|
السجود على التربة الحسينية مقدمة امر الله سبحانه وتعالى عباده بالسجود لله طاعة، وبالتاكيد فان المعنى العام للسجود هو وضع الجبين بالمستوى الادنى وفي حالة الانسان ان يضع جبهته على الارض، وهو اظهار نوع من التذلل والخضوع لله سبحانه وتعالى. وقد جرت العادة ان يسجد المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الارض زمنها التراب والحجر والحصى وغير ذلك مما يطلق عليه لفظ الارض. ولقد كانت المساجد في عهد رسول الله من تراب كالمسجد الحرام في مكة ومسجد المدينة ومسجد نمرة ومسجد الخيف، وكذلك بقية المساجد التي اقيمت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كمسجد الكوفة ومسجد السهلة ومسجد صعصعة بن صوحان وزيد بن صوحان في العراق وهما اخوا سهيل بن صوحان في مدينة الكوفة في العراق. ولم يكن لهذه المساجد ولاتزال تقريبا بدون سقوف تحميها من المطر او حرارة الشمس او البرد الذي يتعرض له المصلي او المعتكف. والشيعة استمروا على هذا النمط من السجود على الارض او التراب او مايصدق عليه اطلاق الارض كالحجر والحصى وغيره، او الاجزاء النباتية مما لايؤكل او يلبس كالحصير تاسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يفضل السجود على الارض وبالخصوص على التراب، او الحصير في الظروف التي لاتتوفر فيه الشروط الكافية للسجود كان تكون الارض طينية مثلا. والشيعة يسجدون لله سبحانه وتعالى ويضعون جبهتهم على التراب مطلق التراب واجزاء الارض الطبيعية كالحجر والحصى واجزاء النبات مما لايؤكل او يلبس كورق البرتقال او النارنج، ويفضلون تربة كربلاء على غيرها من التراب لانها تشرفت باستشهاد الامام ابي عبد الله الحسين عليه السلام ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ورد من الاحاديث في حق الحسين عليه السلام وتربته، حيث ان لكل ارض شرف، والصلاة والعبادة في الاماكن المشرفة تزيد من ثواب المصلي والعابد فالصلاة في مكة والمسجد النبوي ومسجد نمرة ومسجد الخيف ومسجد قبا والمسجد النبوي يتضاعف فيه اجر الركع السجود، ولذلك فارض كربلاء لها شرف احتضان جسد الحسين الشريف عليه السلام باعتباره سيد شباب اهل الجنة والذي بذل نفسه في سبيل الله واحيا دين الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسجود على تربة الحسين عليه السلام بالاضافة الى فضائلها المتعددة المنصوص عليها في روايات اهل بيتن العصمة والطهارة فانها تذكر العابد لله بجهاد الحسين عليه السلام لاعدائه الذين ظلموه وقتلوا خيرة رجال اهل البيت و قافلة الشهدا من اصحابهء في واقعة كربلاء الاليمة، وما جرى من السبي لاهل بيت النبوة على يد جيش يزيد واعوانه من الذين باعوا دينهم بثمن رخيص امثال زياد بن ابيه وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وغيرهم من قتلة الحسين عليه السلام واصحابه. وخلال القرون التي مضت بعد استشهاد الحسين عليه السلام لازال الشيعة يسجدون لله سبحانه وتعالى وعقيدتهم التوحيد ولم يسجدوا لغير الله وارادو الثواب ورضا الله سبحانه وتعالى بالسجود على الارض وعلى التراب كما امر الله سبحانه وتعالى ورسوله والائمة من اهل بيت النبوة المعصومين الاطهار. ولقد استفدنا من كتاب المسائل المنتخبة للعلامة الاستاذ السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره، وكتاب السجود على التربة الحسينية ودلالاتها لسماحة السيد عبدالله الغريفي، ومن كتاب السنة في مايصح السجود عليه للدكتور شمران العجلي، و كتاب السجود مفهومه وادابه والتربة الحسينية لمركز الرسالة لبيان ماخلاصته ان الشيعة يسجدون على التراب او التربة طبقا لما اثر عن افضلية السجود على الارض مباشرة وان التربة التي يسجد عليها الشيعة اثناء الصلاة انما هي جزء من هذه الارض كالحصى وغيره ويفضلون ان تكون من كربلاء لانها تربة مشرفة على مشرفها واباءه الصلاة والسلام. السجود على التربة الحسينية لايسجد الشيعة وفق توجيه ائمتهم على مايؤكل او يلبس او يطبخ ويسجدون على ماسوى ذلك من التراب وغيره من اجزاء الارض فهم يسجدون على التراب وعلى الحصير وعلى ورق الشجر الذي لايؤكل وعلى الحصى والرمل ... الخ. وعندهم ان افضل التراب الذي يسجد عليه هو تربة الحسين (ع) حفيد جده رسول الله (ص) حيث لاختلاط هذه التربة بجسده الشريف ودمه (ع) وبدماء الشهداء من اصحابه (ع) رضوان الله عليهم اجمعين وهم الذين نصروه في حربه وثورته. ' روي ان التابعي الفقيه مسروق بن الاجدع المتوفي عام 62 كان يصحب في اسفاره لبنة من المدينة يسجد عليها كما اخرجه ابن شيبة في كتابه المصنف باب من كان حمل في السفينة شيئا يسجد عليه . فاخرج باسنادين ان مسروقا كان اذا خرج خرج ومعه في السفينة لبنة يسجد عليها' ابو بكر شيبة : المصنف 1 \ 400 كما في السجدة على التربة 91 ... من كتاب السنة في مايصح السجود عليه للدكتور شمران العجلي. وفي نفس المصدر السابق من كتاب السنة للعجلي ص 24 'وكان مسروق بن الاجدع من اصحاب ابن مسعود: لايرخص في السجود على غير الارض حتى في السفينة'. طبقات ابن سعد 6\53. ومن كتاب المسائل المنتخبة للعلامة الاستاذ السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي عن موقع مؤسسة احياء اثار الامام الخوئي في باب السجود: http://www.alkhoei.net/data/almaktaba/a63.htmhttp://www.alkhoei.net/data/almaktaba/a63.htm (الثالث): يعتبر في المسجد أن يكون من الأرض أو نباتها غير ما يؤكل أو يلبس، فلا يجوز السجود على الحنطة والشعير والقطن ونحو ذلك. نعم لا بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات، وعلى النبات المستعمل دواءاً كأصل السوس وعنب الثعلب وورد لسان ـ[111]ـ الثور وعلى ورق الكرم بعد أوان أكله وعلى ورق الشاي وعلى قشر الجوز أو اللوز بعد انفصاله عن اللب وعلى نواة التمر وسائر النوى حال انفصالها من الثمرة، والأظهر جواز السجود على القرطاس اختياراً. والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها، والسجود على التراب أفضل من السجود على غيره، وأفضل أقسامه التربة الحسينية على مشرفها آلاف التحية والسلام. ولا يجوز السجود على الذهب والفضة وسائر الفلزات، وعلى القير والزفت وعلى الزجاج والبلور وعلى ما ينبت على وجه الماء وعلى الرماد والفحم، وغير ذلك مما لا يصدق عليه الأرض أو نباتها. والأحوط أن لا يسجد على الخزف والآجر وعلى الجص والنورة بعد طبخهما، وعلى العقيق والفيروزج والياقوت والماس ونحوها، وإن كان الأظهر جواز السجود على جميع ذلك. (مسألة 303): لا يجوز السجود على ما يؤكل في بعض البلدان وإن لم يؤكل في بلد آخر. (مسألة 304): إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لفقدانه، أو من جهة الحر أو البرد أو غير ذلك سجد على ثوبه، فإن لم يتمكن منه أيضاً سجد على ما لا يجوز السجود عليه اختياراً كالذهب والفضة ونحوهما، أو سجد على ظهر كفه. (مسألة 305): إذا سجد سهواً على ما لا يصح السجود عليه لزمه أن يرفع رأسه ويسجد على ما يصح السجود عليه، وإن كان الاحوط حينئذٍ اعادة الصلاة بعد اتمامها. ـ[112]ـ (مسألة 306): لا بأس بالسجود على ما لا يصح السجود عليه اختياراً حال التقية، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر. (الرابع): يعتبر الاستقرار في المسجد، فلا يجزئ وضع الجبهة على الوحل والطين أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه، ولا بأس بالسجود على الطين إذا تمكنت الجبهة عليه، ولكن إذا لصق بها شيء من الطين أزاله للسجدة الثانية على الاحوط. ومن موقع الكوثر الالكتروني اقتبسنا منه البحث الرائع التالي لسماحة السيد عبد الغريفي www.al-kawthar.com/shobohat/sojood/sojood1.htm - 36 السجود على التربة الحسينية ودلالاتها سماحة السيد عبدالله الغريفي بسم الله الرحمن الرحيم نحاول أن نحدد رؤيتنا حول السجود على التربة الحسينية من خلال النقاط التالية: النقطة الأولى : السجود على التربة الحسينية يمثل حالة من حالات السجود على الأرض، فإن كان إجماع المسلمين قائم على صحة السجود على الأرض وترابها، فلا نجد أيّ مبرر لاستثناء هذه التربة، وما يطرح من تصورات لتبرير هذا الاستثناء لا يحمل صيغة علمية مقبولة. النقطة الثانية : الإشكالية التي تثار حول السجود على التربة الحسينية باعتباره لونا من ألوان السجود لغير الله تعالى إشكالية واهية، لأنّ السجود له صيغتان : 1- السجود للشئ. 2- السجود على الشئ. والفارق كبير بين الحالتين إذ تمثل الحالة الأولى لونا من ألوان الشرك إذا كان المسجود له غير الله تعالى. والشيعة حينما يضعون جباههم في الصلاة على هذه التربة لا يعبرون عن الحالة الأولى، وإنّما يعبرون عن الحالة الثانية وسجودهم خالص لله وحده لا شريك له. وفتاوى فقهاء الشيعة صريحة في حرمة السجود لغير الله تعالى. قال السيد اليزدي في (العروة الوثقى) : 'يحرم السجود لغير الله تعالى فإنه غاية الخضوع فيختص بمن هو في غاية الكبرياء والعظمة'(العروة الوثقى ج1/534 مسألة24). وقال السيد الخوئي في (منهاج الصالحين) : 'يحرم السجود لغير الله تعالى من دون فرق بين المعصومين وغيرهم' (منهاج الصالحين ج1/179 مسألة659). فالشيعة يجسّدون في حالات السجود قمة العبودية والخشوع والتذلل لله تعالى، تبرهن على ذلك تلك الألوان من الأدعية التي يرددونها في سجداتهم الذائبة مع الله تعالى كما أدبهم أئمتهم الطاهرون من أهل البيت عليهم السلام. فمن أدعية السجود وأذكاره التي تعلمها الشيعة من أئمة أهل البيت عليهم السلام : 1- 'سبحان ربي الأعلى وبحمده'. 2- 'لا إله إلاّ الله حقا حقا، لا إله إلاّ الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلاّ الله عبودية ورقة، سجدت لك يارب تعبدا ورقة لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير'. 3- 'اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت وعليك توكلت، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره، والحمدلله رب العالمين، تبارك الله أحسن الخالقين'. النقطة الثالثة : ربما يقال أنّ الشيعة يمارسون بعض حالات التقديس للتربة الحسينية كالتقبيل والعناية والاحترام، وهذا يثير الشك والريبة في طبيعة هذا التعامل. ونجيب : أولا: هذه الحالات لا تمثل ممارسات غير مشروعة، وإلاّ فالمسلمون قاطبة يمارسون الاحترام والعناية والتقبيل للقرآن والكعبة والحجر الأسود، فهل يقال بأنهم يعبدون القرآن والكعبة والحجر الأسود؟ ثانيا: الشيعة حينما يقبلون التربة إنّما يجسدون العشق والحب لسبط الرسول صلى الله عليه وآله الإمام الحسين عليه السلام. ثالثا: الشيعة يقتدون بسيد الأنبياء صلى الله عليه وآله فهو أول من قبّل هذه التربة الطاهرة كما أكدت ذلك عدة من الأخبار: - روى الحاكم النيسابوري في (المستدرك على الصحيحين ج4/398 ) عن أم سلمة رضي الله عنها أنّ رسول الله (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائر، ثم اضطجع فرقد ثم استيقظ وهو حائر دون ما رأيت به المرة الأولى ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها، فقلت ما هذه التربة يارسول الله؟ قال: أخبرني جبريل (ع) أنّ هذا يقتل بأرض العراق للحسين، فقلت لجبريل أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها. .. . (ثم قال الحاكم): 'هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (البخاري ومسلم) ولم يخرجاه'. 2- وروى أحمد بن حنبل في (مسنده ج6/294) عن أم سلمة أو عائشة أنّ النبي (ص) قال: 'لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها فقال لي أنّ ابنك هذا حسينا مقتول، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء'. 3-وروى الحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد ج9/190) عن علي (ع) قال: دخلت على النبي (ص) ذات يوم وإذا عيناه تذرفان، قلت: يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان، قال: بل قام من عندي جبريل (ع) فحدثني أنّ الحسين يقتل بشط الفرات قال فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم، قال فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا. (قال الحافظ الهيثمي): رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجاله ثقات. 4- وروى الطبراني في (الكبير) عن أم سلمة قالت: اضطجع رسول الله (ص) ذات يوم فاستيقظ وهو حائر النفس وفي يده تربة حمراء يقبلها، فقالت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبرئيل أنّ هذا يقتل بأرض العراق (للحسين) فقلت لجبريل: أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها(الخوئي: البيان ص524). 5-وروى السيوطي في (الخصائص الكبرى) في باب أخبار النبي (ص) بقتل الحسين (ع) ما يناهز العشرين حديثا عن أكبر الثقات من رواة علماء السنة ومشاهيرهم كالحاكم والبيهقي وأبي نعيم وإضرابهم عن أم سلمة وأم الفضل وعائشة وابن عباس وأنس صاحب رسول الله (ص) وخادمه الخاص كلها تؤكد خبر التربة التي نزل بها جبرئيل على رسول الله (ص) (محمد الحسين كاشف الغطاء: الأرض والتربة الحسينية ص94). النقطة الرابعة : الأئمة من أهل البيت عليهم السلام كانوا يؤكدون مسألة السجود على التربة الحسينية: 1- كان الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام أول من سجد على التربة الحسينية(روح التشيع ص455). 2- وكان للإمام الصادق عليه السلام خريطة من ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله الحسين عليه السلام، فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجادته وسجد عليها(روح التشيع ص455). 3- وروى الحر العاملي في (الوسائل ج3/608) عن الديلمي قال: كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلاّ على تربة الحسين عليه السلام تذللا لله واستكانة اليه. 4- وعن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: 'السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينور الى الأرضين السبعة ومن كانت معه سبحته من طين قبر الحسين عليه السلام كتب مسبحا وإن لم يسبح'(وسائل الشيعة ج3/607،608). 5- وعنه عليه السلام قال: 'إنّ السجود على تربة أبي عبدالله عليه السلام يخرق الحجب السبع'(وسائل الشيعة ج3/607،608). 6- وكتب محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري إلى الإمام الثاني عشر عليه السلام يسأله عن السجدة على لوح من طين قبر الحسين عليه السلام هل فيه الفضل؟ فأجابه عليه السلام: يجوز ذلك وفيه الفضل(وسائل الشيعة ج3/607،608). النقطة الخامسة : الدلالات الكبيرة للسجود على التربة الحسينية : (1) الدلالة العقائدية : فعلى هذه التربة أريقت أزكى الدماء الطاهرة دفاعا عن العقيدة والمبدأ والرسالة، فالسجود عليها يمثل حالة التعاطي والتفاعل مع العمق العقائدي الذي تختزنه هذه التربة في داخلها، وتحتضنه بين ذراتها وتحمله مع أريجها العابق بالطهر والقداسة، فمن خلال هذا السجود يتجذر الانتماء الايماني وتتأصل حالة الخشوع والتذلل لله تعالى. (2) الدلالة الروحية : إنّ هذه التربة شهدت أقدس ثورة مناقبية، احتضنت قيم الرسالة وأخلاقية الإسلام وروحية المبدأ، وشهدت أنقى حالات الحب والانقطاع إلى الله تعالى وأصدق معاني الفناء في ذات الله، فالسجود على هذه التربة يجسد حالات الانفتاح على آفاق القيم والمثل التي صاغتها تلك التضحيات الكبيرة في طريق الحب الإلهي العظيم. فالذرات التي ترقد بين حنايا تربة الحسين تمثل نبضا حيا تتحرك من خلاله كل المثل الرسالية، وتتماوج على أصدائه كل المعاني الايمانية، وتنسكب مع عبقاته كل القيم الروحية. فليس غريبا أن يجد الانسان المؤمن نشوة روحية تشده إلى أجواء الطهر والقداسة والايمان حينما يتعاطى مع هذه التربة التي تحمل بين حناياها روح الحسين الشهيد . ولا تنفتح هذه الآفاق الايمانية والروحية إلاّ لأولئك الذين عاشوا الانفتاح على حب الحسين عليه السلام، وذابت أرواحهم ومشاعرهم في مأساة الحسين، وتأصلت في نفوسهم أهداف الحسين. (3) الدلالة التاريخية : التربة الحسينية هي الوثيقة التاريخية الحية التي تحمل شواهد الجريمة التي نفذها نظام الحكم الأموي في يوم عاشوراء، وإذا كانت الأجهزة الظالمة عبر التاريخ قد مارست أساليب المصادرة لقضية كربلاء، فإنّ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام رسّخوا في وعي الأمة وفي وجدان الأجيال حالة التعاطي والارتباط بقضية الحسين عليه السلام من خلال الإحياء والرثاء والبكاء والزيارة. . وفي هذا المسار تأتي مسألة التأكيد على التربة الحسينية لإبقاء القضية حية نابضة في ضمير الأمة، وتبقى الذكرى متجذرة في عمق المسيرة التاريخية لحركة الجماهير وفي حاضرها وفي كل طموحاتها المستقبلية. (4) الدلالة الجهادية والثورية : بمقدار ما تعيش قضية الحسين عليه السلام في وجدان الأمة تتحدد قوة الدفع الجهادي والثوري في حركتها وفي مسيرتها، فقضية كربلاء أعادت للأمة أصالتها الجهادية وأيقظت في داخلها حسّها الثوري. وقد حافظ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام على الوهج الجهادي والثوري لقضية الحسين عليه السلام، وصاغوا حالة التفاعل الدائم مع الثورة الحسينية في منطلقاتها وأهدافها ومعطياتها. والتربة الحسينية إحدى صيغ التجذير للوهج الثوري والجهادي في حس الجماهير المسلمة، فالتعامل مع هذه التربة ليس تعاملا مع كتلة ترابية جامدة، وإنّما هو تعامل مع مزيج متحرك من مفاهيم الثورة وقيم الجهاد، ومضامين الشهادة، فمع كل ذرة من ذرات هذه التربة صرخة جهادية ونداء ثوري، ومفهوم استشهادي، لا يقوى الزمن بكل امتداده، ولا تقوى الأجهزة المتسلطة بكل امكاناتها أن تجمد تلك الدلالات، فالتربة الحسينية ثورة وجهاد وحركة واستشهاد. المرجع: التشيّع نشوؤه مراحله مقوماته: السيد عبدالله الغريفي ومن كتاب السنة في مايصح السجود عليه للدكتور شمران العجلي ط1 2002 ميلادية من منشورات مركز احياء التراث الانساني والبحث العلمي 1. في باب مايصح السجود عليه ص 22 اولا: روى الامام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: ' قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ): ' جعلت لي الارض مسجدا وترابها طهورا ' الجامع الصحيح للامام مسلم 1 \ 56. وفي باب ماتضمنه وجه ارض ص 25 1- عن ابي صالح مولى طلحة،قال: كنت عند ام سلمة(رض) زوج النبي(ص) فاتى ذو قؤابتها شاب ذو حجة فقام يصلي،فلما اراد ان يسجد نفخ،فقالت: لاتفعل فان رسول الله(ص) كان يقول لغلام لنا اسود يارباح ترب وجهك.مسند احمد ج3،م6،ص179،وكنز العمال4\99. 2- عن ام سلمة(رض)ان النبي( صلى الله عليه واله وسلم)قال لافلح: ' يافلح ترب وجهك' مسند احمد ج3،م6،ص102. قال الشوكاني: اي في سجوده.نيل الاوطار 2\129. وفي باب الحصى 1- عن جابر بن عبد الله(رض)قال: كنت اصلي مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)الظهر فاخذ قبضة من حصى في كفي لتبرد حتى اسجد عليه من شدة الحر.مسند احمد 1\327،وكنز العمال 4\188. 2- قال البيهقي – بعد رواية الحديث بلفظ اخر – ولو جاز السجود على ثوب متصل به لكان ذلك اسهل من تبريد الحصى في الكف ووضعها للسجود عليها. السنن الكبرى 2\105. .............................. ومن كتاب السجود مفهومه وادابه والتربة الحسينية - www.najaf.org/arabic/book/17/ - 10k موقع نجف\مركز الرسالة فتاوى لفقهاء الشيعة بالسجود على التربة الحسينية. ص 95. وأما عن أهل البيت عليهم السلام فقد ثبت سجودهم لله على تربة السبط الزكي الطاهر، فإنّ أول من بادر إلى استخدام التربة الحسينية والسجود عليها هو ابنه الاِمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (2)، فبعد استشهاد الاِمام الحسين عليه السلام كانت الاِمامة لابنه علي عليه السلام فهو الذي قام بدفن أباه الشهيد بكربلاء، فبعد أن دفن أبيه وأهل بيته وأنصاره، أخذ قبضة من التربة التي وضع عليها الجسد الشريف، فشدّ تلك التربة في صرّة وعمل منها سجادة ومسبحة. ولما رجع الاِمام السجاد عليه السلام هو وأهل بيته إلى المدينة، صار يتبرّك بتلك التربة ويسجد عليها، فأول من صلّى على هذه التربة واستعملها هو الاِمام زين العابدين عليه السلام (3) ثم تلاه ولده الاِمام محمد الباقر عليه السلام فبالغ في حث أصحابه عليها ونشر فضائلها وبركاتها، ثم زاد على ذلك ولده الاِمام جعفر الصادق عليه السلام فإنّه نوّه بها لشيعته، كما وقد التزم الاِمام عليه السلام ولازم السجود عليها بنفسه (4). (2) كتاب الاِمام زين العابدين|عبدالرزاق المقرم: 225. وانظر مناقب آل أبي طالب 2: 251. (3) بحار الاَنوار|المجلسي 101: 136|78 عن دعوات الراوندي. (4) الاَرض والتربة الحسينية|الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: 31 ـ 32. .................................................. عبدالله الحسين عليه السلام، وكان اذا حضرته الصلاة صبّه على سجادته وسجد عليه لله عزَّ وجلّ، كما ان المروي عنه عليه السلام أنه كان لا يسجد إلاّ على تربة الحسين عليه السلام تذللاً لله واستكانة إليه، ولم تزل الاَئمة من أولاده تحرك العواطف وتحفّز الهمم وتوفر الدواعي إلى السجود عليها والالتزام بها وبيان تضاعف الاَجر والثواب في التبرك والمواظبة عليها حتى التزمت الشيعة إلى اليوم هذا الالتزام مع عظيم الاهتمام، ولم يمضِ على زمن الاِمام الصادق عليه السلام قرن واحد حتى صارت الشيعة تضعها ألواحاً وتضعها في جيوبها كما هو المتعارف اليوم (1). وفي جوابات الاِمام المهدي (عج) لمحمد بن عبدالله بن جعفر الحميري، وقد سأله عن السجود على لوح