|
صرخة نحو الديمقراطية
المحامي جعفر يوسف مرتضى- كربلاء عندما نسمع صرخة يصدحها شعب من شعوب هذه الأرض باتجاه الديمقراطية نعلم أن ذلك الشعب يريد أن يسترد سيادته ويطرد حكم الفرد الواحد الجاثم عليه، وأن تنهض حكومته من صفوف ذلك الشعب وأن تأتي كثمرة اختيار حر، وأن يكون سلوكها من الاستقامة بحيث تصير مغنما من مغانم نضال ذلك الشعب. والحكومة التي تستكمل عناصر الديمقراطية هي وحدها الجديرة بالبقاء، فالشعوب ليست ضيعة تورث أو سلعة تباع أو قطيع أغنام يسام، لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً، ويجب أن نبقى كذلك، والتاريخ يحدثنا في قصة النبي موسى (ع) عندما استعلى فرعون بجبروته على الناس واستحيى النساء فأرسل الله تعالى موسى نبياً في أرض الكنانة قائلا: (إذهب إلى فرعون انه طغى)، ومرة أخرى يقول تعالى لنبينا نبي الرحمة والسلام محمد (ص): (وشاورهم في الأمر)، (وأمرهم شورى بينهم)، ولا يذكر الكتاب العزيز الطغاة المستبدين بخير أبدا، فهو يقول: (وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غضبا)، و(إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة..)، إنها صرخات الشعوب باتجاه الديمقراطية، ودروس سطرتها الإنسانية يذكرها القرآن الكريم. ونتعلم من ذلك أبرَّ الوسائل التي تمكن الشعب أن يحكم نفسه بنفسه وأفضلها، وهذا معنى الديمقراطية بأن نحارب كل ألوان التأثير على الشعب والتغرير به من جميع مظاهر الأبهة التي تجعل من حكم من يرشح نفسه حكماً مزخرفاً مرغوباً به، وعلى أساتذة الجامعات والخطباء ورجال الصحافة أن يعلموا الشعوب أن إعطاء الصوت في الانتخابات هو شهادة بصلاحية المنتخب لتحمل مسؤولياته، فإن أخطأ الناخب فلا يلومنّ إلا نفسه وعلى من يريد أن يرشح نفسه للانتخابات ويكون نائبا عن شعبه، أن يعلم بأن ليس له الحق أن يميز بين أبناء شعبه وأن لا يتجاوز أجره حد كفايته وأن لا يبيت شبعاناً ومن أبناء شعبه من بات جائعاً، وأن لا يتخذ حجّابا يصدون المظلومين من بابه، فالحكم أمانة شاقة قد تقضي بصاحبها إلى الشقاء، إلا إذا أخذ الحكم بحق وأدى ما وجب عليه. لقد خلقنا الله لنكون أحرارً وليس عبيداً، خلقنا لنعيش تحت حكومة ديمقراطية نختارها بإحسان، فلا نفرّط في مالنا من حقوق ونختار من لا يرعى لنا حرمة ولا يخشى فينا ذمّة. لقد ولّت تلك الأيام التي كان يسخّر فيها الناس لصيد الضفادع من الغدران كي لا تقلق السلطان في نومه، وانجلت أيام السياط على الفلاحين حينما تنهر كلاب الإقطاعي عندما يخرب الحقول. (فذكّر إن نفعت الذكرى).
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |