|
الخطاب الفكري الاخر .. للبغدادي .. 21
حلقة مستلة من الموسوعة الإسلامية الكبرى: (التحصيل في أوقات التعطيل) ..
الحـلقة التاسعة احمد البغدادي -60- لا ريب في اتفاق المسلمين واطباقهم على الاذعان بالشهادتين والاعتراف بهما، كما لا ريب في اتحاد كتابهم وقبلتهم، بل لا شبهة في عصمة دمائهم واعراضهم واشراكهم في كافة احكامهم عبادة ومعاملة ونحوهما، وهكذا سائر المسائل الاسلامية . فان قلت: الكتب مشحونة بكثرة المسائل الخلافية بين الفريقين؟ قلت:أولا: لا أثر لهذه المسائل الخلافية فيما بينهم، بداهة وجود نحوهما بين الامامية، فهل كان ذلك موجباً لانقسامهم قسمين، واعتبارهم فريقين كلا، بل توهم ذلك واضح الاندفاع . ثانياً: انك لو تتبعت كتب غير الامامية لوجدت الخلاف بينهم أمراً شائعاً .. فتارة قيل أشاعرة ومعتزلة، وأخرى قيل هذا حنفي، وذلك شافعي وهكذا... فهل كان هذا الخلاف فيما بينهم موجباً لان يكون فريقين، أو فرقاً.. كلا.. ومن توهم ذلك كان مردوداً بوضوح فساده . فان قلت : هذا مسلم، ولكن نجد بيننا وبينكم خلافاً عظيماً في الخلافة الاسلامية . قلت : نعم هذا هو موقف النزاع والخلاف بين الفريقين فان الكلام عليها لا ينكر من حيث شرائطها أو منافياتها . فان قلت: الى متى نحن كذلك . قلت أولاً : المسلمون من الفريقين مطبقون على الاهتمام بالجامعة الاسلامية مقاومة لاعدائهم في جهادهم والتحذر من كيدهم، بل وتقويماً فيما بيننا . وثانياً : من البديهي وجوب التأليف بين الامة، وهذا لا يختص بفريق دون آخر . وثالثاً : انا معاشر الامامية امرنا عنهم (ع) بمجاملتكم، وترك مضايقتكم فلا تلجأونا للمخالفة . ورابعاً : أمرنا عنهم (ع) بالتحبب اليكم واستمالتكم ونحوهما .. كالصلاة خلفكم وتشييع جنائزكم وعيادة مرضاكم ونحوهما . وخامساً انا بينا رأينا وأدلتنا في أمر الخلافة، فان وافقتم فيامرحباً بالوفاق، والا فلا وجه لطرح رأينا وأدلته . فان قلت : يلزم لكم ذلك تحصيلاً للوفاق، ونبذاً للخلاف . قلت قولكم هذا الزاماً معارض بمثله بقولنا لكم كذلك، هذا هو الواجب عليكم، فحينئذ يترفع النزاع، ويحصل الوفاق، والحمد لله على ذلك . -61- لواجب على المسلمين كافة المحافظة على الدين وشريعة سيد المرسلين (ص)، فانها السبب الوحيد في الأتفاق والاتحاد، بداهة ابتناء ديننا على الاجتماع لا على الافتراق، فضلاً عما دل عليه من استقرار طريقة العقلاء، بل وحكم العقل بذلك بعد فرض الاهمية الملحوظة في نظره، بل والكتاب والسنة مما دل على لزوم الاتحاد ونحوه والنهي عن التنازع ونحوه بل يكفي في ذلك وضوح كونه من ضروريات الدين فتبصر . -62- شيوع كلمتي التوحيد والرسالة فضلاً عن حفظهما امر حسن محبوب للشارع قطعاً بل لا ريب في أهميته من كل حسن محبوب سواء، ولا فرق في حسن ذلك مطلقاً، سواء كان القائم بهما على طريقتنا معاشر الامامية أم لا، كما عليه الوجدان السليم، وضرورة الدين، اذ من الواضح ان الناشر للشهادتين حافظ لهما في قبال منكرهما الا ترى ان حفظ النبي (ص) من القتل حسن على كل حال، وان صدر عمن ليس على طريقتا بالجملة انه ليس للمقام خصوصية ممتازة حتى يطالب بل ليس مقامنا الا كالمحبوبات العرفية، اذا تمهد هذا فلا يليق ولا يحسن بالمسلم العاقل ان يغتر بأهل طريقته حاصراً للثمرة الدينية فيهم نافياً عن غيرهم، اذ من البديهي ان المسلم اذا دخل بلاد الكفر التي لا تذكر فيها كلمة التوحيد والرسالة والقرآن يود وجود المسلم هناك مطلقاً وان كان على خلاف طريقته، فلو وجد هناك من يعلن لهذه الكلمات الشريفة ركن اليه وأحبه وأنس به، ولا يعد هذا الميل القلبي إلا من أعظم الامور الدينية، ويدل على ذلك قيام الوجدان البديهي على اننا نتأثر في نفوسنا برفعة الكافر على المسلم وصلبه على يده ونحوهما، وان لم يكن على طريقتنا، ومن هذا الباب اتفاق المسلمين على تأثرهم لذهاب ممالكهم، واستيلاء أعدائهم عليها، وانا معاشر الامامية نجد ذلك من انفسنا كما نجد ذلك من غيرنا من مسائر الفرق الاسلامية، بلا فرق بين طائفة واخرى، وبهذا المناط أوجبنا المحافظة على مثل هؤلاء، اذ هي في الحقيقة عائدة الى تلك الكلمات الشريفة دونهم، بل وعائدة الينا بداهة انها نشر الدين فثبت رجحان قيام السلطنة بهم في قبال الكفار، كما ظهر وجه وجوب القتال لحفظ سلطانهم .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |