أيها (الشيوعي) الأخير .... إنه ليس وقت الشماته

قحطان المعموري

 Kahtan996@hotmail.com

في سبعينيات القرن الماضي، نشر (الشيوعي) الأخير قصيدته (حجر)، وفيها لم يسلم من حجره هذا لاالبلاد ولا العباد لم ينبري له أحد محتجاً، فقد كان له مريديه الكثر آنذاك بعد أن جعلوه صنماً مقدساً يحفظ الشباب (اليساري على وجه الخصوص) أشعاره عن ظهر قلب، ناهيك عن موقعه (الرسمي) كمشرف على الصفحه الثقافيه في جريده يساريه يوميه رصينه لم يكن (مرتجعها أكثر من مطبوعها) كما يدعٌي هو الآن .

وحتى لو أحتج البعض او تجرأ على السؤال، فأن الأجابه التبريريه دون أدنى شك ستأتي سريعاً : إنه شاعر، وللشاعر تجلياته وشاعريته وأحلامه ورؤيته للعالم والأشياء بمنظور يختلف عن الأنسان العادي .

لكن شاعراً سلطوياً معروفاً (يقف اليوم وياللمفارقه مع سعدي في نفس الخندق) أبى إلا أن يتصدى لمدعٌي الشيوعيه هذا، فنشر قصيدته المعروفه (البلاد التي) مسفهاً قصيدة سعدي مدافعاً عن البلاد والعباد، تلك البلاد التي (شب صبيتها الآن واتخذوا غير ماتشتهي سبلاً للنجاة) الى غير ذلك من الأفكار التي تضمنتها قصيدة الشاعر هذا والتي تمثل وجهة نظره على أية حال، منهياً قصيدته بضربه شعريه من العيار الثقيل مخاطباً سعدي من (إنك اليوم لاتحسن حتى الكلام) .

وقتها شعر سعدي بالأهانه، وكعادته عندما (يزعل) إنكفأ على نفسه مفضلاً الأعتكاف في بيته معاقراً خمرته منقطعاً عن عمله في الجريده، منتظراً (وكما هو الحال في كل مره) من يأتي اليه ليطيَب خاطره و(يطبطب) على ظهره ومن يعده بطرح الموضوع (الأهانه) على الحلفاء وعلى مستويات عليا كيف لا وهو المغرور حد النخاع والمصاب بمرض تضخم الشخصيه مما يجعله يعتقد بأنه الرمز الوطني الشعري الوحيد في البلاد وأن له خطوط حمراء لايمكن للآخرين التقرب منهاحتى ولو كانوا من مشارب فكريه أخرى

هذه واقعه واحده من وقائع عديده يعرفها الكثيرون ممن زاملوا ورافقوا مدعَي الشيوعيه وهي تشير الى أن أستهجان هذا الرجل بوطنه الذي تخلى عن هويته علناً وبشعبه الذي وصفه بالفالاشا، ليس بالأمر الجديد، إنما الجديد في الأمر هو الأساءه لحزبه الذي رعاه كثيراً رغم سلبياته والذي له الفضل الكبير في بزوغ نجمه شاء سعدي أم لم يشأ، كما إنها تثبت فعلاً من أن هذا الرجل (لايحسن اليوم حتى الكلام)

أغتيال الرجل النبيل كامل شياع احزن الجميع ومن مختلف المشارب الفكريه، فالمسأله ليست مجر د أغتيال موظف حكومي رفيع المستوى منتم لحزب معين بل هي أغتيال للثقافه التقدميه وللمشروع الثقافي الوطني التنويري الذي إشتغل وأنشغل به الشهيد منذ سقوط النظام الديكتاتوري.

لقد أبى سعدي إلا أن يستغل هذه المناسبه المؤلمه وكعادته إستغلالاً رخيصاً ليدبج مقالة رخيصه لئيمه لاتخلو من الشتائم التي ألفناها في كتاباته, شامتاً وبشكل مبطن بالرجل النبيل متسائلاً عما كان يفعله الشهيد في بغداد (الجديده) . لقد جاء الشهيد الى عراقه وبغداده بوعي كامل وبارادته هو وليس بأرادة أحد فهو ليس بالأنسان الساذج الذي يؤتمر بأوامر الآخرين مهما كانت صفتهم، ولقد أثبتت المراسلات التي نشرت مؤخراً بينه وبين عدد من المثقفين العراقيين من أن الشهيد كان حاملاً لمشروع التغيير والتنوير والحداثه ومصمماً على رسم خريطه جديده للثقافه العراقيه التي شوه النظام السابق وممن يدافع عنهم اليوم سعدي وجوقته ملامحها الأصيله

لقد آن الأوان لمدعَي الشيوعيه من ان يصمت فلم تعد كلماته تثير الدهشة والأعجاب بقدر ماتثير القرف والغثيان، لقد آن له أن يتفرغ للَهاث وراء الجوائز الأدبيه من جمعيات ثقافيه مجهولة التمويل حتى ولو كانت في أقصى أقاصي العالم.

لكن هذا المدعَي والحق يقال سيلقمنا حجراً لو تجرأ وترك بارات لندن ونبيذها المختلف الألوان والنكهه وعاد الى (بغداد الجديده) حاملاً راية الجهاد والمقاومه مناصراً أو معارضاً لأيً كان ليثبت لنا بأنه المقاوم الأول والأخير .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com