من طين القبر الشريف ـ أي التربة الحسينية ـ فأجاب عليه السلام: « يجوز ذلك وفيه الفضل » (2). وفي ص 96. ثانياً: الالتزام بالسجود على التربة الحسينية: التزام الشيعة الاِمامية بالسجود على التربة الحسينية لا يعني اعتقادهم بعدم صحة السجود إلاّ على التربة الحسينية، إذ لا وجود لهذا القول عند فقهائهم أجمع، بل لا توجد رواية واحدة في الحديث الشيعي تحصر السجود بالتربة الحسينية، نعم وردت روايات كثيرة متواترة عن أهل البيت عليهم السلام في بيان فضل التربة الحسينية وطهارتها واستحباب السجود عليها مع كونها أسلم من غيرها من جهة النظافة والنزاهة المؤكدة فيها ____________ (1) الاَرض والتربة الحسينية|كاشف الغطاء: 32. (2) بحار الاَنوار|المجلسي 101: 135|74. ووسائل الشيعة 3: 608. وفي الصفحة 108 من نفس المصدر 3 ـ السجود عليها يخرق الحجب السبعة: روي عن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: « إنّ السجود على تربة أبي عبدالله ـ الحسين ـ عليه السلام يخرق الحجب السبعة » (2). وقد علّق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء على هذا الحديث بقوله: ولعلَّ المراد بالحجب السبعة هي الحاءات السبعة من الرذائل التي تحجب النفس على الاستضاءة بأنوار الحق وهي: (الحقد، الحسد، الحرص، الحدة، الحماقة، الحيلة، الحقارة. فالسجود على التربة من عظيم التواضع والتوسل بأصفياء الحق يمزقها ويخرقها ويبدلها بالحاءات السبع من الفضائل وهي: الحكمة، الحزم، الحلم، الحنان، الحصانة، الحياء، الحب) (3). 4 ـ السجود عليها ينوّر الاَرضين السبع: قال الاِمام الصادق عليه السلام: « السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينوّر إلى الاَرض السابعة » (4). (2) وسائل الشيعة 3: 608. وبحار الاَنوار 101: 135 و 85: 153. (3) الاَرض والتربة الحسينية|الشيخ كاشف الغطاء: 32. (4) من لا يحضره الفقيه 1: 174|725 ـ باب 40 ما يسجد عليه وما لا يسجد عليه. الخلاصة يتبين مما عرضناه من الادلة والاراء والبيانات ان الشيعة يسجدون على مايصح السجود عليه وهو التراب او التربة وان هذه التربة سواء كانت من كربلاء او غيرها فالامر لايختلف في صحة السجود عليها سوى افضلية السجود على التربة الحسينية من كربلاء لما لها من تشرف بالامام الحسين عليه السلام ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي استشهد من اجل اعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، كما يظهر من اقوال الرسول واله الطاهرين عليهم السلام وبقية الصحابة والتابعين ان السجود على التراب افضل من السجود على غيره، على الاطلاق، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. المصادر ابو بكر شيبة : المصنف 1 \ 400 كما في السجدة على التربة 91 كتاب المسائل المنتخبة للعلامة الاستاذ السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي عن موقع مؤسسة احياء اثار الامام الخوئي في باب السجود: wwhttp://w.alkhoei.net/data/almaktaba/a63.htmhttp://www.alkhoei.net/data/almaktaba/a63.htm التشيّع نشوؤه مراحله مقوماته: السيد عبدالله الغريفي - السجود على التربة الحسينية ودلالاتها www.al-kawthar.com/shobohat/sojood/sojood1.htm - 36 كتاب السنة في مايصح السجود عليه للدكتور شمران العجلي \ من منشورات مركز احياء التراث الانساني والبحث العلمي 1. كتاب السجود مفهومه وادابه والتربة الحسينية - \مركز الرسالة فتاوى لفقهاء الشيعة بالسجود على التربة الحسينية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |