء من ضياءات ادعية الصحيفة السجادية الكاملة - دعاء يوم الاحد الغاية من ادعية الايام – الدعاء وسيلة وطريقة اعداد يعتبر الدعاء احد الوسائل المتنوعة التي يتعامل بها المؤمن، لاجل ان يكون قريبا من ربه، وادعية الصحيفة السجادية للامام زين العابدين عليه السلام نموذج من الادعية الراقية المتميزة والمتنوعة التي تعد نظاما يوميا اسبوعيا، يتزود فيها المؤمن من رحيق الشجرة النبوية والعترة المحمدية العطرة في سلسلة من الادعية الماثورة عن الامام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، حيث يشتمل كل دعاء من ادعية الايام على برنامج روحي وفكري وعقائدي ونظام في الاعداد النفسي والتربوي. الدعاء ممارسة انسانية ونقدية وعندما يتفاعل المؤمن بقراءة ادعية الايام في الاوقات المناسبة للدعاء كالدعاء عقب الصلوات مثلا فانه يملا فراغه بما ينفعه ويعدل من وضعه النفسي والحياتي بالشكل الذي يحقق فيه الاستقرار والهناء والسعادة في اجواء روحاني قلما يكون لها نظير. الامام زين العابدين راعيا للامة، ومجسدا لتعاليم الله في الارض يبتدا الامام عليه السلام بدعائه بافضل مايبتدا به مخلوق بالبسملة والتي ورد في احد الاقوال ان فيها الاسم الاعظم، بل هي مفتاح لكل شئ زمفتاح من تلك المفاتيح التي ترتبط بعالم الغيب، والتي لايعلمها الا هو. ويستثني الامام جملة من الامور بحيث يحصر حاجته وخشيته واعتماده وتمسكه بالله فقط وبشكل يعبر عن قمة الصلة بالله وتوحيده دون ان ينظر الى بقية الموجودات من خلق الله . وبذلك يجسد الامام عليه السلام، وهو الممثل الشرعي لخلافة الله في الارض، والتي تتمثل في هذه الكلمات الواردة في الصحيفة السجادية ( زبور ال محمد كما وصفها الائمة الهداة المعصومين عليه السلام ) والتي لايقوى عليها غير من له صلة عظيمة بالله سبحانه وتعالى كصلة الامام زين العابدين عليه السلام والذي اشتهر بتقواه وعلمه وفضله وكان قطبا ومركزا راعيا لتعاليم الله وراعيا للامة . حكمة الامام المعصوم تتجلى من خلال ادعيته وانت تنتقل من فقرة الى فقرة في دعائه عليه السلام تستشعر الوقوف بين يدي الامام عليه السلام والكلمات والحكمة تتفتق من جوانبه بشكل يفوق امكانيات البشر العادي، فهو بشر ولكن ليس كسائر البشر. فالكلمات التي ينطق بها الامام عليه السلام متلازمة بعضها بالبعض الاخر، وكل كلمة لها معنى خاص يستلزم نظرة وتوقف لدراسة ابعاد تلك الكلمة ومدى ارتباطها بالكلمات التي يرسلها الامام بدقة، فهي ذات معنى ومرتبطة بمعاني الكلمات المصاحبة لها فالتلازم واضح بين العفو والرضا، وبين الظلم والعدوان وكلا الزوجين من العبارات مرتبط بالاستجارة بالله سبحانه، وكل ذلك مرتبط بالزمان واحداثه، وبعمل العبد وبتقلبات الحياة. الصحيفة السجادية دروس انسانية وكما يظهر من هذا الدعاء على انه درس من الدروس التي يلقيها الامام عليه السلام في مسيرة الانسان في الحياة ومعاناته وقت الحزن والشدة واقتراب الاجل قبل ان تسدل الستارة على حياته وقبل ان يغادر هذه الحياة ويلتقي بالرفيق الاعلى ، ذلك الارتحال الذي يرتبط بعمل الانسان وماقدم قبل يوم الحساب. الامام بين دور المصلح كقائد والاصلاح كمشروع ومسؤولية والامام في درسه للامه ينبه على اهمية السير في طريق الحق والالتزام بنهج الصلاح، والقيام بدور المصلح وهو في ذلك ينبه الى المسؤولية والقيام بالواجب تجاه الامة على ان يرتبط هذا الدور بالخطط الناجحة والتخطيط السليم الذي ينتج ذلك النجاح. الامام بين دوره كعبد وبين دوره كقائد ويتنقل الامام عليه السلام في دعائه باستمرار بين دور العبد تجاه نفسه وارتباطه بخالقه العظيم وبين دوره تجاه الامة ليخلق التوازن في شخصية المؤمن بين تهذيب نفسه وبين دور القيادي تجاه الامة. النجاح داخل المنظومة الاجتماعية يتحقق بالطاعة لله والتوفيق الالهي فهو يطلب العافية والسلامة من الله، ويستعيذ بالله من الشيطان، ويلتمس الحماية من ربه من جهة،في الوقت الذي يتمنى ان يتقبل الله منه اعماله من الصلوات والصيام، كما يتمنى ان يرتقي في سلم الطاعة وقبول الاعمال وان يتوفق في وضعه الاجتماعي داخل منظومة القوم والعشيرة في سائر الاوقات، وبذلك يكون الامام قد اخلص دعائه وهو يعلم علم اليقين ان لاحافظ له الا الله الذي هو ارحم الراحمين والذي وسعت رحمته كل شئ. الاخلاص في توحيد الله عز وجل وفي هذا الدعاء ينبه الامام الى اهمية البراءة من الشرك والالحاد خاصة بعدما مرت البشرية بسلسلة من الدعاوى بالربوبية وبمختلف الصور والاشكال الجاهلية من عبادة الاصنام الاشخاص، وعبادة الظاهر الطبيعية كفيضان الماء، وعبادة مصادر الطاقة والخير كالشمس، وعبادة مصادرالشر كعبادة الجن والشياطين. الامام معلما وقائدا وموجها ان علينا ونحن نقرا الدعاء ان نلتمس الفائدة من دروس الامام التي يرسلها بطريق الدعاء، وهنا يربط الامام بين الاخلاص في العبادة، واستجابة الدعاء. الصلاة على محمد وال محمد احد مفاتيح الغيب في استجابة الدعاء وعلينا ان نتعلم من ادب الدعاء اهمية الصلاة على محمد وال محمد لما لها من تاثير في قبول الدعاء فهي بحد ذاتها رحمة لنا في الوقت الذي تشير هذه الصلاة الى خلافة اهل البيت عليهم السلام ومالهذه العبارة من خصوصية خاصة لما ورد من اختصاص هذه العبارة بخمسة اهل الكساء محمد وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام وبالذرية الصالحة اللاحقة بهم من الائمة المعصومين عليهم السلام علي بن الحسين وهو الامام المعصوم الذي نبحث في ضياء ادعيته العطرة، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، والخلف الامام الحجة محمد بن الحسن صلوات الله عليهم اجمعين. الامام دعا الى التوحيد والى عزة الانسان هؤلاء الائمة الذين دعوا الى توحيد الله وعبادته ولن تتحقق عزة الانسان الا بذلك التوحيد والالتزام بنهج الائمة الهداة عليهم السلام. الامام عليه السلام هو القران الناطق المتحرك بين الناس وهو المترجم لاياته واحكامه ولطائفه ومن عين دعاء الامام زين العابدين عليه السلام تستشف الصلة بين الامام عليه السلام والقران، وهو يقول ( واحفظني بعينك التي لاتنام ) فهو والحالة هذه يترجم الايات والمعاني الواردة في القران الكريم وهي صميم اية الكرسي ( لاتاخذه سنة ولانوم ) ولكن الامام يمر بها وكان تلك المعاني مستقرة في عقله وقلبه وتفكيره وحركته وهي كذلك، فالامام هو القران الناطق وهو خليفة الله في الارض وهو يمثل طبقة اهل الذكر الذي يشير الله اليه في القران الكريم. الامام عليه السلام يذكر بالموت وباهمية الاستفار قبل الموت ويستخدم الاسماء العظمى في الدعاء وهكذا ينهي الامام عليه السلام دعائه بالتذكير بالموت وباهمية الاستغفار والتماس الدعاء كطريق لقبول المغفرة ويستعمل الامام الاسماء العظمى لله وهي الغفور والرحيم كما بدا بالاسم الاعظم ببسم الله الرحمن الرحيم. وبدورنا ننهي حلقتنا هذه بذكر قول لقمان عليه السلام وهو يعظ ابنه ' يابني اذكر اثنين وانس اثنين، اذكر الله والموت، وانس احسانك الى الغير واساءة الغير اليك' وذلك خلق الانبياء جعلنا الله واياكم من المتمسكين بالعروة الوثقى كتاب الله وعترته اهل بيته المعصومين عليهم افضل الصلاة والسلام. المصادر الصحيفة السجادية الكاملة للامام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام كتاب ضياء الصالحين لمحمد صالح الجوهرجي
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |