|
العراق أولاً
كامل أحمد بالرغم من عدم وجود معايير محددة وواضحة للوطنية لدى الأفراد والتجمعات تتفق عليها البلدان جميعها الا أن هناك معايير مسلما بها ، فالحفاظ على سيادة واستقلال الوطن أول تلك المعايير وتأتي في البداية لتفتح الأبواب لتدفق المعايير الأخرى التي تأتي تبعا لها، فالوطن بدون سيادة واستقلال ليس بوطن حر والشخصية التي ترضى بذلك ليست بشخصية وطنية ابتداءً مهما ادّعت. إذن فإن أول شيء يجب أن يفكر به الشخص الوطني أو التجمع الذي يدعي الوطنية هو استقلال وسيادة وطنه. ثم يأتي المعيار الثاني من المعايير المسلم بها وهو حفظ وحدة الأراضي الوطنية بكل ما تحمله كلمة الوحدة من معانٍ مادية ومعنوية، وتتعدى كذلك الى توحيد الصفوف وحل النزاعات لأن وحدة الأراضي لا تتحقق بشكل حقيقي وراسخ الا بتوحد الصفوف وتشربها بمعاني الوطنية وإدراكها لضرورة الوحدة في حاضر ومستقبل الوطن. أما فيما يخص صفات الشخصية الوطنية فهي عديدة من أهمها أن تقدم الشخصية الوطنية المصالح العامة على المصالح الشخصية حيث أن المصالح الشخصية إذا تراجعت فإنها تؤثر سلبا على شخص لكن المصالح العامة إذا تراجعت ينسحب تأثيرها السلبي على الشعب كافة.وبناء على ذلك نستطيع القول أن الشخصية الوطنية تكون على استعداد دائم للتضحية بمصالحها الشخصية في مقابل المصالح العامة. وهناك صفة هامة جدا تظهر الحاجة إليها بنسبة أكبر في البلدان ذات التنوع الديني والمذهبي والعرقي الواضح الا وهي صفة التسامي فوق الطائفية، فلا تضع الشخصية الوطنية في حساباتها الانحياز إلى الجهة التي تنتمي إليها، و تحاول أن لا يظهر أي أثر للجهة التي تنتمي إليها على سلوكها العام وخطاباتها الجماهيرية والمشاريع التي تطلقها أو تكلف بها، مع ملاحظة أن الكلام آنفا لا يشمل الخصوصيات، ولا يُقصد به محو الانتماء إلى فكر تؤمن به الشخصية. لقد كانت تجربة السنوات الخمس الأخيرة في العراق قاسية ومريرة غير أنها مليئة بالتجارب والدروس والعبر التي لا يمكن أن نجدها أو نتعلمها في عشرات السنين من الدراسة والقراءة فهي تجارب واقعية وعملية، كشفت أيضا عن صفات جديدة للشخصية الوطنية، وورش عمل واقعية فيما يخص الوحدة الوطنية والسيادة والاستقلال والتضحية لكن ...هل كل من في العراق من شخصيات بارزة وتجمعات ومؤسسات قد غرف من هذه التجارب ووضع في حسبانه الاستفادة منها أقصى درجات الفائدة في المرحلة المقبلة من بناء الدولة العراقية الجديدة؟، الجواب بالتأكيد لا، فقط من كان منهم له عينين، عين تؤدي مهمتها الأساسية ، وعين تراقب الأحداث والتداعيات وتربط كل ذلك وتحلله،وتغير مسار صاحبها وفقا للصالح العام، وما ذلك الا عند من يحرص على الوطن حقيقة وليس ادعاء. وهكذا نعرف أن الشعارات والادعاءات الوطنية يجب أن تكون مقرونة بسلوك حقيقي يثبتها فشعارات مثل " العراق أولاً "، و"العراق لنا" هي شعارات وطنية ذات عمق، لكنها تبقى شعارات مجردة جوفاء لا فائدة منها الا أن يكون حاملها متشربا بمعاني هذه الشعارات تشربا، بحيث تنعكس تلك المعاني على سلوكياته وأقواله.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |