رمضان المحبة...!

د-مراد الصوادقي

alsawadiqi@maktoob.com

"...وألقيت عليك محبةً مني..." طه 39

 المحبة من الله

والله يتجسد في المحبة ويتأكد في الحب

والمحبة أصل الحياة وجوهر انطلاقها وتناميها واتساعها وتنوع مراميها , وعندما يعبّر عنها الإنسان يعرف ربه ويدرك قيمة دوره في الحياة ومعاني رسالته وطريق صيرورته المثلى.

المحبة أن يعشق الإنسان أصل وجوده ويترجم آيات السماء بأفعاله وأقواله بنكران ذات وصدق خالص لخالق الأكوان.

المحبة أن يرى كل منا ذاته وينظر في مرآة روحه ويعرف نفسه ويرتقي بها إلى حيث يريد خالقه وتتوقع منه السماء. وترجو روحه ويرغب قلبه ويسعى صوته الإنساني البعيد , الذي يحمل الصدى الكبير ويمضي إلى ما بعد الأزمان والرؤى والخيالات.

المحبة ذلك الفيض الذي يغمر المخلوق عندما يجد نفسه عاريا إلا من محتويات أعماقه التي عليه أن يواجه بها مصيره ويعلن طريقه وهو على حافة كهف المصير.

المحبة صوت يتردد في آفاق الوجود , تنطق به ألسنة الأطيار والأشجار والزهور وتردده النجوم ويتغنى به القمر , وتشدو به الشمس بضفائر أشعتها كل صباح أمام الوجوه الناعسة لتوقظها وتسقيها نبيذ الشعور اللذيذ.

المحبة انطلاقة روح وابتسامة أطياف تتماوج في بحر الخيال وتتلألأ في وجه المياه , عندما تغازل الأمواج سحر النور وتغتسل بشهد الأنوار.

المحبة أن نحب لبعضنا ما نحب لأنفسنا , وأن نؤكد مبادئ الرحمة والألفة والعرفان في عالمنا المشحون بالمتغيرات والمفاجآت والعوادي والويلات. وأن نكون معا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر أجزاء الجسد بالسهر والحمى.

المحبة أن نقول ما نفعل ونعطي ما نريد ونضحي بوقتنا وجهدنا ومالنا من أجل أن نرى ابتسامة مشرقة على وجه إنسان حزين. وأن لا نؤذي بعضنا ولا نفكر بسوء ضد غيرنا , ونملأ قلوبنا بالرحمة والإيمان لكي تهطل علينا رحمة السماء ونتعطر بأريج النقاء والصفاء ونقترب من الأنبياء في القول والفعل والاجتهاد والرجاء.

المحبة أن نزرع الزهور في بلادنا ونعتني بالأشجار والنخيل وأن نسعى للنظافة والسعادة الجماعية التي توفر لنا ظروف الارتقاء بذاتنا إلى ميادين الخير والعطاء الأصيل.

المحبة أن نشرب من نبع واحد ونسبح في نهر واحد ونجلس أمام وجه الماء فنعرف قيمة التراب وتعبيرات الطين, فندرك بأننا من ذات واحدة وما علينا إلا أن نغتسل بماء الحب ونشرب من دنان الألفة والصفاء.

والمحبة أن تصوم رمضان وتمسك جوارحك وتعرف آيات الرحمن وتعمل بها وأنت تسعى فوق التراب , وتظهر ما فيك بصدق ونية صافية  كصفاء شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان , وإلا فما معنى أن نصوم شهر رمضان يا أخي الإنسان؟!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com