عذابات العراقيين السرمدية
 

د. أحمد عبدالله

sultan_10002003@yahoo.co.uk

مايجري في ربوع العراق هذه الأيام يدعو للأستغراب الشديد أحيانا والصدمة أحيانا أخرى، فمن ناحية تمكنت حكومة السيد المالكي من تحقيق أنجازات جبارة من خلال التعاطي الذكي مع الوضع السياسي الشائك في العراق والتصدي الحازم لمؤامرة أشعال الحرب الأهلية في البلاد وألحاق الهزيمة الماحقة بقوى الظلام والظلال والأجرام بكل أصنافها وفي مختلف أرجاء البلاد وكذلك تحسين الوضع الأقتصادي للمواطن العراقي من خلال الزيادة الكبيرة جدا في رواتب الموظفين والتقاعدين.

من ناحية أخرى، مايزال المواطن العراقي العادي يعاني أشد المعاناة من الخدمات وعلى رأسها مأساة الكهرباء التي أذلت العراقيين الأباة وجعلتهم يشعرون أنهم دون مستوى البشر أذا ماقارنوا أنفسهم بالدول المجاورة وغير المجاورة التي لاتمتلك أية موارد ، ومع ذلك ينعم مواطنوها بكهرباء تكاد لاتنقطع فيها!والسؤال المطروح دوما وأبدا:هل يعقل أن تظل الكهرباء المتردية جدا هكذا طيلة الفترة المنصرمة؟ لماذا لم يتخذ وزير الكهرباء والطاقم العامل معه الأجراءات المناسبة لمعالجة أزمة الكهرباء لأراحة الناس المظلومين؟ ولماذا لم تتخذ الحكومة أجراءات ضد وزارة الكهرباء لتقصيرها الواضح؟ والى متى نظل نستمع الى تلك الوعود الكبيرة والآمال الوردية في بناء محطات كهرباء أستراتيجية في المستقبل؟!

وفي سياق متصل بدأنا نسمع هذه الأيام عن تفشي وباء الكوليرا في مناطق جنوب العراق المنكوبة منذ أيام النظام البعثي المندرس حتى يومنا هذا ونسأل: من يتحمل تبعة ومسؤولية وفاة الناس الفقراء وخاصة الأطفال منهم؟ فأذا لم تكن الحكومات المحلية قد أفلحت بأيصال المياه النقية الى المناطق الريفية والنواحي وتنظيف المدن من الأوساخ المتراكمة وتوفير مفردات البطاقة التموينية فماذا تراها قد حققت للناس المتعبين؟! ولماذا تقف الحكومة ومجلس النواب موقف المتفرج لما يجري من حيف وظلم وأستغلال بحق الناس؟

كل ذلك يجري في ذات الوقت الذي مايزال فيه مسؤولون كبار في الدولة معروفون للقاصي والداني يواصلون سرقة المال العام وأخراجه خارج البلاد (وأستثماره) في شراء العقارات والأبراج والفنادق والفلل الفارهة في دول الخليج ولبنان وسوريا وفي بلاد الغرب. هل ثمة جريمة أكبر من ذلك ، وهل هناك أبشع من مسؤول ينفخ أوداجه ويملأ جيوبه بالسحت الحرام وهو يرى ابناء شعبه يسقطون صرعى الأمراض والفقر والعذاب اليومي من جراء أنعدام الكثير من الخدمات؟!

لله درك ياشعب العراق الأبي. لقد ظلمك السابقون واللاحقون ، عليه نرفع الصوت عاليا مرة أخرى: لتكن الأنتخابات القادمة حدا فاصلا لأحقاق الحق ومعاقبة الأحزاب والتكتلات التي ألحقت الأذى بكم وجعلتكم نسيا منسيا. أما الحكومة فعليها أن تفعل الشيء الكثير الكثير للتكفير عن مالحق بالناس من عذابات ومآس يقشعر لها بدن الطفل الرضيع ويندى لها جبين الأنسانية!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com