|
وسائل ترويج الثقافة الوطنية .. الأكلات الشعبية نموذجاً
أحمد رضا المؤمن كُنت مشغولاً مع صاحبي في أكل (القيمة) النجفية اللذيذة الشهيرة أثناء إحدى المناسبات السعيدة عندما علق أحد الحضور على سبيل المزحة والمجاملة بأن العراق يجب أن يُصدر (القيمة) النجفية بعد الآن خصوصاً بعد أن نالت إعجابه .. حقيقة إن تعليق هذا الشخص المعجب بالقيمة النجفية أثّر بي كثيراً وأخذت من حينها أتسائل ، لماذا نحنُ العراقيين نستهين بما لدينا من تراث شعبي بما فيه تراث الأكلات الشعبية والوطنية ؟! لماذا يحق لإيطاليا مثلاً أن تشتهر بين شعوب العالم عن طريق أكلاتها البيتزا والمعكرونة ؟ ويحق لأمريكا أن تشتهر بسندويشات الماكدونالد والهوت دوغ ويحق لليابان أن تشتهر بسمك السوتشي .. ؟؟!! لماذا لا نهتم كشعب قبل الدولة ومؤسساتها بتنمية ثقافة شعبية وطنية تهتم بترويج وتطوير الأكلات الوطنية الشعبية التي يشتهر بها العراق لتنتقل شهرتها عبر العالم ؟! أولم تشتهر الموصل بكُبة البرغُل اللذيذة والحلة بالقيمر العربي والنجف بالطرشي والحلوى الدهين والقيمة وكركوك بمحشي الدولمة والرمادي بالدليمية والمفلطح والسليمانية بحلوى من السما وأربيل باللبن المدخن والناصرية بالسمك المسموط وبغداد بالسمك المسكوف ؟؟!! .. إن ثقافات الشعوب تنتقل عبر طرق وأساليب كثيرة منها السياحية والعلمية والأدبية وكذلك الأكلات الشعبية والوطنية لا بل حتى عبر طريقة الأكل والشرب الخاصة بكل شعب أو أمة .. قبل مدة ليست بالبعيدة أظهرت قناة العربية الفضائية تقريراً إقتصادياً يتحدث حول إفتتاح مطعم فاخر في مدينة دُبي الإماراتية مُختص بتقديم الأطعمة اليابانية وبالأخص سمك السوتشي ويقوم بطبخه وتقديمه طباخين مختصين مُستوردين من اليابان لا لشيء سوى لهذا الغرض علماً أن طبق السوتشي الياباني هذا يُباع في الإمارات بمبلغ يُعادل 300 دولار أمريكي .. تخيّل !! تُرى ما هو الدافع الذي ساهم بإنجاح هذه الأكلة اليابانية ليجعلها سفيرة للثقافة اليابانية عبر البحار لتُباع بهذه الأسعار المرتفعة في الإمارات؟ هل طعمها فقط؟! ورغم أنني لم أتذوق السوتشي الياباني بعد إلاّ أنني أجزم بأن السبب والدافع الأساس يكمُن في نجاح اليابانيين في الترويج لثقافتهم الشعبية ولو عبر أكلاتهم الوطنية والشعبية . وهكذا هو الحال نفسه ينطبق على الأمريكان الذين إفتتحوا مطاعم سندويشات ماكدونالد في مُعظم بلاد العالم بما فيها العربية . فهل يُمكنك أخي القاريء أن تتخيل طعم القيمة النجفية أو كُبة البرغل المصلاوية عندما تجدها معروضة أمامك في كندا أو أستراليا أو أوربا أو حتى أفريقي ؟؟! أكيد سيكون طعم وشعور خليط بلذة وطعم ذكرى الوطن وهو أمرٌ يعرف معناه وجربه كل من هاجر الوطن وذاق الغربة عبر تذوقه أكلات لا ينتمي إليها فتراهم ـ المغتربين ـ كانوا ولا زالوا يُصرون على إثبات وطنيتهم وإنتماءهم ولو عن طريق طبخ وشراء أكلاتهم الوطنية والشعبية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |